“لا تتحدث عن التاريخ”: هكذا صاغ كوشنر “صفقة القرن”

Spread the love

ترامب يسمّي مقترحات صهره جاريد كوشنر، التي ستعلن اليوم كخطة سلام أميركية، “صفقة القرن” لــ”سرائيل” وفلسطين.

ترجمة: د.هيثم مزاحم/

كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية الخلفيات الانتخابية لإعلان خطة السلام الأميركية، المسماة “صفقة القرن” حيث يريد مستشار وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جاريد كوشنر مساعدة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الفوز في الانتخابات التشريعية في آذار/مارس المقبل، وبالتالي ضمان إعادة انتخاب ترامب لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، من خلال الحصول على أصوات الأميركيين المؤيدين لـ”إسرائيل”.

وقالت الصحيفة إنه عندما تولى جاريد كوشنر ملف الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني إلى جانب واجباته الرسمية العديدة وهي: تشجيع الابتكار الأميركي، ومبيعات الأسلحة إلى السعودية، وأزمة مواد الأفيون الأميركية، فقد قرر أن يبدأ بقائمة فارغة.

ونقلت “الغارديان” عن آرون ديفيد ميلر، وهو مفاوض أميركي في عملية التسوية في الإدارات السابقة التي استشارها كوشنر: “لقد قال صراحة، لا تتحدث معي عن التاريخ. قلت للإسرائيليين والفلسطينيين ألا يتحدثوا معي عن التاريخ أيضاً.”

كانت هذه مقاربة جريئة للصراع والمنطقة الغارقة في كل منعطف مرير من التاريخ. خلال أحد الاجتماعات القليلة، ذكّر ميلر صهر الرئيس بملاحظة ويليام فولكنر: “الماضي لم يمت أبداً. حتى أنه ليس ماضياً”.

لقد قرر كوشنر التعامل مع مشكلة التاريخ التي تتطفل على المحادثات بهندسة تسوية مقترحة للأزمة الإسرائيلية-الفلسطينية مت دون مفاوضات أو حتى التحدث إلى أحد الطرفين.

وقال ميلر: “أعتقد أن جاريد لديه قناعة حقيقية بأنه فرانك سيناترا(أشهر المطربين الأميركيين) لعملية السلام. سيفعل ذلك بطريقته الخاصة”.

والنتيجة هي “صفقة القرن”، كما وصفها دونالد ترامب، والتي يتوقع أن يقدمها الرئيس رسمياً إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض اليوم الثلاثاء. لكن هناك تفاصيل كافية تسربت للاقتراحات التي يتم ازدراؤها على نطاق واسع كونها لصالح “إسرائيل” من خلال فتح الباب لضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة ومنحها سيطرة شبه كاملة على القدس.

عيّن ترامب كوشنر، وهو مطور عقاري متزوج من ابنته إيفانكا، للإشراف على سياسة الولايات المتحدة تجاه “إسرائيل” وفلسطين، على الرغم من أنه ليست لديه خبرة في دبلوماسية الشرق الأوسط. لكن كوشنر لديه صلات عائلية وثيقة مع نتنياهو الذي سيخوض انتخابات آذار /مارس المقبل.

كان تكوين فريق كوشنر بمثابة دليل مبكر على الاتجاه الذي تتجه إليه العملية. وبين هؤلاء ديفيد فريدمان، وهو محامٍ تربطه صلات وثيقة بحركة المستوطنين اليهود في الأراضي المحتلة الذي عينه ترامب سفيراً للولايات المتحدة لدى “إسرائيل”. شكك فريدمان في الحاجة إلى دولة فلسطينية وشبّه أعضاء جماعة يهودية ليبرالية بالمتعاونين النازيين لانتقاداتهم لأفعال الحكومة الإسرائيلية.

ثم قامت إدارة ترامب بعزل الفلسطينيين عن طريق سلسلة من الإجراءات لصالح “إسرائيل” بما في ذلك نقل السفارة الأميركية (من تل أبيب) إلى القدس وخفض التمويل للاجئين الفلسطينيين. قام كوشنر بجولة في عواصم الشرق الأوسط سعياً للحصول على تأييد ملكي السعودية والأردن، والرئيس المصري، للضغط على السلطة الفلسطينية للالتزام بخطة البيت الأبيض.

ومن بين من استحوذ عليهم كوشنر كان ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، والذي يفسر إلى حد ما – إلى جانب صفقات الأسلحة – لماذا سمحت له إدارة ترامب بالتخلص من مأزق جريمة قتل الصحافي السعودي المنشق جمال خاشقجي.

كان ميلر شكاكاً في نجاح العملية حتى قبل أن تفسد الإدارة العلاقات مع الفلسطينيين. وقال: “قلت لجاريد إنك لن يمكنك حل هذا لأن المشكلة ليست في الولايات المتحدة. يمكنك أن تزيد الأمر سوءاً، لكنك ستواجه صعوبة في تحسينه لأن ما يجب القيام به لا يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة. إنه يتطلب قرارات أساسية من قبل الإسرائيليين والفلسطينيين، ليس أي من الجانبين مستعداً لصنعها. إنهم يفتقرون إلى القادة القادرين على صنعها”.

وقال ميلر، الذي قابل كوشنر مرات عدة ووصفه بأنه محترم للغاية، إن صهر الرئيس زاد الأمر سوءاً. لكنه خلص إلى أن العملية لم تكن مدفوعة برغبة في التوصل إلى تسوية تفاوضية بقدر ما هدفها تعزيز احتمالات إعادة انتخاب نتنياهو – لأن ذلك يساعد على احتمالات احتفاظ ترامب بمنصبه في البيت الأبيض، أي إعادة انتخابه لولاية ثانية.

وأضاف ميلر إن كوشنر “مرتبط بمجموعة من الأهداف السياسية والشخصية التي في رأيي ليس لها علاقة تذكر أو لا علاقة لها بخلق عملية تفاوض واقعية ومستدامة”.

وأشار ميلر إلى أن كوشنر “سيدير ​​حملة إعادة انتخاب ترامب وأن الخطة التي تساعد على إعادة انتخاب نتنياهو من خلال منح “إسرائيل” الضوء الأخضر لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة ستساعد بدورها الرئيس ترامب أقله مع أصوات الإنجيليين المسيحيين الذين هم داعمون جداً للدولة اليهودية”.

وقال ميلر: “أخبرت جاريد أنك ستضع خطة تلبّي احتياجات أو متطلبات جانب واحد فقط. وقلت هذه مشكلة خطيرة لأن المصداقية والنزاهة الأميركيتين مطروحتان على الطاولة، وليس فقط السياسة الداخلية الأميركية وإعادة انتخاب دونالد ترامب”.

المصدر: الغارديان _ عن الميادين نت

Optimized by Optimole