يديعوت أحرونوت: على الرغم من الضربات التي لحقت بالإيرانيين إنهم مصرون على ترسيخ نفوذهم

هآرتس
Spread the love

شجون عربية _

د. راز تسيمت – باحث في معهد دراسات الأمن القومي الاسرائيلي/
في محاولة للتقليل من قساوة الضربة التي لحقت بإيران بعد اغتيال قاسم سليماني منذ سنة، نشر موقع إخباري إيراني مقالاً بعنوان “النجاحات المدهشة لوريث الحاج قاسم”. جاء في المقال: تحت قيادة إسماعيل قاآني وريث سليماني دخل فيلق القدس للحرس الثوري مرحلة أكثر سرية من الماضي، الأمر الذي حسّن من قدراته في مواجهة أعداء إيران. مع ذلك، ليس هناك شك في أن إيران تواجه منذ اغتيال سليماني صعوبات متزايدة في سياستها الإقليمية. موت مَن اعتُبر المخطط والمنفّذ المركزي للتمركز الإيراني في الشرق الأوسط طرح تساؤلات تتعلق بقدرة إيران على الاستمرار في ترسيخ نفوذها في المنطقة، وشكوكاً إزاء قدرة وريثه على أن يكون بديلاً مناسباً منه.
التحديات الكثيرة التي واجهتها إيران في السنة الماضية – ومن بينها الكورونا، والأزمة الاقتصادية، والمواجهة مع الولايات المتحدة، وعمليات الجيش الإسرائيلي في سورية، والانتقادات حيال إيران في الشارع العربي، وتطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض دول الخليج – كل ذلك يجعل من الصعب تحديد أهمية اغتيال سليماني في منظومة الضغوط العامة التي تواجهها إيران. في أي حال يدل سلوكها الإقليمي بوضوح على أنها مصرة على الاستمرار في جهودها لترسيخ نفوذها.
في سورية يتواصل نشاط إيران ووكلائها، ولو أيضاً من خلال تغييرات معينة في الانتشار وخفض حجم القوات الإيرانية الناتج من تغيّر حاجات القتال في أعقاب حسم الحرب الأهلية. أيضاً في العراق تواصل إيران جهودها للمحافظة على نفوذها على الرغم من الصعوبات، في الأساس حيال جهود رئيس الحكومة العراقية كبح إيران والميليشيات الشيعية الموالية لها.
أيضاً بعد اغتيال سليماني يواصل فيلق القدس القيام بدور مركزي في جهود التمركز الإيراني. منذ استلامه منصبه في كانون الثاني/يناير 2020 قام قاآني بثلاث زيارات إلى العراق وثلاث زيارات إلى سورية. في الموازاة يستمر التعاون بين إيران وحلفائها في المنطقة وتمويل نشاطاتهم وتسليحهم من جانب طهران.
لكن يبدو أن وريث سليماني يلاقي صعوبة في المحافظة على الشبكة التي طورها سلَفه مع التنظيمات والميليشيات التي تعمل برعاية الحرس الثوري، وبخلاف سليماني، لم يعد مطلوباً منه إدارة معركة عسكرية واسعة. في العقد الأخير حدثت تغييرات مذهلة في أساليب عمل فيلق القدس وقيادته. في أعقاب الحرب الأهلية في سورية والمعركة ضد تنظيم داعش، تحول الفيلق من وحدة نخبة إلى عنصر مركزي في إدارة المعركة العسكرية في سورية والعراق. سليماني نفسه الذي حرص في الماضي على المحافظة على عدم الظهور الإعلامي وفضّل العمل من وراء الكواليس، صعد إلى مقدمة المسرح.
تحت قيادة قاآني يبدو أن فيلق القدس عاد إلى أسلوب عمله في الماضي كقوة قليلة العدد ونوعية مسؤولة عن عمليات سرية، في الأساس بواسطة تنظيمات تابعة له تعمل تحت “مظلة إيرانية” لتحقيق أهداف إيران الاستراتيجية، وعلى رأسها طرد القوات الأميركية من المنطقة، وتعميق نفوذها في المنطقة، ومواصلة تسليح حزب الله.
يبدو حالياً أن فيلق القدس عاد إلى تبنّي جزء من الأساليب التي ميزته في الماضي، ويركز على التنسيق بين حلفائه في المنطقة ومواصلة مساعدتهم من خلال توزيع جزء من صلاحيات قائد الفيلق الذي كان في عهد سليماني بمثابة رئيس أركان وطني في القيادة الإيرانية، بين قيادة حزب الله وقادة الميليشيات الشيعية في العراق.
مما لا شك فيه أن اغتيال سليماني وجّه ضربة قاسية إلى إيران. مع ذلك هو أيضاً أتاح لها فرصة تنسيق مهمتها وفق الظروف الإقليمية المتغيرة. في كل الأحوال، نشاط إيران في السنة الماضية يثبت مرة أُخرى نيتها الاستمرار في استغلال أي فرصة للدفع قدماً بأهدافها الاستراتيجية على الرغم من كل الصعوبات.

المصدر: صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole