“ذا ناشونال انترست”: البابا زار المسيحيين العراقيين ضحايا السياسة الأميركية

Spread the love

شجون عربية – كتبت بوني كريستيان مقالة في مجلة “ذا ناشونال انترست” الأميركية تناولت فيها زيارة البابا فرنسيس إلى العراق، قالت فيها إن البابا فرنسيس قد أنهى رحلة إلى العراق هذا الأسبوع في أول زيارة بابوية على الإطلاق إلى البلاد، وهي رحلة وصفها الفاتيكان بأنها “فعل حب لهذه الأرض وشعبها ومسيحييها”. أثناء وجوده هناك، أقام فرنسيس القداس في مدن عدة وزار مواقع توراتية مثل نينوى وأور. كما قام بجولة في بقايا الطوائف المسيحية في أحد أقدم بيوت الإيمان المسيحي.

وأضافت: كانت هذه الزيارة البابوية تهدف إلى تشجيع المسيحيين القلائل المتبقين في العراق. كما ينبغي أن يكون مناسبة للتفكير الجاد في الولايات المتحدة، البلد الذي يدين فيه اثنان من كل ثلاثة أشخاص بالمسيحية – وكذلك البلد الذي ساهمت سياسته الخارجية المضللة في القضاء على المسيحية في العراق تقريباً.

عندما غزت الولايات المتحدة العراق قبل ثمانية عشر عاماَ في آذار / مارس 2003، كان المسيحيون يمثلون 6 في المئة من سكان البلاد، وبلغ عددهم حوالى 1.5 مليون نسمة. لا يزال المسيحيون في أكبر طائفة في العراق، الكنيسة الكلدانية، يتكلمون لغة مختلفة من الآرامية، وهي اللغة التي تحدث بها يسوع. لم يكن نظام صدام حسين صديقاً للمسيحية – كان من المعروف أن صدام حسين يضطهد الأقليات الدينية، بمن في ذلك المسيحيون، وألغى رحلة بابوية سابقة – ولكن تم التسامح مع المسيحية بشكل عام، وكان المسيحيون العراقيون يعبدون في تقليد مستمر عمره 2000 عام.

بعد غزو الولايات المتحدة البلاد وإطاحة صدام حسين، ازداد العنف ضد المسيحيين العراقيين مع انتشار الإرهاب في البلاد. قُتل رجال دين بارزون. قُصفت الكنائس. أصبحت العبادة المسيحية خياراً يهدد الحياة.

وقال القس أندرو وايت، القس الأنغليكاني في بغداد في شهادة له عام 2007 إن “الرجال في رعيتي يُقتلون بشكل رئيسي. البعض مخطوف. قتل البعض. في الأشهر الستة الماضية ساءت الأمور بشكل خاص بالنسبة للمسيحيين. هنا في هذه الكنيسة، تم أخذ جميع قياداتي وقتلهم. لكننا لم نستعد أجسادهم أبداً. هذه واحدة من المشاكل. أقوم بجنازات هنا بانتظام ولكن ليس من السهل الحصول على الجثث”.

وقال وايت في شهادته لشبكة “سي بي إس إن” أنذاك إن محنة المسيحيين العراقيين كانت “أسوأ بشكل واضح” بعد النظام الذي فرضته الولايات المتحدة أكثر من ذي قبل. وقال “لا توجد مقارنة بين العراق بين الآن وأي وقت سابق. الأمور هي أصعب ما واجهه المسيحيون على الإطلاق. ربما من أي وقت مضى في التاريخ. [المسيحيون العراقيون] لم يعرفوا ذلك من قبل”.

لقد ساءت الظروف فقط في الأربعة عشر عاماً منذ 2007. ترك بعض المسيحيين العراق لتجنب الاستشهاد أو التحول القسري. تعرض البعض للسرقة أو النفي. استهدف تنظيم “داعش”، الذي نما في ظل فراغ السلطة الذي خلفه الإطاحة بصدام حسين، المسيحيين العراقيين بهدف الإبادة الجماعية. أحرق مقاتلو “داعش” الكنائس والنصوص القديمة والتماثيل والآثار. دمروا ديراً يعود إلى القرن السادس.

وقال لقس بشار وردة، رئيس أساقفة أربيل في كردستان العراق، في عام 2019: “لقد صادر جلادونا حاضرنا بينما كانوا يسعون إلى محو تاريخنا وتدمير مستقبلنا. إن عشرات الآلاف من المسيحيين ليس لديهم ما يظهرونه في أعمالهم الحياتية، على مدى أجيال من العمل، في الأماكن التي عاشت فيها عائلاتهم، ربما، لآلاف السنين”.

وقالت الكاتبة: اليوم، لا يزال هناك حوالى 250000 مسيحي فقط في العراق. مات الباقون أو فروا من أعمال العنف والفوضى التي اندلعت ضدهم بشكل غير متناسب.

وأضافت أن العنف والفوضى المستمرة لم يأتيا من فراغ. وغني عن البيان أن نظام صدام حسين كان حكومة قاسية ومستبدة لا تستحق السلطة. كما أن “داعش” والجماعات الأخرى التي تضطهد مسيحيي العراق تتحمل المسؤولية عن تلك الانتهاكات.

لكن تنظيم “القاعدة”، سلف “داعش”، لم يتم تنظيمه في العراق إلا بعد الغزو الأميركي (على عكس مزاعم إدارة الرئيس جورج بوش الإبن عندما استقطبت الحماس الأميركي للحرب). كان ظهور “القاعدة” وتطوره اللاحق إلى “داعش” مرتبطين بشكل مباشر بتغيير النظام الذي دبّرته الولايات المتحدة.

ورأت الكاتبة أن العراق في حالته الحالية – والكنيسة العراقية في حالتها الحالية – في جزء لا يستهان به سببه أن واشنطن شرعت في غزو واحتلال لا داعٍ لهما يدرك معظم الأميركيين الآن أنهما خطأ لم يجعلا الولايات المتحدة أكثر أماناً. غرقت أميركا بتهور في حرب لا يمكن الدفاع عنها، وعانى المسيحيون العراقيون نتيجة لذلك.

وقالت: لا تستطيع الولايات المتحدة التراجع عن تلك المعاناة الآن. الكنيسة العراقية قد لا يتم ترميمها أبداً. قد يكون العديد من هذه التجمعات مشتتة بشكل دائم. لا يمكن إصلاح بعض الكسور.

وختمت الكاتبة بالقول: كمسيحية، أصلي من أجل إخوتنا العراقيين في المسيح ونحزن على مساهمة بلدي في تدمير مجتمعاتهم. كأميركية، أتمنى ألا تكرر حكومتي أخطائها في العراق. يجب أن تتعلم واشنطن من الفوضى التي أحدثتها في حقبة ما بعد 11 أيلول / سبتمبر 2001 وأن تتبنى نهجاً أكثر سلمية وتواضعاً للسياسة الخارجية، ولم نعد نتخيل أن لدينا القدرة أو الامتياز لإعادة تشكيل دول أخرى بالقوة. خطتنا كانت رديئة. سجلنا كان دموياً. إن العراقيين الذين زارهم البابا فرنسيس يعرفون ذلك جيداً.

نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم – عن الميادين نت

Optimized by Optimole