الصراع المنسي في كابيندا مقارنة بالصراع في جنوب السودان

Spread the love

cabinda

بقلم: السفير بلال المصري* —

مُــقدمــة
يعد الصراع الدائر حالياً في كابيندا بين الحكومة الأنجولية ومسلحي جبهة تحرير كابيندا من الصراعات القليلة المنسية في العالم فالإعلام الدولي لا يصل ميدانياً إليها إلا بصعوبة بالغة , وعليه فلم يحظي هذا الصراع إلا بالنذر اليسير من الضوء علي ما يحدث داخل جيب كابيندا , ولإنه صراع يًظهر عند التعرض لتاريخه ومجرياته ومآلاته المتوقعة قدراً ملحوظاً من التناقض والإنتقائية في مواقف القوي الكبري – وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية – والإقليمية إزاءه , مقابل صراعات أخري علي الأقل علي مستوي القارة الأفريقية مفتوحة بدرجة كبيرة نسبياً علي نوافذ الإعلام الدولي , لذلك هناك مبرر قوي للتعرف علي مضمون هذا الصراع وتطوره حتي الوصول إلي مقارنة موضوعية أو قريبة من الموضوعية لموقف الولايات المتحدة منه مقارنة بموقفها من الصراع الذي كان بين السودان وجنوب السودان والذي إنتهي بالإنفصال وإعلان قيام دولة جنوب السودان في 9 يوليو 2011 , وفيما يلي عرض موجز قدر الإمكان لوصف ميدان الصراع وتاريخه وتناول الحكومة الأنجولية له قتالاً وتناولاً سياسياً وموقف الولايات المتحدة وبعض الأطراف الإقليمية منه وسيتضح من خلال ذلك كله مآلاته المستقبلية .
معلومات أساسية عن كابيندا :
كابيندا عبارة عن إقليم يطل بساحل طوله 200 كم علي المحيط الأطلنطي بمنطقة وسط أفريقيا جنوب خط الإستواء يقع نهر الكونجو إلي الشمال منه , وتبلغ مساحته 7,283 كم مربع ( تقريباً نصف مساحة ولاية Connecticut الأمريكية) ويقع هذا الإقليم خارج أراضي جمهورية أنجولا وهو عبارة عن جيب مُحاط من جميع الإتجاهات بأراضي الكونجوليتين فيحده من الشمال والشمال الشرقي جمهورية الكونجو (برازافيل) ومن الشرق والجنوب جمهورية الكونجو الديموقراطية (كنشاسا) , وبطبيعة هذا الموقع فلا حدود له مع أنجولا و مدينة Cabinda هي عاصمة الإقليم (تعتبر جبهة تحرير كابيندا مدينة Tchiowa عاصمة للإقليم) الذي تعتبره أنجولا محافظة من بين محافظاتها الثماني عشر ووفقاً للتقسيم الإداري الأنجولي فإن مقاطعة كابيندا تتكون من 4 محليات هي عاصمة الإقليم Cabinda و Belize و Landana و Buco Zau .
تعتبر الأرقام المنشورة عن تعداد سكان إقليم كابيندا متضاربة وربما غير مُعبرة عن الواقع خاصة وأن هذا الإقليم مُعرض لمد وجزر ديموجرافي بسبب الأعمال العسكرية بين الجيش الأنجولي النظامي وميليشيا فصائل المقاومة الكابيندية المسلحة منذ إستقلال أنجولا عام 1975 حتي الآن , مع ملاحظة أن الفارق الزمني بين الأرقام المنشورة عن تعداد السكان بالإقليم مُتباعد نسبيا , فوفقاً لأرقام منشورة عام 1958 بلغ سكانه حوالي 800,000 نسمة بينما تشير أرقام التعداد الرسمي الذي أجرته الحكومة الأنجولية عام 1995( بطبيعة الحال فإن إجراء تعداد سكاني في الظروف السائدة في كابيندا لا يمكن إعتباره بالمعايير الفنية تعداداً مُنضبطاً) إلي أن عدد السكان هناك حوالي 600,000 نسمة يوجد منهم بالإقليم 400,000 بينما فر بسبب القتال الدائر إلي خارج جيب كابيندا نحو 200,000 نسمة , فيما اشار تقرير صادر عام 2006 عن منظمة Human Rights Watch إلي أن عدد السكان بالإقليم يبلغ حوالي 300,000 نسمة , واللغة المحلية السائدة بالإقليم هي لغة Fiote أو Ibinda بجانب البرتغالية , وينتمي ما لا يقل عن 75% من سكان هذا الإقليم إلي المذهب الكاثوليكي .
تاريخ الصراع في كابيندا:
كانت كابيندا في الأصل مملكة مستقلة تدعي Kongo dia Ngunga أو Kongo or Kongo dia Ntolila إنقسمت فيما بعد إلي ثلاث ممالك مستقلة هي Kakongo و N’Goyo وLoango ثم إنصهرت لاحقاً معاً لتتكون منها كابيندا , ومع وصول الأوربيين إلي شاطئ كابيندا عام 1500 طمعوا في الإستيلاء عليها لذلك بادر البرتغاليين لتثبيت مكتسباتهم بالإقليم بعقد معاهدات مع زعماء المجموعات القبلية هناك ثم إقاموا حصناً صغيراً بكابيندا عام 1797وبعد ذلك وُقعت معاهدة Chimfuma عام 1883بين البحرية البرتغالية وأمراء كابيندا وكانت هذه أول هذه المعاهدات تلتها معاهدة Chicamba عام 1884 ثم الثالثة وهي الأهم معاهدة Simulambuco التي وقعتها حكومة التاج البرتغالي في الأول من فبرايرعام 1885 مع أمراء كابيندا و تزامن عقدها مع مجريات مؤتمر برلين الذي عني بتقسيم المستعمرات الأفريقية بين القوي الإستعمارية التقليدية و نتج عن أعمال هذا المؤتمر الإعتراف بتقسيم الكونجو إلي ثلاث أجزاء هي الكونجو البلجيكي والكونجو الفرنسي والكونجو البرتغالي حيث أعتبرت كابيندا جزءاً من حوض الكونجو ( سُميت كابيندا وقتذاك الكونجو البرتغالية ) و نجحت البرتغال في فرض هيمنتها علي معظم مداخل نهر الكونجو فأستطاعت وضع يدها علي هذا الجزء رغم التنافس الفرنسي عليه , وتأتي الأهمية التاريخية والقانونية لمعاهدة Simulambuco من حيث أنها فرضت علي الإقليم وضعية المحمية البرتغالية Protectorate Portuguese , ولذلك نجد أن المادة الثالثة من هذه المعاهدة أشارت إلي أن البرتغال تلتزم بالحفاظ علي التكامل الإقليمي للمناطق التي هي تحت حمايتها أي بكابيندا كما أنها أكدت للرؤساء المحليين سلطاتهم بالإقليم , ويُلاحظ أن هناك ثمة فاصل زمني طويل نسبياً بين فرض البرتغال لحمايتها علي كابيندا بموجب معاهدة Simulambuco1885 وإعتبار البرتغال أنجولا مستعمرة لها عام 1482 , وكانت أنجولا هي الأخري قبل مجئ البرتغاليين إليها عبارة عن ممالك أسسها الـ Bantu أهمها مملكة Kongo ومملكة Loango ومملكة Mbundo وغيرهم , وكان التأثير الإستعماري البرتغالي علي هذه الممالك كبيراً إلي درجة أن Nzinga Nkuwu ملك الـ Kongo تحول إلي المسيحية .
وقد تأكد إختلاف وضعية كابيندا عن أنجولا بعد الإنقلاب العسكري الذي أطاح بملك البرتغال Manuel الثاني عام 1910 وإنتهاء الحكم الملكي بإعلان قيام النظام الجمهوري بالبرتغال الذي وضع دستور جديد للبرتغال عام 1933أبقي علي الإختلافات التي كانت قائمة فيما بين مقاطعات البرتغال فيما وراء البحار بحيث ظلت أنجولا مستعمرة وظلت كابيندا محمية وهو نفس الوضع الذي فرضته فرنسا علي تونس والمغرب , لكن ولأسباب إدارية بحتة ألحقت البرتغال كابيندا عام 1956بمستعمرتها في أنجولا دون إعتبار لإرادة الشعب الكابيندي في هذا الإلحاق .
في إطار رد فعل الشعب الكابيندي المُقاوم للخطوة التي إتخذتها البرتغال من جانب واحد بوضع الإقليم الكابيندي تحت إمرة الحاكم العسكري البرتغالي بأنجولا , قامت السلطات الإستعمارية البرتغالية بكابيندا بحملة إعتقالات واسعة ضد زعماء كابيندا لمنعهم من أي نشاط سياسي معارض من داخل الإقليم مما أضطر بعضهم إلي الفرار إلي دول الجوار حيث تكونت هناك حركات وجبهات متتالية إنطلقت إلي داخل الإقليم وتتراوح مطالب هذه الجبهات أو الحركات ما بين تقرير المصير أوالإستقلال أو الحكم الذاتي , وكانت أول هذه المنظمات السياسية حركة تحرير جيب كابيندا MLEC عام 1959 بقيادة Luis Ranque Franque وأعقب ذلك إنطلاق شرارة الإنتفاضة الشعبية المسلحة عام 1961 فتكونت لجنة العمل والإتحاد الوطني الكابيندي CAUNC عام 1962 بقيادة M. N,Zita ثم وفي عام 1963 نشأ إتحاد Mayombe أو ALLIAMA , وإزاء تعدد جبهات وحركات المقاومة الكابيندية قرر زعماء هذه الحركات عقد مؤتمر في Pointe-Noire بالكونجو برازافيل في الفترة من 2 إلي 4 أغسطس 1963 نتج عنه تأسيس جبهة واحدة تحت أسم جبهة تحرير جيب كابيندا Front de Liberation de l, enclave de Cabinda أو إختصاراً FLEC وضمت الحركات الثلاث سالفة الذكر تحت رئاسة Luis Ranque Franque وينوب عنه Henrique Tiago N,Zita .
بدأت جبهة FLEC في التحرك سياسياً من أجل قضية كابيندا فقامLuis Ranque Franque بعرضها علي رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية في قمتهم التي عُقدت بالقاهرة عام 1964 بإعتبار أن كابيندا كانت عند تأسيس هذه المنظمة مُعترف بها من قبلها بإعتبارها الدولة الأفريقية الـ 39 وأنجولا الدولة الـ35 في قائمة تصفية الإستعمار بأفريقيا وكذا علي قائمة الدول الأفريقية التي لها أن تنضم لهذه المنظمة , لكن Ranque فشل في تحقيق نتيجة ملموسة في هذه القمة بسبب تكرار رفض البرتغال إعمال مبدأ تقرير المصير لأنجولا وبالتالي لكابيندا التي ألحقتها بها وفقاً لما نصت عليه إتفاقية Alvor المُوقعة في 15 ينايرعام 1975إلا أن تغير النظام في لشبونة وتبني الأمم المتحدة لقضية تصفية الإستعمار شجع الكابينديين علي إستئناف جهودهم في سبيل موافقة الأمم المتحدة علي إدراج قضيتهم علي قائمة الأقاليم المطلوب تصفية الإستعمار بها وهو مالم يسجلوا بشأنه أي تقدم يُذكر لأكثر من سبب فأولاً عمل دمج البرتغال الإقليم الكابيندي إدارياً وعسكرياً مع أنجولاً منذ عام 1956علي التمهيد لأي إدارة وطنية تأتي لاحقة للإدارة الإستعمارية في أنجولا للإدعاء بوراثة الحدود Uti possidetis الإستعمارية وهو مبدأ جري تناوله في أول اجتماع لمجلس وزراء منظمة الوحدة الأفريقية الذي سبق مؤتمر رؤساء الدول والحكومات الأفريقية التأسيسي في أديس أبابا عام 1963 واتُفق فيه على الاعتراف بالحدود القائمة واحترامها ، كما قُرر المجتمعون في الوقت نفسه إمكانية تعديل هذه الحدود عن طريق التفاوض , ثانياً أن الحركات المسلحة الأنجولية الرئيسية الثلاث المُقاومة للإستعمار البرتغالي وهي حزب الحركة الشعبية لتحرير أنجولا MPLA بقيادة Agostinho Neto (حزب سياسي تأسس عام 1956) وداعمه الرئيسي الإتحاد السوفيتي وكوبا , وحزب UNITAبقيادة Jonas Savimbi (تأسس عام 1966) وداعمه الرئيسي الولايات المتحدة ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وحزب الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا FNLA ( تأسس عام 1954) وداعمه الرئيسي الصين الشعبية وقاده لفترة طويلة Holden Roberto , كل هؤلاء إتفقوا معاً بالرغم من إختلافاتهم التي تطورت إلي حرب أهلية علي أن كابيندا جزء لا يتجزأ من أنجولا , وعليه فلم يكن بوسع البرتغال وهي التي أسست لهذا الدمج بين الإقليمين أن تدعي بأن كابيندا إقليم مُستقل ونهضت فرنسا بهذا الإدعاء بإستضافة عناصر من جبهة تحرير جيب كابيندا منهم رئيسها Tiago N’Zita المقيم علي أراضيها منذ 1991 ثالثأً أن الولايات المتحدة لا تسعي بديناميكية لفصل كابيندا عن أنجولا ذلك أن مصالحها البترولية مُصانة حتي الآن بالإقليم الذي ينتج ما لا يقل عن 70% من إنتاج أنجولا من البترول البالغ حالياً حوال 2 مليون برميل / يوم بل إن واشنطن قدمت لأنجولاً عوناً إيجابياً بالغ التأثير في مسيرة هذا الصراع سيأتي التعرض له لاحقاً .
كما سبقت الإشارة فإن منظمة الوحدة الأفريقية لم تتجاوب مع دعاوي جبهة تحرير كابيندا FLEC فيما يتعلق بممارسة حق تقرير المصير أو الإنفصال عن أنجولا وفي الوقت الذي كانت المنظمة و معظم الدول الأفريقية تتبني وجهة نظر حركات المقاومة المسلحة الأنجولية الثلاث التي تعتبر كابيندا إقليم أنجولي فإن معظم هذه الدول أيضاً إعتبرت ممثل حزب MPLA بمثابة الممثل الشرعي والوحيد لأنجولا وكان لهذا الحزب ممثل مقيم في القاهرة عُين بعد الإستقلال وزيراً للخارجية ثم رئيساً للجنة الشئون الخارجية للحزب الحاكم وهو من أصل برتغالي (وكان حزب MPLA وقتذاك يتبني نهجاً إشتراكياً ثورياً) فيما إعتبر قليل من الدول الأفريقية حركة تحرير عموم أنجولا UNITA (وتتبني خطاً مُغايراً لحزب MPLA وأرتبط بالولايات المتحدة وجنوب أفريقيا) بأنها الممثل الشرعي لأنجولا , من جهة أخري فإن منظمة الأمم المتحدة هي الأخري , وبالرغم من صدور قرارين – غير مُلزمين من الوجهة القانونية – عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الأول عام 1960 والثاني عام 1970 بشأن ممارسة حق تقرير المصير , إلا أن المنظمة الدولية لم تعترف بجبهة تحرير كابيندا ولا بحق الكابينديين في ممارسة تقرير المصير , ويوضح ذلك وثائق مختلفة صادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وعبر مدي زمني كبير , منها علي سبيل المثال أولاً / ما ورد بتقرير الأمين العام عن أعمال المنظمة عن الفترة من 16 يونيو 1971 حتي 15 يونيو 1972 والذي أشار في الصفحة 205 تحت عنوان ” 3- الأقاليم الواقعة تحت الإدارة البرتغالية ” إلي ما نصه ” ولاحظت الجمعية العامة مع الإرتياح إنتواء اللجنة الخاصة إيفاد فريق لزيارة المناطق المُحررة من أنجولا وموزمبيق وغينيا بيساو , وأقرت الترتيبات المُتعلقة بتمثيل أنجولا وموزمبيق وغينيا بيساو كأعضاء منتسبين في اللجنة الإقتصادية لأفريقيا , وكذلك قائمة ممثلي تلك الأقاليم التي إقترحتها منظمة الوحدة الأفريقية ” . ثانياً / التقرير الصادر عن مجلس الأمن عن الفترة بين 16 يونيو 1972 إلي 15 يونيو 1973 والذي يؤكد هو الأخر أن كابيندا لم تكن من وجهة نظر الأمم المتحدة إقليماً من ضمن الأقاليم التي طالب المجتمع الدولي بتصفية الإستعمار بها , فقد ورد بالفصل الخامس بالصفحة 169 من هذا التقرير وتحت عنوان ” المسألة المُتعلقة بالحالة في الأقاليم الواقعة تحت الإدارة البرتغالية ما يلي نصاً :
– ” 552 – أعرب ممثل البرتغال في رسالة مؤرخة في 15 تشرين الثاني / نوفمبر (S\10833 ) عن أسفه لدعوة مجلس الأمن إلي الإنعقاد بناء علي طلب قائم علي مفاهيم خاطئة , وقال أن المسألة قيد النظر لا تدخل في إختصاص مجلس الأمن إذ لا يوجد أي خلاف بين البرتغال وأي من الدول التي طلب ممثلوها دعوة المجلس إلي الإنعقاد , وبالإضافة إلي ذلك فإن الحالة السائدة في الأقاليم البرتغالية إنما تدخل ضمن الولاية المحلية لدولة عضو وبناء علي ذلك فمن الواضح , وفقاً للفقرة 7 من المادة الثانية من الميثاق (ميثاق الأمم المتحدة) أنها لا تدخل ضمن المسائل التي يحق للأمم المتحدة النظر فيها ” .
– ” 553 – وقدم الأمين العام إلي رئيس المجلس , في رسالة مؤرخة في 15 تشرين الثاني / نوفمبر ( S\ 10836 ) نص القرار 2918 ( د – 27) المُتعلق بمسألة الأقاليم الواقعة تحت الإدارة البرتغالية والذي إتخذته الجمعية العامة في جلستها 2084 المُنعقدة بتاريخ 14 تشرين الثاني / نوفمبر 1972 وأسترعي الإنتباه إلي الفقرة 7 من ذلك القرار , التي توصي فيها الجمعية العامة مجلس الأمن بأن ” 5- ويؤكد أن حركات التحرير القومي في أنجولا وغينيا ( بيساو) والرأس الأخضر وموزمبيق التي إعترفت بها منظمة الوحدة الأفريقية هي الممثلة الشرعية لشعوب تلك الأقاليم ., “6- ويطلب من حكومة البرتغال , طبقاً للتوصية الواردة في قرار الجمعية العامة 2918 (د-27) ووفقاً للأحكام المُتعلقة بهذا الموضوع والمنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وقرار الجمعية العامة 514 (د- 15) أن تدخل في مفاوضات مع حركات التحرير القومي لأنجولا وغينيا بيساو والرأس الأخضر وموزمبيق المُعترف بها من منظمة الوحدة الأفريقية , من أجل التوصل إلي حل للنزاع المُسلح الناشب في هذه الأقاليم والسماح لها بنيل الإستقلال ,. ” 7- ويؤكد أن المساعدة العسكرية وغيرها من أشكال المساعدات التي يقدمها بعض حلفاء البرتغال العسكريين ضمن منظمة حلف شمال الأطلنطي إلي حكومة البرتغال تسمح لهذه الحكومة بمتابعة سياستها الرامية إلي السيطرة الإستعمارية والقمع الموجهة ضد شعوب أنجولا وغينيا بيساو والرأس الأخضر وموزمبيق , مُعرضة بذلك السلم والأمن الدوليين في القارة الأفريقية إلي الخطر,. “8- ويرجو جميع الدول لاسيما بعض حلفاء البرتغال العسكريين ضمن منظمة حلف شمال الأطلنطي أن تمسك عن تقديم أية مساعدة من أي نوع إلي الحكومة البرتغالية إلي أن تتخلي عن سياسة السيطرة الإستعمارية التي تنتهجها ,. “9- ويناشد جميع الحكومات والوكالات المُتخصصة والمنظمات الأخري في مجموعة منظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية مد حركات التحرير القومي بأنجولا وغينيا بيساو والرألأس الأخضر وموزمبيق المُتعرف بها من منظمة الوحدة الأفريقية بكل المساعدة الأدبية والمادية اللازمة في كفاحها من أجل تقرير المصير والإستقلال ” .
أشار تقرير مجلس الأمن عن الفترة بين 16 يونيو 1972 إلي 15 يونيو 1973 في فقرته برقم 556 إلي ” أن مجلس الأمن وافق في الجلسة 1672 علي إلتماس تقدم به ممثلا السودان والصومال في رسالة مُؤرخة في 13 تشرين الثاني / نوفمبر (S\10830) بتوجيه الدعوة وفقاً للمادة 39 من النظام الداخلي المُؤقت إلي السيد مارتشيلينودوس سانتوس نائب رئيس جبهة تحرير موزمبيق (فريليمو) وإلي السيد جيل فرنانديس عضو المجلس الأعلي للحزب الأفريقي لإستقلال غينيا بيساو والرأس الأخضر PAIGC والسيد مانويل جورج عضو حركة التحرير الشعبية لأنجولا MPLA .
أشار هذا التقرير أيضاً في فقرته 564 إلي أن ممثل الصومال قدم باسم السودان والصومال وغينيا مشروع قرار S\ 10834 قال عنه أنه يهدف إلي تقويم الحالة القائمة في الأقاليم وإستكمال القرارات السابقة التي إتخذها مجلس الأمن والجمعية العامة , ويخلو مشروع هذا القرار من أي إشارة لجبهة تحرير كابيندا أو كابيندا نفسها بل كانت الإشارة لعموم انجولا كواحدة من بين المستعمرات البرتغالية بأفريقيا التي يستهدف مشروع هذا القرار شمولها بالتصفية , فيما أشار ممثل أوغندا في مداخلته الواردة بالفقرة 572 من التقرير إلي ” أن مجلس الأمن لم يجتمع ليناقش ما إذا كان ينبغي أن تنال الأراضي البرتغالية إستقلالها حيث أن هذا الهدف قد تحدد بوضوح في العديد من قرارات المجلس وقرارات الجمعية العامة , وأن البرتغال ذكرت أنها لا ترفض مبدأ تقرير المصير , غير أن تقرير المصير لا يعني في الواقع بالنسبة للبرتغال الإستقلال , لقد وُصفت البرتغال في معهد الدراسات العسكرية العليا بلشبونة بأنها ” أمة ” يوجد بها 4,2 % من مساحتها و41% من سكانها في أوروبا بينما يُوجد 95% من مساحتها و55% من سكانها في أفريقيا , وهكذا فإن البرتغال في نظر الحكومة البرتغالية تكون وحدة دستورية تمتد إلي القارتين الأوروبية والأفريقية علي السواء وتستعمل البرتغال كلمتي “تقرير المصير” و “دولة” بمعني فريد ينطوي علي الخداع ” .
أشار تقرير مجلس الأمن في فقرته 591 إلي أنه تم وبإجماع الآراء في الجلسة 1677 المُنعقدة في 22 تشرين الثاني / نوفمبر 1972 إقرار القرار S\ 10838\Rev المُقدم من الصومال والسودان فأصبح القرار 322 لعام 1972 وقد خلا هذا القرار من أي إشارة لكابيندا هو الآخر فأستخدم عبارة ” الأقاليم الواقعة تحت الإدارة البرتغالية ” والتي وردت في نص القرار علي أنها تشمل علي سبيل الحصر أنجولا وموزمبيق وغينيا بيساو والرأس الأخضر , لكن مما يسترعي النظر وله صلة ما بخلفيات الموقف الأمريكي ليس فقط من حركات التحرير في أنجولا بل وفي كابيندا أيضاً هو ما أشار إليه ممثل الولايات المتحدة في مداخلته الواردة بالفقرة 594 من تقرير مجلس الأمن المُشار إليه , حيث قال ” أنه لو جري تصويت مُستقل علي الفقرة الثانية من القرار S\ 10838\Rev لأمتنع وفد الولايات المتحدة عن التصويت (الفقرة التي تشير إلي إعتراف منظمة الوحدة الأفريقية بحركات التحرير في أنجولا وموزمبيق وغينيا بيساو والرأس الأخضر) بإعتبار أن السيادة علي الأقاليم البرتغالية هي في عهدة البرتغال والولايات المتحدة تعترف بهذه السيادة البرتغالية حتي في الوقت الذي تحث فيه البرتغال بإستمرار السماح لسكان هذه الأقاليم بممارسة حقهم في تقرير المصير فهذا الحق لا تعتبره الولايات المتحدة الخيار الوحيد لهم .
أما علي المستوي الإقليمي فلم يكن تناول دول الجوار الأنجولي لقضية كابيندا علي منوال منظمتي الوحدة الأفريقية والأمم المتحدة , فقد تأثرت قضية كابيندا شأنها شأن كل القضايا السياسية بمناخ الحرب الباردة , وكذلك بالعلاقات التحتية والبينية لدول جوار أنجولا مع حركات التحرير الأنجولية وخاصة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا MPLA ذات الميول الماركسية اللينينية (وقتذاك) والتي دعمها الإتحاد السوفيتي وكوبا وبعض دول حلف وارسو , فيما دعمت الولايات المتحدة وبعض حلفاءها في حلف شمال الأطلنطي وبعض النظم الأفريقية الحليفة للولايات المتحدة حركة تحريرعموم أنجولا UNITA وتصاعد هذا الدعم من القطبين الأعظم وحلفاءهما بوتيرة غير مسبوقة بعد إعلان إستقلال أنجولا في 11 نوفمبر 1975وتسليم السلطات البرتغالية بأنجولا السلطة إلي إئتلاف يضم هذه الأحزاب الثلاث التي سرعان ما إنهار إئتلافها فبدأت الحرب الأهلية فيما بينها وهي الحرب التي مزقت البلاد شر ممزق من 1975 حتي 2002 وكان حزب MPLA في مركز أقوي نسبياً حيث كان يحكم سيطرته علي العاصمة لواندا وعلي حقول البترول قبيل جلاء البرتغاليين وإعلان الإستقلال وعلي مدي الحرب الباردة أصبحت أنجولا أكبر ميدان لممارسة هذه الحرب من خلال القطبين الأعظم بصفة غير مباشرة وعبر حلفاءهما الإقليميين بصفة مباشرة , فقد إستمرت هذه الحرب الضروس طيلة 27 عاماً بين MPLA التي مولتها من البترول الذي كانت تستخرجه شركة Elf الفرنسية و Gulf Oilالأمريكية من حقول كابيندا , فيما مولت UNITA حربها ضد MPLA من تجارة الألماس .
إنضمت جبهة تحرير جيب كابيندا- القوات المسلحةFLEC – FAC في يوليو 1997 إلي منظمة الشعوب والأمم غير المُمثلة UNPO .
أسس مطلب تقرير مصير كابيندا
تتراوح مطالبات المقاومة الكابيندية منذ ما قبل إستقلال أنجولا عام 1975 وحتي الآن بين الإستقلال وممارسة حق تقرير المصير والحكم الذاتي , وتتأسس وجهة النظر الكابيندية علي الأسس التالية :
أولاً الأسس القانونية والتاريخية :
أعلنت البرتغال لأول مرة عام 1885 عن سيادتها علي كابيندا لدي توقيع معاهدة Simulambuco التي بموجبها فرضت علي كابيندا وضع المحمية , وكان أطراف هذه المعاهدة هم ممثلو العرش البرتغالي وأمراء كابيندا , وهو وضع مشابه للوضع الذي فرضته فرنسا علي تونس والمغرب , ولهذا أكد الدستور البرتغالي ” Estado Novo ” الصادر عام 1933 في عهد António de Oliveira Salazar علي أن أنجولا التي كانت في وضع المُستعمرة وكابيندا التي في وضع المحمية جزءان مختلفان داخل الإمبراطورية البرتغالية , إلا أنه وإزاء رغبة البرتغال في توحيد إدارتها لأنجولا وكابيندا فقد قامت بدمجهما تحت إدارة عسكرية واحدة عام 1956 , ثم ترسخت هذه الوضعية عندما أُلحقت كابيندا بالإقليم الأنجولي لاحقاً وفقاً لإتفاق Alvor الموقع بين البرتغال والأحزاب الأنجولية الثلاثMPLA وUNITA و FNLA في 15 يناير 1975 والذي نص علي منح البرتغال الإستقلال لأنجولا في 11 نوفمبر 1975 وأستبعدت جبهة تحرير جيب كابيندا من المفاوضات والتوقيع علي هذا الإتفاق الذي أشار إلي كابيندا علي أنها جزء لا يتجزأ من أنجولا , وبالرغم من أن الكابينديين رأوا في هذا الإلحاق إلحاقاً باطلاً بإعتبار أن مؤتمر برلين 1884-1885 إعتبر كابيندا جزءاً من حوض نهر الكونجو وعليه فهي جغرافياً ومن وجهة نظر القانون الدولي تعد إقليماً مستقلاً عن أنجولا , وهو ما تأكد لاحقاً في الدستور البرتغالي ” Estado Novo ” الصادر عام 1933 في عهد António de Oliveira Salazar عندما نص علي أن أنجولا وكابيندا جزءان مختلفان داخل الإمبراطورية البرتغالية , وعلي كل الأحوال فالموضوع برمته مازال خلافياً , فالحكومة الأنجولية وآخرين يرون أن كابيندا في هذا الوقت لم يكن لها إعتراف دولي وبالتالي فإن اي سيادة أخري غير أنجولا معدومة .
يري الكابينديون أن الخلفية العرقية والثقافية لكابيندا مختلفةعن تلك التي لأنجولا , فالكابينديين ينتمون عرقياً لمجموعة Bakongo وهؤلاء لغتهم هي الـ Kikongo وبالرغم من أن غالبية سكان مقاطعتي Uige و Zaire بأنجولا يتكلمون ينتمون هم أيضاً لعرقية Bakongo إلا أن الكابينديين طوروا ثقافة ولغة الـ Kikongo بشكل مختلف جداً عن نظرائهم في أنجولا , وإتصالاً بهذا فقد نشر موقع صحيفة Digital Congo في 20 يونيو 2006 القريبة من دوائر الحكومة الكونجولية في كنشاسا أن الكابينديين المُتواجدين علي أراضي جمهورية الكونجو الديموقراطية عارضوا ورفضوا بشكل قاطع أن يتم تعريف جنسيتهم من قبل المفوضية الوطنية الكونجولية للاجئين علي أنهم أنجوليين وأن هذه المفوضية تصر علي أنها ستعتبرهم أنجوليين في بطاقات الهوية التي ستصدرها لهم , فيما أشارت الصحيفة إلي أن رئيس تجمع الكابينديين Afonso A. Muanda طالب الأمين العام للمفوضية الكونجولية نقل رفضهم للحكومة الكونجولية علي إعتبار أنه لما كانت أنجولا ترفض الإعتراف بحق كابيندا في تقرير مصيرها , فلا مسوغ إذن لأن يُشار إلي كونهم أنجوليين لأنهم لاجئين كابينديين , , ورد أمين الأمين الدائم للمفوضية الكونجولية بأن حكومة الكونجو كينشاسا لا تتعاطي في هذا الأمر مع الإستقلاليين الكابينديين حتي تلتزم بوجهة نظرهم لكنها تفعل ذلك مع الدول المستقلة وأن بلاده تستقبلهم علي أنهم لاجئين أنجوليين لأن كابيندا مُعترف بها علي أنها أحد مقاطعات أنجولا وستصدر البطاقة علي هذا النحو : ” الجنسية أنجولي / مقاطعة كابيندا , , ويُلاحظ أنه لا الأمم المتحدة (المفوض السامي لشئون اللاجئين) ولا منظمة الوحدة الأفريقية والإتحاد الأفريقي لاحقاً تدخلتا في هذا الأمر بإعتباره صراعاً علي غرار ما تناولته الأمم المتحدة في قضية دارفور مثلاً بإعتبارها تهدد السلام والأمن العالمي , بل إن الإتحاد الأفريقي وفي القمة الرابعة عشر لرؤساء ادول واحكومات الإتحاد الأفريقي بأديس أبابا في الفترة من 31 يناير حتي2 فبراير 2010 وفي ختام أعمالها أقرت قرار من 6 نقاط يدين بقوة الهجوم الإرهابي الذي حدث الشهر الماضي ( يناير) في مقاطعة كابيندا , وطالب القرار المجتمع الدولي وعلي نحو خاص الدول غير الأفريقية التي قامت بتدبير وتخطيط الهجوم علي فريق كرة القدم التوجولي ووفي الحافلة التي كانت تقله بكابيندا , بالتعاون مع الحكومة الأنجولية لتقديم المسئولين عن هذا الهجوم للعدالة وبأن تتخذ التدابير الضرورية من أجل منع إستخدام الإرهابيين أراضيها للتخطيط وتنفيذ الأفعال الإرهابية ضد الدول الأفريقية .
ثانياً الأسس الثقافية والإثنية :
يتمسك الجانب الكابيندي دائماً بمفهوم الخصوصية الثقافية والإثنية لسكان كابيندا , فممالك كابيندا الثلاث التي تعامل معها البرتغاليون وعقدوا معهم معاهدة Simulambuco- وفقاً لهذا المفهوم – تنتمي إلي إثنية Kikongo وهي جماعة إثنية لغوية معاً مختلفة وإن كان سكان مقاطعتي Zaire و Uije الأنجوليتين ينتمون إليها أيضاً , لكن ذلك لم يمنع – من وجهة نظر كابيندية – إحتفاظ سكان كابيندا بوحدتهم الثقافية واللغوية وتطويرهم لثقافة متباينة عن تلك السائدة في أنجولا , وعموماً فإن جبهة FLEC ومن وراءها معظم الكابينديين يضعون أنفسهم موضع المختلفين المُغايرين لسكان أنجولا , وهو ما يعارضه الأنجوليين بتأكيدهم علي أن هناك بالفعل إختلافات ثقافية في مقاطعات أنجولا الثماني عشر , فسكرتير عام حزب MPLA الحاكم وكثير من السياسيين والنخبة الأنجولية يرون أن الإختلاف الثقافي واللغوي لا يقيم وحده منطقاً لممارسة تقرير المصير فهو سبب غير كاف لهكذا مطالبة لأن بعض إن لم يكن كل مقاطعات أنجولا الثماني عشر لها هويات ثقافية مميزة .
وفقاً لهذه الأسس تتمسك جبهة تحرير جيب كابيندا ومن وراءها الكنيسة ومنظمات المجتمع المدني وأهمها Mpalabanda بطرح خيارات الإستقلال وتقرير المصير منذ ما قبل حصول أنجولا علي الإستقلال في 11 نوفمبر 1975 وحتي يومنا هذا , ولهذا فقد بادرت جبهة تحرير جيب كابيندا FLEC بالتحرك سريعاً نحو البرتغال بإعتبارها القوة الإستعمارية المُسيطرة علي أنجولا وكابيندا معاً لبحث مستقبل كابيندا وبالفعل أجرت محادثات في لشبونة في 10 يوليو 1974مع البرتغاليين في هذا الشأن , * ( وثيقة صادرة عن اللجنة الدائمة لحزب MPLA مكتب دار السلام في 12 فبراير 1974 ) وبالرغم من أن جهود جبهة FLEC لنيل الإستقلال من البرتغال ثم بعد ذلك من أنجولا لم تحرز نتيجة إيجابية , إلا أن الجبهة لم تستسلم للأمر الواقع De facto كما لم يخضع أو يسلم معظم الشعب الكابيندي للإرادة السياسية الأنجولية أو التبعية للإقليم الأنجولي سواء تحت الحماية البرتغالية أو بعد إلحاق البرتغال الإقليم بقيادتها الإستعمارية في لواندا , ولهذا وإستجابة لنداء الذي وجهته جبهة تحرير جيب كابيندا قاطع الشعب الكابيندي الإنتخابات العامة متعددة الأحزاب والوحيدة التي أُجريت في عموم أنجولا في سبتمبر 1992والتي فاز فيها حزب MPLA بالأغلبية البرلمانية , أما علي مستوي الإنتخابات الرئاسية فلم يفز أياً من المرشحين حيث لم يحز أيهما علي الأغلبية المطلوبة فـ Dos Santos حصل علي نسبة 49,6% ومنافسه Savimbi حصل علي 40% .
الأدوار الرئيسية ذات الصلة بالصراع في كابيندا
تأثر الإقليم المباشر المحيط بكابيندا بالصراع داخل الإقليم وكانت أكثر دوله تأثراً وتأثيراً في هذا الصراع الكونجو الديموقراطية (زائير سابقاً) والكونجو برازافيل , فيما إتخذت الجابون موقفاً مُتماهياً مع الموقف الفرنسي من القضية خاصة في عهد الرئيس الجابوني الراحل عمر بونجو وكذلك كان هناك دور لجنوب أفريقيا ليس إزاء القضية الكابيندية بل إزاء مجمل الوضع الأنجولي فكانت جنوب أفريقيا عاملاً مؤثراً في الحرب الأهلية الأنجولية 1975 – 2002 , لكن صلتها بالقضية الكابيندية لم تكن متقاطعة مع دعمها العسكري لحزب UNITA , ولما كانت الحرب الأهلية الأنجولية – والقضية الكابيندية بالتبعية – أحد نتائج الحرب الباردة بين القطبين الأعظم لذلك كان الدورين السوفيتي – حتي تفكك الإتحاد السوفيتي في مستهل عقد تسعينات القرن الماضي – والأمريكي منذ 1975 وحتي يومنا هذا حاسمين كل بدرجة تتفق والمدي الزمني المُشار إليه , وفيما يلي عرض مُوجز لهذه الأدوار :
الدور الفرنسي إزاء الصراع في كابيندا :
تشكل الموقف الفرنسي إزاء الصراع في كابيندا منذ مؤتمر برلين 1884 – 1885 الذي كان في جوهرة عرضاً لصراع القوي الإستعمارية التقليدية علي الغنائم أي علي المستعمرات الأفريقية , ولم تكن فرنسا ببعيدة عن كابيندا فكابيندا جزء من الكونجو الأسفل Bas Congo وكانت فرنسا قد وضعت الكونجو برازافيل تحت إدارتها , ولكن مؤتمر برلين أقر للبرتغال حيازة كابيندا كمحمية برتغالية .
إعترفت فرنسا والبرتغال بمبدأ كابيندا المُستقلة , وفي هذا الإطار أقامت جبهة تحرير جيب كابيندا مكتباً لها في البرتغال (سبقت الإشار إليه) وفي فرنسا سمحت السلطات بها بفتح مكتب لجبهة FLEC بمنطقة Brie-Comte-Robert , كما سمحت السلطات الفرنسية لرئيس جبهة FLEC منذ عام 1991 السيد Nzita Tiago ( يُشاع حمله الجنسية الفرنسية ) وعناصر كابيندية أخري بالإقامة بفرنسا وسُمح للمكتب بإصدار جوازات سفر وبطاقات هوية للمواطنين الكابينديين , وقد أدي هذا الموقف الرسمي الفرنسي المتعاطف – لأسباب مصلحية فرنسية – مع المسألة الكابيندية من وجهة نظر جبهة تحرير جيب كابيندا , إلي رد فعل أنجولي عنيف مُضاد للمصالح الفرنسية في أنجولا وخارج أنجولا لدرجة أن أنجولا إعترفت علي مدي عام 2006غير مرة بدعم نظام الرئيس العاجي جباجبو عسكرياً وسياسياً في مواجهة خصمه الحسن واتارا الذي كانت تدعمه فرنسا التي نجحت في نهاية هذا الصراع علي السلطة في الإطاحة بجباجبو , وظلت العلاقات الفرنسية مُهددة بفعل الموقف الفرنسي المضاد للموقف الأنجولي من القضية الكابيندية بالإضافة إلي تبعات ما عُرف بقضية Angolagate والمُتعلقة بتوريد صفقات أسلحة أثرت علي مسار الحرب لصالح حزب MPLA الأنجولي إبان الحرب الأهلية وتمت هذه الصفقة بمعرفة وسطاء غير مُرخص لهم بالبيع , بحيث وصم القضاء الفرنسي المتورطين في هذه الصفقات بأنهم مهربين ومستغلين للنفوذ وفاسدين ومُقترفين للغش المالي , وكان من هؤلاء الوسطاء مسئولين أنجوليين ومصرفيين ورجال أعمال وسياسيين فرنسيين أيضاً (منهم Jean Christophe Mitterrand) من جهات مختلفة وكان ممن وجه القضاء الفرنسي لهما هذه التهم Pierre Falcone (فرنسي يحمل الجنسية الأنجولية) والعقيد السابق بالمخابرات السوفيتيةAcradi Gaydamak (يحمل الجنسية الإسرائيلية أيضاً ) والذين سلمتهما الخارجية الأنجولية بإذن رئاسي جوازي سفر دبلوماسيين لتحصينهما من القضاء الفرنسي الذي وجه إليهما هذه الإتهامات لتهريبهما كميات أسلحة للجانب الأنجولي في خلال الفترة من 1993 حتي عام 2000 خرقاً للحظر علي مبيعات السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة ضد أطراف الحرب الأهلية الأنجولية , وبلغت قيمة هذه الصفقات ما لا يقل عن 790 مليون دولار تم توريدها من خلال شركة سلوفاكية شكلاها عام 1993تحت أسم ZTS-Osos بل إن الحكومة الأنجولية تحدت فرنسا فعينت Falcon ممثلاً لها لدي اليونسكو بباريس .
بسبب ما تقدم ظل التوتر وعدم التفاهم طابعاً للعلاقات الفرنسية الأنجولية , لكن الحسابات السياسية الأنجولية ربما تكون قد أوجبت علي الرئيس Jose E.Dos Santos المبادرة بكسر الدائرة المفرغة للعلاقات الثنائية مع فرنسا , وهو ما حدث بالفعل فقد بعث الرئيس الأنجولي في 8 مايو 2007 برسالة تهنئة للرئيس الفرنسي المُنتخب Nicolas Sarkozy أشار فيها إلي ” النصر المبين والتاريخي ” الذي حصل عليه الرئيس ساركوزي في الإنتخابات الفرنسية التي جرت في 7 مايو 2007 , كما أشار إلي أن ” الشعب الفرنسي قد إنتخبه لكونه يحمل معه الأمل في مستقبل أفضل للجميع , وأنه ” يحدوه ( أي الرئيس الأنجولي) نفس الأمل من أجل العلاقات الأنجولية / الفرنسية والتي مرت بمصاعب خارجة عن الإرادة ” , وكانت هذه الرسالة عرضاً للنوايا الحسنة من قبل أنجولا ودعوة للإعراض المتبادل عن المشاكل والأزمات الماضية والتي وصفها الرئيس الأنجولي بأنها خارجة عن الإرادة فيما يمكن ترجمته بالإعتذار غير المباشر , وكان من المتوقع أن تشهد العلاقات الثنائية بعد هذا الإختراق الأنجولي غير المسبوق لأزمة العلاقت إستعادة للمستوي المناسب * (حدث قبل ذلك بنحو ثلاث أعوام أن وجه الرئيس الأنجولي إنتقادات قاسية لفرنسا في كلمته لسفير فرنسا الجديد بمناسبة تسلمه أوراق الإعتماد من السفير الفرنسي الجديد لدي أنجولا , وكانت الكلمة القاسية مطولة بشكل غير معتاد في مثل هذه المناسبة البروتوكولية) , لكن الرسالة الأنجولية الإيجابية وصلت للجانب الفرنسي فقام الرئيس الفرنسي Sarkozyبزيارة رسمية لأنجولا في 23 مايو 2008 وتحدث من لواندا عن شراكة إقتصادية وسياسية بين الدولتين , وأن ” أنجولا وفرنسا قررتا طي صفحة سوء الفهم الماضية ” ووصفت صحيفة Le Monde في 26 مايو 2008 زيارة الرئيس الفرنسي بأنها هدفت إنهاء الإشتباك مع أنجولا فيما يتعلق بمسألة مبيعات السلاح أو بما عُرف بقضية Angolagate التي بسببها تعرقلت العلاقات الثنائية , كما هدفت إلي فتح آفاق جديدة للدبلوماسية الفرنسية في أفريقيا , , ونقلت الصحيفة عن الرئيس الفرنسي قوله ” إن أنجولا قوة رئيسية بالمنطقة وأفريقيا ولديها إمكانيات إقتصادية هائلة ” , وفي رده علي كلمة الرئيس الفرنسي أشار الرئيس الأنجولي إلي أن ” أنه يجب علي فرنسا مواصلة جهودها من أجل السلام والإستقرار في الدول الفرانكفونية , ولكن أيضاً في الدول الأخري ” وذلك في إشارة خافتة غير مباشرة للموقف الفرنسي إزاء قضية كابيندا .
تعول فرنسا علي إستعادة علاقاتها الثنائية مع أنجولا حيث يمثل البترول الأنجولي الذي يبلغ الإنتاج منه 2 مليون برميل / يوم هدفاً عزيزاً لإستراتيجية الطاقة الفرنسية التي تعول علي إستغلال يورانيوم النيجر وبترول نيجيريا وأنجولا وغينيا الإستوائية والجابون , فشركة Total الفرنسية التي إشترت Elf تعتبر أنجولا منطقة ذات أهمية كبري , وتشتري الصين الشعبية نحو 40% من إنتاج Total بأنجولا وفيما بين عامي 2006 و 2007 تضاعف إنتاج Total في أنجولا وتطمح الشركة في المزيد علي مدي الأعوام القادمة . Le Monde ) *26 مايو 2008 )
دور الكونجو كينشاسا :
كانت السياسة الزائيرية فيما يتعلق بكابيندا تتجه إلي التأكيد علي حق ” محمية ” كابيندا في ممارسة حق تقرير المصير مثلها مثل شعب Cape Verde (الرأس الأخضر) وSao Tome e Principe والذين حصلا بموجب ذلك علي إستقلالهما , ولم تكتف الكونجو كنشاسا (زائير) بذلك بل وفرت مواقع لإقامة معسكرات لعناصر FLEC بأراضيها فيKiota و CAMP TSHATSHI , في الوقت الذي دعمت فيه زائير أيضاً قوات حزب UNITA المناوئ لحكومة أنجولا التي مثلها – وللآن – حزب الحركة الشعبية لتحرير أنجولا MPLA وأستمر ذلك في معظم عهد الرئيس موبوتو , وكان هذا تناقضاً وأزدواجية في الموقف الزائيري حيال القضية الكابيندية لأن حزبي UNITA و MPLA يرفضان بقوة أي دعاوي يتأسس عليها إنفصال كابيندا عن أنجولا ومع ذلك دعمت زائير(الكونجو الديموقراطية الآن) بالتنسيق مع جنوب أفريقيا والولايات المتحدة حزب UNITA , وفي نفس الوقت دعمت المقاومة الكابيندية المسلحة , مما ألقي ببعض الشك أحياناً لدي حكومة MPLA وبعض العناصر الكابيندية بأن هناك ثمة رابط مُشترك أو تواطؤ من جبهة تحرير جيب كابيندا FLEC مع أو لصالح UNITA .
إستندت زائير في تكوين موقفها بدعم إستقلال كابيندا علي تصريح أدلي به رئيس وزراء البرتغال سواريز في 9 نوفمبر 1974 أي قبل إستقلال أنجولا بيومين أشار فيه إلي أن الإستفتاء وحده هو الذي يحل مشكلة كابيندا لأنها جزء لا يتجزأ من إقليم زائير (أسم لمحافظة في شمال أنجولا متاخمة للحدود مع الكونجو الديموقراطية) , كما أن هذا الموقف كانت وراءه دوافع أو أسباب جيوسياسية مختلفة من بينها الخلاف العقائدي بين حزب MPR الزائيري وحزب MPLA الأنجولي ذي التوجهات الماركسية , ورغبة زائير في توسيع ساحلها الضيق جداً علي الأطلنطي إن نجحت إما في ضم كابيندا إليها أو إبقاءها منفصلة عن أنجولا , وإستمر نظام الرئيس الزائيري Mobutu في دعم جبهة تحرير جيب كابيندا FLEC منذ إنشاءها وحتي أثناء الحرب الأهلية الأنجولية وأستقبل علانية في كنشاسا في يونيو 1974 Luis Ranque Franque , وفي هذه الآونة أعلن Henrique Tiago N,Zita من داخل كابيندا ومن مقره بمدينة Tchiowaعن تشكيل جبهة تحرير كابيندا Front de Liberation du Cabinda (FLC) التي ضمت عناصر مُنشقة عن حزب MPLA الأنجولي بقيادة Neto وكان لهذه الجبهة ذراع بالكونجو برازافيل هو Auguste Tchioufou المدير المساعد لشركة Elf –Congo , كما نشأت أيضاً حركتان آخريان للمقاومة الكابيندية علي أراضي الكونجو هما الإتحاد الديموقراطي لشعوب كابينداUDPC وحركة الشعب الكابيندي MPC , وكما حدث قبل ذلك مع الحركات التي إندمجت في حركة واحدة هي FLEC فقد إندمجت هذه الحركات الثلاث أيضاً في حركة واحدةوتقرر ذلك في مؤتمر جمعها في مقر الغرفة التجارية فيPointe Noire في30 يونيو 1974 وقررت تشكيل لجنة تنسيق لحركات المقاومة الكابيندية وفي 11 أغسطس 1974 برئاسة فخرية للسيد Luis Ranque Franque وعُين Auguste Tchioufou رئيساً وHenrique Tiago N,Zita نائباً له , وإجتمعت نفس هذه الحركات في Tchiowa بكابيندا بدعم من جبهة تحرير كابيندا FLEC التي وإن لم تشارك في إجتماعات هذه الحركات إلا أن هذه الحركات إستخدمت مقر FLEC بمؤازرة من الكونجو برازافيل , وفي مواجهة تنسيق القوي الكابيندية وإتجاهها للوحدة أعلن حزب الحركة الشعبية لتحرير أنجولا MPLA في يونيو 1975 – أي قبل إعلان الإستقلال في نوفمبر 1975 – عن سيطرته عسكرياً علي كابيندا .
كان التطور الأهم والذي نجم بشكل مباشر عن دخول قوات MPLA لأراضي كابيندا هو إعلان N,Zita من باريس في يوليو 1975 عن إقامة حكومة إنتقالية كابيندية وإعلان Luis Ranque Franque من كمبالا في 13 أغسطس 1975عن إستقلال كابيندا بالتزامن مع إعلان إستقلال أنجولا فقد كان نظام زائير / موبوتو يتحسب من مآلات ضم كابيندا لأنجولا خاصة بعد تمركز قوات MPLA في الإقليم لذلك سارعت المقاومة الكابيندية بدعم زائيري مباشر إلي غزو كابيندا في نوفمبر 1975 لكنها ووجهت بفرقة كوبية ردتهم علي أعقابهم , وإزاء هذا الفشل وبضغط من زائير جرت عملية إعادة تنظيم لصفوف الحركات الكابيندية نتج عنها طرد Luis Ranque Franque في بواكير 1976 وكان هذا في مصلحة Henrique Tiago N,Zita و وفي الفترة من مارس – أبريل 1976 ظهرت ما سُميت بالحركة من أجل تحرير كابيندا MOLICA وبدا العقيد Jean da Costa في لعب دور غالب فيها خاصة في المجال العسكري , وفي 16 يناير 1977 حدث تطور ذا مغزي – خاصة فيما يتعلق بالدور الفرنسي المضاد لأنجولا في القضية الكابيندية – إذ خُطف ثلاث فرنسيين بالكونجو برازافيل يعملون في مشروع سكك حديد Congo – Ocean , وفي الأول من مايو 1977 أُعلن من Santa- Massala علي الحدود الشمالية الشرقية لكابيندا والكونجو عن حكومة إنتقالية كونتها جبهة تحرير جيب كابيندا FLEC برئاسة Henrique Tiago N,Zita لكن أنجولا أنكرت الإعتراف بها , بعد ذلك اعلن فصيل Luis Ranque Franque أن Loavo أراض كابيندية مُحررة وانها الدولة الاولي المُستقلة بها بعد ذلك الإعلان مما أدي إلي إنشاء القيادة العسكرية لتحرير كابيندا CMLC التي تولاها العقيد Marcellino Luemba Tubi والرائد Luis Matos Fernandes كرد فعل علي هذا الإعلان غير المُتفق عليه .
لكن تطوراً سلبياً حدث في 15 أكتوبر 1978 إذ أعلن الرئيس الزائيري موبوتو من لواندا أن قرارات أُتخذت بشأن أنشطة جبهة تحرير جيب كابيندا FLEC ( بمعني تقييد حركتها) وأنها أصبحت نافذة في الثلث الأخير من سبتمبر 1978, وكان هذا القرار مؤثراً وسلبياً علي المقاومة الكابيندية لكنه يمكن فهمه في الإطار الأوسع الذي يتضمن خشية موبوتو من مخاطر واجهته آنذاك تتمثل في إمكانية إنفصال إقليم كاتنجا الزائيري فقد ساعدت القوات الكوبية إنطلاقاً من أنجولا متمردي كاتنجا لغزو منطقة Kolwezi عام 1978في ذروة إنخراط العسكرية الزائيرية في الحرب الأهلية الأنجولية (أرسلت أنجولا للإطاحة بنظام موبوتو عام 1996قوات تابعة لها لتدعم الموقف العسكري لـ Kabila المناوئ لموبوتو) , كما أن دعم موبوتو العسكري للمقاومة الكابيندية المسلحة يؤثر علي بل يهدد الإستقرار النسبي لشركات البترول الغربية ومنها شركات أمريكية في كابيندا , يُضاف إلي ذلك أن الهدف الأهم لدي الولايات المتحدة لم يكن كابيندا بل كان حكومة MPLA الماركسية الموالية للسوفييت في لواندا وكان لابد من تركيز قوي حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين وفي مقدمتهم زائير / موبوتو لإلحاق الهزيمة بهذا النظام وفي لواندا وليس في كابيندا بالرغم من أهمية الأخيرة , وفي 21 يناير 1979 حدث شرخ آخر في معسكر المقاومة الكابيندية إذ أعلن Luizi Ballu وزير خارجية حكومة جبهة تحرير جيب كابيندا FLEC من لندن أنه تقرر تحييد الرئيسين Luis Ranque Franque و Henrique Tiago N,Zita وإبعادهما عن منصبيهما والتخلي عن العمل العسكري وإتخاذ العمل الدبلوماسي وسيلة لتناول القضية .
وفي الواقع فإن سيطرة القوات الأنجولية ظلت لوقت طويل وللآن محكمة علي مدينة كابيندا أما الداخل فكان معظمه في قبضة عناصر FLEC لكنه حالياً تحت السيطرة الأنجولية فعلي حين كان تعداد القوات الأنجولية في سبعينات القرن الماضي 8 آلاف جندي زاد بإنتظام وصل إلي أن وصل إلي45,000 جندي , ويمكن القول بصفة عامة أن هذه السيطرة حققت تدريجياً أكثر من هدف فيما بعد أولها حيازة حزب MPLA ليسر مالي Solvency مكنه من تمويل الحرب التي إستطالت لنحو 27 عاماً مُتصلة ضد خصمه حزب UNITA ثانيها توفير قدر أعلي من المناورة العسكرية ضد زائير / موبوتو الداعم الرئيسي لجبهة تحرير جيب كابيندا ولحزب UNITA في نفس الوقت بتنسيق دقيق ومنتظم مع الولايات المتحدة , وثالث هذه الأهداف وربما أكثرها حسماً لطبيعته الإستراتيجية هو أن سيطرة MPLA كانت سيطرة علي أرض مُضافاً إليها موارد البترول الكابيندي بواسطة شركة أمريكية هي شركة بترول خليج كابيندا Cabinda Gulf Oil Ltd. Co (Cabgoc) المملوكة لشركة Chevron (والتي بدأت العمل عام 1954 وأكتشفت البترول هناك عام 1956 ثم بدأت الإنتاج التجاري عام) وأدي إنتاج شركة بترول خليج كابيندا إلي رفع أهمية كابيندا من الناحية الجيوسياسية , ولذلك سارعت قوات MPLA للإنتشار بها عقب إعلان الإستقلال عن البرتغال في 11 نوفمبر 1975, وبالتالي ووفقاً لمفهوم الأمن القومي الأمريكي فإن مصادر الطاقة تقع داخل أهم دوائر هذا الأمن ولما كان بترول كابيندا بهذه الأهمية للولايات المتحدة ولجماعة الضغط البترولي في Houston فإنه وبإنتهاء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة بإنهيار الإتحاد السوفيتي ومنظومة حلف وارسو في ديسمبر 1991 كان لابد من البحث عن نهاية للحرب الأهلية في أنجولا لإستغلال البترول الأنجولي في ظروف مُستقرة وكانت هذه الرغبة متوفرة لدي حزب MPLA خاصة بعد أن فقد حليفه الرئيسي وهو السوفييت وبدأت إتصالات أمريكية غير مُعلنة مع MPLA عملت مع تخلص الأمريكيون بتنسيق مع الإسرائيليين من Savimbi حليفهم القوي وزعيم UNITA بإغتياله أو قتله حسب أقوال أخري في خضم معركة ضد قوات MPLA في الغابة في 22 فبراير 2002علي تمهيد السبيل لإنهاء الحرب الأهلية عندما أضطر خليفتهAntónio Dembo الذي توفي بعده بوقت قصير ومن بعده Isaías Samakuva في ضوء أفول الحرب الباردة وإنهيار نظام موبوتو في كنشاسا وتطورات سلبية أخري إلي القبول بنصح أمريكي مبطن بالتهديد بتوقيع مذكرة تفاهم Luena Memorandum (وقعها مسئولان عسكريان عن الجانبين) التي قضت من بين أمور أخري بوقف إطلاق النار في أبريل 2002ثم الإعلان رسمياً في أغسطس عن إلقاء عناصر UNITA للسلاح والعمل كحزب سياسي مُعارض .

دور الكونجو برازافيل :
تاريخياً كان لدي الكونجو برازافيل أطماع في إقليم كابيندا لم تدم فقد راود رئيسها Fulbert Youlou 1958- 1963) حلم تأسيس دولة مُضادة للمد الشيوعي برعاية فرنسية تحت أسم ” الكونجو الأسفل ” Bas-Congo تشمل جيب كابيندا الذي كان تحت الإستعمار البرتغالي ومساحة غير مُحددة من الكونجوالبلجيكي (الكونجو كينشاسا) يبدأ من مدينة Stanley Pool .
