الولايات المتحدة: العودة الى خلية نحل الجنرالات

Spread the love

بقلم: ابراهام بن تسفي —

مع تعيين جنرال المارينز المتقاعد، جيمس ماتيس، في الاسبوع وزيرا للدفاع الامريكي، استُكملت عملية بناء خلية النحل الامنية في ادارة الرئيس القادم دونالد ترامب. وقد سبق ذلك تعيين شخصية عسكرية اخرى، رئيس وكالة الاستخبارات للبنتاغون، مايك فلين، في منصب مستشار الرئيس للامن القومي، وعضو في مجلس

​النواب​ من ​كانساس​، مايكل بومبايو في منصب رئيس الـ سي.آي.ايه.

إن اختيار ماتيس الصلب والفاعل، الذي خلفه 44 سنة في الجيش والكثير من الانجازات (بما في ذلك في ارض المعركة في العراق وافغانستان)، هو مثابة شذوذ بارز عن تقليد التعيينات لهذا المنصب الهام. وباستثناء تعيين الجنرال جورج مارشال لهذا المنصب في ايلول 1950، فان معظم وزراء الدفاع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية جاءوا الى البنتاغون بعد سيرة مهنية ناجحة في قطاع الاعمال أو مجلس الشيوخ.

في مجال الادارة الرفيعة (كما في حالة روبرت ماكنمارا ودونالد رامسفيلد) أو في عمليات التشريع من تل الكابتول (كما في حالة ملفين لارد وريتشارد تشيني وتشاك هيغل)، وهذا الامر يعتبر ذخر هام بالنسبة للمتنافسين على المنصب أكثر من كونه محاولة قيادية لسنوات طويلة مملوءة بالانجازات.

خلافا لذلك، تعيين فلين لمنصب مستشار الامن القومي، يعبر عن استمرار التوجه الذي تجذر في العقود الاخيرة. ورغم أن هذا المنصب وضع منذ البداية من قبل الرئيس جون كنيدي، وعلى مقاس مثقف له سمعة على أمل أن ينجح في وضع الاستراتيجية الامريكية في سياق أوسع وأطول، فقد تحول هذا المنصب مع مرور الوقت الى منصب رفيع بدون تميز. وبدل خريجي هارفارد، ماكجورج باندي وهنري كيسنجر وبروفيسور الاقتصاد السياسي من جامعة تكساس وولتر روستوف وخريج جامعة كولوميا زبغنييف بججنسكي، سيطر فيما بعد الموظفون أو الضباط المتقاعدون على هذا المنصب.

في المرحلة القادمة للرئيس الذي لا يملك الرؤيا العميقة والاطار الواسع في مجال الاستراتيجيا الشامل، كان يفضل اعادة المثقف من نوع كيسنجر الذي يكون قادرا على تقريب اللبنات المتباعدة في الموقف الامني للرئيس الـ 45. ولكن ترامب فضل شخصية مقربة منه من ناحية رؤية التهديدات المركزية في الساحة الدولية، وفي مركزها ايران، وليس رجل الاكاديميا. وهكذا تم اختيار الجنرال اللامع فلين للمنصب، وهو يستمر في المساق المعروف والمتاح لرجال الجيش الرفيعين مثل برانت سكوكروفت وجوهان بويندكاستر وكولين باول وجيمس جونز، الذين مع الدبلوماسيين والبيروقراطيين ملأوا هذا المنصب منذ تراجع قرن رجال الاكاديميا.

ماتيس وفلين وبومبايو ينشئون خلية نحل أمنية متجانسة ومتحدة، حيث أن الضلوع الثلاثة تتحد بالشعور العميق حول العداء لدخول ايران المتجدد الى أسرة الشعوب في أعقاب التوقيع على اتفاق فيينا.

في هذا السياق ايضا يمكن تفسير الاقوال الانتقادية لوزير الدفاع الجديد حول الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. وليس الحديث عن عداء متجذر لاسرائيل، بل عن مخاوف ماتيس من أي ازمة أو صراع اقليمي (بما في ذلك المشكلة الفلسطينية) الذي من شأنه حرف انتباه العالم العربي المعتدل عن مهمته الاساسية، التي هي المشاركة في الصراع الذي لا هوادة فيه ضد التطرف الاسلامي الايراني أو ضد داعش الذي هو الهدف الثاني في الصراع بالنسبة لهذه الثلاثية.

رغم حقيقة أننا نوجد أمام نخبة أمنية، اثنان منها لبسا الزي العسكري لفترة قصيرة، والتي تعكس موقف صقوري واضح، لا يجب علينا الاستنتاج من ذلك أننا نوجد أمام مرحلة ستشمل التدخل العسكري المتزايد، بل العكس، ماتيس وفلين وبومبايو هم صقور جارحة، لكنهم اصحاب الهدف المحدد. لأن اسهامهم قد يجد تعبيره في مجال الردع دون استخدام السيوف التي يشحذونها. وفي نهاية المطاف، هم سيسعون الى التعبير عن القوة والتهديد للخصوم في الحقبة التي يمكن أن تنغلق فيها القوة العظمى الامريكية على نفسها أكثر فأكثر.

المصدر: صحيفة “يسرائيل اليوم” الإسرائيلية

Optimized by Optimole