هل يتجه نتنياهو إلى الحرب مع إيران؟

Spread the love

قالت صحيفة نيويورك تايمز إن التحركات الإسرائيلية الجريئة الثلاث جريئة هذا الأسبوع، من خلال مقاتلات “أف 15 أس”، والعرض الشارح عبر برنامج “باور بوينت” وتمرير قانون جديد مثير للجدل في الكنيست، عزز رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يده في محاولة لإحباط طموحات إيران الإستراتيجية ، بينما يحتمل أن يسحب الدولتين إلى الصراع المباشر .

وأضافت الصحيفة الأميركية أنه في سوريا في وقت متأخر من يوم الأحد الماضي، قامت طائرات إف -15 أس، التي يفترض على نطاق واسع أنها إسرائيلية، بضرب المنشآت التي ترسخت فيها إيران ووكلاؤها. وأدى الهجوم على موقع تخزين بالقرب من حماة إلى تدمير 200 صاروخ وقتل 16 شخصاً على الأقل بينهم 11 إيرانياً.

في تل أبيب في المساء التالي، أعطى نتنياهو أداءً شجاعاً على شاشة التلفزيون في بث مباشر من داخل وزارة الدفاع، حيث تباهى بالملعقة التي سرقت من مستودع سري في طهران من قبل فريق الموساد الجريء – وهو دليل على خداع إيراني لجهوده الطويلة المدى لتطوير قنبلة نووية، بحسب زعمه.

جاء هذا الكشف قبل أقل من أسبوعين من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره بشأن الانسحاب أو عدمه من الاتفاق الدولي لهادف لكبح برنامج إيران النووي. صوّر المسؤولون الإسرائيليون الأمر على أنه محاولة لتزويد ترامب – حليف نتنياهو الوثيق – بدعم للقرار الذي يعتقدون أن الرئيس قد اتخذه بالفعل.

حتى عندما كان نتنياهو يتحدث، كان ائتلافه في البرلمان (الكنيست) يضغط من خلال مشروع قانون من شأنه أن يحوّل السلطة للذهاب إلى الحرب أو تنفيذ عملية عسكرية من الحكومة الكاملة إلى المجلس الوزاري الأمني المصغر، وفي ظل “الظروف القصوى” يسمح القانون لرئيس الوزراء ووزير الدفاع بمفردهما طلب مثل هذا الإجراء.

باختصار، تمكن نتنياهو من استغلال مزايا سياسية وعسكرية واستخباراتية مهمة لدفع جدول أعماله على كل من الجبهتين النووية والتقليدية، وتكثيف الضغط على إيران، وتحرير يده بموجب القانون الإسرائيلي ليأخذ البلاد إلى الحرب من دون موافقة مجلس الوزراء.

وقد دفعت تحركاته هذه مجتمعة مراقبين لفترة طويلة لرئيس الوزراء (نتنياهو)، والذين طالما كان لهم الفضل في النفور الصحي من الحرب الشاملة، أن يسألوا ما إذا كان قد تحول إلى طريقة تفكير جديدة قاتمة.

وقال ناحوم بارنيا، كاتب عمود محترم في صحيفة يديعوت أحرونوت: “كل هذه السنين كان غير سعيد. وأعتقد أنه ينبغي لنا أن نقدره لكونه حذراً جداً بشأن استخدام القوة العسكرية. يبدو الآن أنه يدفع الجميع نحو بيئة أكثر عدائية “.

وأوضح بارنيا أن البيئة السياسية العدائية التي يواجهها نتنياهو يمكن أن تكون عاملاً أيضاً: فهو ينتظر صدور لائحة اتهام محتملة في فضيحة فساد مترامية الأطراف. ويعتقد أنه يريد إجراء انتخابات قبل أن تتجسد أي اتهامات جنائية ضده؛ وقد قدم نفسه إلى قاعدته السياسية كزعيم إسرائيلي وحيد قادر على الحفاظ على أمن البلاد. وأضاف بارنيا: “أنا لا أستبعد أي سبب (لشنّه بالحرب). وأنا متأكد من أن هناك أكثر من سبب واحد”.

وتابعت “نيويورك تايمز” قائلة إن كل هذه الإجراءات الثلاثة هذا الأسبوع تزيد من أهداف نتنياهو الطويلة الأمد. ففي وقت مبكر من عام 2010، سعى للاستعداد لهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، ولكن تم إيقافه مراراً من قبل حكومته الخاصة. لقد عارض الاتفاقي النووي الإيراني لعام 2015 منذ إنشائه في عهد الرئيس باراك أوباما، محاججاً بأنه سيسمح لطهران بتهديد إسرائيل بالأسلحة النووية في غضون عقد من الزمان. وقد تعهد لأشهر عدة بمنع إيران من إنشاء تهديد هجوم تقليدي لإسرائيل من داخل سوريا.

وقالت الصحيفة إن قانون سلطات الحرب الجديد، الذي تم اعتماده يوم الاثنين بتصويت 62 مؤيد له في مقابل معارضة 41 عضواً في الكنيست، لم يكتب نتيجة المناوشات الحالية مع إيران أو كان في اعتبار رئيس الوزراء ووزير الدفاع الحاليين، وفقا لأحد مهندسي مشروع القانون. ومع ذلك، يلاحظ المنتقدون أن قضايا الفساد ضد نتنياهو، وقلة الخبرة الأمنية في وزير دفاعه، أفيغدور ليبرمان، يمكن أن تثيرا تساؤلات حول دوافعهما إذا قررا أخذ إسرائيل إلى الحرب.

وبينما لا تنطبق هذه السلطة للذهاب إلى الحرب إلا في “الظروف القصوى”، لا يحدد القانون ماهية تلك الشروط.

وقال بعض الخبراء، الذين أثبتوا في الماضي أنهم حذرون، إن القانون الجديد قد لا يكون له تأثير كبير، وأن رئيس الوزراء ووزير الدفاع من غير المرجح أن يخوضا الحرب من دون دعم سياسي قوي ودعم من الجيش والأجهزة الأمنية.

وقال شلومو أفينيري، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس: “لا تستطيع الحكومة الذهاب إلى الحرب، بغض النظر عما يقوله القانون، من دون إجماع وطني. من الواضح أن رئيس الوزراء الذي يخضع للتحقيق (في الفساد) مقيّد بسبب نوع الخيارات التي يمكنه اتخاذها، وسوف يتم التدقيق فيها أكثر من المعتاد”.

والأهم من ذلك هو أن عرض القوة في سوريا وعرض طائرات التجسس يأتيان في الوقت الذي تقيّد فيه إيران نفسها من الانزلاق إلى حرب إطلاق نار مع إسرائيل، إما بنفسها أو بالوكالة. فجمهورها مضطرب على نحو متزايد، وحليفها الوثيق في لبنان، حزب الله، الذي ربما كان يمكن الاعتماد عليه للرد على إسرائيل، يتم كبح جماحه، على الأقل حالياً، من خلال الانتخابات التي ستجرى في السادس من أيار – مايو الجاري، والتي يرشح فيها مرشحين. وأكثر من ذلك، مع إعلان الرئيس ترامب عن قراره بشأن الاتفاق النووي في 12 أيار – مايو، من غير المرجح أن تمنح إيران ترامب أي أعذار جديدة للانسحاب منه.

وقال دانيال شابيرو، سفير الولايات المتحدة السابق لدى إسرائيل في عهد أوباما: “هذه مجرد فرصة لإسرائيل للقيام بما يجب القيام به، وبتكلفة منخفضة نسبياً”.

وقال محللون إن معركة نتنياهو لتوقيف إيران عن حشد الأسلحة التقليدية في سوريا مرتبطة ليس فقط بمجرد مصادفة بتوقيت جهوده لحرمان طهران من خيارها النووي. وقال شابيرو إنه مثلما حشدت كوريا الشمالية ترسانة ضخمة من المدفعية لتهديد سيول بينما كانت تعمل على تطوير أسلحة نووية، فإن إيران تسعى لتهديد الأراضي الإسرائيلية، بطائرات من دون طيار وصواريخ موجهة بدقة من داخل سوريا، “بينما تستخدم الوقت والمفاوضات والتأخير لدفع طموحاتها النووية”.

وقال عاموس يادلين، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية والذي يترأس الآن معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن التهديدات النووية والتقليدية الإيرانية “ترمي إلى الهدف نفسه: تدمير إسرائيل”.

وقال يادلين إن الاتفاق النووي قد نجح في منع إيران من السعي للحصول على أسلحة نووية لعدد من السنوات. وأضاف: “لذلك قاموا ببناء قوة تقليدية ضد إسرائيل في سوريا – باستخدام صواريخ باليستية، ذوات توجيهات دقيقة. وهذا هو أخطر تهديد لإسرائيل اليوم في عام 2018”.

وقال يادلين إذا ما تخلى ترامب عن الاتفاق النووي، فبناء على رد إيران، يمكن أن يؤدي ذلك إلى صدام عسكري بين إسرائيل وإيران ربما على مدى سنوات. وحذر من أن “الصدام في الشمال يمكن أن يحدث هذا الأسبوع، أو هذا الشهر”.

على نحو متزايد في السنوات الأخيرة، تحدث نتنياهو بحماس تنبوئي تقريباً حول وقف إيران. لكن رغم كل تحركاته الحازمة هذا الأسبوع، قال محللون إنه لا يزال من غير الواضح إلى ما يرمي إليه الإسرائيليون بالضبط. وعلى وجه الخصوص، إذا نجح نتنياهو في إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، فماذا بعد؟

وقال بارنيا: “لم يعطِنا نتنياهو نحن الإسرائيليين أي سيناريو منطقي لما سيحدث بعد القرار الأميركي. كيف سيكون الإيرانيون أقل نووية بعد ذلك. كم هو واثق من أن هذا الإجراء من قبل الولايات المتحدة سوف يردع إيران ولن يسرع من عملية تطوير مسارها النووي. هذا شيء لم يشرحه أبدًا. وقد حان الوقت للقيام بذلك”.

وأضاف بارنيا “أن التوتر المتزايد مع إيران، إلى جانب إصدار الكنيست لقانون الحد الأدنى المحدد لإعلان الحرب، كانا بمثابة مفاجأة. فجأة، يواجهون علامة استفهام كبيرة: إلى أين نتجه؟ ربما، يشعر نتنياهو أن حربه قد حانت”.

ترجمة: الميادين نت

Optimized by Optimole