هناك قاسم ديموجرافي مُشترك بين كابيندا والكونجو فهناك مجموعة عرقية تسكن جنوب الكونجو لها إمتداد في كابيندا وهي مجموعة Vili , يُضاف إلي هذا كما تقدمت الإشارة أن نشأة جبهة تحرير جيب كابيندا في كانت بمدينة Pointe Noire بالكونجو كينشاسا عام 1963وبعد هذا المؤتمر الذي توحدت فيه الحركات الكابيندية داخل حركة واحدة هي FLEC إقتصر تحركها علي النشاط السياسي من الكونجو برازافيل طيلة الفترة من 1964 وحتي 1974 عندما أُعيد فتح مكتب حركة FLEC بالكونجو في أغسطس 1974 ,اصدر هذا المكتب ومكتب الحركة في كينشاسا بياناً في 11 مايو 1975 تضمن إدانة إتفاق مومباسا الذي شاركت فيه الأحزاب الأنجولية الرئيسية الثلاث MPLA و UNITAو FNLA الذي أكد علي أن كابيندا جزء من أراضي أنجولا , وفي الفترة من 1974 – 1975 قامت قوات FLEC إنطلاقاً من أراضي الكونجو بعمليات عسكرية ضد القوات البرتغالية بكابيندا بالقرب من Massabi قرب الحدود مع الكونجو مما ألزم القوات البرتغالية بشن غارات إنتقامية ضد الكونجو بالإضافة إلي أنه وبعد إستقلال أنجولا دعمت الحكومة القائمة في برازافيل إنفراد MPLA بالسلطة في لواندا مما عرضها لغارات إنتقامية من العناصر الكابيندية في 3 يناير 1976 لتخريب خط سكك حديدCongo- Ocean , لكن شيئاً فشيئاً ونتيجة العلاقة الإيجابية بين نظام الرئيس الكونجولي Denis Sassou Nguesso (1979- 1992) وحكومة MPLA نصح الرئيس Sassou قادة كابيندا بالتوقف عن العصيان المسلح ضد لواندا والتركيز علي الكفاح السياسي , ومنعت حكومة برازافيل أي نشاط مُسلح للكابينديين إنطلاقاً من أراضيها , لكنها سمحت بقدر من الحركة السياسية لعناصر FLEC فقام ممثلها في برازافيل عام 1988بإتصالات مكثفة مع سفراء دول منظمة الوحدة الأفريقية للتعريف بالقضية الكابيندية لعرض القضية علي قمة المنظمة ووزعت FLEC نشرة إعلامية عن حقوق كابيندا علي إجتماع للجنة حقوق الإنسان الأفريقي التابعة لمنظمة الوحدة الأفريقية في إجتماعها في ليبرفيل في أبريل 1988 , وفي 13 أغسطس 1988وزع مكتب حركة FLEC بالكونجو بيان صحفي علي ممثلي الصحافة الأجنبية بمناسبة إنعقاد إجتماعات برازافيل 2 بالمباحثات الرباعية من أجل إستقلال نامبيا تشرح فيه الجبهة الأوضاع الإقتصادية المأساوية والفظائع التي يقترفها نظام لواندا ضد الشعب الكابيندي التي تعد أسوأ من تللك التي يمارسها نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا , وأشار البيان إلي أنه وبالرغم من أن 85% من ثروات كابيندا مصدرها البترول والأخشاب إلا أنه لم تُوضع خطة تنمية إقتصادية لكابيندا منذ عام 1975 كما أن المدارس والمستشفيات والمتاجر بالإقليم تتناقص عن تلك التي كانت قائمة إبان الإستعمار البرتغالي للإقليم مما أدي مع عدم الإستقرار السياسي والأمني إلي تزايد نشاط التهريب من وإلي الكونجوليتين خاصة بالمدن الحدودية معهما مثل Massabi و Moande هذا بالإضافة إلي تفشي الأمية وصعوبة إنتقال الكابينديين من قرية لأخري وإختطاف وإعتقال الشباب لإجبارهم علي الخدمة العسكرية في صفوف القوات المسلحة الأنجولية FAA , وكانت برازافيل حريصة علي إيجاد مسافة بينها وبين حركة FLEC حتي لا تستفز الحكومة الماركسية في لواندا ولهذا دفعت برازافيل في إتجاه إقامة جبهة إنفصالية كابيندية مغايرة لجبهة FLEC المُتهمة بموالاة نظم الحكم اليمينية في زائير أو جنوب أفريقيا أو حتي حزب UNITA اليميني الأنجولي لذا أُعلن في الأول من أغسطس 1988عن قيام جبهة ماركسية كابيندية حملت اسم اللجنة الشيوعية لكابيندا – الأول من مايو , بجناح عسكري قاده George Victor Gomez وقامت هذه الحركة بمناوئة والهجوم ضد جبهة FLEC بل ونادت بمعارضة إنسحاب القوات الكوبية من أنجولا وكابيندا وطالبت زعيم UNITA بسحب قواته من كابيندا وحث دول الجوار بعدم منح قوات UNITA حق المرور عبر أراضيها, لكن وعلي وجه الإجمال فإن موقف كل من الكونجو برازافيل والكونجو كينشاسا إزاء كابيندا – إذا حذفنا من التقدير كل العوامل السياسية – فسنجد أن العامل الجغرافي وحده كان مُحرضاً ودافعاً لهما للإقتراب بفاعلية من هذه القضية بغية تحقيق طموح جغرافي يتيح لأيهما ضم كابيندا لأراضيهما أو علي الأقل إنشاء دولة ضعيفة تعتمد عليهما .
مثالان لمواقف دول أفريقية أخري حيال الصراع :
يعبر الموقف الجابوني والغيني عن وجهتي نظر دول القارة الأفريقية من الصراع في كابيندا فالجابون التي يبعد ساحلها علي الأطلنطي بمسافة 350 كم عن ساحل كابيندا وعليه فهي تعتبر قريبة من موقع هذا الصراع كانت مُتعاطفة رسمياً طيلة عهد الرئيس عمر بونجو مع فكرة الوضع الذاتي المُتميز لإقليم كابيندا , وربما يعزو البعض ذلك بتأثر السياسة الجابونية بالسياسة الفرنسية الداعمة لحق الكابينديين في الإنفصال عن أنجولا , وترجمت الجابون موقفها في مظاهر عدة منها أنها وفرت منصة سياسية لجبهة تحرير جيب كابيندا FLEC للعمل من أجل القضية فعلي سبيل المثال , عقد ممثل ” جمهورية كابيندا ” عام 1986 مؤتمراً دولياً في ليبرفيل عرض فيه للموقف في كابيندا , ومع هذا قبلت حكومة أنجولا بإجراء ” تفاوض ” ( تحرص الحكومة الأنجولية علي إستخدام وصف حوار بدلاً من مفاوضات) في الجابون مع فصيل مُنشق عن جبهة تحرير جيب كابيندا وفصيل آخر هو UNLC , أما غينيا / كوناكري فكان موقفها مغايراً تماماً إبان عهد الرئيس أحمد سيكوتوري الذي آمن ونادي بالتمسك بمبدأ وحدة الأراضي الأنجولية وكان هذا هو الإتجاه السائد بين معظم دول منظمة الوحدة الأفريقية , ولم يكن الرئيس سيكوتوري متناقضاً مع مبادئه التي إعتنقها فكانت غينيا في عهدة مُتمسكة بهذا المبدأ إزاء قضية الصحراء المغربية فكان يُظاهر الحق المغربي في التمسك بالصحراء لدرجة أنه بعد إكتمال الترتيبات باهظة التكلفة من أجل عقد قمة منظمة الوحدة الأفريقية في كوناكري- والتي لمستها إبان عملي هناك عام 1985- ضحي بها بسبب إصرار الجزائر وليبيا علي تمثيل جمهورية الصحراء (جبهة البوليزاريو) في هذه القمة وهو ما رفضه الرئيس سيكوتوري تماماً وأدي هذا لعقدها في أديس أبابا وليس في كوناكري كما كان مُقرراً .
موقف القوتين الأعظم :
الإتحاد السوفيتي :
كان الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي السوفيتي للقضية الأنجولية سواء في فترة الإستعمار البرتغالي أو في فترة الحرب الأهلية 1975 – 2002 ( أي حتي إنهيار الإتحاد السوفيتي في بداية تسيعنات القرن الماضي ) حاسماً في تحقيق الإنتصار النهائي لحزب MPLA في الحرب الأهلية وفي الإحتفاظ بقبضة أنجولا قوية علي كابيندا طوال فترة الحرب الأهلية وللآن , وبالتالي إنصرف معني هذا الدعم علي قضية كابيندا خاصة مع دعم مباشر من القوات الكوبية التي كانت مرابطة جنباً إلي جنب مع قوات MPLA التي وضعت ثقلها وسيطرتها في منطقتين الأولي كابيندا والثانية Benguela , ولولا الدعم العسكري السوفيتي والكوبي لأنجولا في كابيندا لضاع هذا الإقليم الغني من يد MPLA , لكن ودون الدخول في تفصيلات متشابكة عن الدور السوفيتي / الكوبي في أنجولا , هناك إشارة ربما توضح المدي البعيد الذي ذهب إليه التأييد السوفيتي لحزب MPLA في القضية الكابيندية , فعندما طلب السفير السوفيتي لدي أنجولا E.I. Afanasenko لقاء مع Agostinho Neto رئيس حزب MPLA في 4 يوليو 1975 تناولا مجمل القضية الأنجولية والعلاقة بين الأحزاب بدول جوار أنجولا وطلبات الدعم المالي والعسكري لحزب MPLA , وخلال المقابلة وبعد أن شكر Neto السفير السوفيتي علي المساعدات السوفيتية أشار إلي أن حزبه وسع مؤخراً علاقاته وإتصالاته مع الحكومات الأفريقية وأنه في سياق هذه المناقشات مع الحكومات الأفريقية يحاول حزب MPLA زيادة عدد الدول المُؤيدة لموقفه من القضية الأنجولية وأوضح إتصالاً بذلك ووفقاً لنص مذكرة السفير السوفيتي ” أن أحد أهم أهدافMPLA العاجلة منع مناقشة قضية كابيندا في دور الإنعقاد القادم للجمعية العامة لمنظمة الوحدة الأفريقية ” لقلقنا من حقيقة مفادها أن الرئيس الأوغندي Idi Amin هو من سيتولي رئاسة قمة منظمة الوحدة الأفريقية لهذا العام وهو يعمل علي التعاون بصفة وثيقة مع الرئيس الزائيري Mobutu , وأننا نتوقع أن رئيس أوغندا سيتقدم للجمعية العامة للمنظمة بإقتراح لمناقشة قضية كابيندا , كما أما مقابلاتنا في نيجيريا ومفاوضاتنا الجارية في الكونجو مع الرئيس Nguabi عضو المكتب السياسي للجنة المركزية لحزب KPT ( الإختصار الروسي لحزب العمال الكونجولي) ومع A. Lopez عضو اللجنة المركزية لحزب KPT ومع Obami-Itu ومع وزير الخارجية Ganao كانت مركزة في هذه المسألة ” .
بعد إختفاء الإتحاد السوفيتي في الفترة من 1989 – 1990لم يعد لروسيا حتي نهاية الحرب الأهلية الأنجولية في 4 أبريل 2002 دور يُذكر في القضية الكابيندية بل حتي علي صعيد الاقات الثنائية مع أنجولا خاصة بعد تحول إيدولوجية حزب MPLA الحاكم في أنجولا ( وكل الأنظمة الأفريقية التي تبنت النهج الإشتراكي) إلي الإيدولوجيا الرأسمالية وإقتصاد السوق المفتوح وإرتباط قطاع البترول بشركاء أنجولا البتروليين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة والصين الشعبية .
الولايات المتحدة الأمريكية :
رغم تبني النظام السياسي الأنجولي الإيدولوجيا الماركسية فقد كان من المنطقي أن تُصنف الولايات المتحدة النظام الأنجولي الذي مثله حزب MPLA الذي تولي السلطة في لواندا وخاض غمار الحرب الأهليه ضد حزب UNITA خصمه المدعوم من الولايات المتحدة وحلفاءها الأفارقة خاصة زائير (الكونجو الديموقراطية) علي أنه نظام شيوعي لكن ذلك لم يحدث لسبب بسيط وهو أن شركة Chevron كانت تستغل بترول كابيندا الذي يمثل اكثر من 75% من مجمل الإنتاج البترولي لأنجولا وكابيندا كانت في قبضة قوات MPLA والقوات الكوبية التي بلغ تعدادها في آخر مراحل الحرب الأهلية 45,000 جندي وكانت ممُولة سوفيتياً من عوائد البترول الأنجولي الذي تقوم شركة Cabinda Gulf Oil الأمريكية بضخه من حقوله التي يوجد معظمها في وأمام ساحل كابيندا .
تعتبر جلسة الإستماع للجنة الفرعية لأفريقيا المنبثقة عن لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي للكونجرس التاسع والتسعون في دورته الأولي والتي إستغرق الإستماع فيها الفترة من 31 أكتوبر حتي 12 نوفمبر 1985 , تعتبر ترجمة دقيقة للموقف الأمريكي من الحرب الأهلية الأنجولية وكذلك من القضية الكابيندية فقد كان عنوان محضر جلسة الإستماع تلك ” أنجولا : تدخل أم تفاوض؟ ” , وربما كان إيراد بعض العبارات منسوبة لقائلها مؤشر علي الموقف الأمريكي فيما يتعلق بكابيندا :
1- ” إنه لمن الواضح أن الكوبيين دُعوا لأنجولا كما دُعي السوفييت إلي أفغانستان , والحقيقة أننا نحن في الولايات المتحدة والخارجية نؤيد أهداف السياسة السوفييتية الخارجية في أنجولا , . إن السوفييت يُدفع لهم بالعملة الصعبة مقابل مساعدتهم العسكرية (لأنجولا) وللعناية وتغذية 45,000من القوات الكوبية والمستشارين 2 بليون دولار ومعظم هذا المبلغ النقدي يمكننا أن نشكر كرم شركة Chevron بشأنه ” .
” الحقيقة أن الولايات المتحدة تساعد السوفييت علي البقاء في أنجولا بالسماح لـ Eximbank بإمداد هذا البلد (أنجولا) بالقروض ولصناعة البترول به , والحقيقة أن الخارجية الأمريكية سمحت بأن يحدث هذا ورفضت تصنيف أنجولا علي أنها بلداً شيوعيأ أو حتي بلداً مُسيطراً عليه بقبضة كاسترو ”
( من بيان رئيس اللجنة الفرعية لأفريقيا Howard E.Wolfe)
2- ” ولكي نكون مُنصفين , فإن الولايات المتحدة يجب أن تمد UNITA بالعون لفطم Savimbi عن علاقاته مع جنوب أفريقيا وعلي نحو أو آخر وإن بدرجة قليلة لموازنة مبلغ البليون دولار الذي يتلقاه حزب MPLA من فرع Chevron وعندما الطريقين- مع MPLA و UNITA – اصابا النجاح فإننا سوف نكون في مركز يتيح لنا تشجيع الفاشيين علي الجانبين علي المصالحة ومستعدين لمناقشة مسألة حكومة إئتلافية بجدية ”
(من بيان Richard E.Bisseli رئيس التحرير التنفيذي لـ The Washington Quarterly والمدرس المساعد بجامعة Georgetown الحكومية )
3- ” لقد لفت السيناتور Proxmire مؤخراً إنتباهنا لحقيقة أن شركة Gulf Oil لديها إستثماراً ضخماً في أنجولا بإعتبارها أحد ملاك شركة Cabinda Oil Co. التي تعمل خارج أنجولا (بإعتبار كابيندا لا تربطها بأنجولا رابطة برية وتقع بين الكونجوليتين) , ولاحظ السيناتور Proxmire أن أرباح شركة Cabinda Gulf Oil تمد الزعماء الشيوعيين بأنجولا بعوائد ضريبية تبلغ مئات الملايين من الدولارات , وهذه العوائد تذهب لدعم القوات الكوبية في أنجولا والمستشارين من القادمين من الإتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية” .
“إن السلوك الإقتصادي للحكومة الماركسية بلواندا تجاه الأمريكيين والمؤسسات الأجنبية يؤكد خطورة محاولة الحكم علي الأنظمة والأحزاب من خلال مضمامينها الإيدولوجية لأنها المضامين غالباً ما تكون مُضللة” .
(من بيان Jose S. Sorzano رئيس الموسسة الوطنية الكوبية / الأمريكية)
4- ” علي العكس من تنبؤات عام 1975 إبان عهد الرئيس Ford ووزير الخارجية Kissinger التي أشارت إلي أن نصراً يحرزه حزب MPLA في الحرب الأهلية الأنجولية سينقطع السبيل أمام الولايات المتحدة نحو موارد أنجولا , وها هي الولايات المتحدة قد أصبحت الشريك الأكبر تجارياً ففي السنوات الأخيرة بلغ مجمل تجارة البلدين ما يربو عن بليون دولار سنوياً ”
( من بيان Gerald J. Benderمن جامعة العلاقات الدولية بكاليفورنيا الجنوبية )
5- ” في الحقيقة أن مجمل تاريخ الحركة ( السياسية في أنجولا) يشير إلي أن الإيدولوجية لم تكن أساس النزاع بين Savimbi وNito و Roberto , لكن هذا النزاع وبالفعل مرجعه صراعات القيادة وإلي حد ما صعوبات أساسها عرقي بين الفرقاء الثلاث ” .
( من بيان Mathew F. McHugh نائب ولاية نيويورك بالكونجرس)
6- ” من المعروف بصفة عامة أن نصراً يحرزه حزب UNITA ليس مُجدياً وسيعمل علي إستمرار عدم الإستقرار الإقليمي , وأشارت الورقة أيضاً إلي أن الوجود الكوبي لا يستند علي دخل البترول بحال من الأحوال , , بالرغم من أن دوائر شركة Cabinda Gulf Oil بأنجولا تؤكد علي أنه بدون إيرادات البترول فإن النظام الحالي بأنجولا سينهار ” .
(من بيان Ted Weiss نائب عن ولاية نيويورك بالكونجرس )
يتضح من إستعراضي لنص جلسات إستماع الكونجرس المُشار إليها عدة حقائق أهمها : (1) أن كابيندا كانت منصة ثابتة في العلاقات الأمريكية مع حكومة MPLA ولذلك لم تشأ الإدارة ولا الخارجية الأمريكية تصنيفها علي أنها حكومة شيوعية بالرغم من أنها كانت تعلن ذلك رسمياً ويوضحه برنامج حزب MPLA الحاكم . (2) أن الإدارة الأمريكية إعتبرت الوجود الكوبي كفرقة حراسة لمنشآت شركة بترول Cabinda Gulf Oil والتي هي فرع لشركة Chevron الأمريكية وأن الإتحاد السوفيتي وكوبا معاً إلي حد ما معنيتان بالحفاظ علي المصالح الأمريكية هناك لأنه من خلال عوائد هذا البترول تمول حكومة MPLA بقاء القوات الكوبية (3) لم تتضمن مداخلات أي من المشاركين في جلسات الإستماع أي تناول لكابيندا بإعتبارها قضية أو نزاع أو مشكلة , وهو ما يسوقنا إلي القول إلي أن علاقة حزب MPLA بالولايات المتحدة كانت قائمة علي مصالح مُشتركة حرص الجانبين علي إستمرارها وتثبيتها وتقويتها وكان الموقف الأمريكي الذي رصدته من عام 2003 أي عقب إنتهاء الحرب الأهلية بأنجولا عام 2002 من هذه القضية بصفة عامة إيجابياً بالنسبة لحكومة حزب MPLA الحاكم التي يقودها الرئيس José Eduardo dos Santos للآن ومنذ وفاة Agostinho Neto أول رئيس لأنجولا في موسكو في 10 سبتمبر 1979 .
إتصالاً بما تقدم فلا شك أنه من المهم – علي الأقل لنفي أو تأكيد بعض المفاهيم عن السياسة الأمريكية – بيان تطورعلاقة الولايات المتحدة بالصراع في كابيندا وهو أمر أصبح أقل صعوبة بعد تدني حدة الحرب الباردة بدرجة تكفي للقول بأنها لم تصبح كما في الماضي مؤثرة بنفس القدر علي الخيارات والبدائل المُتاحة أمام الولايات المتحدة وهي تتناول صراع كهذا , وكذلك بعد إنتهاء الحرب الأهلية الأنجولية التي كان من الصعب إلي حد كبير علي القوي الدولية أن تعتبر أن للصراع في كابيندا أولوية تتقدم علي أولوية الصراع في أنجولا نفسها وهي في خضم حرب أهلية شرسة طويلة بين 3 أطراف داخلية تداخلت مع مصالح القوي الدولية والإقليمية , وبإنتهاء هذه الحرب التي لم تتشح بأي قيم أخلاقية بل حركتها إلي إتجاه المصالح فقط , لذلك فقد زال إلي حد ما قدر من الضبابية غشي الموقف الأمريكي من قضية كابيندا , وتأكد مجدداً مبدأ الإنتقائية الذي تتبناه وتعمل به الإدارات الأمريكية المُتعاقبة حيال الصراعات بغض النظر عن طبيعتها وهو ما سيتضح من عرض مختصر لتطورات الوضع الراهن في كابيندا في الفترة من 2002 وحتي الآن ومنسوبه والدور الفرنسي فيه مع الإشارة إلي إستراتيجية أنجولا في التعاطي معه , والأسس التي بنت عليها حركة تحرير جيب كابيندا FLEC ( جمهورية كابيندا في المنفي) مطالبتها بممارسة حق تقرير المصير ومن ثم الإستقلال عن أنجولا , ويعقب ذلك أخيراً مقارنة مُوجزة بين الموقف الأمريكي من القضية الكابيندية ومن قضايا أخري مثل قضية الصراع في جنوب السودان :
الوضع الراهن للصراع في كابيندا
تمركز نحو 15,000 جندي تابعين للقوات المسلحة الأنجولية في كابيندا منذ عام 1993 , وقامت هذه القوات بإستهداف القري المؤيدة للإنفصاليين الكابينديين في الفترة من 1997- 1998 الأمر الذي أدي إلي نزوح عدد كبير منهم إما للكونجوليتين أو أنجولا , مما إستدعي من الأمم المتحدة للتحرك نحو الصراع فوضع المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب في سبتمبر 1998 تقرير عن الوضع في كابيندا أشار فيه إلي القوات المسلحة والقوات شبه العسكرية ( قوات الشرطة للتدخل السريع) الحكومية الأنجولية إرتكبت وعلي نطاق واسع أعمال تعذيب وإساءة تعامل ضد أشخاص سعت هذه القوات لإستخلاص معلومات منهم وكذلك فعلت مع مؤيدي جبهة تحرير جيب كابيندا من المدنيين العزل ومع سياسيين آخرين , وبمقدم عام 2001 هدأ الموقف في كابيندا إلي الحد الذي دفع بالمفوض السامي للأمم المتحدة لشئون اللاجئينUNHCR لبدء مرحلة إعادة توطين اللاجئين الكابينديين بالكونجو مُعلناً أن جيب كابيندا أصبح هو المكان الأكثر أمناً في أنجولا , وبالطبع كان هذا التصريح من المسئول الأممي قفزاً علي الصراع الذي لم ينحصر أبداً كغيره من الصراعات في الجانب العسكري / الأمني . * ( تقرير Human Rights Watch المُعنون بـ : أنجولا بين الحرب والسلام في كابيندا ) , لكن وبعد توقيع مذكرة تفاهم Luena بين طرفي الحرب الأهلية الأنجولية ( حكومة حزب MPLA وحزب UNITA ) في 4 أبريل 2004 التي تضمنت وقفاً لإطلاق النار و كانت في الواقع تفعيلاً وإعمالاً لبروتوكول السلام في أنجولا الذي وقعه الطرفان عام1994في Lusaka برعاية وتوقيع Alioune Blondin Beyeالممثل الخاص لأمين عام الأمم المتحدة في أنجولا في كان من الطبيعي أن تتجه الحكومة الأنجولية إلي التركيز أكثر علي التحدي الماثل ضدها في كابيندا وتفرغت القوات المسلحة الأنجولية لهذه المهمة المُرتبطة مباشرة بالأمن القومي الأنجولي وعاد القتال بوتيرة أعلي مع العنف المُصاحب له ضد المدنيين وصل لدرجة تنفيذ أحكام إعدام ضد متهمين بالتعاون مع قوات جبهة تحرير كابيندا وإنتهت فترة الهدوء بالإقليم التي قدرها مقرر الأمم المتحدة , لكن عملت زيادة عدد القوات الأنجولية إلي ما يقارب 45.00 جندي منهم قوة كوماندوز ( وفقاً لتصريح أدلي به M.L Sabata قائد عمليات جبهة تحرير جيب كابيندا في سبتمبر 2006) أدي إلي تدني حدة المواجهات بالإقليم بسبب نجاح عمليات القوات الأنجولية في تدمير البني التحتية المساندة لتحرك قوات جبهة FLEC والتي طالت قواعد الجبهة بالكونجوليتين , وأصبح الوضع بالنسبة لبعض منتسبي FLEC يائساً لدرجة أن طالب بعضهم بالحصول علي ميزات أعلنت الحكومة الأنجولية أنها ستمنحها لمن يتخلي عن السلاح , وعلي الصعيد الميداني وبسبب قوة ضربات القوات الأنجولية تشتت القوة العسكرية لجبهة FLEC بشكل تحولت معه إلي جيوب أو مجموعات مسلحة محدودة منتشرة بالإقليم , فقد عملت التحولات الجذرية المحيطة بالصراع علي إتاحة سيطرة وإحكام حاسم من جانب الحكومة الأنجولية علي الصراع بالإقليم أهمها إفتقاد جبهة FLEC لقواعدها بالكونجوليتين بعد الإطاحة بنظام موبوتو وتولي كابيلا الذي حظي بدعم مؤثر من حزب MPLA الحاكم وكذلك الأمر في الكونجو برازافيل ففي 23 أغسطس 2006 قام رئيس هيئة أركان القوات المسلحة للكونجو برازافيل اللواء Charles Mondjo وبرفقته 7 عسكريين بزيارة لواندا إستغرقت أسبوعاً تضمن برنامجها زيارة ميدانية لكابيندا (المنطقة العسكرية الثانية في التنظيم العسكري الأنجولي) ومن بين موضوعات البحث كان الوضع الحدودي مع كابيندا حيث زادت عمليات مسلحي جبهة FLEC بعد توقيع فصيل مُنشق عن منتدي الحوار الكابيندي FCD مع حكومة لواندا إتفاقاً لوقف إطلاق النار في الكونجو برازافيل في يوليو 2006 ثم توقيعه أيضاً لمذكرة تفاهم من أجل السلام في كابيندا في الأول من أغسطس 2006 في مقاطعة Namib الأنجولية جنوبي البلاد , يُضاف إلي ذلك أن القوات المسلحة الأنجولية إكتسبت خبرات قتالية في حرب العصابات بسبب طبيعة الحرب الأهلية ومن ثم فقد مارست وبنجاح تكتيكات حرب العصابات في كابيندا وضعاً في الإعتبار الفارق الكبير في التسليح والعتاد والمعدات بين القوات الأنجولية ومقاتلي FLEC والذي لم يكن في صالحهم في أي وقت * ( تردد أيضاً عام 2006 أن هناك 4 أو 5 مستشارين عسكريين إسرائيليين من فرقة جولاني يعملون مع القوات المسلحة الأنجولية في كابيندا) وقدرت القيادة العسكرية الأنجولية في كابيندا أن عدد مقاتلي FLEC يتراوح ما بين 70 إلي 80 مقاتل معظمهم في غابات Maoimbe الكثيفة ووفقاً لهذه القيادة فإنه ومنذ عام 2004 لم تعد هناك ثمة هجمات من جانب FLEC تهدد الإستقرار بشكل مؤثر في كابيندا , وبررت القيادة العسكرية الأنجولية في حديث لمسئول HRW تضمنه تقرير المنظمة بقاء القوات الأنجولية البالغة 30,000 رجل ( وفقاً لهذا التقرير) في كابيندا بالرغم من دعواها بإحكام السيطرة بقولها أن تمركز هذه القوات في كابيندا للدفاع عن كابيندا من هجوم خارجي ذلك ان الأوضاع بالكونجو الديموقراطية مازالت غير مُستقرة بعد , إلا أن الصراع المسلح بكابيندا إنتهي وإن لم تعلن الحكومة الأنجولية ذلك رسمياً , حيث أورد تقرير HRW عام 2006 مقابلة مع وزير الدفاع الأنجولي أشار فيها إلي أن كابيندا لم تعد مشكلة عسكرية وهي تحت السيطرة الكاملة للقوات المسلحة الأنجولية وهو ما أكده الرئيس الأنجولي Dos Santos في زيارته للولايات المتحدة في 12مايو 2004 من أنه لا وجود للحرب في كابيندا وأن الحكومة مُلتزمة بالحوار بشأنها .
دعي الموقف العسكري / الأمني الهادئ نسبياً الحكومة الأنجولية للإعلان عبر محافظ مقاطعة كابينداAnibal Rocha في 2 يونيو 2004 عن أن مجلس الوزراء الأنجولي صادق في نفس هذا اليوم علي تطبيق خطة تنمية إجتماعية وإقتصادية لكابيندا مُوضحاً أن هذه الخطة تشكل دعماً وتأطيراً لعمل الحكومة المحلية بالمقاطعة علي المدي المتوسط والطويل فالمدي الزمني لها 6 سنوات قادمة تبدأ بصفة عاجلة , وأن تمويلها سيكون من خلال وزارة المالية وسيتم إعدادها بواسطة الحكومة والمجتمع المدني المحلي بالمقاطعة , لكني قدرت وقتها أن هذا الأمر لا يتعلق بهدوء الموقف العسكري بقدر ما تعلق بممارسة الحكومة لدعاية مُضادة لدعاوي الكابينديين القائمة علي حقيقة أن كابيندا التي تنتج ما بين 50% إلي 75% من بترول أنجولا * ( وفقاً للقانون الأنجولي حتي 2007 فإن أي إمتياز بترولي يتم علي أساس من الشراكة بين شركة البترول الوطنية SonAngol وكونسورتيوم متعدد الجنسيات أكبر شركة به شركة Chevron Texaco العاملة بكابيندا) محرومة من التنمية وهي حقيقة أكدها تقرير HRW عام 2004 حين أشار إلي أن الأهالي إشتكوا من أنهم لا يرون فائدة ملموسة لهم من البترول المُنتج بكابيندا أو حتي من برامج التنمية متعددة الجنسيات ولا وظائف متاحة للشباب في صناعة البترول كما أنه من غير المتاح توفر صناعة أخري غيره بالمقاطعة فصناعة التكرير تتوطن في العاصمة لواندا والوقود اللازم للمركبات ومعظم السلع المعيشية للمقاطعةتأتي من لواندا بشكل أصبحت تكاليف الحياة في كابيندا الأعلي من بين مقاطعات أنجولا لان السلع حتي تصل لكابيندا لابد أن تعبر الحدود لتدخل أراضي الكونجو ثم تدخل كابيندا أي بتكلفة مزدوجة , وفي الواقع فإن توجيه الأموال العامة لتنمية كابيندا يعترضها إن لم يكن تدني الإرادة السياسية في فعل ذلك فهو الفساد المالي والإداري المُتفشي والذي أوضحته منظمات معروفة مثل HRW وGlobal Witness كما أن أنجولا في نفس توقيت هذا الإعلان كانت عبر دبلوماسيتها تحاول عقد المؤتمر الدولي لإعادة إعمار أنجولا , وكنت أري في حينه أن الأصوب بالنسبة لعملية التنمية في كابيندا أن تتم بعد تحقيق تسوية سياسية للصراع – حتي لو كان الصراع المسلح خافتاً – وكانت الحكومة الأنجولية ومازالت في حاجة إلي ذلك وإلا ما كان وزير الداخلية الأنجولي صرح في 5 فبراير 2004 بأن الحكومة الأنجولية تبحث عن وسيط في هذا النزاع , وعموماً كان الإعلان المُشار إليه عن خطة تنمية للإقليم دعائياً بالقدر الذي سمح للتطورات اللاحقة بإبتلاعه .
ظل الوضع الأمني والعسكري في كابيندا طيلة الفترة من 2004 – 2006عند مستوي السيطرة المحكمة وإن حدثت بعض الهجمات القليلة وقع ضحيتها جنود القوات المسلحة الأنجولية التي بلغ عددها حتي 2006 45,000 جندي , فقد أصدرت القيادة العامة للقوات في كابيندا بياناً في فبراير 2005 إشار إلي أن المواجهات بين “القوات الكابيندية ” والقوات الحكومية الأنجولية تضاعفت في الشهرين الأخيرين ففي 20 ديسمبر 2005 رصد مقاتلي كابيندا عناصر حكومية مترجلة تم إصطيادهم بلغم أرضي مما أسفر عن 3 قتلي وبضعة جرحي ثم وفي 29 ديسمبر 2005 هاجمت وحدة كابيندية مسلحة عناصر حكومية مترجلة بين بلدتي Condi Lintumbi و Piadinge ما أسفر عن مصرع 5 جنود أنجوليين وجرح6آخرين تلي ذلك هجوم آخر في 6 يناير 2006 نتج عنه مصرع 3 وجرح 8جنود أنجوليين وهجوم آخر في 10 يناير 2006 في منطقة تقع بين Caio Cuntene وTerra Nova وقع فيه 5 جنود صرعي تم الإستيلاء علي أسلحتهم تبعه هجوم آخر في اليوم التالي في منطقة بين M,Bundila و Benfica ثم في 25 يناير 2006 ألقت السلطات الأأنجولية القبض علي رجل وطفل بتهمة الإنتماء لجبهة تحرير جيب كابيندا FLEC وفي 11 فبراير 2006 قتلت القوات الأنجولية قس بروتستانتي لإتهامه بمساعدة قوات FLEC , وكان رد الفعل العسكري إنتشار أكثف للقوات الحكومية الأنجولية خارج المدن والبلدات الكابيندية كما إجتمعت في 24 فبراير 2006لجنة الحزب الأنجولي الحاكم MPLA لبحث الموقفين العسكري والسياسي بالإقليم وكان وزير الأشغال العامة والرجل القوي في النظام الأنجولي Francisco Higino Lopes Carneiro في زيارة لكابيندا بدأت في 21 فبراير كان هدفها المعلن مراجعة والإشراف علي أعمال تأهيل طريق طوله 44 كم قرب الحدود مع الكونجو بدأ العمل فيه عام 2005 بتكلفة 18 مليون دولار لكن الغرض الحقيقي كان متابعة الإتصالات مع فريق مُنشق عن جبهة تحرير جيب كابيندا للإعلان عن تسوية سياسية للوضع في الإقليم , وكانت الحكومة الأنجولية في هذا بالرغم من إحكامها السيطرة إلا أنها حاولت بإرادة سياسية غير مُكتملة الإقتراب من حل سياسي للصراع وهو ما حدث مع فصيل مُنشق – كما أشرت – بمنتدي الحوار الكابيندي وهو ذراع سياسي لجبهة تحرير جيب كابيندا .
التناول السياسي للصراع في كابيندا
تفاوض أم حوار أم مراوغة ؟
راود الكابينديون أمل الإستقلال عن البرتغال وكان مطلبهم الأول هو تحقيق هذا الإستقلال وقد أشارت برقية مُسربة نشرها موقع WikiLeaks صادرة عن السفارة السفارة الأمريكية في كينشاسا مؤرخة في 12 أغسطس 1975 ( أي قبل جلاء البرتغاليين عن كابيندا و أنجولا وإعلان إستقلال الأخيرة في 11 نوفمبر 1975أنجولا وكابيندا جزء منها وفقاً لنص معاهدة Alvor) إلي أن RANQUE FRANQUE رئيس جبهة FLEC صرح أمام جمع في كينشاسا في العاشر من أغسطس بأنه سيعلن أسماء فريق الحكومة الكابيندية الإنتقالية في مؤتمر صحفي يعقده في 13 أغسطس 1975 وأشار إلي أن مقرها سيكون في كابيندا مؤكداً أن كابيندا ستحصل علي إستقلالها سلماً أو بالقوة وأشار في هذا الصدد إلي إعلان الإستقلال الذي أذاعته جبهة FLEC من كمبالا في الأول من أغسطس 1975* ( بعد عشرين عام من هذه الواقعة عاد لأنجولا وأنشأ تحت رعاية من حكومة أنجولا ما يُسمي بجبهة تحرير جيب كابيندا بالداخل أو FLEC Intérieur , وسلم بوجهة نظر الحكومة الأنجولية بمنح كابيندا وضعية خاصة علي غرار الوضع الذي طبقته البرتغال علي جزر des Açores Région autonomeوMadeira Região Autónoma da وتعرض RANQUE FRANQUE بسبب بعده عن المطالب التي تتمسك بها جبهة FLEC لإنتقادات حادة ) , لكن الواقع سارت حوادثه في الإتجاه المعاكس للأماني الكابيندية فقد دخلت قوات MPLA لكابيندا في نوفمبر 1974وتمركزت فيها لتطارد عناصر جبهة تحرير جيب كابيندا ومجموعة من المرتزقة الفرنسيين يقودهم Jean Kay ( الذي طُرد إلي فرنسا لاحقاً) مما إضطر مُسلحي جبة تحرير كابيندا للإنسحاب إلي بلدة Massabi الحدودية , ثم تلقت القوات الحكومية الأنجولية فيما بعد دعماً من القوات الكوبية عندما قررت زائير الدخول للإقليم بذريعة دعم المطلب الكابيندي في الإستقلال عن أنجولا .
كما سبقت الإشارة فقد تفاوضت حكومة أنجولا في تسعينات القرن الماضي في ليبرفيل مع فصيل مُنشق عن جبهة تحرير جيب كابيندا وفصيل آخر هو UNLC والذي تكون عام 1990 بقيادة Lumingu Luis Gimby لكنها كانت خطوة بلا معني لأن هذا الفصيل لم يكن فقط مُنشقاً بل وغير مُعبر عن طموحات الكابينديين , ولذلك كانت خطوة دعائية أنجولية لا أكثر ولا أقل , ومع ذلك ظلت أنجولا تردد علي أعلي مستوي أنها تريد السلام في كابيندا , ففي أحد زياراته القليلة لكابيندا في 4 فبراير 1991 ألقي الرئيس Dos Santos خطاباً هناك عبر الرئيس عن رغبة حكومته في إجراء ” محادثات ” مع مجموعة المُنشقين في كابيندا بهدف إعادة السلام والهدوء للمقاطعة , وأشار إلي أن الحكومة توجه ” إهتماماً خاصاً ” بالإقليم وسوف تعمل علي حل المشاكل التي تؤثر علي المواطنين هناك , ثم وفي باريس في 25 فبراير 1995 إلتقي الرئيس الأنجولي بزعماء كابينديين كان بعضهم ممن ينتمون لجبهة FLEC ووقع معهم إتفاقاً بوقف إطلاق النارفي 28 سبتمبر 1995 لمدة أربعة أشهر بين الحكومة وجبهة FLEC- Renovada,وبعده وُقع إتفاق ثان في منتصف مايو1996 ما لبث أن إنتهي أثره في أواخر نفس الشهر مصحوباً بالإعلان من جانب أحد فصيلي التمرد وهو FLEC-FAC بأن وقف إطلاق النار سيكون ممكناً فقط في حال إنسحاب القوات المسلحة الأنجولية من الإقليم , ثم وفي يناير 2001 نشرت صحيفة Diario de Noticiasالبرتغالية خبراً من جوهانسبرج في 26 مارس 2001 مفاده أن الإنفصاليين الكابينديين أعادوا التأكيد علي دعوتهم للمجتمع الدولي للتوسط في إجراء محادثات مع السلطات الأنجولية وإجراء إستفتاء علي تقرير المصير في كابيندا , ونقلت عن N’Zita Tiago قائد جبهة FLEC/FLAC قوله ” إن أنجولا لا ترحب بكلمة إستفتاء , لكن إن كانت أنجولا تفضل حل الصراع من خلال العمل العسكري علي حساب الحوار , إذن فليس أمامنا من سبيل إلا القتال وطلب الإستفتاء ” , ثم وفي يناير عام 2003 أجرت الحكومة الأنجولية مباحثات ” إستطلاعية” وألتقت بباريس بممثلين عن جبهة FLEC-FAC لكن هذه المحاولة لأنها لم تكن جادة لذا فلم تكن منتجة .
كان مسئولي الحكومة الأنجولية بين وقت وآخر يدلون بتصريحات تعني التفاوض لكنها لا تؤدي إليه , كتصريح محافظ كابيندا كابينداAnibal Rocha وهو من المقربين من الرئيس Dos Santos أدلي به في أغسطس 2003 أشار فيه إلي أن الجهود تُبذل من أجل الحوار بشأن مستقبل كابيندا وأن هذا الحوار سيبدأ في أقرب وقت ممكن , وفي هذا الإطار إلتقي ممثلون عن الحكومة الأنجولية ممثلين عن جبهة FLEC-FAC ذات الذراع العسكري في باريس في يناير 2003 ثم إلتقت لاحقاً وفي نفس العام في الجابون ممثلين عن جبهة FLEC – R , لكن هذا ” الإنفتاح ” كما وصفه بعض المراقبون وقتذاك لم يثمر بالرغم من أن جبهة FLEC كانت علي إستعداد للتخلي عن الخيار العسكري لوأن القدر من الحكم الذاتي الذي ستمنحه الحكومة الأنجولية لكابيندا يبرر ذلك , ومع هذا الإخفاق في باريس وليبرفيل أستمرت تصريحات المسئوليين الأنجوليين وأهمها ما صرح به وزير داخلية أنجولا في 5 فبراير 2004 عن أن حكومته تبحث عن وسيط لحل النزاع , وفي بواكير 2004 , وربما شجعت هذه العبارة جبهتي FLEC-FAC و FLEC – R لإتخاذ قرار في سبتمبر 2004 * ( بلغ عدد مسلحي التمرد الكابيندي وفقاً لمعلومات غير مُوثقة في عام 2006 نحو 5 أو 6 الآف مقاتل يتلقون دعماً عسكرياً فرنسياً قاعدته في الجابون وساحل العاج ) بالإندماج معاً وإقامة لجنة معنية بالحوار تتضمن تمثيلاً لحركات التحرير والكنيسة والمجتمع المدني وأهمها جمعية Mpalabanda وهي منظمة غير حكومية تتبع الكنيسة الكاثوليكية بكابينداومُسجلة بالجريدة الرسمية الأنجولية بعددها في 5 ديسمبر 2003 , لكن مواقف الطرفين ظلت متباعدة فعلي حين كان مدخل جبه تحرير جيب كابيندا هو التفاوض من أجل تقرير المصير ثم الإستقلال (كحالة جنوب السودان مثلاً) كان مدخل الموقف الأنجولي الحوار مداه تطبيق ترتيبات إدارية في كابيندا حدها الأقصي منح الإقليم وضعية إدارية خاصة , وهو ما أوضحه سعي الحكومة الأنجولية لفرض تسوية سياسية بأقل التضحيات أو بلا تضحيات بالمرة بإتباع نفس المدخل وهو جذب فصيل منشق ضعيف وإدارة “حوار” معه ينتهي بتسوية سياسية بلا محتوي ملموس يفي بالمطالب الحقيقية للأطراف الفاعلة في كابيندا جبهة تحرير جيب كابيندا بفصيليها FLEC-FAC و FLEC –R ومنظمة المجتمع المدني Mpalabanda والفصيل القوي والمناهض للحكومة الأنجــولية بكنيسة كابيندا * (دعا Dom Paulino Madeca أسقف كابيندا في 11 أكتوبر 1992 المجتمع الدولي للتدخل لمنع الوحشية التي وصفها بالنازية التي تمارسها قوات الحكومية ضد سكان كابيندا ), لكن الحكومة الأنجولية آثرت قمع هذه القوي الثلاث ومحاولة تهميشها وإضعافها إن أمكنها ذلك والإتجاه نحو تسوية دعائية كما سيتضح .
تعتبر الفترة من أغسطس 2005 وحتي الأول من أغسطس 2006 أهم فترة حتي الآن في مسيرة الصراع في كابيندا فخلال هذه الفترة إلتقطت الحكومة الأنجولية خيط قادها إلي قدر ما من التسوية السياسية للمسألة الكابيندية بمقاييسها هي , إلتقطته من يد أجهزة الولايات المتحدة الأمريكية الأمنية , وذلك جنباً إلي جنب مع إحكام السيطرة العسكرية والأمنية والسياسية في الإقليم الذي حظر حاكمه Anibal Rocha الإحتفال الذي كانت منظمة Mpalabanda تزمع تنظيمه بالإقليم بمناسبة مرور 121عاماً علي معاهدة Simulambuco وكان أن وجهت إليه هذه المنظمة خطاباً هددت فيه بإمكانية الدعوة إلي عصيان مدني بالإقليم ورد حاكم الإقليم ببيان تحذيري للمنظمة مُشيراً إلي أن تصرفها قد يحيل الإقليم إلي حمام من الدم (حشدت Mpalabanda في إحتفال مرور 120 علي المعاهدة 120.000 كابيندي وهو رقم لا يُقارن بالعدد الضئيل جداً لإحتفال 4 فبراير الأنجولي ), وبالرغم من مناخ التوتر داخل الإقليم بدأت السلطات الأنجولية في المضي قدماً لوضع نهاية ولو مؤقتة أو شكلية للمسألة الكابيندية , وفي هذا الإطار وبعد خروجه من هولندا إجتمع منتدي الحوار الكابيندي FCD يومي 11 و12 فبراير بمدينةPointe Noire بالكونجو برازافيل بتوجيهات من Bento Bembeللنظر في مقترح قيل أن الحكومة الأنجولية بعثت به وأعتبره فريق منتدي الحوار دعوة أنجولية لبدء مفاوضات مفتوحة ومستقيمة بين الجانبين تضع نهاية للصراع وأشار منتدي الحوار في بيان له أن هذا المقترح كان عبارة عن مذكرة تفاهم من أجل السلام والمصالحة في كابيندا مشمولة بستة ملاحق إحداها مُعنون بـ ” الوضعية الخاصة لمقاطعة كابيندا ” وقد قبل الأعضاء المُشاركين في إجتماع Pointe Noire علي المُقترح الأنجولي قبلوه بالإجماع وجددوا الثقة غير المحدودة في شخص Bento Bembe وقيادته لمصير منتدي الحوار إلي أن تم توقيع أنجولا مع فصيل مُنشق عن منتدي الحوار الكابيندي يرأسه António Bento Bembe “مذكرة التفاهم من أجل السلام والمصالحة في مقاطعة كابيندا ” .
