“لماذا تحدث الثورات؟”.. كتاب يجيب عن السؤال

Spread the love

بقلم: أحمد ياسين — في كتاب هيثم مزاحم: «لماذا تحدث الثورات؟» (صدر عن دار الرافدين في بيروت)، يبحث في الأُسس النظرية للتغيير الثوري الاجتماعي والسياسي عبر التاريخ. من خلال «تقصّي سؤال الثورة في الفلسفة والتاريخ والفقه والعلوم الاجتماعية المختلفة، وفي التجارب السياسية أيضاً»، وإضاءة مفاهيم الثورة، ليس باستعراض أهم الآراء والتنظيرات فحسب وإنما بتناول أهم الثورات قديماً وحديثاً.

ويوضح المؤلف أن هدف الكتاب هو «محاولة معرفة لماذا وكيف تحدث الثورات، وذلك من خلال التوصل إلى القواسم المشتركة للثورات من جهة، ومعرفة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها الشعوب الثائرة قبل الثورة من جهة أخرى. ويشير إلى أنه اعتمد مراجع بارزة في هذا المجال لكل من: حنّة أرندت، وكرين برينتن، وأريك هوبزباوم، وألكسي دوتوكفيل، إضافة إلى دراسات أخرى عن الثورات الفرنسية والأميركية والروسية والإيرانية والعربية.

وعليه فقد حفلت خلاصة الكتاب بملاحظات نذكر منها:

– تشخيص الثورة صعب للغاية في مراحلها المبكرة. ففي المجتمعات الأربعة التي شهدت ثورات (فرنسا، بريطانيا، أميركا، روسيا)، كان هناك حديث متزايد عن الثورة مع اقتراب نشوبها، وكذلك كان هناك شعور متنامٍ بالتوتر الاجتماعي، وتشنج وسخط متعاظم. لكن الثورة الفعلية مفاجئة دائماً. والمراحل الأولى التي سبقت اندلاع الثورة شهدت تصعيداً للاحتجاجات ضد طغيان الحكومة وتصاعد حملة إعلامية ضدها، وتفجّر النشاط من جانب مجموعات ضغط معيّنة.

– أعطى بعض المؤرخين والبــاحـثــين الـعـــامـــل الاجتماعي والاقتصادي الدور الأبرز في دفع الناس إلى الثورات، فيما رأى البعض الآخر أن الدافع السياسي نتيجة الاستبداد والظلم هو الذي يجعل الشعوب تنتفض. وفي حالات أخرى، لعب العامل الثقافي الديني الدور الرئيسي في وقوع الثورة، من دون أن يعني ذلك أن عاملاً واحداً يكفي وحده لإشعـــال الثــــورة. بل إن اجتماع عوامل عدة وتــــراكم الدوافع والأسباب هي التي تؤدي إلى اندلاع الثورة، إذ يطغى عامل أو سبب ما على العوامل والأسباب الأخرى.

– الثورة تتطلب وجود تنظيم مترابط يضم أطراف الحركة ويحدد مسؤوليات الأعضاء فيها ودرجات انتمائهم وأساليب عملهم. ومهمة هذا الحزب أو التنظيم تعبئة الجماهير وتحريضها على الانتفاض ضد السلطة. وثمة ثورات اندلعت فجأة من دون تخطيط وإعداد من أي حزب أو حركة، ولكن سرعان ما تلقفها حزب أو تيار سياسي واستثمرها للوصول إلى السلطة. حتى في الثورات الفرنسية والأميركية والروسية، لم يخطط الثوريون لها، بل بدأت كاحتجاجات محدودة وسرعان ما انفلت زمامها وتحوّلت إلى ثورات، انضمت إليها أحزاب وقوى وتيارات وشخصيات.

– خلافاً لآراء ماركس وأتباعه، لا يعدّ الحرمان الاقتصادي بالضرورة العامل الرئيس لتكوّن الظروف المساعدة على الثورة. فالثورات لم تنبثق فقط في المجتمعات التي شهدت تراجعاً في اقتصادياتها، بل ظهرت في ظروف سادها لون من الرخاء الاقتصادي النسبي.

المصدر: صحيفة الحياة

Optimized by Optimole