الوزير الفلسطيني أحمد مجدلاني لـ”شجون عربية”: القيادة الفلسطينية في حالة انعقاد دائم للخروج بقرارات مصيرية لمواجهة الضم الإسرائيلي

الوزير الفلسطيني أحمد مجدلاني لـ”شجون عربية”: القيادة الفلسطينية في حالة انعقاد دائم للخروج بقرارات مصيرية لمواجهة الضم الإسرائيلي
Spread the love

خاص بـ”شجون عربية” – رام الله – حوار: لبيب فالح طه –
فيما ترتفع حرارة طقس فلسطين وما حولها، ترتفع حرارة النضال الفلسطيني لمواجهة مشروع الضم الإسرائيلي لما يقارب ثلث الضفة الغربية، ليصبح مشروع الضم هو ثالثة الأثافي التي تواجه الفلسطينيين حالياً متمثلة في الضم وجائحة كورونا وأزمة اقتصادية خانقة. الأزمة الاقتصادية والمعيشية سببها عدم تلقي مئات الآف الفلسطينيين ممن يعملون في القطاع العام رواتبهم، بسبب رفض السلطة الفلسطينية تلقي أموال الضرائب من “إسرائيل” وفق الشروط الإسرائيلية.
يتوجه الفلسطينيون حكومة وشعباً وفصائل نحو الغور الفلسطيني هذه الأيام للاعتصام والرفض لمشروع الضم الإسرائيلي، وبالكاد تستطيع أن تحصل على مقابلة مع أحد المسؤولين لانشغالهم في تنظيم الفعاليات الاحتجاجية والاجتماعات التنظيمية وعلى مستوى الحكومة الفلسطينية ومستوى منظمة التحرير الفلسطينية ومختلف فصائلها.
رغم ذلك، استطعنا الحصول على مقابلة مع وزير التنمية الاجتماعية الفلسطيني الدكتور أحمد مجدلاني، السياسي والأكاديمي والمناضل الفلسطيني؛ والأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو المجلسين الوطني والمركزي الفلسطيني. وفي ما يلي نص الحوار:

– ما هو تقييمكم ونظرتكم لمشروع ضم مناطق من الضفة الغربية لإسرائيل؟
إن مخططات ومشاريع الضم لأجزاء من الضفة الغربية، سواء أكان جزئياً أو كلياً أو حتى تأجيل ذلك، مرفوض فلسطينياً، وسنعمل على إفشال مخططات الاحتلال التي تستهدف أرضنا ووجودنا والمس بمشروعنا الوطني الفلسطيني، ونحن متمسكون بقرار القيادة الفلسطينية الذي تم التعبير عنه بكل وضوح بأننا في حل من جميع الاتفاقيات والتفاهمات مع حكومة الاحتلال ومع الإدارة الأميركية باعتبار أن مخطط الضم الذي تلوح به حكومة نتنياهو في جوهره أساس لما يسمى بـ”صفقة القرن”، وعلينا التأكيد مجدداً بأن أساس الائتلاف الحكومي وبرنامج حكومة الاحتلال، قائم على ضم الأراضي الفلسطينية، بدعم وشراكة من قبل إدارة ترامب، المبني على (صفقة القرن).
القيادة الفلسطينية، تتحرك على المستويات كافة عربياً ودولياً، واستطعنا تحشيد ائتلاف دولي ضد مشروع الضم، عبّرت عنه العديد من الدول، والتي ترى به تقويضاً لأسس عملية السلام، ومخالفة صريحة لقرارات الشرعية الدولية، والقانون الدولي. وبناء على ذلك نسعى لتطوير هذه المواقف بضرورة التحرك الدولي على الأرض، وبقرارات عملية واضحة، تلزم حكومة الاحتلال، بالتوقف عن تنفيذ هذا المشروع العدواني، عبر فرض العقوبات الاقتصادية، وتعليق العمل بالاتفاقيات الموقعة معها، ووقف التعامل مع إسرائيل على أنها دولة فوق القانون الدولي.

