مَن يردع مَن في الشمال

مَن يردع مَن في الشمال
Spread the love

بقلم: موشيه أرينز – وزير وعضو كنيست إسرائيلي سابق —

•يجب ألاّ نخطىء، تختفي وراء تبادل النار بين الإيرانيين والسوريين وبين إسرائيل قدرة هجومية عسكرية لكل طرف من الأطراف لم يجر التعبير عنها بعد. حتى الآن يمتنع كل طرف من تحقيق قدرته الكاملة في إلحاق الضرر بالطرف الآخر. فوجود 130 ألف صاروخ لدى حزب الله يمكنها الوصول إلى أي نقطة في إسرائيل، هو بالتأكيد يفرض على إسرائيل لجم هجماتها. من جهة أُخرى، قدرة إسرائيل على إلحاق ضرر هائل بلبنان، رداً على هجوم صاروخي يقوم به حزب الله، هي التي تمنع الحزب والإيرانيين الذين يشغّلونه من شن مثل هذا الهجوم. وحتى الآن إسرائيل وحزب الله مرتدعان.

•التصعيد الأخير هو نتيجة الإصرار الإسرائيلي على منع إيران من تحسين ترسانة حزب الله الصاروخية، وتطوير دقتها على الإصابة بواسطة تكنولوجيا توجيه جديدة. حتى الآن لم تنجح صواريخ حزب الله في إصابة أهداف دقيقة في إسرائيل، ومن هنا فإن الجهود التي تبذلها إسرائيل لمنع حدوث هذا التحسين محقة، لأن تحسين دقة إصابة هذه الصواريخ سيسمح لحزب الله بضرب أهداف عسكرية في إسرائيل. ومع ذلك، كما هو معروف، فإن الهدف الأساسي للحزب هو السكان المدنيون في إسرائيل. ولا يتطلب استهدافهم دقة عالية في دولة كثيفة سكانياً مثل إسرائيل.

•في الواقع، تعيش إسرائيل في ظل هذا الخطر منذ سنوات، وستواصل العيش تحته حتى من دون تحسين دقة تصويب الصواريخ، ما دام هذا الخطر موجوداً. إن ترسانة حزب الله الصاروخية الموجودة حالياً تهدد السكان المدنيين والبنى التحتية في الدولة.

•تملك إسرائيل قدرة واسعة على اعتراض الصواريخ هي من الأفضل في العالم. ومع ذلك، لا تستطيع توفير مظلة غير قابلة للاختراق. وسيؤدي هجوم صاروخي مكثف من جانب حزب الله، حتى من دون تحسين ترسانته، إلى وقوع ضرر كبير جداً. وهذا أمر يعرفه الحزب ونعرفه نحن أيضاً. وتعتقد إسرائيل أنها قادرة على ردع الحزب، ويفترض الحزب أنه يردع إسرائيل عن القيام بعملية وقائية. هل هذا الردع المتبادل مستقر؟ ليس تماماً إذا أخذنا في الاعتبار من يقف في الجانب لآخر. يتلقى حزب الله أوامره من الله، أو من آيات الله في طهران.

•طوال سنوات اعتمدت استراتيجيا إسرائيل على ردع حزب الله. وادعى مؤيدو هذه الاستراتيجيا أن هذا الردع كان ناحجاً، وكدليل عليه يشيرون إلى الهدوء السائد على حدود الشمال منذ حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]. لكن هؤلاء يفضلون أن ينسوا أنه في السنوات الماضية تعاظمت قوة الترسانة الصاروخية التي يملكها الحزب بصورة كبيرة جداً. والذين رأوا هذه السنوات سنوات هدوء كانت هي في نظر حزب الله سنوات تطوير للترسانة. وكلما مرت السنوات ازداد الخطر أكثر فأكثر. لقد اعتمدت استراتيجيا إسرائيل في لبنان منذ حرب لبنان الأولى [1982] على انسحابات من طرف واحد، وعلى التخلي عن حلفائها، جيش لبنان الجنوبي، من خلال الاعتماد على القدرة على الردع. هذه الاستراتيجيا هي المسؤولة بصورة خاصة عن الهيمنة التي حققها حزب الله في لبنان، وعن الترسانة الصاروخية الكبيرة التي جمعها في هذه السنوات. إن محاولة إيران تحسين هذه الترسانة تثبت أن عهد هذه الاستراتيجيا قد ولى، وأنها فشلت.

•يجب أن يكون هدف إسرائيل تفكيك ترسانة صواريخ حزب الله، الذي يحول لبنان إلى برميل من المواد المتفجرة ويهدد الشرق الأوسط كله. ويتعين على إسرائيل أن توضح ذلك للولايات المتحدة، وللمجتمع الدولي. ويجب القيام بعملية تضع هذا هدفاً لها، قبل أن يصبح استخدام القوة ضرورياً.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole