معهد القدس: إيران.. رد ضد إسرائيل أو انتظار بايدن؟

Spread the love

شجون عربية_

يوني بن مناحيم – محلل سياسي اسرائيلي/

أحد السيناريوهات التي تتكهن بها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية كرد إيراني على اغتيال “أبو القنبلة النووية” العالم محسن فخري زادة هو هجوم بصواريخ باليستية دقيقة بعيدة المدى من إيران باتجاه أهداف استراتيجية في إسرائيل من المحتمل أن يجري قبيل نهاية الشهر.
أحد التقديرات أن الإيرانيين سيحاولون ضرب خزانات الغاز في إسرائيل، الضرر سيكون كبيراً جداً ويرمز في نظر إيران إلى “رد مناسب”، لكن عدد المصابين سيكون قليلاً. في تقدير الإيرانيين، بذلك لن تكون إسرائيل مضطرة إلى الرد وبإمكانها احتواء الهجوم. في تقدير جهات أمنية في إسرائيل يمكن أن ينفَّذ الهجوم قبل نحو 3 أسابيع من دخول بايدن إلى البيت الأبيض، ويعتقد الإيرانيون أن هجوماً كهذا لن يورطهم مع الإدارة الجديدة.
في مقابل ذلك قال إليوت أبرامز، الموفد الأميركي الخاص بموضوع إيران، في 3 كانون الأول/ديسمبر أنه يقدّر أن إيران لن ترد على اغتيال العالم فخري زادة قبل دخول بايدن إلى البيت الأبيض. في تقديره تتخوف إيران من أن رداً كهذا سيؤدي إلى عدم رفع العقوبات المفروضة عليها إذا قامت بمثل هذه الخطوة.
طبعاً سيناريو الهجوم الإيراني بصواريخ باليستية على أهداف استراتيجية في إسرائيل هو احتمال يمكن ألّا يتحقق، لكنه يعكس تخوّف إسرائيل من مشروع الصواريخ الباليستية الدقيقة لإيران.
أحد التقصيرات الكبيرة في الاتفاق النووي الذي وقّعه الرئيس السابق باراك أوباما مع إيران من وراء ظهر إسرائيل ووضعها أمام حقيقة منتهية، هو عدم إدراج مشروع الصواريخ الباليستية في الاتفاق النووي.
هذا موضوع فائق الأهمية بالنسبة إلى أمن إسرائيل ويشكل خطراً كبيراً. تنقل إيران بين معدات أُخرى، هذه الصواريخ إلى وكلائها في الشرق الأوسط، على سبيل المثال المتمردين الحوثيين في اليمن. قبل أسبوعين أُطلق صاروخ باليستي إيراني على منشأة نفط تابعة لشركة أرامكو في جدة في السعودية وكانت الإصابة دقيقة وتسببت بأضرار كبيرة.
موقف بايدن من الصواريخ الباليستية

في مقابلة أعطاها الرئيس المنتخَب جو بايدن للصحافي توماس فريدمان في “النيويورك تايمز” في الأول من كانون الأول/ديسمبر كشف أن إدارته تنوي إجراء مفاوضات مع إيران بشأن موضوع مشروع الصواريخ الباليستية وإدخاله في “اتفاق لاحق” جديد. وقال بايدن: “بالتشاور مع حلفائنا وشركائنا، سنتوجه نحو إجراء مفاوضات لإدخال إضافات إلى الاتفاق النووي تشمل إحكام وإطالة مدة بنود في الاتفاق، وهذه الاتفاقات اللاحقة تعالج أيضاً موضوع مشروع الصواريخ وليس فقط المشروع النووي.” وأضاف: “تستطيع الولايات المتحدة دائماً إعادة العقوبات عند الضرورة وإيران تعلم ذلك.”
مع ذلك من الواضح من كلامه أن في رأس سلم اهتماماته الآن تجديد الاتفاق النووي مع إيران لمنعها من الحصول على سلاح نووي. وشدد بايدن على أن “السبيل الأفضل لتحقيق استقرار معين في المنطقة هو مواجهة المشروع النووي الإيراني.” وبحسب كلامه: “إذا حصلت إيران على قنبلة نووية فإن هذا سيشكل ضغطاً كبيراً على السعوديين، وعلى تركيا، وعلى مصر، وعلى دول أُخرى في المنطقة من أجل الحصول على سلاح نووي خاص بها، وآخر ما نحتاج إليه في هذا الجزء من العالم مراكمة قدرة نووية.” وكرر بايدن موقفه أنه سيرفع العقوبات عن إيران إذا عادت إلى التقيد بصرامة بشروط الاتفاق النووي.
مفاوضات صعبة

الافتراض الأساسي للرئيس المنتخَب هو أنه سينجح في جلب الإيرانيين إلى التفاوض مجدداً على المشروع النووي. الإيرانيون متمرسون بالمفاوضات وبدأوا منذ الآن بتحضير الأرضية للمفاوضات بأساليب متعددة من خلال وضع شروط مسبقة على الإدارة الجديدة حتى قبل دخول بايدن إلى البيت الأبيض.
فقد طالب الرئيس الإيراني قبل نحو شهر بأن تعوض الإدارة الجديدة إيران عن الأضرار التي تسببت بها إدارة ترامب، ويصرح مسؤولون إيرانيون كبار بأنه لن تحدث مفاوضات جديدة على الاتفاق النووي.
تصريحات بايدن بشأن موضوع الاتفاق النووي ومشروع الصواريخ الباليستية تفسرها إيران كضعف، ويقدّر الإيرانيون أن جو بايدن، بعكس الرئيس ترامب، يتخوف من مواجهة عسكرية معهم، لذا من المتوقع أن يتحدّونه ويضعونه في قيد الاختبار في التوقيت الملائم بالنسبة إليهم.
الرئيس الأميركي المنتخَب يشعر بالقلق من سباق تسلح في الشرق الأوسط تحاول خلاله دول، مثل مصر والسعودية الحصول على قنبلة نووية إذا لم يُجدّد الاتفاق النووي مع إيران.
يأمل بايدن بأن تتغلب أصوات المعتدلين في إيران، مثل صوت الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، على أصوات المتطرفين، لكن إيران تنوي إجراء مفاوضات متصلبة مع الرئيس الجديد، وليس لديها أي نية للتنازل عن إنجازاتها في المجال النووي، وفي مجال الصواريخ الباليستية، وهي أيضاً غير مستعدة للالتزام بتقليص تطلعاتها التوسعية في الشرق الأوسط، وتصدير “الثورة الخمينية” هو جزء لا يتجزأ من أيديولوجيتها، ولا تنوي التخلي عنه.
في أيار/مايو من المنتظَر أن تجري في إيران انتخابات رئاسية وانتخابات برلمانية، وثمة شك كبير في أن ينجح بايدن في التوصل إلى اتفاق جديد مع القيادة الإيرانية قبل الانتخابات، ومن المعقول أن تتأثر المفاوضات بالانتخابات التي يمكن أن تدفع الإيرانيين إلى تشديد مواقفهم. ماذا سيحدث لو فاز التيار المتطرف بالانتخابات وكيف سيؤثر هذا في العلاقات مع إدارة بايدن؟ لا جواب حالياً على هذا السؤال.
خلاصة

مشروع الصواريخ الباليستية ليس أقل خطراً بالنسبة إلى إسرائيل من المشروع النووي الإيراني، إيران تنقل هذه الصواريخ إلى حزب الله في لبنان ووكلائها في سورية، والعراق، واليمن، وسيأتي يوم ستصل هذه الصواريخ إلى قطاع غزة.
بالاستناد إلى مصادر سياسية في القدس، يدرك الرئيس المنتخَب جو بايدن جيداً خطر الصواريخ الباليستية، والمستوى السياسي في القدس يمده بصورة دائمة بالمستجدات والمعلومات الاستخباراتية التي لدى إسرائيل عن الموضوع.
الرئيس السابق باراك أوباما تجاهل الموقف الإسرائيلي من الموضوع، وأقصى إسرائيل عن المفاوضات التي أجراها مع إيران ووضع إسرائيل أمام حقيقة منتهية.
لقد سبق أن أوضح بايدن أن إدارته لن تكون “نسخة ثالثة عن إدارة أوباما”، لذلك من المهم جداً أن يجري المستوى السياسي حواراً متواصلاً ومثمراً مع الرئيس الجديد يقوم على الثقة المتبادلة من أجل الدفع قدماً بالموضوعات المهمة بالنسبة إلى أمن دولة إسرائيل.

المصدر: معهد القدس للشؤون العامة والسياسة _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole