المواجهة في الشمال: أيام صعبة لإيران

Spread the love

بقلم: إفرايم كام – باحث في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي —

•هذه أيام صعبة لإيران. لقد نفّذت إسرائيل مجموعة هجمات ضد أهداف متصلة بالوجود الإيراني والمنظمات الدائرة في فلك إيران في سورية. إيران تعهدت بالرد. حتى الآن كان الرد الوحيد إرسال طائرة من دون طيار محملة بمواد ناسفة إلى أراضي إسرائيل، قد انتهى ذلك بإسقاطها. صحيح أنه خلال الرد الإسرائيلي على تسلل الطائرة من دون طيار جرى إسقاط طائرة حربية إسرائيلية، لكن في ذلك بعض العزاء للإيرانيين. وتعلم الإيرانيون أن إسرائيل مستعدة للتصدي لتهديد من نوع إطلاق طائرات من دون طيار إلى أراضيها.

•تأجيل الرد على الهجمات ليس صدفة. يبدو أن إيران مستعدة للرد لردع إسرائيل عن مواصلة الهجمات، وخاصة أن إسرائيل تواصل مهاجمة أهداف إيرانية في سورية بوتيرة متزايدة وتتوعد بأنها ستواصل ذلك. إن مشكلة إيران هي عدم امتلاكها ردّاً جيداً يؤدي إلى وقف الهجمات، ما دامت في وضع أدنى مقارنة بإسرائيل على الساحة السورية. وفي ضوء توازن القوى هذا فإن محاولة التعرض لإسرائيل يمكن أن تكبد إيران ثمناً باهظاً.

•إن التهديد الأساسي الذي تستطيع إيران استخدامه إزاء إسرائيل هو صليات من الصواريخ الإيرانية، والأكثر معقولية، إطلاق قذائف وصواريخ من جانب حزب الله، وخصوصاً من سورية. لكن مثل هذا الرد يمكن أن يتدهور بسرعة إلى مواجهة أكثر شمولاً، وليس من مصلحة إيران حالياً حدوث تدهور لسببين: الأول، لأن ذلك يمكن أن يضر بجهودها من أجل تعزيز مكانتها ونفوذها في سورية وفي العراق، اللذين يمثلان اليوم الهدف الاستراتيجي الأكثر أهمية بالنسبة إليها؛ الثاني، أن مواجهة واسعة يمكن أن تزود إسرائيل بسبب وفرصة لمهاجمة المنشآت النووية في إيران.

•أُضيف إلى ذلك الضربة المؤلمة المتمثلة في سرقة الأرشيف النووي من قلب طهران. صحيح أنه لم يتضمن دليلاً أكيداً وحاسماً على جهد إيراني جرى للقفز نحو سلاح نووي بعد توقيع الاتفاق النووي، لكنه تضمن إشارة واضحة إلى النية الأساسية للنظام الإيراني على الحصول على هذا السلاح، وهذا يمكن أن يساعد على زيادة الضغوط على النظام وتعديل الاتفاق.

•العملية في طهران [سرقة الأرشيف] يمكن أن تشكل سبباً إضافياً لدفع النظام الإيراني إلى الرد. النظام الإيراني ليس مؤلفاً من كتلة واحدة، وتوجد فيه عداوات وخلافات. وما لا يقل أهمية أن ملايين الإيرانيين يريدون تغيير جوهر النظام، وقسم منهم يخرج من وقت إلى آخر إلى الشوارع للتظاهر ضده. في كانون الأول/ديسمبر 2017 خرجت جماهير إلى الشوارع للمطالبة بتحسين الوضع الاقتصادي، والمطالبة للمرة الأولى أيضاً بوقف التدخل العسكري في سورية، الذي يكلّف إيران مليارات الدولارات.

•على هذه الخلفية من المهم جداً لنظام ديكتاتوري من نوع النظام الإيراني أن يقدم صورة تعكس قوة ونجاحاً أمام مؤيديه وخصومه. لكن سرقة الأرشيف وضعت النظام في وضع مخجل لأنها أظهرته عاجزاً عن منع سرقة مواد حساسة جداً من تحت أنفه. الشعور بالإذلال الذي لا بد وأنه نشأ في قيادة النظام، وأيضاً الخوف من أن تحاول المعارضة استغلال ضعف النظام للتحريض ضده، يمكن أن يزيدا رغبة النظام في القيام بخطوة مضادة تؤلم إسرائيل، بهدف الانتقام واستعادة إيران كرامتها التي تضررت.

•في النهاية، مطروح على جدول الأعمال الإعلان المرتقب للرئيس ترامب بشأن موضوع الاتفاق النووي مع إيران. ومهما يكن هذا الإعلان فإنه سيلحق الضرر بإيران. صحيح أن الاتفاق يفرض قيوداً مهمة على المشروع النووي الإيراني، لكنه يتضمن مزايا مهمة أُخرى: فهو يرفع جزءاً مهماً من العقوبات المفروضة على المشروع بعد مرور بضع سنوات. وعندما تزول القيود، تستطيع إيران أن تقفز بسرعة كبيرة نحو سلاح نووي، تحت غطاء الاتفاق.

•خروج الولايات المتحدة من الاتفاق معناه عودة العقوبات على إيران وتدهور إضافي في وضعها الاقتصادي. إن مطالبة إيران بالدخول في مفاوضات بشأن قضايا لا يشملها الاتفاق، مثل تطوير الصواريخ الباليستية، والرقابة على المنشآت النووية، سبق أن رفضتها طهران، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى عودة العقوبات ضدها.

•تقف إيران في مواجهة قرارات صعبة تتعلق بإسرائيل، بسبب تفوق إسرائيل في الساحة السورية، ولأن الولايات المتحدة تقف ضد إيران. لكن يجب أن نتذكر أن لدى إيران مزايا أيضاً، منها التنظيمات التي تدور في فلكها والموجودة على الأرض، والعلاقة بروسيا، والقدرة على المفاجأة.

المصدر: صحيفة “يسرائيل هيوم”، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole