“وول ستريت جورنال”: الاضطرابات الداخلية أعاقت المبادرات الخارجية لبايدن

بايدن - بوتين
Spread the love

شجون عربية – كتبت فيفيان سلامة مقالة في صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية تناولت فيها السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. ونقلت عن مسؤولين أميركيين وأجانب قولهم إن إدارة بايدن تواجه تحديات أمنية قومية ملحة من روسيا وإيران، لكن جهود الرد تعرقلها المشاكل الداخلية المستمرة.

وقالت إنه في الوقت الذي يبدأ فيه بايدن سنته الثانية في منصبه، لا يزال يواجه العديد من القضايا التي استهلكت الكثير من العام الأول: محاولة السيطرة على وباء كورونا ودعم الاقتصاد وتعزيز الوحدة في بلد منقسم بشدة. فقبل توليه منصبه منذ ما نحو عام، ربط بايدن بين أجندتيه الخارجية والمحلية، وفقاً للرأي القائل بأن هزيمة وباء كوفيد وتعزيز الاقتصاد أمران حاسمان لاستعادة نفوذ الولايات المتحدة في الخارج والتنافس مع الصين في جميع أنحاء العالم. ولكن مع استمرار تفشي الوباء، أصبحت أهداف السياسة الخارجية تلك تشكل تحديًا متزايدًا – وأصبحت أزمات جديدة تلوح في الأفق. إذ تحشد روسيا قواتها بالقرب من أوكرانيا فيما يقول مسؤولون أميركيون إنه مقدمة محتملة للغزو. وتقول الإدارة الأمريكية إن برنامج إيران النووي، على بعد أسابيع من الحصول على المواد اللازمة لإنتاج قنبلة نووية. كما أن استعراض عضلات الصين تجاه تايوان يثير مخاوف من صراع محتمل هناك أيضًا.

تقول راشيل ريزو، الباحثة البارزة في مركز أوروبا التابع للمجلس الأطلسي: “امتد الاستقطاب السياسي المستمر [في الولايات المتحدة] ليشمل كل جوانب رئاسة بايدن، بما في ذلك أجندته للسياسة الخارجية. هذا لا يعني أنه من المستحيل تحقيق أهدافه. لكن هذا يعني أن القضايا التي ربما وجدت يومًا ما دعمًا من الحزبين، مثل إصلاح علاقة الولايات المتحدة مع الحلفاء الأوروبيين، تُستخدم الآن ككرات قدم سياسية لأغراض محلية”.

وأشارت الكاتبة إلى أن بايدن وآخرون في إدارته ربطوا إلى حد كبير بعض الحواجز التي يواجهونها بالظروف الموروثة من الإدارة السابقة. لكنهم يعترفون بأن ترتيب البيت المحلي سيكون ضرورياً قبل أن يتمكنوا من دفع أجندتهم الدبلوماسية بجدية.

قال وزير الخارجية أنتوني بلينكين الشهر الماضي في مؤتمره الصحافي في نهاية العام إن “التزام الرئيس بإعادة الاستثمار في التعليم والبحث والتطوير والبنية التحتية له صدى. في كل مجال من هذه المجالات، اعتدنا على قيادة العالم. لقد سقطنا، ونحن في تراجع، والرئيس يريد تغيير ذلك. هذا ليس مهماً فقط لمكانتنا هنا في الوطن. إنه مهم لمكانتنا في جميع أنحاء العالم”.

وقالت الكاتبة إن العديد من الحلفاء رحبوا بتولي بايدن للرئاسة، بالنظر إلى خبرته في السياسة الخارجية على مدى عقود كسيناتور ونائب رئيس. بالنسبة إلى البعض، كان نهج بايدن الدبلوماسي بمثابة تحول عن النهج الأكثر حدة لإدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. فقد عاد الرئيس بايدن على الفور إلى بعض الاتفاقيات والهيئات الدولية التي انسحب منها سلفه، بما في ذلك اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية. لقد أعاد العلاقات مع السلطة الفلسطينية، وهي علاقة قُطعت في ظل الإدارة السابقة، وبمساعدة مصر، سرعان ما توسط في وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” ومقاتلي حركة حماس العام الماضي.

وأضافت أنه في حين أن العديد من سياساته قد أشارت إلى إنهاء التدخل الأميركي الخارجي في حقبة ما بعد الحرب الباردة – على وجه الخصوص ، الانسحاب من أفغانستان – فإن العمل مع الحلفاء يعد أمراً أساسياً لأهداف السياسة الخارجية لبايدن، وخاصة السعي إلى العمل الجماعي في مواجهة الصين، التي تفتقر إلى شبكة التحالفات التي تمتلكها الولايات المتحدة.

وأشارت الكاتبة إلى أن السياسات التي أوضحها بايدن تجاه الصين حتى الآن هي إلى حد كبير استمرار لعهد ترامب، بما في ذلك تصنيفه للإبادة الجماعية لحملة الصين ضد المسلمين الأويغور في شينجيانغ، وقراره بالإبقاء على الرسوم الجمركية على الواردات الصينية. وقال مسؤولو إدارة بايدن إن أي إجراءات تنافسية جديدة من جانب الولايات المتحدة فيما يتعلق بالصين لا يمكن أن تحدث إلا بمجرد السيطرة على الوباء وتعزز الاقتصاد.

ورأت الكاتبة أن أحد أكبر الاضطرابات المحلية التي أعاقت الجهود الدبلوماسية لإدارة بايدن كان فشل الديمقراطيين في تمرير تشريع الرئيس لإعادة البناء الأفضل للإنفاق الاجتماعي في الكونغرس، والذي حاول تخصيص عشرات المليارات من الدولارات لمرونة تغيّر المناخ. لقد قوّض هذا الفشل هدف بايدن بجعل الولايات المتحدة رائدة في سياسة المناخ.

يقول مسؤولون أميركيون وأجانب إن زيادة حالات كوفيد بسبب متحور أوميكرون، قد عقّد تعهد الإدارة بالمساعدة في توزيع اللقاحات في الخارج.

واعتبرت الكاتبة أنه لا يمكن إلقاء اللوم في بعض النقاط الصعبة في العلاقات الدولية الأخيرة للولايات المتحدة على السياسات الداخلية أو على دولة منقسمة. إن محاولة بايدن الانضمام إلى الاتفاقية متعددة الأطراف بشأن برنامج إيران النووي طال أمدها بشكل غير حاسم. وهذا الأسبوع، أطلقت كوريا الشمالية صاروخها الثالث في عام 2022 وحده، بعد توقف دام ستة أشهر. فشلت حتى الآن جهود استئناف المحادثات مع بيونغ يانغ التي بدأت في ظل الإدارة السابقة.

في غضون ذلك، أضر انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان هدف بايدن بإعادة بناء صورة أميركا كشريك عالمي ثابت. أثار قرار الانسحاب، وهو نتاج الإدارات المتعاقبة، حفيظة الحلفاء الأوروبيين الذين ساهموا بقوات في الحرب، واعتبروا الانسحاب يخدم مصالح الولايات المتحدة على حساب الأمن العالمي. سارع هؤلاء الحلفاء لإجلاء تواجد عسكري ودبلوماسي كبير في أفغانستان في الأسابيع الفوضوية في آب / أغسطس 2021 عندما انهارت الحكومة والجيش الأفغانيان المدعومان من الولايات المتحدة.

قال بلينكين في كانون الأول / ديسمبر الماضي: “في دروسنا من الإجلاء وإعادة توطين القوات نتعلم من أجل المستقبل. عندما يتعلق الأمر بالندم، بالنظر إلى الوراء، سيكون هناك الكثير من الوقت لذلك في السنوات المقبلة”.

تلقت فرنسا، أحد شركاء الولايات المتحدة في أفغانستان، ضربة أخرى عندما فوجئت في خريف هذا العام باتفاق توصلت إليه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لبيع غواصات تعمل بالطاقة النووية إلى أستراليا، والتي ألغت بعد ذلك صفقة مخطط لها لشراء غواصات تقليدية فرنسية الصنع. ويهدف الاتفاق إلى تقوية الحليفة أستراليا في مواجهة التوسع في البحرية الصينية. كما تم تجنيد فرنسا، التي استدعت سفيرها في الولايات المتحدة بسبب الصفقة، في الجهود المبذولة لمواجهة بكين، وخاصة في تعزيز النفوذ الأميركي بين دول جنوب المحيط الهادئ.

قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن استعادة الثقة بين الحلفاء في حقبة ما بعد ترامب “كانت تحدياً وستشكل تحدياً”، مشيراً إلى أن الحلفاء لا يزالون حذرين من الدخول في اتفاقيات طويلة الأجل مع الولايات المتحدة نظرًا للتقلبات السياسية في الداخل.

ورأت الكاتبة أن الاتفاقيات الجديدة، خاصة مع الحلفاء الأوروبيين، مهمة للغاية حالياً. ومن المرجح أن تُختبر كيفية تعامل الولايات المتحدة مع إيران وروسيا قدرة الإدارة على العمل مع الحلفاء الأوروبيين. قد تكون هناك حاجة إلى حملة منسقة من الضغط الاقتصادي لإقناع إيران بالحد من برنامجها النووي. واقترن تعزيز القوات الروسية بالقرب من أوكرانيا بمطالب بضمانات أمنية جديدة من الولايات المتحدة ومنظمة حلف شمال الأطلسي. ويرى الكثيرون في إدارة بايدن أن ردع الغزو الروسي لأوكرانيا أمر حاسم لمصداقية الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا، حيث تكثّف بكين الضغط العسكري ضد تايوان، الشريك الأميركي، على غرار أوكرانيا.

نقله إلى العربية: هيثم مزاحم عن الميادين نت

Optimized by Optimole