كيف يسيء ترامب إلى التحالف الإسرائيلي الأميركي

Spread the love

كتب ماكس بوت في صحيفة واشنطن بوست مقالة حذر فيها من تداعيات الدعم المطلق للرئيس الأميركي دونالد ترامب لإسرائيل على شعبيتها داخل الولايات المتحدة الأميركية. والتالي ترجمة نص المقالة:

لقد أيدت قرار الرئيس ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس لأنها عاصمة إسرائيل، ولم أكن قلقاً من أنها ستضر عملية سلام التي كانت بالفعل غير صالحة. يشير رد الفعل الخافت على التحرك في العالم العربي – في كل مكان باستثناء غزة التي تسيطر عليها حماس – إلى أنها ليست مشكلة كبيرة كما كان يتخوف البعض.

لكنني أختلف بشدة مع وجهة النظر المحافظة التي تقول إن ترامب “هو أكثر الرؤساء تأييداً لإسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة”. وربما يكون هو الأكثر تحالفاً بشكل وثيق مع الحكومة الإسرائيلية الحالية التي يقودها الجناح اليميني المبتلى بالفضائح. لكن ذلك لا يعني أن ترامب يحمي مصالح إسرائيل. فهو، في الواقع، يلحق ضرراً على المدى الطويل بالتحالف الأميركي-الإسرائيلي.

ما الذي يفعله ترامب حول التهديد الأول الذي تواجهه إسرائيل، وخصوصاً من إيران؟ إنه يجعله أسوأ. من المؤكد أن ترامب فعل ما أراده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني. لكن هل هذا حقا في مصلحة إسرائيل، بالنظر إلى أن إيران كانت، وفق كل المؤشرات ملتزمة بالاتفاق؟ اللفتنانت جنرال غادي آيزنكوت، رئيس أركان قوات الجيش الإسرائيلي، لا يعتقد ذلك. وقال: “في الوقت الحالي، فإن الاتفاق، بكل عيوبه، يعمل ويؤخر تحقيق الرؤية النووية الإيرانية من 10 إلى 15 سنة”.

من المحتمل أن يرفع ترامب الحدود المفروضة على تطوير برنامج إيران النووي، مما يزيد من الخطر الوجودي للدولة اليهودية، من دون أن يمنح بخطة ب. وكان خطاب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يوم الاثنين بمثابة قائمة أمنيات تتنكر كاستراتيجية. لقد حدد 12 طلباً، بدءًا من تخلي إيران عن برامج الصواريخ الباليستية والنووية إلى إنهاء دعمها للقوات العاملة بالوكالة عبر الشرق الأوسط. وكيف ستحقق الولايات المتحدة هذا البرنامج الطموح؟ مع عقوبات أحادية. حظاً سعيداً في ذلك.

قد تكون الولايات المتحدة قادرة على استخدام العقوبات من الدرجة الثانية والتي ترغم الشركات الأوروبية على قطع علاقاتها مع إيران، لكنها لن تحدث فرقاً كبيراً. فالأسواق الكبرى للنفط والمنتجات الإيرانية الأخرى هي الالصين (14.5 مليار دولار) والهند (5.6 مليار دولار) وتركيا (1.3 مليار دولار). هناك فرصة ضئيلة في أن أياً من هذه الدول في أنها ستتوقف عن التعامل مع إيران، وليس لدى ترامب سوى القليل من النفوذ لإرغامها على القيام بذلك. فلم يحالفه الحظ كثيراً في إكراه بكين بشأن كوريا الشمالية أو عجزها التجاري مع الولايات المتحدة. إيران ليست حتى على شاشات رادار العلاقات الصينية – الأميركية. بعيداً عن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة، ربما تكون إيران قد زادت عائداتها بسبب ارتفاع سعر النفط بنسبة 160٪ منذ عام 2016.

ومع ذلك، فإن إدارة ترامب ليست لديها خطة لإحباط الخطط الإيرانية إلى ما بعد فرض العقوبات وفقط تأمل في حصول الأفضل. فقد طالب بومبيو إيران بالانسحاب من سوريا، لكن من المرجح أكثر أن تنسحب الولايات المتحدة منها بسبب غرائز ترامب الانعزالية، تاركة ذلك البلد إلى رحمة إيران. ستُجبر إسرائيل على تصعيد هجماتها على القواعد الإيرانية في سوريا، مما يزيد من خطر نشوب حرب شاملة تؤدي إلى سقوط عشرات آلاف الصواريخ على إسرائيل. لا يفعل ترامب أي مصلحة لإسرائيل في سوريا.

في الحقيقة، يقوم ترامب بإلحاق ضرر طويل الأمد بإسرائيل من خلال تسييس التحالف الأميركي. فترامب يرى إسرائيل في المقام الأول في سياق سياسي محلي كطريقة للفوز بأصوات الجمهوريين وذلك كان واضحاً في حفل افتتاح السفارة الجديدة (في القدس). في الصف الأمامي، جلس قطب الكازينو شيلدون أديلسون، وهو أحد المتبرعين الكبار لكل من ترامب ونتنياهو. أيضا في الحضور كان حاكم ولاية فلوريدا، الجمهوري ريك سكوت، الذي يحتاج إلى الدعم اليهودي في معركته للفوز بمقعد في مجلس الشيوخ في مواجهة السناتور الديمقراطي بيل نلسون. كان تقديم الدعوات إلى متعصبين أصوليين (مسيحيين)- كالكاهنين روبرت جيفريس وجون هاغي – اللذين يدعمان إسرائيل في المقام الأول لأنهما يتوقان إلى الدخول في معركة هرمجدون. وبالطبع، كان الزوجان الملكيان، إيفانكا ترامب وجاريد كوشنر، مركز الاهتمام.

كان في عداد الغائبين تماماً أي ديمقراطي. (هل تعرف حزب المعارضة؟) من بين غير المدعوين كان دانييل بي شابيرو، سفير الرئيس باراك أوباما في إسرائيل، الذي لا يزال يعيش في ذلك البلد – والذي أيد نقل السفارة. ويتناقض هذا الموقف الإقصائي مع جهود الرؤساء السابقين للحفاظ على دعم الحزبين لإسرائيل. فعلى سبيل المثال، ضمت إدارة أوباما مشرّعين جمهوريين ومستشار الأمن القومي ستيفن هادلي في الوفد الأميركي إلى جنازة شمعون بيرس في عام 2016.

ترامب، مع تواطؤ نتنياهو، يؤدي إلى تفاقم نزعة خطرة: نهاية الإجماع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن إسرائيل. وقد أظهر استطلاع حديث للرأي أن تقريباً ضعفين من الكثير من الديمقراطيين الليبراليين يتعاطفون مع الفلسطينيين أكثر من تعاطفهم مع إسرائيل. وهذه مشكلة كبيرة لمستقبل إسرائيل، ما لم يفترض المرء أن الجمهوريين سيسيطرون على السلطة إلى الأبد.

كانت آخر إدارة ديمقراطية (إدارة أوباما) أكثر تصادماً مع إسرائيل من تلك التي سبقتها(إدارة بيل كلينتون). نتوقع أن تكون النتيجة التالية أكثر. فكلما زاد ترامب – وهو رئيس لا يعجب به أكثر من 50 في المائة من الأميركيين – تماهياً مع إسرائيل، أضحت إسرائيل أقل شعبية بين الأميركيين. إن احتضانه لإسرائيل هو حتى أكثر عصبية في بلدان أخرى، حيث يقترب مستوى شعبيته من أرقام سلبية. قد لا يهتم ترامب لكن على أنصار إسرائيل أن يفعلوا.

*ماكس بوت هو مؤرخ ومؤلف ومحلل أميركي في السياسة الخارجية، وقد عدّ أحد الخبراء الرواد في العالم في النزاعات المسلحة.

ترجمة: الميادين نت

Optimized by Optimole