13 عاماً على حرب لبنان الثانية: ماذا تعلمنا؟

Spread the love

بقلم: إيال زيسر – نائب مدير جامعة تل أبيب |
هدوء المشهد الطبيعي الذي يستقبل المتنزهين في شمال البلد ينسي للحظة أن إسرائيل تحيي هذا الأسبوع مرور 13 عاماً على حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]. بعد أيام قليلة، سيخرج زعيم حزب الله، من المخبأ الذي يختبىء فيه منذ صيف 2006، وسيكرر إعلانه أن الحرب انتهت بانتصاره.
لكن الهدوء على طول الحدود، وخوف حزب الله من استفزاز إسرائيل وتجنُّب جرها من جديد إلى جولة قتال، يدلان على قوة الضربة التي تعرض لها الحزب، وعلى الثمن الباهظ الذي دفعه مؤيدوه، وأبناء الطائفة الشيعية، بسبب مغامرة زعيمهم.
سنوات احتاج إليها حزب الله ومن يرعاه، إيران لإعادة ترميم الأضرار التي تسببت بها الحرب للقرى الشيعية في الجنوب اللبناني، من دون ذكر آلاف القتلى والجرحى. لقد اضطر نصر الله في نهاية الحرب إلى الاعتذار أمام أبناء طائفته بأنه أخطأ وتسبب بالحرب، وهو يكرر منذ ذلك الحين أمام مناصريه بأنه سيمنع بقدر استطاعته نشوب حرب إضافية مع إسرائيل في المستقبل.
إنجازات إسرائيل في هذه الحرب تتخطى من عدة نواحٍ إنجازاتها في الحروب الماضية، مثلاً عملية سيناء [العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956] أنتجت 11 عاماً فقط من الهدوء والتهدئة لإسرائيل. على الرغم من ذلك، يشعر العديد من الإسرائيليين بتضييع الفرصة بسبب الطريقة التي أُديرت فيها هذه الحرب، وبسبب الثمن الباهظ الذي اضطرت إسرائيل إلى دفعه في مقابل إنجازاتها.
يبدو أن هذه الإنجازات تحققت في الأساس بفضل بطولة الجنود والصمود القوي للجبهة الداخلية في شمال البلد، وبصورة أقل بفضل القرارات التي اتخذها قادة البلد السياسيين والجيش في ذلك الوقت.
أحد أخطاء إسرائيل في هذه الحرب التمييز المصطنع بين تنظيم حزب الله وبين الدولة اللبنانية الموجود في حضنها، وينمو ويزدهر.
المنظومة اللبنانية، السياسية والاقتصادية والعسكرية، يستخدمها حزب الله كأنبوب للأوكسيجين يغذيه ويسمح له بالاستمرار في الوجود. ونظراً إلى أن حزب الله يعتمد فعلياً على المنظومة السياسية اللبنانية، فقط ضربة قاضية إلى هذه المنظومة يمكن أن توجه ضربة قاسية ومهمة للحزب، تجسّد بصورة قاطعة ما هو الثمن الحقيقي، من دون أي تسهيلات، لاستفزاز إسرائيل والدخول في مواجهة معها.
في صيف 2006 امتنعت إسرائيل من مهاجمة لبنان، ليس قليلاً، بضغط من الولايات المتحدة، التي لا تزال حتى اليوم تتمسك بالاعتقاد الساذج أوالمتفائل بوجود لبنان مختلف قادر فقط لو ساعدناه، أن يقف ضد حزب الله ويقضي عليه.
من عدة نواح قصة حرب لبنان الثانية هي استعادة أقل نجاحاً لعملية الانسحاب الأحادي من لبنان في أيار/مايو 2000، الذي يجب أن نرى فيه جذور الشر للواقع المعقد الذي تواجهه إسرائيل على حدودها الشمالية.
الطريقة التي نفذت فيها إسرائيل انسحابها أوحت بضعفها؛ فقد شجع الانسحاب المتسرع حزب الله على معاودة هجماته الإرهابية ضد إسرائيل، وشجع الفلسطينيين على خوض انتفاضتهم الثانية في صيف 2000.
لقد سارع نصر الله، وعن حق، في تقديم الانسحاب الأحادي كنقطة تحول تاريخية في تاريخ الصراع الإسرائيلي- العربي، إذ اضطرت إسرائيل لأول مرة إلى التنازل عن مناطق احتفظت فيها من دون المطالبة بمقابل أو الحصول عليه لقاء تنازلها.
بالإضافة إلى ذلك، اتضح أيضاً أن لا حاجة إلى اتفاق سلام للوصول إلى البيت الأبيض والحصول على مساعدة اقتصادية أو غير اقتصادية تسمح للبنانيين، وبينهم حزب الله، بالازدهار الاقتصادي.
يبدو أيضاً أن استمرار نشاط حزب الله على الأراضي اللبنانية يشجع الأميركيين وآخرين على مغازلة بيروت والمحاولة من دون جدوى قطع العلاقة المتينة بين لبنان، عرين الأفاعي، وبين أفاعي حزب الله التي تعشش فيه.
قوة الردع الذي تحقق في صيف 2006 لا تزال جيدة، لكنها ليست محصنة الى ما لا نهاية. كما في ذلك الوقت، الآن أيضاً يمكن لأي خطأ في التقدير أن يشعل حريقاً كبيراً لا أحد يرغب فيه. علاوة على ذلك التفاهمات التي جرى التوصل إليها بشأن لبنان لا تنطبق على سورية، حيث تحاول إيران إقامة موقع لها مشابه لذلك الذي تستخدمه في لبنان.
إن التحديات التي تواجهها إسرائيل لا تزال على حالها، يبقى فقط أن نأمل بأن يكون الرد في المرة المقبلة مختلفاً وأكثر نجاحاً.

المصدر: صحيفة “يسرائيل هيوم” الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole