تحرير لبنان وتغيّر المعادلات

Spread the love

بقلم: د. هيثم مزاحم — قبل 20 سنة وقبل عام من تحرير جنوب لبنان والبقاع الغربي من الاحتلال الإسرائيلي، دعانا الصديق ميشال نوفل وكان حينها رئيس تحرير مجلة “شؤون الأوسط” إلى حلقة نقاش في مركز الدراسات الاستراتيجية في بيروت، وشارك حينها الأستاذ محمود سويد مدير مؤسسة الدراسات الفلسطينية، والبروفيسور شفيق المصري، والبروفسور فريد الخازن، بحضور البروفسور طلال عتريسي مدير المركز أنذاك. وناقشنا حينها الكلام الإسرائيلي عن الانسحاب الأحادي من لبنان، وكنت مصراً على جدية الطرح الإسرائيلي وأنه ليس مناورة بل استراتيجية إسرائيلية للخروج من مأزق لبنان بعد وقوع جنودها في فخ عمليات المقاومة الإسلامية. وقد قدمت خلال الورشة ورقة عن موقف حزب الله من إسرائيل والقرار 425 وأزعم أن الدراسة التي نشرت في المجلة أضحت مرجعاً لكل الذين كتبوا بعد ذلك عن حزب الله. وكنت قبل ثلاث سنوات أي في صيف 1996 قد كتبت دراسة أخرى عن حزب الله وإشكالية التوفيق بين الأيديولوجيا والواقع وأصبحت مرجعاً وملهمة للكثير من الدراسات والكتب عن واقعية وبراغماتية الحزب لاحقاً.
بعد تحرير لبنان شاركت في خريف العام 2000 في مؤتمر في جامعة ماينز في ألمانيا وكانت حلقة النقاش حول لبنان في معظمها وكان ضمنها الصديق أسعد أبو خليل وتحدث عن السياسيات اللبنانيات، وتحدثت عن مستقبل حزب الله بعد التحرير. وفي ليلة المؤتمر أو في اليوم نفسه نفذ حزب الله عملية عسكرية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا المحتلة في تشرين الأول – أكتوبر 2000. وكنت أعتقد قاصراً أن حزب الله سيلتزم باتفاقية الهدنة ولن يبادر إلى أي عمليات ضد “إسرائيل” متأثراً بأجواء مفاوضات السلام السورية – الإسرائيلية في كامب ديفيد والتوقعات بقرب حصول صفقة بين الجانبين تعيد الجولان السوري المحتل إلى سوريا في مقابل توقيع اتفاق سلام. لكن تلك العملية المفاجئة قد أعادت خلط الأوراق وخصوصاً بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد وتطور العلاقة الاستراتيجية بين حزب الله وسوريا بعد تولي الرئيس بشار الأسد سدة الرئاسة إثر وفاة والده في حزيران – يونيو 2000.
الحقيقة، لم يكن أحد يتوقع هذا التحول الاستراتيجي في موقف سوريا من الحزب ودعمه المطلق بالصواريخ الباليستية وقاذفات الكورنيت وهو ما اعتبرته إسرائيل والولايات المتحدة تجاوزاً للخطوط الحمر من قبل دمشق، تدفع اليوم سوريا ثمنه، بعد دعمها كذلك للمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي – البريطاني.
خلال مقابلة مع مسؤول أميركي في وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن في خريف 2005، وكنا نناقش مسألة الموقف الأميركي من سوريا وخصوصاً بعد اتهامها السياسي باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الشهيد رفيق الحريري، قال لي ذلك المسؤول بالحرف: إن مشكلة سوريا أنها تؤمن بالقومية العربية وهي لا تلتزم بالعمل ضمن حدودها!

Optimized by Optimole