السيستاني يشكك في الإصلاحات التي تعرضها النخبة لتهدئة احتجاجات العراقيين

Spread the love

(رويترز) – عبَر آية الله العظمى علي السيستاني، المرجعية الدينية العليا لشيعة العراق، يوم الاثنين عن قلقه إزاء افتقار النخبة السياسية للجدية الكافية بشأن تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لتهدئة احتجاجات حاشدة وقال إنه يجب ألا يعود المحتجون لمنازلهم قبل اتخاذ خطوات ملموسة لتحقيق مطالبهم.
وقتلت قوات الأمن اثنين من المحتجين في مدينة الناصرية ليرتفع عدد القتلى إلى نحو 300 شخص في الاحتجاجات على الفساد السياسي والبطالة وتردي الخدمات العامة التي اندلعت أولا في بغداد في الأول من أكتوبر تشرين الأول ثم اتسع نطاقها للجنوب ذي الأغلبية الشيعية.

ولم تتمكن الحكومة من تهدئة الاضطرابات التي وضعت الطبقة السياسية في مواجهة شبان أغلبهم من العاطلين الذين لم يشعروا بتحسن يذكر في ظروفهم المعيشية حتى في وقت السلم بعد عقود من الحرب والعقوبات.

واستقبل السيستاني، الذي لا يتحدث في السياسة إلا أوقات الأزمات ويتمتع بنفوذ هائل على الرأي العام في العراق ذي الأغلبية الشيعية، يوم الاثنين الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في بغداد جانين هينيس بلاسخارت.

وقال مكتبه ”أكد سماحته على ضرورة إجراء إصلاحات حقيقة في مدة معقولة“.

ورحب السيستاني بالتوصيات المتعلقة بالإصلاحات التي قدمتها له بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق.

وتضمنت تلك المقترحات الإفراج عن كل المعتقلين من المحتجين السلميين وإجراء تحقيق في عمليات قتل المتظاهرين وإعلان الأصول المملوكة للزعامات السياسية لمعالجة اتهامات الفساد وإجراء محاكمات للفاسدين وتطبيق إصلاحات انتخابية ودستورية تسمح بمزيد من المحاسبة للمسؤولين وذلك خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

واتفق زعماء العراق يوم الأحد على ضرورة أن يمنح الإصلاح الانتخابي فرصة أكبر لمشاركة الشباب في الشأن السياسي وكسر احتكار الأحزاب السياسية للسلطة وهيمنتها على مؤسسات الدولة منذ عام 2003، لكن السيستاني عبر عن تشككه في صدقهم.

وقال مكتبه إنه أبدى ”القلق من أن لا تكون لدى الجهات المعنية جدية كافية في تنفيذ أي إصلاح حقيقي“.

والاحتجاجات هي أشد وأعقد تحد منذ سنوات للنخبة الحاكمة في العراق منذ إعلان الحكومة النصر على تنظيم الدولة الإسلامية قبل عامين.
رصاص ودم

لم تفلح المعونات التي وعدت الحكومة بتقديمها للفقراء وتعهدها بمحاكمة المسؤولين الفاسدين وتوفير مزيد من فرص العمل للخريجين في تهدئة المحتجين الذين تشمل مطالبهم وضع نظام انتخابي جديد واستبعاد كل الزعماء الحاليين.

واستخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية وقنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت ضد المحتجين العزل، وغالبيتهم من الشباب.

وقال محتج يدعى عباس (25 عاما) يضع خوذة على رأسه ويرسم علما للعراق على ذراعه ”قوات الأمن تتعامل معنا كما تعاملت مع داعش (تنظيم الدولة الإسلامية). تقتلنا بنفس الطريقة“.

وكان عباس واحدا من ألوف المحتجين في محيط ميدان التحرير ببغداد الذي أصبح بؤرة للانتفاضة ويحتشد فيه عراقيون من طوائف وأجيال مختلفة.

وكان عدد المحتجين في الميدان أقل يوم الاثنين على الرغم من أن الخيام لا تزال منصوبة. ويمتلئ شارع قريب بمحتجين يغلب عليهم الشبان الذين يرتدون خوذات ويحملون دروعا، لحماية أجسامهم، ويشتبكون مع قوات الأمن أمام مبنى يحترق.
ونقلت مركبات التوك توك عشرات الجرحى لعيادات طبية قريبة يعمل بها متطوعون، وكان بعض الضحايا في حالة إغماء وآخرون مصابون بإصابات مختلفة أو اختناق بسبب الغاز المسيل للدموع أو ينزفون.

وقالت الشرطة ومسعفون إن 34 شخصا على الأقل أصيبوا بجراح في بغداد. وأضافت المصادر أنه بالإضافة إلى قتيلي الناصرية، حيث استخدمت قوات الأمن أسلحة آلية، أُصيب أكثر من 100 شخص بجراح.

وفي مدينة البصرة بجنوب العراق احتشد نحو ثلاثة آلاف محتج أمام مبنى الحكومة المحلية ونصبوا خياما، ولم ترد أنباء بشأن حدوث أعمال عنف.
”يطلقون علينا الرصاص يوميا“

قال العديد من المحتجين الذين أُجريت معهم مقابلات يوم الاثنين إن اتفاق السيستاني مع الأمم المتحدة لن تكون له فائدة تذكر ما لم ينصت له السياسيون، وهو ما شككوا فيه.

وقال زيد (24 عاما) ”نطالب بتدخل الأمم المتحدة لأننا لا نعرف إلى أي وجهة ستدار الأمور.. لكن ما الذي بوسعهم عمله؟ السياسيون كلهم يحاولون إنقاذ أنفسهم ولا حتى الأمم المتحدة تستطيع وقفهم“.

وأضاف ”الأمم المتحدة تلومهم على قتلنا غير أن قوات الأمن العراقية لا تزال تطلق علينا الرصاص يوميا“.

ورحبت واشنطن بخطة بعثة الأمم المتحدة في العراق. لكن المحتجين لم يرحبوا بذلك. فهم ينظرون لزعماء العراق على أنهم تابعون لأحد حلفي البلاد الرئيسيين، الولايات المتحدة وإيران.

وقال السكرتير الصحفي للبيت الأبيض في بيان نشرته السفارة الأمريكية في بغداد يوم الاثنين ”تشارك الولايات المتحدة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في دعوة الحكومة العراقية إلى وقف العنف ضد المحتجين والوفاء بتعهد الرئيس (برهم) صالح بإقرار إصلاحات انتخابية وإجراء انتخابات مبكرة“.

وقال رجل بصوت يقطر حزنا ”فقدت ابني في احتجاج الأسبوع الماضي، قتلوه.

”لا نريد مشاركة أحد، لا الأمم المتحدة ولا إيران ولا أمريكا. نريدهم أن يرحلوا فقط. لماذا لا يرحلون؟“.

Optimized by Optimole