“يديعوت أحرونوت”: الفوارق بين الإمارات وإسرائيل يمكن أن تكون مفيدة للدولتين

Spread the love

بقلم: جيل بفمان – الاقتصادي الأساسي في بنك ليؤمي الإسرائيلي |

التأثير المحتمل لاتفاق السلام مع دولة الإمارات العربية المتحدة على الاقتصاد الإسرائيلي هو أهم وأكبر من التأثير العابر لنسيم منعش في إبان الصيف الإسرائيلي الحار. ففي ذروة أزمة اقتصادية عالمية هي من أعقد الأزمات التي عرفتها الدولة، وصلت بشارة الاتفاق مع اتحاد الإمارات، الذي ينطوي على إمكانات طويلة الأجل بالنسبة إلى الاقتصاد الإسرائيلي.
اتحاد الإمارات هو أحد الاقتصادات الأغنى في العالم، في الأساس بسبب مخزون النفط والغاز الطبيعي لديه. هذه الدولة الصغيرة (نحو 10 ملايين نسمة، 10% منهم من العمال الأجانب) تحتل المرتبة الـ13 في مؤشر الأعمال (Doing Business)، وتبرز قوتها في سهولة فتح أعمال جديدة، والسهولة في الحصول على تصاريح بناء وتسجيل أصول، وتنفيذ عقود بطريقة ناجعة، والمحافظة على حقوق أصحاب الحصة الأقل في الشركات، وأيضاً توفير كهرباء تُعتبر من الأفضل في العالم.
تتمتع دولة الإمارات بمظهر مالي مستقر وقوي في الحسابات الخارجية. حجم الدين مقارنة بالناتج الصافي المحلي منخفض جداً (نحو 20% من الناتج المحلي في السنوات الأخيرة). هذه هي بعض الأسباب التي تجعل هذه الدولة هدفاً جذاباً للمستثمرين من كل أنحاء العالم.
جانب آخر من الشبه بين الإمارات وإسرائيل يمكن الإشارة إليه هو عدد السكان، الحجم الإجمالي للناتج المحلي، متوسط نصيب ناتج الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. بينما الرسم البياني لخطوط التشابه بين الدولتين قصير نسبياً، فإن الفوارق الاقتصادية والاجتماعية واضحة. في هذه الفوارق، تحديداً بين إسرائيل والإمارات، يمكن إيجاد مجالات عمل يمكن أن تفيد الدولتين على طريقة “الأضداد التي تكمل بعضها بعضاً”.
من المهم أن نتذكر أن الإمارات دولة ذات نمط حياة مختلف ولا يعرفه الإسرائيليون. بالإضافة إلى ذلك، المقصود دولة موجهة نحو التصدير في مجالات محددة جداً وضيقة، وتعتمد اعتماداً كبيراً على التجارة العالمية عموماً، وعلى التجارة في سوق الطاقة والسياحة خصوصاً. بهذا المعنى تقترح إسرائيل تشكيلة أوسع بكثير من أنواع المعرفة وتصدير السلع والخدمات.
بالإضافة إلى ذلك، بينما تعتمد الإمارات على العمال الأجانب أيضاً في المهن “العالية”، تعتمد إسرائيل على رأس المال البشري المحلي كمحرك للابتكارات والنمو. تسعى قيادة الإمارات الى تقليص حجم الاعتماد على النفط الخام كمصدر للطاقة، وكمصدر للدخل والنشاط الاقتصادي، وتعمل على تنويعه بصورة أكبر، ويشكل هذا قاعدة مهمة لتعاون محتمل قوي بين الدولتين.
كما في أغلبية دول العالم، وباء الكورونا لم يستثنِ الإمارات أيضاً. في تقديرنا من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي في الإمارات موقتاً في سنة 2020، لكنه سينمو من جديد في سنة 2021. ومن المتوقع أن يبقى التضخم معتدلاً في السنوات القريبة القادمة إلى حين حدوث التعافي العالمي، وخصوصاً في المجالات المهمة في الدولة، مثل الطلب على الطاقة وخدمات الطيران وغيرها.
على الرغم من التراجع الموقت في النشاطات، فإن إمكانات التجارة مع إسرائيل مهمة في الوقت الحالي، وهي موجودة، من بين أمور أُخرى، في مجموعة متنوعة من الخدمات والمنتوجات في مجالات المعلومات المكثفة والتقنيات المالية، والسايبر، وتكنولوجيا الزراعة المتطورة، وتكنولوجيا “المياه الذكية”، والسياحة والطيران والطاقة.
إمكان مهم آخر للتعاون موجود في مجال الخدمات والتكنولوجيا الطبية. في المجال الطبي، في إمكان الإمارات أن تستعين بإسرائيل، لأن معدل الأعمار المنخفض نسبياً هناك يزيد من الحاجة إلى حلول طبية، إسرائيل مؤهلة لتوفيرها بأشكال متعددة.
في مجال الزراعة مثلاً، الإمارات مهتمة بتوسيع “أمنها الغذائي” بسبب المناخ الصحراوي واعتمادها الكبير على استيراد المنتوجات الزراعية من العالم، لذا هي مهتمة بالتكنولوجيا والاختراعات في هذا المجال. في مجال تكنولوجيا المياه، إسرائيل هي إحدى الدول الأكثر تقدماً في العالم. مجال المياه متنوع جداً ويتضمن، من بين أمور أُخرى، استخداماً ناجعاً للمياه، تدوير المياه، وضمان ومراقبة شبكات المياه، وأيضاً تحلية مياه البحر.
بالإضافة إلى الإمكان المباشر الذي ينطوي عليه الاتفاق مع الإمارات، في الاقتصاد الإسرائيلي يأملون بأن يشكل جسراً لإقامة علاقات مع دول عربية أُخرى، وربما فتح الطريق أمام اتفاقات سلام أُخرى، على طريق تحقيق رؤيا ” الشرق الأوسط الجديد” في مرحلة ما بعد الكورونا.

المصدر: صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

Optimized by Optimole