هآرتس: استمرار الأزمة له علاقة بقرارات أبو مازن

هآرتس: استمرار الأزمة له علاقة بقرارات أبو مازن
Spread the love

شجون عربية _

عاموس هرئيل – محلل عسكري إسرائيلي/
القائد العام للشرطة كوبي شبتاي اتخذ مساء أمس القرار المطلوب وأزال الحواجز في منطقة باب العمود – السبب المركزي لتأجيج العنف في القدس. قرار وضع الحواجز في بداية شهر رمضان بُرِّر في البداية بمنع التجمعات خوفاً من تفشّي الكورونا، ثم التخوف من الازدحام، بحسب قرار شرطة لواء القدس. قرار إزالة الحواجز أتى من مستوى رفيع واحد، لكن من الصعب التصديق أن الأمر انتهى. على المستوى السياسي عرفوا ووافقوا على أوامر شبتاي بالانسحاب، لكن الاختباء خلف القائد العام للشرطة أسهل، بالنسبة إليهم، من الاعتراف بالمسؤولية عن خطوة ستبدو أنها انسحاب تحت ضغط فلسطيني.
يذكّر التصعيد الحالي في القدس من نواحٍ عديدة بالأزمة التي نشأت جرّاء وضع بوابات ممغنطة بعد مقتل عنصرين من الشرطة الإسرائيلية في الحرم القدسي في صيف 2017. في الحالتين أدى قرار إسرائيلي تكتيكي لم يُدرَس حتى النهاية إلى عنف فلسطيني شديد. هذه المرة، ولحسن الحظ، حدث التراجع قبل وقوع خسائر في الأرواح – قبل 4 سنوات كان هناك قتلى، وبصورة خاصة في الهجوم الفتاك على مستوطنة حلميش [هجوم طعن أدى إلى مقتل 3 مستوطنين يهود وإصابة شخص رابع بجروح بالغة].
أزمة الأبواب الممغنطة ولّدت أول احتكاك بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والقائد العام للشرطة المعيّن من طرفه روني ألشيخ. اليوم يجد شبتاي، الذي حلّ محله (عمل قائماً بالأعمال مكانه طوال عامين)، صعوبة في ضبط الوضع في القدس. القائد العام الجديد أيضاً لا يملك فعلاً التفصيلات. فقد ادعى هذا الأسبوع أن الشارع [بالقرب من باب العمود] كان يُغلق في الماضي في رمضان، على الرغم من أنه كان يبقى مفتوحاً في كل سنة، باستثناء السنة الماضية في ذروة الكورونا.
شبتاي قدّم أمس سلّماً مريحاً لنتيناهو لينزل عن الشجرة. الآن ينتظرون سلّماً أكثر أهمية، ويمكن أن تكون نتائج استخدامه بعيدة المدى أكثر بكثير. في الأيام القادمة من المتوقع أن تقرر قيادة السلطة الفلسطينية التراجع عن نيتها إجراء الانتخابات البرلمانية في 22 أيار/مايو. الوضع الحساس في القدس، أو رفض إسرائيلي علني للسماح بتصويت سكان القدس الشرقية يمكن أن يشكل ذريعة للقرار. السبب الحقيقي هو إدراك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المتأخر أن “فتح” قد تخسر الانتخابات أمام “حماس”.
إطلاق الصواريخ في الأيام الماضية من قطاع غزة، والذي شمل أربعة إطلاقات بعد إزالة الحواجز في القدس، يبدو أنه تلميح من “حماس” إلى نواياها. هنا أيضاً يوجد تفسير رسمي (التضامن مع نضال القدس)، وهناك ظروف سياسية أكثر تعقيداً (تهديد السلطة وإسرائيل إزاء احتمال إلغاء الانتخابات). لقد ردت إسرائيل بصورة مضبوطة نسبياً على إطلاق الصواريخ خوفاً من تصعيد لا يمكن السيطرة عليه. لكن يبدو أن “حماس” نجحت، في نظرها، من خلال خطواتها في توسيع معادلة الردع بين الطرفين. وردّت بإطلاق النار من غزة على التصعيد في القدس، من دون مقتل أي فلسطيني.
اعتُبرت سنة الكورونا سنة هادئة نسبياً توثّقت خلالها العلاقات الإنسانية بين السكان اليهود والعرب في القدس. لكن التزامن بين نهاية أزمة الكورونا وشهر رمضان أخرج العديد من الشبان الذين يشعرون بالملل إلى الشوارع، وانضموا بحماسة إلى العنف. يعتبر العرب في القدس أنفسهم مدافعين عن الأقصى، لذلك أيضاً سارع شبان من غير المتدينين بصورة خاصة إلى المشاركة في المواجهات. المسافة بين هجمات التيك توك المصورة ضد يهود حريديم وبين النضال دفاعاً عن الحرم القدسي كانت هذه المرة قصيرة.
حوادث أُخرى ساهمت في الاشتعال مرت من دون أن تثير انتباه أغلبية وسائل الإعلام في إسرائيل: إسكان المزيد من اليهود في منازل في قرية سلوان، وقرار المحكمة العليا الموافقة على هدم منازل فلسطينيين في حي الشيخ جرّاح. في هذه الدوامة دخل هذا الأسبوع أيضاً زعران اليمين المتطرف في إسرائيل، والذين خاضوا حملات انتقامية ضد العرب، من دون أن تبذل الشرطة ما فيه الكفاية لردعهم.
في ضوء الأحداث في القدس والقطاع، قرر رئيس الأركان أفيف كوخافي تأجيل زيارته المخطط لها إلى الولايات المتحدة، وإلغاءها لاحقاً. كان من المفترض أن يشارك كوخافي هناك في مهمة إسرائيلية دعائية مع رئيس الموساد ورئيس مجلس الأمن القومي ورؤساء شعبة الاستخبارات والشعبة الاستراتيجية في الجيش. هؤلاء ذهبوا إلى واشنطن ممثلين لنتنياهو في مسعى أخير للتأثير في الأميركيين كي لا يسارعوا إلى توقيع اتفاق نووي آخر مع إيران.
بحسب التقارير، أرسل نتنياهو المسؤولين الرفيعي المستوى مع توجيهات مفصلة بعدم الخروج عن صفحة الرسائل، وألّا يفتحوا حواراً مع مضيفيهم بشأن تفصيلات الاتفاق الوشيك. بقي كوخافي في البلد تخوفاً من خروج الأحداث عن السيطرة. المتشائمون قد يشككون في أن عدم ذهابه إلى واشنطن أراحه من مهمة سياسية يبدو مصيرها الفشل حالياً.
على الأرض ليس واضحاً ما إذا كان التراجع الإسرائيلي المحدود كافياً لإغلاق الحادثة. الاعتبارات الأُخرى، وعلى رأسها السباق الداخلي الفلسطيني بين “فتح” و”حماس” على خلفية مسألة الانتخابات، يمكن أن تؤثر في سير الأحداث في الأسابيع القادمة.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole