دونالد ترامب والشرق الأوسط

دونالد ترامب والشرق الأوسط
Spread the love

trump-netenyaho

خاص “شحون عربية” – بقلم: جيفري كوك* — دونالد ترامب هو كارثة للجمهورية الأميركية محلياً وللمسلمين الأميركيين والأجانب وبخاصة في العالم العربي. خلال حملته الانتخابية، كانت نقطة مركزية في سياسته المقترحة أنه لن يسمح لأي مسلم بدخول الولايات المتحدة – وخاصة اللاجئين – وأن أولئك الموجودين في البلاد ولا يتمتعون بالمواطنة الكاملة أو وضع الإقامة الدائمة، سوف يتم انتقاؤهم وترحيلهم أو سجنهم من دون إجراءات قانونية.
في الآونة الأخيرة تم تقديم الحملة المقترحة لإنشاء سجل لتسجيل جميع المسلمين داخل الولايات المتحدة. من هنا، فإن جميع المواطنين من البلاد الإسلامية الموجودين في الولايات المتحدة الأميركية يمكن أن يتم انتقاؤهم ووضعهم في مخيمات نقل في وقت سريع.
وبرغم أن هذه ليست سوى مقترحات من أنصار ترامب الأكثر راديكالية، إلا أن معظم المعينين في إدارته حتى الآن هم من المهووسين برهاب الإسلام سيئ السمعة.
لقد تمت مقارنة فوز ترامب، على الرغم من أنه لم يفز في التصويت الشعبي، بل فاز السيد ترامب في المجمع الانتخابي – وهي آلية تنتج ديمقراطية غير مباشرة، بصعود الزعيم النازي أدولف هتلر في عام 1933 في ألمانيا. وجاء التأييد له في الأساس من الذكور من الطبقة العاملة البيضاء الذين لا يتمتعون بشهادات جامعية. وقد قدم خطابه الجنسي العنصري صوتاً لتلك المشاعر في النفس البشرية التي يشعر الكثيرون بها، ولكن لا يجرؤون على التعبير عنها.
وإضافة إلى العنصرية وكراهية النساء في خطاب ترامب، يجب أن تضاف إليهما الطائفية – وخاصة المعادية للإسلام، كذلك لليهودية والأشخاص ذوي الإعاقة أو الاحتياجات الخاصة، ناهيك عن معاداة الأقليات بين الجنسين. وكما ذكرنا، فإن ترامب الذي بدا معادياً للسامية(أي لليهود) في بعض تصريحاته، أظهر احتراماً لإسرائيل على غرار الرؤساء الأميركيين السابقين.
وأتوقع ألا يكون هناك أمل كبير في التوصل إلى تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال فترة ولاية ترامب، خصوصاً بعد تعيينه الحاكم السابق لأركنساس، مايك هاكابي، سفيراً لدى تل أبيب، وهو متطرف صهيوني مسيحي. وكان ترامب قد تعهد في الانتخابات التمهيدية بجعل القدس “الموحدة” عاصمة للشعب اليهودي. وبالتالي، مع إشارة إلى التوسع غير المقيد للمستوطنات، مما يجعل الفلسطينيين منسيين ومهمشين.
إن ترامب شعبوي وغوغائي من نوع طغاة ثلاثينات القرن العشرين. وسيكون من المثير للاهتمام إذا كانت صداقته الشخصية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوف تجلب المزيد من التعاون – وخاصة في دمج جهود قوتين عظميين في سوريا. كما تعهد بوتين في تقليل التدخل الأميركي في حلف شمال الاطلسي، وهذا قد يكون مؤشراً على اعترافه بكون الكرملين هو القوة المهيمنة على أوكرانيا.
من جهة أخرى، تعهد الرئيس الأميركي المنتخب بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران. وعلى الرغم من أن هناك سؤالاً عما إذا كان يمكنه القيام به من الناحية القانونية، لكن ذلك يمكن أن يصبح شرارة اشتعال في الشرق الأوسط يمكن أن توفر خطر العداء الذي يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى حرب، قد تجعل حرب العراق صغيرة بالمقارنة بها.
والمثير للقلق للغاية بشأن ترامب هو أنه لم يتولَّ أي منصب سياسي في حياته مما يجعل سياساته لا يمكن التنبؤ بها أبداً، ويحتمل أن تكون خطرة. كما أن حكومته غير المحترفة أو “الهاوية” تشي بأن تكون واحدة من الأقل كفاءة، وستكون متحاملة وجاهلة في ما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط والمصالح الأميركية هناك.
وفي حين أن كل إدارة أميركية منذ عهد الرئيس ترومان، كانت تتعاطف مع إسرائيل وكذلك سوف تكون إدارة ترامب. إلا أن العلاقة الشخصية للرئيس الجديد مع موسكو قد تشجع على تنسيق الجهود في سوريا – وخاصة حملة استعادة الرقة من تنظيم “داعش”.
وفي الوقت نفسه، فإن المؤسسة العسكرية الأميركية لا تزال تقف بشدة ضد مثل هذا التقارب. وهذا يشكك في القوة التنفيذية للرئيس لتأسيس سياسة من دون الكونغرس أو موافقة المحكمة العليا. ما قد تم عرضه هنا قد يكون فقط “أكاديمياً” حول ضوابط وتوازنات الهيكل الحكومي الأميركي والتي قد تفرض قيوداً ما على برامج الرئيس.

وقبل كل شيء فإن “الترامبية” تساوي القومية البيضاء والمناهضة للعولمة. تحقيقاً لهذه الغاية، تعهد دونالد ترامب بإلغاء كل اتفاق التجارة. وقد توقعت نشرة “ذا إيكونوميست يونيت” ومصادر مالية أخرى تأثيرات سلبية على الاقتصادات في جميع أنحاء العالم بسبب السياسات المالية المتغيرة في النظام المركزي في العالم. ففي الولايات المتحدة، فإن ترامب يدعو إلى سياسات لتغيير النظام الضرائبي لمصلحة الشديدي الثراء(ترامب نفسه هو ملياردير). هذا يمكن تغيير الولايات المتحدة الأميركية من كونها اسمياً ديمقراطية إلى أوليغارشية بلا حرج. إن إصرار ترامب على أولوية مصالح القومية الأميركية لا يمكن الدفاع عنه في هذا العصر النيو ليبرالي. وهذا على الأرجح سوف يجلب الفوضى المالي إلى مناطق كثيرة في كوكبنا.
وبالفعل هناك توتر بين الفريق الانتقالي والمملكة العربية السعودية، برغم أنه خلال حملته للوصول الى البيت الابيض، سجل ثماني شركات ترتبط بمصالح فندقية في المملكة. وقد حذر الرئيس المنتخب السعودية من أنه قد يمنع جميع مشتريات النفط منها في المستقبل. المملكة ردت بتحدي خدعته، فإذا كان ترامب يهدد إمبراطورية النفط السعودية القوية، فهو سيحاول تجاوز منطقة الشرق الأوسط بأكملها. وبطبيعة الحال، فمن المستبعد جداً نجاح ذلك.
وبرغم أن الولايات المتحدة هي أكبر منتج للبترول الآن، لكن احتياجاتها تفوق قدرتها على تحقيق الاكتفاء الذاتي. كما أن الاستخراج الهائل من النفط الصخري يتباطأ إلى حد كبير بسبب مخاوف بيئية داخلية حقيقية. ويمكن للولايات المتحدة شراء مزيد من نفط كندا المستخرج من رمال القطران. وكانت الخطة تقوم على نقله من محافظة ألبرتا الكندية مسافة آلاف الأميال إلى ساحل الخليج الأميركي. لكن الخطة توقفت في عهد حكومة أوباما بسبب مخاوف بيئية.
لكن القلق الأكبر هو في كون ترامب منكراً لقضية التغير المناخي، وهو محاط بعدد من المنكرين لهذه المسألة. وفي نهاية المطاف، يمكن أن يكون أكبر تهديد لرئاسته في أميركا الشمالية وخارجها، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط / شمال أفريقيا. فالكثير من هذه المنطقة ذات ظروف بيئية حساسة لا يمكن استغلالها بشكل مفرط. وفي النهاية يضع ذلك على عاتق سكان المنطقة مسؤولية مقاومة “الرأسمالية العالمية الأولى” الجامحة بشكل مفرط.

*جيفري كوك مؤرخ وباحث أميركي.

Optimized by Optimole