سياسة ترامب: خطة عمل وليست ارتجالاً

Spread the love

بقلم: أبراهام بن تسفي – محلل سياسي إسرائيلي –

•لقد مرت فترة المئة يوم الأولى لولاية دونالد ترامب، ويمكن الآن تقدير استراتيجيته الأساسية في الساحة الدولية. ومع أنه للوهلة الأولى يمكن أن يتكون انطباع بأن ما يجري هو خطوات مرتجلة من دون تخطيط دقيق، فإن الأمور تتبدل عندما نجمع مع بعضها البعض جملة مبادرات وقرارات وخطوات سياسية اتخذها البيت الأبيض منذ 20 كانون الثاني/يناير.
•يرسم هذا المزيج صورة واضحة لإدارة مصممة على المضي قدماً في رؤياها النيو – انفصالية، التي تسمح بالتقوقع داخل الفضاء الأميركي من دون الخوف من التورط في مغامرة عسكرية ما وراء البحار. ومن أجل التحرك على هذا المسار، وتوظيف الجزء الأكبر من الموارد في الساحة الداخلية، ينشط ترامب بصورة منهجية وحازمة كي يضعف الأطر الدولية القائمة، مثل حلف شمال الأطلسي، الذي في نظره يستولي على الجزء الأكبر من القوة الأميركية وتوجهها مباشرة نحو مراكز أزمات ونزاعات لا علاقة لها بمصالح الولايات المتحدة الأمنية المباشرة.
•على نحو مشابه يجب أن ننظر إلى تدخل الرئيس ترامب في ما يجري على الصعيد الإسرائيلي – الفلسطيني. ففي ضوء امكانية التصعيد ونمو الراديكالية التي ينطوي عليها هذا النزاع المستمر، فإن ترامب معني بتحقيق “صفقة نهائية”، تسّهل عليه عملية الانفصال المتبادلة والعودة إلى بيته. ومن هذه الزاوية، لا يمكن الخطأ في فهم أهمية التزاماته الجازمة بمحاربة الارهاب الإسلامي صنيعة داعش والقاعدة. لأن ذلك لا يتعلق فقط بارسال مقاتلين بحجم كبير إلى ساحة المعركة، بل لأن الانتصار في المعركة يقلل في النهاية من التهديدات على الاستقرار الإقليمي، وعلى الأمن الشخصي للمواطنين الأميركيين.
•في ضوء هذا التطلع الشامل لتأمين الشروط التي تسمح للولايات المتحدة بانسحاب آمن ومن دون مخاطر من الشرق الأوسط، يمكن أن نفسر- ولو جزئياً- محاولة احياء رؤيا الرئيس روزفلت الداعية إلى التعاون الأميركي-السوفياتي في نهاية الحرب العالمية الثانية. فإذا قام الكرملين بما هو مطلوب منه، ووافق على استخدام نفوذه لدى دول وحركات مارقة مثل إيران، فإن هذا الأمر سيمنح هامشاً اضافياً من الثقة لإدارة ترامب في عملية الابتعاد عن قلب هذا الظلام. ولكن ليس واضحاً إلى أي حد هذا الحلم يمكن أن يتحقق.

•من الواضح الآن الجهد الدؤوب ليس فقط من أجل تقليص التدخل العسكري الأميركي ما وراء البحار، بل وأيضاً من أجل تقليص حجم الاستثمارات المالية لصالح مجموعة واسعة من الأمور (مثل اتفاق باريس) التي لا يعتبرها ترامب ذات علاقة بصورة مباشرة بالأمن القومي وبرفاهية بلاد العم سام.

المصدر: موقع ynet الإسرائيلي – ترجمة: نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية