علِّ صوتك و أزمة سينما المؤلف في المغرب

Spread the love

شجون عربية – بقلم: منصف الإدريسي اليحياوي |

لطالما جذبت أفلام نبيل عيوش الأنظار، وثار حولها الجدل، فشاركت في مهرجانات دولية و حاز بعضها على جوائز هامة. كما تسبق أفلامه دعايات مسبقة تسهم في انتشار الفيلم بفضل اسم المخرج و حساسية المواضيع التي يعالجها.

و إذا تأملنا فيلموغرافيا المخرج المغربي المثير للجدل، يمكن أن نقسم أفلامه إلى قسمين، أفلام تحمل قيم التحرر و ينظر إليها من طرف البعض أنها تروج لقيم الغرب، مثل كل ما تريده لولا(2007) و غزية(2017)، و أفلام تتطرق لقضايا اجتماعية بأسلوب بالغ الواقعية، مثل علي زاوا(2000) و يا خيل الله(2012)، و هي الأفلام التي صنعت اسم “عيوش” و جعلته مخرج ذي سمعة جيدة و محبوب لذى النقاد.

في فيلمه الروائي التاسع التي يتم عرضه حاليا في القاعات السينمائية “علي صوتك”، لم يخرج “عيوش” من منطقة راحته، حيث جلب شبابا لم يقفوا أمام الكاميرات من قبل ليجعل منهم أبطالا، أما الحبكة فهي بسيطة، بل أبسط حتى من حبكات أفلامه السابقة، فأبطال “عيوش الجدد” هم أبناء حي “سيدي مومن”، لكنهم لا ينوون القيام بأية عمليات انتحارية مثلما حدث في فيلم “يا خيل الله” التي دارت أحداثه في نفس المكان، و كل همهم التعبير عن أنفسهم عبر الموسيقى، على رغم ما يجره عليهم ذلك من مضايقات.

تبدأ أحداث الفيلم حين يصل مغني راب سابق يدعى “أنس” لحي سيدي مومن، بعد ما تم تعيينه أستاذا في أحد المراكز الثقافية في الحي، ليدرب هؤلاء الشباب الشغوفين بفن الهيب هوب، و يحاول في نفس الوقت مساعدتهم على التحرر من القيود الاجتماعية المفروضة عليهم.

مشاكل أبطال الفيلم تبدو تافهة قياسا بأطفال “علي زاوا” المتشردين، أو حتى عاملات الجنس الذي صور “عيوش” يومياتهم في “الزين اللي فيك”، حيث تشعر بعد مشاهدتك لبضعة دقائق أنك لست أمام موضوع قوي من تلك المواضيع التي عودنا عليها عيوش، فتترجى أن يكون الفيلم فرجويا ممتعا، لكنك في النهاية تخرج خالي الوفاض، لأن الفيلم يفتقد للحماس الذي من المفترض أن يطبع هذه النوعية من الأفلام، فكيف للجمهور الذي شاهد “Step up” و “ABCD” أن يستمتع بهذا الفيلم؟

“علي صوتك” افتقد للجودة الفنية و الحبكة الجذابة، مما جعله أقرب إلى فيلم وثائقي ممل، و ليس العيب في التوثيق وحده، فعلي زاوا أنجح أفلام عيوش على الإطلاق كان أقرب إلى فيلم تسجيلي، لكن “علي صوتك” لم يضعنا أمام شخصيات يمكن التعاطف معها، و لم يجعلنا ننتظر شيئا من أحداث الفيلم الرتيبة، كما وقع في فخ تنميط شخصة المتدين، و هو إشكال تجاوزتها هوليود نفسها، التي صنعت هذا القالب.

أما بصريا، الفيلم أضعف من أول فيلم روائي أخرجه نبيل قبل 24 سنة، ولا يتوقع منه الذهاب بعيدا في منافسات الأوسكار، مما يجعلنا نتساءل كيف لمخرج من المفترض أن يصل لقمة النضج الفني بعد التجارب التي راكمها أن يصنع فيلما متوسطا آخر مباشرة بعد فيلمه الأخير “رزية(2017)” الذي لم يترك أي أثر. لا أحد يمكن أن يشكك في قدرات نبيل، و إسهاماته في تطوير السينما المغربية و تسويقها دوليا، إلا أنه ربما في حاجة للتحضير أكثر لعمله المقبل ليخرج في صورة أفضل، فهو الذي عودنا عن البحث و التحري قبل خوض أي تجربة، أو قد يكون في حاجة للاستعانة بنص أدبي قوي كما فعل قبل إخراجه لفيلم “يا خيل الله”، فلا ضرر في في أن يكون المخرج كاتب فيلمه، لكن لا بأس أن يستعين بالاقتباس الأدبي إن عجز عن الإبداع، و تبقى له حرية التصرف و الاجتهاد التقني.

ضعف الكتابة في فيلم “علي صوتك” يحيلنا إلى الحديث عن سينما المؤلف و إشكالياتها في المغرب، فكثيرا ما يتم تناول موضوع أزمة السيناريو في السينما المغربية، لكن نادرا ما يتم الانتباه إلى أن معظم المخرجين المغاربة يكتبون أفلامهم بأنفسهم.

Optimized by Optimole