الكهرباء في غزة: مثلث قوى ومصالح

Spread the love

بقلم: موشيه إلعاد – محاضر إسرائيلي في أكاديمية الجليل الغربي، وتولى مناصب رفيعة في المناطق المحتلة —

•في حزيران/يونيو 2007، حدث انشقاق صعب في المجتمع الفلسطيني، ومنذ ذلك الحين تسيطر منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة محمود عباس على الضفة الغربية، و”حماس” برئاسة خالد مشعل وإسماعيل هنية على القطاع. وفشلت 28 محاولة مصالحة قامت بها مصر، وتركيا، وقطر، وبعض الدول في أوروبا. لم تحدث المصالحة، واليوم يعتقد عباس أن السبيل لاستعادة السيطرة على القطاع هي من خلال استخدام ضغوط سياسية واقتصادية.
•هل من الممكن أن يؤدي خفض تزويد غزة بالكهرباء إلى وقوع كارثة إنسانية؟ أولاً، يجب التمييز بين كارثة حقيقية، وأجواء أو إحساس بالكارثة. والمعروف عن زعماء “حماس” أنهم خبراء في اختلاق أجواء محنة وشعور بكارثة وشيكة. صحيح أن ظروف الحياة هناك صعبة وازدادت صعوبة بصورة خاصة بعد المواجهات العسكرية، لكن لم يتردد الفلسطينيون في عرض واقع وهمي والاستفادة منه إعلامياً وفي بعض الأحيان سياسياً.
•على خلفية حرب الكهرباء التي نشبت في الفترة الأخيرة، نشأ مثلث من قوى، لكل واحدة منها مصلحة مختلفة: إسرائيل تأمل أن يثور سكان غزة ضد قيادتهم وبذلك تكون نهاية مشكلة المشكلات التي اسمها “حماس”. وأبو مازن أيضاً يأمل في أن تنشب ثورة محلية، فتختفي “حماس” ويحل هو محلها. وتتعجب إسرائيل من كيف أن سكان غزة الذين يعانون من ظلم حكم “حماس” (بطالة مرتفعة، شح المياه والكهرباء، وتزود غير منتظم بالمواد الغذائية) لا يثورون ضد حكامهم. ويدل التاريخ على أن الناس لا يثورون في المجتمع الإسلامي العربي ضد الحاكم حتى لو كان من أسوأ الحكام، كي لا يُتهم الثوار بمساعدة العدو.
•في السلطة الفلسطينية يتطلعون إلى التصعيد. واتضح اليوم أن “حرب الكهرباء” ليست إلا مرحلة في النزاع الدائر منذ عشر سنوات بين “حماس” ومنظمة التحرير للسيطرة على الجمهور الفلسطيني. إن تطابق المصالح بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية ضد العدو المشترك “حماس”، أسس في الماضي للتنسيق الأمني. والآن، وفي ظل الواقع الحالي، نشأ بين إسرائيل والسلطة تعاون اقتصادي. يسمح التعاون الأمني لعباس بالتنقل في رام الله من دون خوف من “حماس”. أما التعاون الاقتصادي الذي بدأ بخفض كمية التزود بالكهرباء، ولاحقاً، لا أحد يعلم، ربما بمنع التزود المنتظم بالمواد الغذائية أو بمنع وصول كميات كافية من المياه إلى غزة، فإنه سيسرّع في جعل الحياة فيها صعبة جداً ولا تطاق، مما سيؤدي إلى انفجار عنيف من ناحية “حماس”. وفي تقدير عباس أن إسرائيل سترد على ذلك مستخدمة “عقيدة ليبرمان”، أي أن الجولة المقبلة مع “حماس ” يجب أن تكون الأخيرة، لأنه وفقاً لكلام ليبرمان “لا يمكن أن نسمح لأنفسنا بخوص حرب ضد حماس كل ثلاث سنوات”.
•لا يهم عباس أن تكون عودته إلى القطاع على أسنة الحراب الإسرائيلية، فالمهم هو أن يعود. أمّا “حماس” فما يهمها هو الحصول على ثروة- حرفياً- على حساب الجمهور الغزاوي الفقير. نتمنى فقط ألا تدفع إسرائيل الحساب كالعادة.

المصدر: صحيفة “يسرائيل هَيوم” الإسرائيلية، ترجمة: نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole