بايدن يستضيف رئيس الفلبين وسط تصاعد التوترات مع الصين

Spread the love

شؤون آسيوية- يستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن، نظيره الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور في البيت الأبيض، مساء (الاثنين)، في بداية أسبوع من اللقاءات رفيعة المستوى تُمثّل تحولاً في العلاقة بين البلدين التي ظلت في حالة من الجمود لفترة طويلة.

وتُعد زيارة ماركوس لواشنطن – التي تمتد أربعة أيام – الأولى لرئيس فلبيني منذ أكثر من عشر سنوات، وقد دفعت التوترات المتصاعدة مع الصين والقلق حول وضع تايوان، بإدارة بايدن إلى تعزيز العلاقات السياسية والعسكرية مع الفلبين.

وتستعد إدارة بايدن للإعلان عن صفقات تجارية مع الفلبين، وتقديم الدعم لتحديث القوات العسكرية الفلبينية وقدراتها البحرية والتكتيكية، تشمل 3 طائرات من طراز «سي – 130» وعدداً من سفن الدوريات الساحلية، إضافة إلى تقديم 3 مليارات دولار لدعم البنية التحتية ومشروعات الطاقة والسلامة البحرية، مع إعلانات حول زيادة الاستثمار الأميركي في اقتصاد الابتكار في الفلبين وبرامج تعليمية
وتعدّ مواجهة الصين في صدارة أجندة النقاشات بين الرئيسين، تتفاوض البلدان على مبادئ توجيهية دفاعية ثنائية جديدة، ووضع فهم مشترك لحالات الطوارئ العسكرية، ومنها الاستعداد للرد إذا أطلقت الصين النار على سفينة فلبينية، ومبادئ لجعل هذا الدفاع المتبادل فعالاً.

وقد أثارت الصين غضب الفلبين من خلال مضايقة دوريات البحرية وخفر السواحل بشكل متكرر ومطاردة الصيادين في المياه القريبة من شواطئ الفلبين والتي تدّعي بكين أنها مياه تابعة لها.

وقدّمت الفلبين أكثر من 200 احتجاج دبلوماسي ضد الصين منذ العام الماضي، منها 77 احتجاجاً منذ تولّي الرئيس ماركوس منصبه في يونيو (حزيران).

وتأتي زيارة الرئيس الفلبيني إلى البيت الأبيض مع تزايد المخاوف بشأن مضايقات واستفزازات البحرية الصينية للسفن الفلبينية في بحر الصين الجنوبي؛ وهو ما دفع الفلبين إلى إجراء أكبر مناورات عسكرية مع الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، وأكبر تدريبات مشتركة للقوات الجوية والطائرات المقاتلة منذ عام 1990.

ويسعى البلدان لتفعيل معاهدة الدفاع المشترك لعام 1951 التي تنص أن كلا الجانبين سيساعد في الدفاع عن بعضهما بعضاً إذا تعرّض أي منهما للهجوم من قِبَل طرف ثالث.

فبعد أقل من عام من تولي ماركوس (نجل الديكتاتور الراحل المخلوع في عام 1986) منصبه، وافق على السماح للجيش الأميركي ليس فقط بالحفاظ على وجود في القواعد الفلبينية، ولكن بالوصول إلى 4 مواقع عسكرية جديدة.

وتهدف هذه الخطوة إلى مساعدة الفلبين في الدفاع بشكل أفضل عن مياهها الخاصة وتصبح شريكاً أكثر قدرة في ردع الصين في بحر الصين الجنوبي، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى ردع الإجراءات الصينية العدوانية المتزايدة تجاه تايوان وفي بحر الصين المتنازع عليه.

وردّت الصين بتعليقات انتقادية أثارت قلق المسؤولين الأميركيين، حيث حذَّر سفير الصين لدى الفلبين هوانغ شيليان من منح مانيلا للجيش الأميركي مزيداً من الوصول للقواعد العسكرية. وقال «يجب أن تعارض الفلبين استقلال تايوان، وإلا سيكون هناك قلق حول 200 ألف عامل فلبيني يعملون هناك».

وتتبنى الفلبين (مثل الولايات المتحدة) سياسية الصين الواحدة التي تعترف ببكين كحكومة للصين، لكنها تسمح بعلاقات غير رسمية مع تايوان. ولم يعلن ماركوس صراحة ما إذا كانت بلاده ستساعد الولايات المتحدة في أي عمل مسلح طارئ في تايوان.
علاقات أقوى بعد مقاطعة وجمود

وقبل مغادرته مانيلا إلى واشنطن، قال الرئيس الفلبيني، (الأحد) إنه مصمم على إقامة علاقة أقوى مع الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى وتعزيز المصالح المشتركة بين الجانبين. وهو ما يُعد تحولاً في التوجهات الفلبينية عن عصر الرئيس الفلبيني السابق رودريغو دوتيرتي، الذي تعهد إبعاد مانيلا عن واشنطن والارتباط بشكل أوثق مع بكين، وهدّد بإنهاء اتفاق يمنح الحماية القانونية للجيش الأميركي في البلاد، كما تجاهل دعوة الرئيس السابق دونالد ترمب لزيارة البيت الأبيض.

لكن بنهاية رئاسته العام الماضي، فشلت محاولات دوتيرتي في التقرب مع بكين في تحقيق نتائج؛ ولذا بدأ في توجيه بوصلته نحو واشنطن.

منذ أن أصبح رئيساً في يوليو (تموز) الماضي، تعهد الرئيس ماركوس تعزيز العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة، بالبناء على معاهدة دفاع متبادل عمرها 70 عاماً، والانتقال من الحديث عن مقدار الضرر الذي يلحق بالعلاقة إلى مقدار التقدم الذي يتم إحرازه، خاصة في المجال العسكري والأمني والتجاري.

* تعزيز الوجود العسكري في المحيط الهادي

ويُعد الاجتماع بين بايدن وماركوس أحدث لقاء دبلوماسي رفيع المستوى مع أحد قادة منطقة المحيط الهادي، حيث تكافح إدارة بايدن لتعزيز الوجود العسكري الأميركي والاقتصادي لمواجهة مطامع الصين، والمخاوف من البرنامج النووي لكوريا الشمالية.

كما تأتي عقب زيارة رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول الذي قام بزيارة دولة اتفق خلالها مع الرئيس بايدن على خطوات موسعة وجبهة درع نووية مشتركة تهدف إلى ردع كوريا الشمالية عن شن هجوم على جيرانها.

ويخطط الرئيس بايدن لزيارة اليابان وأستراليا في 17 مايو (أيار) الحالي، والمشاركة في اجتماع ثلاثي مع اليابان وكوريا الجنوبية لتفعيل الشراكة في المنطقة.

ووصف المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر تلك المضايقات الصينية، بأنها تذكير صارخ للترهيب الصيني للسفن الفلبينية أثناء قيامها بدوريات روتينية داخل منطقتها الاقتصادية الخاصة. وقال ميللر «ندعو بكين إلى التوقف عن سلوكها الاستفزازي وغير الآمن».

وأشار مسؤولون بالبيت الأبيض في تصريحات لصحافيين، مساء (الأحد) إلى تكرر الأعمال الاستفزازية الصينية للضغط على الفلبين والتي ازدادت بوتيرة كبيرة بعد تمكين الجيش الأميركي من 3 مواقع من القواعد العسكرية الأربع المواجهة للصين، اثنان منها في مقاطعتي إيزابيلا وكاجايان اللتين تواجهان الشمال باتجاه تايوان، والثالث، في منطقة بالاوان بالقرب من جزر سبراتلي المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي.

وقال أحد المسؤولين إن ماركوس لا يزال يرغب في العمل من كثب مع كل من واشنطن وبكين، لكنه «يجد نفسه في وضع تكون فيه الخطوات التي تتخذها الصين مقلقة للغاية».

وشدد على أن الالتزام الأمني الأميركي تجاه الفلبين لا يزال صارماً، وأن أي هجوم مسلح على الفلبين أو سفنها في المحيط الهادي أو في بحر الصين الجنوبي، ستقوم الولايات المتحدة بتفعيل الالتزامات الأمنية المتبادلة.

ويقول محللون إنه في حين هناك تقدم في التعاون العسكري، إلا أن العلاقات الاقتصادية محدودة بين البلدين؛ لذا يحتاج الرئيس ماركوس إلى إظهار تحسُّن في الإصلاحات الاقتصادية لبلاده، إذا كان يريد الحفاظ على الدعم السياسي لشراكة أمنية أعمق مع الولايات المتحدة.

وقال مدير برنامج جنوب شرقي آسيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية غريغوري بولينغ «لا يمكن للتحالف أن ينجح إذا لم تقدم الولايات المتحدة المزيد من المساعدة للفلبين من أجل التنمية الاقتصادية والأمن الغذائي وأمن الطاقة، فهذه هي أهم أولويات كل فلبيني. يجب أن يكون ماركوس قادراً على إثبات أن هناك فوائد ملموسة من خلال علاقة أوثق».

وتحقيقاً لهذه الغاية؛ كشفت إدارة بايدن هذا الأسبوع عن بعض الاجتماعات والمبادرات رفيعة المستوى، وتشمل إرسال بعثة تجارية واستثمارية رئاسية إلى الفلبين بقيادة مسؤول كبير في وزارة التجارة.

ومن المقرر أن يلتقي ماركوس، (الأربعاء) المديرين التنفيذيين من 12 شركة أميركية في مجالات الطاقة والبنوك والرعاية الصحية والبيع بالتجزئة والتأمين والتكنولوجيا الرقمية.
المصدر: الشرق الأوسط

Optimized by Optimole