دراسة اللوبياء لفهم ماضي البشر والتجهز لمستقبل أكثر سخونة وجفافاً

Spread the love

تأليف: بيكي ماكلبرانج.
ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو/
تخيل معي لوهلة قضاء ثلاثة أسابيع في العراء بلا ماء ودرجة الحرارة تتجاوز 40 درجة مئوية.
لا شك أن تلك وصفة مهلكة لبني البشر ومعظم النباتات على حد سواء. ولكنها بالنسبة لكثير من أصناف اللوبياء مجرد شهقة في الطريق لإنتاج حبوب بقول مغذية ذات محتوى مرتفع من البروتين ولها أهمية حضارية حول العالم.
يعكف الدكتور عثماني بوكار المختص بإكثار اللوبياء في المعهد الدولي للزراعة المدارية في نيجيريا على دراسة أسباب تحمل اللوبياء فترات الجفاف القاسية. وهذا أمر مهم للغاية حيث يتناول الناس في مناطق غرب أفريقيا اللوبياء بشكل شبه يومي مع توقع زيادة جفاف واحترار المنطقة بسبب التغير المناخي.
سيتطلب الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي توفر أصنافاً جديدة للمزارعين تتمكن من تحمل هذه التغيرات الآزفة.

يستخدم بوكار مع علماء آخرين المعلومات الحديثة المتوافرة حول وراثة اللوبياء لفهم آلية استجابة المحصول للجفاف وإمكانية تحسين تلك الميزة وجعله أكثر تحملاً.
يشتهر محصول اللوبياء بتحمله للجفاف ولكن درجة التحمل تتباين من صنف لآخر.

إقرأ أيضاً : واحة سيوة جنة سياحية في الصحراء الغربية…

إذا تمكن البحاثة من العثور على الطفرة الموجودة في مورث أحد الأصناف التي تزدهر في الظروف الجافة سيتمكنون من دراسة ذلك المورث بشكل أفضل لفهم آلية تأثيره على تحمل الجفاف ومن ثم إكثاره في إصناف أخرى لجعلها أكثر تحملاً.


يحاول الباحث ايرا هيرنيتر في جامعة كاليفورنيا بمدينة ريفرسايد بدراسة الخصائص الوراثية للوبياء. ويستخدم الفروقات والتشابهات في التكوين الوراثي للنبات إضافة للدليل الآثاري والنصوص القديمة من حول العالم لتجميع تاريخ أصناف المحصول المتنوعة وانتشاره حول الكوكب.
يقول مع الدكتور تيموثي كلوز المختص بوراثة النبات في جامعة كاليفورنيا أن تفهم ذلك التاريخ مهم للغاية لحماية تنوع المحصول اليوم وتحسين مقدرتنا على استنسال أصناف مهيئة بشكل أفضل لظروف معينة في المستقبل.

يقول هيرنيتر تنتشر زراعة اللوبياء من غرب أفريقيا إلى شرقها. أُخذت هذه الأصناف المزروعة من شرق أفريقيا إلى جنوب أفريقيا حيث هُجنت مع الأصناف المتوطنة في المنطقة ثم نُقلت عبر نهر النيل إلى مصر بحلول عام 2500 قبل الميلاد ومن هناك إلى حوض البحر الأبيض المتوسط.
انتقلت بعد إلى شبه الجزيرة العربية حيث حملها التجار إلى الهند. انتشرت بعد ذلك من الهند إلى الصين حيث انتجت عمليات الإكثار الانتقائي قروناً يتراوح طولها بين 50 إلى 90 سنتيمتر.
وصلت اللوبياء إلى الأمريكيتين بشكل متأخر نسبياً في القرن السادس عشر والسابع عشر حيث أدخلتها الشعوب الفطرية كمكون أساسي في طعامهم.
انخفض انتاج اللوبياء في الولايات المتحدة في العقود القليلة الماضية ولكن الجفاف الذي أحدثه التغير المناخي ونضوب المياه الجوفية ترك الكثير من الأراضي الزراعية في الهند والولايات المتحدة وأفريقيا وغيرها جافة وساخنة ويعتقد كلوز أنه حان الوقت للعودة إلى زراعة اللوبياء.

ساعد كلوز مؤخراً في تحديد سلسلة جينوم اللوبياء مما سهل على العلماء تحديد المحدد الوراثي لخصائص معينة بما في ذلك تحمل الجفاف. تفحص فريق بوكار أكثر من 1000 سلالة لوبياء لتحديد الأكثر تحملاً للجفاف. وقاموا بانتقاء 10 أصناف كانت الأكثر تأهلاً للاصطفاء. قد يُسهل التسلسل الجينومي (الوراثي) للوبياء على فريق بوكار تحديد المورثات أو مجموعة المورثات الموجودة في هذه الأصناف العشرة والتي تسهم في مقاومة الجفاف مما يساعد العلماء على رفع عدد المورثات المتحملة إلى حدها الأعظمي في الأصناف الجديدة.
يقول هيرنيتر أن محصول اللوبياء لم يحظى سابقاً بدراسة مستفيضة كالتي حصلت عليها محاصيل أخرى مثل الأرز وفول الصويا مما حرمه من قفزات الإكثار الكبرى التي نالتها تلك المحاصيل.
ويضيف أن زيادة الاهتمام به ودراسته بشكل أفضل سيحدث آثاراً كبيرة على إنتاجية المحصول والأمن الغذائي.
لا شك أن سلسلة جينوم اللوبياء ستثمر معلومات مهمة عن ماضي المحصول ومستقبله في الأشهر والسنوات القادمة.
(نشر هذا المقال في مجلة انسيا بتاريخ 6 أيلول، عام 2019).
المصدر:
https://ensia.com/articles/this-crop-is-helping-us-understand-humanitys-nomadic-past-and-prepare-for-a-hotter-drier-future/

Optimized by Optimole