نعم لمبادرة سلام إقليمية

Spread the love

افتتاحية صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية —

•قبل فترة انتشرت وسط الجمهور في إسرائيل شائعات بشأن مبادرة إقليمية دراماتيكية مع “الدول السنية”. والأخبار عن نافذة فرص تاريخية كانت في أساس المفاوضات التي أجراها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع رئيس المعسكر الصهيوني يتسحاق هيرتسوغ من أجل تأليف حكومة وحدة وطنية في أيلول/سبتمبر الماضي. وبالأمس تحدثت مجلة “وول ستريت جورنال” عن وثيقة بلورها ممثلون عن دول الخليج على رأسهم ممثلو السعودية واتحاد الإمارات. ووفقاً لهذه الوثيقة، فإن هذه الدول ستوافق على القيام بخطوات تطبيعية مع إسرائيل إذا قامت الأخيرة بخطوات إزاء الفلسطينيين، مثل التجميد الجزئي للبناء في المستوطنات في جزء من الضفة الغربية وتخفيف القيود المفروضة على التجارة مع قطاع غزة.

•ويبدو أنه ليس فقط الرئيس ترامب ووزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، بل السعوديون أيضاً، يريدون التوصل إلى صفقة في الشرق الأوسط. وما يجري الحديث عنه هو اقتراح بتطبيع جزئي، وإغراءات تتعلق تحديداً بعالم الأعمال. فالدول العربية مستعدة لاتخاذ خطوات مثل: إنشاء خطوط اتصالات هاتفية مباشرة بين إسرائيل وبعض الدول العربية، والسماح لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق في أجواء دول الخليج، ورفع القيود عن التجارة مع إسرائيل. كما يجري فحص خطوات تطبيعية أخرى مثل: إعطاء تأشيرات دخول لرياضيين ورجال أعمال إسرائيليين يهمهم المجيء إلى دول الخليج. في المقابل تطلب الدول السنية من حكومة إسرائيل اتخاذ خطوات مهمة للدفع قدماً بعملية السلام مع الفلسطينيين، وفي مقدمة ذلك تجميد البناء خارج كتل المستوطنات.

•تتلاءم هذه المبادرة جيداً مع روحية السلام كصفقة تجارية تتبناها واشنطن منذ انتخاب رجل الأعمال ترامب رئيساً. يقول ترامب إنه يجب، لا بل يمكن، تحقيق “صفقة نهائية” في الشرق الأوسط، والجميع يستطيع أن يخرج رابحاً.

•إن الصفقة التي تقترحها دول الخليج يمكن أن تشكل فخاً لنتنياهو، فهي تبدو للوهلة الأولى أنه من الصعب رفضها. وبسعر مغر للغاية – إسرائيل ليست مضطرة حتى إلى إخلاء مستوطنات، بل فقط تجميد البناء خارج كتل المستوطنات – تستطيع إسرائيل تحقيق التطبيع التجاري مع دول الخليج. من الواضح أن السعر الأعلى سيضطر نتنياهو إلى دفعه هنا، لأن إعلان تجميد البناء يمكن أن يؤدي إلى تفكك ائتلافه الحاكم. لكن في عالم الصفقات مَن لا يغامر لا يربح.

•صحيح أن اللغة لغة اقتصادية، لكن النتيجة يمكن أن تشكل منعطفاً تاريخياً في الشرق الأوسط وفي إرساء بنية تحتية لسلام إقليمي. لذلك حسناً يفعل نتنياهو إذا تجاوب مع المبادرة وأعلن تجميد البناء في المستوطنات، فهو بذلك يثبت أن إسرائيل ترغب في السلام، وقبل كل شيء ستحصل في المقابل على شيء كانت حتى الآن تحلم به: التطبيع مع دول الخليج.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole