لماذا تحدثتُ في مجلس الأمن ضد الاحتلال

لماذا تحدثتُ في مجلس الأمن ضد الاحتلال
Spread the love

بقلم: حغاي ألعاد – مدير مركز “بتسيلم” مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة —

•لقد تحدثتُ في مجلس الأمن ضد الاحتلال لأنني أجهد لأن أكون إنساناً. والبشر الذين يتحملون مسؤولية الظلم اللاحق ببشر آخرين، من واجبهم الأخلاقي أن يتحركوا.

•تحدثت في مجلس الأمن ضد الاحتلال لأنني إسرائيلي، وليس لدي دولة أخرى ولا جنسية أخرى ولا مستقبل آخر، ولأن الاحتلال كارثة.

•تحدثت في مجلس الأمن ضد الاحتلال لأنني توصلت وزملائي في “بتسيلم” وبعد سنوات طويلة من العمل إلى بضع خلاصات، من بينها أن الوضع لن يتغير إذا لم يتدخل العالم. وأعتقد أنه حتى حكومتنا المتغطرسة تدرك هذا، لذا نراها منهمكة جداً في التخويف ضد مثل هذا التدخل وضدنا. إن تدخل العالم ضد الاحتلال هو تحرك مشروع مثل أي تحرك يتعلق بموضوع حقوق الإنسان، فكيف بالأحرى عندما يتعلق الأمر بقضية مثل سيطرتنا على شعب آخر. إن هذا ليس شأناً إسرائيلياً داخلياً، بل هو موضوع دولي بامتياز.

•وإليكم خلاصة أخرى: ليس هناك فرصة للمجتمع الإسرائيلي كي يستيقظ من تلقاء نفسه ومن دون مساعدة، من هذا الكابوس. هناك آليات كثيرة تستخدم لإخفاء العنف الذي نستخدمه يومياً للسيطرة عليهم. لقد تراكمت ذرائع كثيرة، ومخاوف كثيرة وغضب – لدى الطرفين – خلال خمسين عاماً. وأنا واثق من أنه في نهاية الأمر سيقوم الإسرائيليون والفلسطينيون بإنهاء الاحتلال، لكننا لن ننجح في القيام بذلك من دون مساعدة العالم.

•إن الأمم المتحدة عبارة عن أطراف كثيرة معظمها إشكالي وجزء منها غبي تماماً، وخلافي ليس معهم. بيد أن الأمم المتحدة هي التي منحتنا الدولة في 1947، وما يزال قرارها يشكل حتى اليوم الأساس الشرعي الدولي لدولتنا التي أنا مواطن فيها. إن ما يحصل في ظل الاحتلال ليس أننا نقضم فلسطين، بل نحن نهدم بأيدينا شرعية دولتنا.

•لا أفهم ماذا تريد الحكومة من الفلسطينيين أن يفعلوا بالضبط؟ نحن نسيطر على حياتهم منذ خمسين عاماً، نفتت أرضهم إلى أجزاء، ونستخدم ضدهم قوة عسكرية وبيروقراطية بنجاح منقطع النظير، ونبقى متصالحين مع أنفسنا ومع العالم. ماذا تنتظرون من الفلسطينيين أن يفعلوا؟ لو تجرأوا على التظاهر فهذا إرهاب شعبي. وإذا دعوا إلى فرض عقوبات هذا إرهاب اقتصادي. وإذا حاولوا استخدام السبل القانونية فهذا إرهاب قانوني. ولو توجهوا إلى الأمم المتحدة فهذا إرهاب دبلوماسي. ويبدو أن أي شيء يفعله الفلسطيني باستثناء أن يستيقظ في الصباح ويعترف بالشكر والامتنان “للريس” يُعتبر إرهاباً. ماذا تريد الحكومة؟ رسالة استسلام؟ هل تريد أن يختفي الفلسطينيون؟ هم لن يختفوا.

•نحن أيضاً لن نختفي ولن نسكت. يجب أن نقول في كل مكان إن الاحتلال ليس نتيجة قرار ديمقراطي، وإن قرارنا السيطرة على حياتهم كما يلائمنا هو تعبير عن العنف وليس عن الديمقراطية. ولا تملك إسرائيل خياراً شرعياً للاستمرار على هذا المنوال. كما أنه ليس هناك خيار لأن يواصل العالم التعامل مع هذه المسألة كما تعامل معها حتى الآن: كلام كثير وصفر أفعال.

•لقد تحدثت في مجلس الأمن في الأمم المتحدة ضد الاحتلال لأنني متفائل، ولأنني إسرائيلي. ولأنني ولدت في حيفا وأقيم في القدس، ولأنني لم أعد شاباً صغيراً، ولأنني لم أعد أطيق مرور كل يوم من حياتي مع استمرار السيطرة عليهم، ولأنه لم يعد في الإمكان تحمل هذا بعد الآن. لقد تحدثت في مجلس الأمن ضد الاحتلال لأنني أريد أن أبقى بشراً.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole