“هآرتس”: الرابح الأكبر من عملية “حارس الأسوار” هو نتنياهو

الرابح الأكبر من عملية "حارس الأسوار" هو نتنياهو
Spread the love

شجون عربية _ بقلم: نحميا شطرسلر – محلل سياسي إسرائيلي

يوم الجمعة الماضية تعرّفنا للمرة الأولى إلى “مترو حماس”، شبكة الأنفاق المتشعبة في شمالي القطاع، التي استخدمتها “حماس” للتحرك وتنظيم القتال. منذ ذلك الوقت قُصفت الأنفاق عدة مرات بواسطة مئات الطائرات الحربية التي أمطرتها بمئات الأطنان من القذائف.
مساء يوم السبت الماضي أرسل الجيش إلى كل القنوات التلفزيونية قادة من القواعد في سلاح الجو من الذين شاركوا في القصف. تحدث هؤلاء عن تخطيط بارع وتنفيذ محكم وإنجاز غير مسبوق في تدمير أنفاق “المترو”. رووا كيف أُرسلت 149 طائرة دفعة واحدة من عدة قواعد، محمّلة بـ450 قنبلة ذكية ودقيقة، كل منها تحمل طناً من المواد الناسفة وقادرة على اختراق باطن الأرض والانفجار في داخله. ووصف كبار الضباط كيف دمرت القنابل وأغلقت فتحات الخروج في الأنفاق، وتسببت بموت كل مَن كان موجوداً في داخلها.
كُتب في سفر الأمثال: “لا تفرح بسقوط عدوك”، والمقصود أن علينا أن نتصرف بطريقة أخلاقية عندما يسقط العدو. ينطبق هذا خصوصاً عندما نتذكر أنه بالإضافة إلى مقاتلي “حماس” الذين قُتلوا، خسر حياته في غزة أيضاً- وحتى كتابة هذه السطور- 174 من المدنيين الأبرياء، بينهم 47 طفلاً. طبعاً القلب يبكي على القتلى الإسرائيليين، بينهم طفلان.
ليس واضحاً أيضاً أن “حماس” خسرت المعركة. صحيح أن كثيرين يتحدثون في وسائل الإعلام، بينهم ألوية سابقون، ومن دون توقف عن إنجازات كبيرة: ضرب مخزون الصواريخ، والمعامل، وقادة كبار، وأبراج سكنية. لكن هذا ما قالوه أيضاً بعد عملية الجرف الصامد في سنة 2014، والتي استمرت بعدها “حماس” في إطلاق الصواريخ كلما شاءت، وتسلحت بـ14 ألف صاروخ جديد استخدمت جزءاً منها فقط هذه المرة.
أكثر من ذلك، لم يسبق لقلب إسرائيل أن تعرّض لهذا العدد الكبير من الصواريخ، الأمر الذي أدى إلى شلّ الحركة الاقتصادية في نصف الدولة. كذلك تحولت “حماس” إلى “حارس الأسوار” في القدس والأقصى. لقد نجحت أيضاً في تحريك المواطنين العرب، وإذا جرت الانتخابات الآن في الضفة الغربية لكانت حققت فيها فوزاً كبيراً ومحت السلطة الفلسطينية .
في جميع الأحوال الرابح الأكبر من عملية “حارس الأسوار” هو بنيامين نتنياهو. قبل انتخابات نيسان/أبريل 2019 قال: “نصحوني بالقيام بخطوة تشعل الشرق الأوسط كي أفوز، لكنني رفضت.” يومها رفض لأنه كان واثقاً بفوزه. لكن الآن، بينما محاكمته في ذروتها، كل شيء أصبح مشروعاً. لو أراد لكان في إمكانه وقف عربدة اليهود المسيانيين في الشيخ جرّاح، ومنع دخول الشرطة إلى الحرم القدسي ورمي القنابل الصوتية في داخل المسجد الأقصى. على الأرجح هذا هو الذي دفع “حماس” إلى البدء بإطلاق النار ودفع جزءاً من المواطنين العرب إلى الاحتجاج. ومن هنا كانت الطريق قصيرة لتراجع نفتالي بينت الذي أعلن تخلّيه عن يائير لبيد وعودته إلى نتنياهو.
في الخلاصة، يبدو أن ما يجري هنا ليس عملية عسكرية مع اتفاق سياسي في نهايتها، بل عملية سياسية لنتنياهو الذي استطاع أن يحقق هدفه: تفجير حكومة التغيير، والذهاب إلى معركة انتخابية خامسة.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية

Optimized by Optimole