-لماذا مشروع الضم الآن؟ وما هي الظروف التي أنضجت الفكرة؟
دولة الاحتلال لم تتوقف يوماً عن إجراءاتها وسياساتها التوسعية والعدوانية والعنصرية وهي قائمة على سياسية الاستعمار الاستيطاني، وقد وجدت حكومة الاحتلال أن الفرصة سانحة لتنفيذ مخططاتها في ظل الدعم الأميركي اللامحدود من إدارة ترامب التي قدمت لإسرائيل ما لم تقدمه أي إدارة أميركية من قبل، حيث أعلنت القدس عاصمة لإسرائيل ونقلت السفارة الأميركية إلى القدس وأغلقت مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وقطعت المساعدات عن الأونروا لتصفية قضية اللاجئين، وأعلنت خطة ترامب للتسوية وتصفية القضية الفلسطينية كبديل عن الشرعية الدولية.
إسرائيل تستغل الواقع العربي الراهن وحالة الانهيار والتشظي العربيّ واختلال موازين القوى دولياً وإقليمياً والهرولة العربية لإقامة علاقات تطبيع معها في إطار سياسة المحاور والمواجهة مع النفوذ الإيراني وحالة الانقسام الكارثي في الساحة الفلسطينية الذي يمس بالثوابت والعلاقات الوطنية، ويضعف الجبهة الداخلية ويقلل من مناعتها.
ولهذه الأسباب مجتمعة الاحتلال يسعى لفرض سياسة الأمر الواقع ويسابق الزمن لترجمة سياساته على الأرض لتقويض حلم إقامة الدولة الفلسطينية والتهرب من استحقاقات العملية السياسية وإدامة أمد الاحتلال على الأرض الفلسطينية برعاية أميركية مباشرة.

– ما هي سبل مواجهة الضم، وهل من وسائل نضالية جديدة ستستعمل في مواجهة هذا المشروع؟
القيادة الفلسطينية عبّرت عن موقفها بوضوح فنحن في حل من كافة الاتفاقيات والتفاهمات مع الاحتلال سياسياً واقتصادياً وأمنياً وهناك جهود ومساعٍ واتصالات فلسطينية حثيثة ومتواصلة للجم سياسات وإجراءات الاحتلال وإجبار الاحتلال على وقف مخططاته العدوانية. نعمل على أكثر من صعيد بمستويات مختلفة على مستوى الاتصالات السياسية والدبلوماسية مع جميع الدول، وهناك مواقف ايجابية من العديد من الدول الأوروبية وهناك مواقف عربية واضحة عبّرت عن رفضها لمخطط الضم الذي يعني بشكل واضح إنهاء أي فرصة لأي عملية سلام في المستقبل. ونعمل في الجانب القانوني ومراجعة أجنداتنا بحيث نسعى لتغيير طابع ومضمون ووظيفة للسلطة، والانتقال من السلطة إلى الدولة. وهذا يحتاج إلى رؤية برنامجية شاملة، بدأ من الإعلان الدستوري لمجلس تأسيسي للدولة، والقيادة الفلسطينية في حالة انعقاد دائمة للخروج بقرارات مصيرية للحفاظ على المشروع الوطني والمنجزات الوطنية.
وشعبياً، هناك تحرك شعبي متواصل واجتماعات متواصلة على مستوى القيادة الوطنية وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية من أجل تحمل المسؤولية الوطنية المشتركة وتصعيد المقاومة الشعبية في مختلف المواقع والتصدي لإجراءات وعربدات الاحتلال ومستوطنيه وتشكيل اللجان الشعبية ولجان الدفاع عن القرى والتجمعات الفلسطينية في مختلف مواقع التماس مع الاحتلال.
هذه المرحلة حساسة ودقيقة تستدعي تكامل الجهود الرسمية والشعبية لإفشال سياسات الاحتلال وعدم السماح بتمرير مشاريع الاحتلال وتدفيع الاحتلال ثمن احتلاله وإرهابه بحق شعبنا الأعزل.

– إلى أي مدى تعولون على رفض وإجهاض مشروع الضم عربياً ودولياً؟
الرهان الحقيقي هو على شعبنا وعلى صموده في وجه المخططات العدوانية والرهان على موقف القيادة الفلسطينية وتماسكه لإسقاط مشاريع الاحتلال، ونحن نراهن بشكل كبير على مواقف الإجماع العربي ومواقف جميع الدول العربية التي لا يمكن أن تقبل بالمس بالحقوق الوطنية الفلسطينية باعتبار أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية. ومن هنا فإننا ندعو الدول العربية إلى مواقف حازمة ضد مخططات الضم والالتزام بمقررات الجامعة العربية والقمم العربية ومبادرة السلام العربية والتراجع فوراً عن أي علاقة مع دولة الاحتلال، لأنها تضعف الموقف الفلسطينية وتخدم أجندات الاحتلال. ودولياً فالمواقف ايجابية في الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية المختلفة والعديد من البلدان أبدت مواقفها الرافضة لأي مخطط إسرائيلي يتعارض مع القانون الدولي والشرعية الدولية، ورفض المس بحل الدولتين. ونحن نثمن هذه المواقف ونؤكد ضرورة التحرك السياسي لمنع تنفيذ مخططات الاحتلال ودعم مؤسسات دولة فلسطين فالدعم الدولي مهم في هذه المرحلة ولدينا اتصالات يومية مع المجتمع الدولي لتوضيح مواقفنا رفضنا للسياسات الاحتلالية.

-هل ترى أن الاستقطاب والتباين الداخلي الإسرائيلي يصب في مصلحة إجهاض مشروع الضم وإلى أي مدى؟
هناك تباينات في الساحة الإسرائيلية الداخلية بعد فشل تشكيل حكومة الاحتلال لأكثر من مرة وإجراء الانتخابات للكنيست ثلاث مرات خلال عام ونصف. وهناك تفكك ملموس فيما يسمى بمعسكر السلام الإسرائيلي وتنامي للقوى اليمنية والعنصرية المتطرفة والفاشية الجديدة في “المجتمع الإسرائيلي”، وهناك حكومة يمنية ائتلافية قامت بالأساس على أرضية “صفقة القرن” ومخطط الضم والعربدة الاحتلالية والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني والتنكر لكافة الاتفاقيات التي وقعت بين منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية.
الخلافات ما بين حزبي الليكود و”أزرق أبيض” ليست من مع الضم أو ضده وهم متفقون على الضم من حيث المبدأ، الخلاف على التوقيت والإخراج وعمق وحجم الضم ليس إلا.
إننا أمام واقع إسرائيلي عنوانه التطرف والعدوان والاستبداد وهو الوجه الحقيقي للاحتلال، وشعبنا الفلسطيني باقٍ فوق أرضه وسيناضل في مواجهة الاحتلال من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ولن نتراجع عن تحمل المسؤولية الوطنية وستكون مصير “صفقة القرن” ومؤامرة الضم في مزبلة التاريخ.

-ما هي رؤيتكم للموقف الأردني؟ وما مدى إمكانية أن يصبح موقفاً عربياً؟
الموقف الأردني موقف ثابت وداعم لموقف القيادة الفلسطينية وهناك تنسيق فلسطيني أردني على أعلى المستويات من اجل التصدي لمخطط الضم، ونحن إذ نثمن هذا الموقف الأصيل للأردن الشقيق، فإننا نأمل من كافة الدول العربية أن تتخذ نفس الموقف بذات الوضوح والجرأة. فالمرحلة خطيرة وهذا يحتم علينا التأكيد على العمق العربي للقضية الفلسطينية وضرورة اتخاذ موقف عربي موحد وتوفير كل أشكال الدعم والصمود لشعبنا في مواجهة الاحتلال ومشاريعه والتي تمس القضية العربية ككل.
نرى في الموقف الأردني الرسمي والشعبي دوراً ريادياً وموقفاً أصيلاً نابعاً مع عمق العلاقات الفلسطينية الأردنية والمصير المشتركة والقواسم المشتركة التي تجمع بين البلدين الشقيقين. وندعو بهذه المناسبة إلى أن تقوم الدول العربية كافة بواجبها القومي اتجاه الشعب الفلسطيني وتوفير شبكة أمان عربية لتمكين الحكومة الفلسطينية من الإيفاء بالتزاماتها اتجاه مختلف القطاعات وتعزيز صمود شعبنا الذي يتعرض لأبشع عدوان إحلالي وكولونيالي يستهدف أرضنا ووجودنا.

– هل من كلمة أخيرة تود توجيهها؟
– ندرك تماماً أن قرارنا بالتحلل من الاتفاقيات والتفاهمات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأميركية له كلفة سياسية وأمنية ومالية واقتصادية عالية، لكن مهما كانت هذه الكلفة فهي أقل بكثير من كلفة قبولنا، أو التعايش مع الضم واستمرار المرحلة الانتقالية، لأنه ببساطة سنكون وكيلاً للاحتلال في أحسن الظروف أو تكراراً لسلطة العميل أنطوان لحد في جنوب لبنان.

Optimized by Optimole