هل تصريحات السياسيين الأميركيين الحديثة بشأن الصين “بادرة حُسن نية”؟

Spread the love

شؤون آسيوية- قال الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الأربعاء الماضي إن قانون الرقائق والعلوم “ليس مصمما لإيذاء الصين”. لكن هل هناك مصداقية في تصريحاته أو في تصريحات أخرى مشابهة أدلى بها العديد من المسؤولين الأميركيين؟

في وقت سابق، قالت الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي إن جميع أعضاء إدارة بايدن كانوا “واضحين للغاية” بأن فك الارتباط عن الاقتصاد الصيني “ليس هدفا أو قابلا للتحقيق”. كما نفت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين أن تكون الولايات المتحدة تسعى لفك الارتباط بين الاقتصاد الأميركي والاقتصاد الصيني.

قد تبدو هذه التصريحات ودية، لكن يصعب تفسيرها على أنها “بادرة حُسن نية” من قبل الولايات المتحدة تجاه الصين. في الواقع، إنها ليست سوى جزء من السياسة التي تبنتها واشنطن طويلا تجاه الصين، التي تتمثل في تطبيق نهج مختلط من الاحتواء والمنافسة والتعاون لخدمة مصالح أميركا الذاتية وغطرستها للسيطرة على العالم.

النفاق المعتاد

في الواقع، ليست هذه المرة الأولى التي يدلي فيها كبار المسؤولين الأميركيين بتلك التصريحات المخادعة، فخلال زيارة إلى فرنسا في عام 2021، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن “هدفنا ليس احتواء الصين” أو”محاولة كبح الصين”.

إذن، ما الذي يمكن استخلاصه من الفجوة بين هذه الكلمات والسياسات الفعلية التي تنتهجها واشنطن؟

فيما يتعلق بالعديد من القضايا الملحة، تحتاج الولايات المتحدة بالفعل إلى تعاون الصين، مثل ما حدث حل الأزمة المالية العالمية عام 2008 ومكافحة تغير المناخ في الوقت الراهن. لا يمكن لأي دولة حل هذه المشاكل بمفردها.

وفي الوقت نفسه، نظرت الإدارات الأميركية المتعاقبة في العقود الأخيرة إلى الصين باعتبارها منافسا وتحديا استراتيجيا لتفوق أمريكا العالمي.

لذلك اختارت واشنطن أن تطلب من الصين الاتصال والتعاون من ناحية بينما تحاول احتواء التنمية الصينية من ناحية أخرى بوسائل مختلفة بذريعة حماية الأمن القومي وما يسمى بالنظام الدولي القائم على القواعد.

على سبيل المثال، تزعم واشنطن مرارا وتكرارا أنها لن تسعى إلى “حرب باردة” جديدة مع بكين، ومع ذلك فهي تعمل على تضخيم ما يسمى بمقولة “الديمقراطية مقابل الاستبداد”. وتدعي واشنطن أنها تريد تقديم رؤية لنظام دولي مفتوح وشامل، لكنها عازمة على بناء سلسلة من التكتلات الحصرية، مثل الحوار الأمني الرباعي (كواد) وتحالف أوكوس، لتطويق الصين.

وبينما تدعي واشنطن أيضا أن قانون الرقائق والعلوم لم يكن مصمما لإلحاق الضرر بالصين، فإن الرابح بموجب القانون “لا يجوز له الدخول في أي صفقة مهمة… تتضمن التوسع المادي لقدرة تصنيع أشباه الموصلات” في الصين أو أي بلد أجنبي آخر يثير قلق واشنطن خلال فترة السنوات العشر التالية. في غضون ذلك، تجبر واشنطن بعض حلفائها الرئيسيين على تقليص إمدادات الرقائق إلى الصين.

مثل هذه الأمثلة على نفاق الولايات المتحدة ليست شحيحة. في الآونة الأخيرة، تواصل الولايات المتحدة ترويج الأكاذيب بشأن منطاد مدني صيني وتتبُع أصول كوفيد. كما أصرت على ترتيب ما سُميت بزيارة “المرور” التي قامت بها زعيمة منطقة تايوان الصينية إلى الولايات المتحدة. لقد عززت هذه الإجراءات الانطباع بأن واشنطن ليست لديها نية حقيقية لتغيير سياستها الخاطئة تجاه الصين وتحسين العلاقات الثنائية.

قال كافينس أدير، باحث العلاقات الدولية في كينيا، “للولايات المتحدة والصين أدوار مهمة تلعبانها في الدبلوماسية العالمية والحوار الاستراتيجي. وزيادة الاتصال والتعاون بشأن قضايا مثل تغير المناخ، والصحة العالمية، وعدم الانتشار النووي يمكن أن تفيد كلا البلدين والعالم”.

وحذر من أن تصرفات الولايات المتحدة، مثل الانخراط في فرض القيود التجارية والتكنولوجية والاقتصادية على الصين، لم تفعل الكثير لتحقيق الاستقرار في العلاقات، على الرغم من بعض محاولات واشنطن لتبدو أكثر وداً.

نتائج ضارة

من المسلَّم به على نطاق واسع أن العلاقة الصينية-الأميركية هي أهم العلاقات الثنائية في العالم. مثل هذه المعالجة المريبة للعلاقة من قبل واشنطن لن تؤدي فقط إلى نتائج عكسية والإضرار بمصالح أمريكا الخاصة في نهاية المطاف، ولكنها ستمنع أيضا المجتمع الدولي من حل مشاكله المشتركة.

وصلت ديون الحكومة الفيدرالية الأميركية إلى سقفها البالغ 31.4 تريليون دولار أميركي في يناير. ورفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة باستمرار للحد من التضخم. وانهارت العديد من البنوك الأمريكية، ما أثار الخوف من حدوث أزمة مصرفية، وزاد الاضطراب المالي من مخاطر حدوث ركود.

قال الخبراء إنه في ظل هذه الظروف وفي عالم متكامل، فإن الإدارة السليمة للعلاقات الصينية الأميركية ستساعد الولايات المتحدة على تحقيق الاستقرار في وضعها الاقتصادي والمالي.

قالت نورهان الشيخ، أستاذة العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن الصين، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم ومحركا مهما للتجارة العالمية، هي أيضا مالك رئيسي لسندات الخزانة الأميركية.

ومن أجل بناء علاقات صحية بين البلدين، يجب على واشنطن أن تتخلى عن سياستها المخادعة تجاه الصين وتتعاون مع الصين بطريقة صادقة، ويجب على السياسيين الأميركيين ألا يقولوا شيئا بينما يفعلون شيئا آخر.

وفي الوقت نفسه، فإن سياسة واشنطن تجاه الصين التي تجمع بين الاحتواء والتعاون لها عواقب عالمية. لقد أدى حديث الولايات المتحدة عن التعاون مع السعي في الوقت نفسه إلى المواجهة، إلى اضطراب كبير في النظام العالمي وإرباك دول أخرى، ما أضر بسمعة الولايات المتحدة.

قال تشانغ يي في، الباحث المشارك بمعهد الدراسات الأميركية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إن سياسة الولايات المتحدة لكبح الصين هزت السلاسل الصناعية العالمية وأضرت بمصالح العديد من الدول.

وقال ستيفن والت، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد، في مقال كتبه لمجلة فورين بوليسي، إن معظم البلدان “لا تريد أن ترى منافسة القوى العظمى تخرج عن السيطرة، لأنها تعتقد أن صداما صينيا-أمريكيا سيكون له عواقب سلبية بالنسبة لها”.

وتابع “لذلك، في العقود القادمة، ستفضل العديد من الدول الالتفاف حول أي قوة عظمى يبدو أنه من المرجح أن تعزز السلام والاستقرار والنظام. وبالمنطق نفسه، سوف تميل تلك الدول إلى إبعاد نفسها عن أي قوى عظمى تعتقد أنها تزعزع السلام”.
المصدر: شينخوا

Optimized by Optimole