لم تقتصر الجهود الأنجولية في محاصرة وكبح حركة FLEC أو أي حركات مقاومة كابيندية أخري علي الجهد العسكري , فقد كانت الدبلوماسية وجهاز المخابرات الأنجولية Servico de Inteligencia Externa تقومان بنشاط وافر لتحقيق ذلك , وكان هناك ما يمكن وصفه بالتنسيق الأمريكي الأنجولي في هذا الشأن بإعتبار أن هناك هدفاً مُشتركاً للإدارة الأمريكية ( شركة Chevron ) ولأنجولا سعيا كل علي حدة ومعاً لتحقيقه وهو إستقرار الأوضاع الأمنية بكابيندا بتحقيق تسوية سياسية ما مع المقاومة الكابيندية وكانت أحد وسائل تحقيق هذا الهدف هو جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن حركات المقاومة الكابيندية وأجنحتها , ومن بين أهم المعلومات التي حصل عليها الأمريكيون بالإضافة إلي مصادرهم في لواندا وكابيندا ومنها السفارة الأمريكية وكذاعبر سفاراتهم في بعض العواصم الأوروبية ذات الصلة الوثيقة بالصراع في كابيندا وأهمها باريس , ففي 12 أبريل 2006 أفادت السفارة الأمريكية في باريس في 12 أبريل 2006 عن مقابلة تمت مع Antonio Nzita Bembe ممثل FLEC هناك (والحاصل علي وضعية لاجئ من السلطات الفرنسية) بناء علي طلبه في 11 أبريل 2006 أشار خلالها إلي أن هناك إنقسامات في صفوف الحركة بسبب “ردة ” Antonio Bembeالرئيس السابق لجبهة FLEC/Renovada بسبب قراره التعاون مع الحكومة الأنجولية وأشار إلي أنه سبق وطُرد من صفوف الحركة , لكنه سأل عن وجهة نظر الولايات المتحدة في مسألة الحجز القضائي ضد السيد Bembe في هولندا إستجابة لمذكرة توقيف أصدرتها السلطات الأمريكية بحقه لتورطه في خطف مواطن أمريكي * ( نشرت وكالة الأنباء الأنجولية في 21 أكتوبر 1990 نبأ من لواندا عن خطف المسلحين في كابيندا لفني إصلاح محركات الهيلوكوبتر يدعي Brent Swan يعمل لدي شركة خدمات بترولية تعمل هناك ) كما سأل عما إذا كانت الولايات المتحدة قد علقت مذكرة توقيفها له ؟ وكذلك تساءل عما إذا كانت الحكومة الأمريكية إستجابت لضغوط أنجولا لتصنيف جبهة FLEC علي أنها منظمة إرهابية ؟ – وهو ما أرسلت السفارة الأمريكية لواشنطن للإفادة عنه – وأوضح Nzita أن كابيندا بها حركتان هما FLEC/FAC بقيادة والده Nzita Henriques Tiago و FLEC/Renovada بقيادة Antonio Bento Bembe وقد إتحدتا في أغسطس 2004 لإنشاء جبهة موحدة تحت مُسمي FLECيتولي والده قيادتهما معاً فيما سُمي Bento Bembe أميناً عاماً لها أما هو أي Nzita فيتولي مهمة تمثيل الحركة في أوروبا الغربية , وفيما يتعلق بالتهمة الموجهة ضد Bento Bembe لخطفه المواطن الأمريكي فقد قُبض شريك له فيها عضو آخر في جبهة FLEC وأشار إلي المدعي العام الهولندي سمح بالإفراج عنه بصفة مؤقتة برغم مذكرة التوقيف الدولية التي أصدرتها الولايات المتحدة , وأشار إلي أن نائب وزير الخارجية الأنجولية Chicote إجتمع به سراً في هولندا بدون تنسيق مع جبهة FLEC وبعد ذلك بأسبوع هرب Bento Bembe إلي أفريقيا وشوهد بعد ذلك بأنجولا ودول أفريقية أخري , وأذاع بيانات مُضادة لجبهة FLEC من Pointe Noire و Kinshasa و Brazzaville وفي فبراير 2006 جردته الجبهة من لقبه كأمين عام لجبهة FLEC المُوحدة وكرئيس للمنتدي الكابيندي بعد مؤتمر مُتلفز لمنتدي الشعب الكابيندي ( يُسمي Nkoto Likanda) ضم ممثلي الجبهة في كابيندا وكنشاسا وبرازافيل وليبرفيل , في هذا الوقت وجه Nzita سؤالاً مباشراً لمحدثه بالسفارة الأمريكية عما إذا كان Bento Bembe مازال مطلوباً للتحقيق بالولايات المتحدة بموجب مذكرة التوقيف الأمريكية الدولية ؟ وما إذا كانت الحكومة الأمريكية تدينه بسبب تعاونه مع الحكومة الأنجولية ربما لإضعاف جبهة FLEC ؟ . ( أُشير في متن البرقية إلي طلب معلومات من واشنطن عن ذلك وعن الرحلة والطائرة التي إستقلها Bento Bembe من هولندا ولا أعتقد أنه تم الرد علي السفارة فعملية Bento Bembe في هولندا إستخباراتية بحتة )
تابعت من لواندا بداية من يوليو 2005 التحركات المتعلقة بمسألة قبض السلطات الهولندية علي Bento Bembe في لاهاي وكما هو واضح فهناك بعض الإختلاف في بعض تفاصيل هذا الموضوع عما ورد ببرقية السفارة الأمريكية بباريس التي سربتها WIKILEAKS والمُشار إليها آنفاً , إذ أن الحقيقة الكاملة أنه كان مُقيماً منذ 2005 هناك وحدث أن جري تنظيم ندوة بمبني للأمم المتحدة في لاهاي عن السلام في كابيندا في يوليو 2005 إلا أن السلطات الشرطية الهولندية ألقت القبض عليه وهو خارج من المبني في 24 يونيو 2005 وأُحتجز لنحو أكثر من شهر ثم مثل أمام القضاء الهولندي بمحكمة لاهاي في 13 أغسطس 2005 حيث وُجهت إليه تهمة حيازة جواز سفر بإسم مُستعار , بالإضافة إلي أن السلطات الهولندية تلقت كغيرها من دول عدة مذكرة توقيف أمريكية دولية وقعتها كوندوليزا رايس تتضمن طلب تسليمه للولايات المتحدة بتهمة ممارسة الإرهاب لإختطافه في أكتوبر 1990 Brent Swan وهو أحد الرعايا الأمريكيين العاملين بكابيندا (والذي سُلم فيما بعد للسلطات الأمريكية) , وفي المحاكمة رد Bento Bembe علي تهمة حيازة جواز سفر بإسم مُستعار بقوله أنه فعل ذلك بسبب المخاطر الأمنية التي يتعرض لها بحكم كونه ناشط كابيندي لذلك إستصدر جواز سفر من دولة صديقة باسم غير أسمه , وعليه فالجواز ليس مُزوراً لأنه صدر عن بلد صديق علي علم بالوضع في كابيندا وأنه لو تنقل باسمه الحقيقي فسيلقي المزيد من المتاعب , وقد رفض محاميه إتهام موكله بالإنضمام للمقاومة وهو ليس إرهابياً وأن المسألة برمتها يغشاها الطابعين السياسي والإقتصادي , وكان من المُتفق عليه وقتذاك أن تكون جلسة المحاكمة التالية في 4 أكتوبر 2005 لمناقشة تعليق العقوبة كطلب الدفاع عنه وجعل إقامته في منزله بهولندا تحت الحراسة القضائية , أما فيما يتعلق بمسألة ترحيله للولايات المتحدة فأثارت جدلاً بين عدد من الوزراء بالحكومة الهولندية وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الهولندية NIS في نشرتها أشارت إلي أن هذا الأمر سيتطلب شرحاً من وزير العدل الهولندي عن ظروف إعتقاله والتأشيرة التي مُنحت له من وزارة الخارجية الهولندية لدخول البلاد وهي التأشيرة التي مُنحت بغرض أوضحه Bento Bembe بأنه للإعداد للتفاوض مع أنجولا , وأشارت الوكالة إلي أن العاملين بالخارجية غير راضين عن إعتقاله بإعتبار أن هذا هذا سيؤثر سلباًعلي صورة هولندا , ( ليس من المعروف علي وجه الدقة ظروف وتاريخ وصول Bento Bembe لأنجولا وما إذا كانت فراراً أو سفراً من هولندا لبرازافيل ثم لواندا والدور الأمريكي قبل وأثناء وبعد محاكمته في هولندا) .
صدر في 13 سبتمبر 2005أول رد فعل من جبهة FLEC علي إعتقال Bento Bembe من Cleestino Mazunga أمين شئون الدفاع والأمن بالجبهة الذي وجه مناشدة للمنظمات العاملة في مجال السلام والعدل للعمل علي إطلاق سراح رئيس منتدي الحوار الكابيندي لأن إعتقاله تزامن مع تحقيق تقدم أولي بين الحكومة الأنجولية ومنتدي الحوار الكابيندي , وهذا يعني أن جبهة FLEC في هذه المرحلة كانت علي علم بإتصالات Bento Bembe مع الحكومة الأنجولية , لكننا إذا تناولنا تسلسل الحوادث منذ إلقاء السلطات الهولندية عليه في يونيو 2005 لابد كذلك أن نتيقن من أن القبض عليه لم يكن معزولاً عن الإتصالات بين أجهزة الأمن الأنجولية والأمريكية مع نظيرتها الهولندية لأن Bento Bembe (رئيس منتدي الحوار الكابيندي) دخل أراضي هولندة ومكث فيها فترة قبل القبض عليه , ولهذا كان لدي إعتقاد بأن واقعة القبض عليه في هولندا – كانت في الحقيقة – مُقدمة ليس إلا لما يمكن وصفه بالخطة المُعدة والمُنسقة مُسبقاً بين الولايات المتحدة وأنجولا التي طلبت من القضاء الهولندي تسليمه إليها وعدم ترحيله لأنجولا بإعتباره مواطناً أنجولياً (زميله الآخر وهو Arthur Tchibassa تم حبسه في تكساس بالولايات المتحدة بسبب نفس التهمة التي وُجهت له) وكان هذا الطلب الأنجولي من الأسباب التي إستند عليها القضاء الهولندي بعدم ترحيله للولايات المتحدة ) وقد أصدر القضاء الهولندي حكمه برفض الطلب الذي قدمته الولايات المتحدة بتسليمها Bembe وذلك في جلسة عُقدت بلاهاي في الأسبوع الثاني من نوفمبر 2006 وبررت المحكمة حكمها بأن Bento Bembe كان متواجداً في هولندا في مهمة سلام تتعلق بالبحث عن حل تفاوضي مع أنجولا بشأن إقليم كابيندا المُتمرد علي الحكومة الأنجولية منذ ما يزيد عن 30 عاماً , كما إستندت المحكمة في رأيها علي خطابين تلقتهما من الخارجية الهولندية وآخر من الخارجية الأنجولية وكلاهما تضمن مناشدة المحكمة بألا يتم ترحيله من هولندا . * ( لاحظت في متابعتي للموضوع بأن القضاء الهولندي لم يصف Bento Bembe المتهم بإختطاف مواطن أمريكي في كابيندا وفقاً للمذكرة الرسمية الأمريكية المتعلقة بتوقيفه بأنه إرهابي )
أكدت مصادر قريبة من جبهة FLEC أن Bembe غادر هولندا فجأة قبل جلسة المحكمة أي في الأسبوع الثاني من نوفمبر 2006 وقد أبدت هذه المصادر قلقها بشأن مغادرته في تلك الظروف , إلا أن Nzita في حديثه مع دبلوماسي بالسفارة الأمريكية بباريس وصف خروجه من هولندا بالهروب , وعلي كل حال فبعد وصول Bento Bembe لبرازافيل (أو لأنجولا) صرح في 5 يناير 2006 ” بأن إستمرار النضال المُسلح (ضد أنجولا) عمل إنتحاري , لأننا – أي جبهة FLEC – سنتجه في النهاية للحديث مع أنجولا ” , ونفي ” أن يكون موقفه هذا ذا علاقة بتدخل الحكومة الأنجولية لدي القضاء الهولندي لإطلاق سراحة وعدم ترحيله للولايات المتحدة ” , كما نفي ” أن يكون قد جري إفساده من قبل الأنجوليين ” , مُوضحاً ” أنه لابد من قراءة الوضع العالمي الراهن لأن قضية كابيندا خطيرة جداً لوجود البترول بها الأمر الذي دعا قوي خارجية لتناوله أيضاً ” وهو بالطبع يعني الولايات المتحدة , ثم حذر في نهاية تصريحه من إنقسامات جديدة بجبهة تحرير جيب كابيندا , ورداً علي هذا التصريح سارع Nzita Henriques Tiago رئيس جبهة FLEC في فبراير 2006 بإتخاذ قرار بإقصاء Bento Bembe عن منصبيه كأمين عام للجبهة وكرئيس لمنتدي الحوار الكابيندي وتعيينه مستشاراً سياسياً ودبلوماسياً لدي رئاسة الجبهة وتعيين Macario Lembe أميناً عاماً للجبهة , والإبقاء علي منتدي الحوار الكابيندي كهيئة ممثلة للشعب الكابيندي يتم تسيير أمورها بواسطة Antonio Nzita Mbemba الأمين التنفيذي للجبهة , أما علي الصعيد العسكري فقد تصاعدت حدة المواجهات بين العناصر المسلحة والقوات الأنجولية في الإقليم في الفترة من ديسمبر 2005 وحتي فبراير 2006 بالرغم من تصريحات أنجولية بأن الوضع ساكن هناك , وبالرغم من أن Nzita Henriques Tiago أصدر قراراً بإقصاء Bento Bembe في فبراير إلا أن هذا القرار تأكد في الإجتماع الذي عُقد بالعاصمة الجابونية ليبرفيل في الفترة من 1- 10 يونيو 2006 وضم إلي جانب جبهة FLEC الكنيسة الكابيندية ومنظمة Mpalabanda بهدف ضبط المواقف بين جبهة تحرير جيب كابيندا FLEC وكنيسة كابيندا ومنظمة Mpalabanda وبعض الكابينديين من الشتات , وأنتهي الإجتماع إلي إصدار قرار بات بإقصاء Bento Bembe عن رئاسة منتدي الحوار الكابيندي ” بسبب قيامه بإتصالات منتظمة مع السلطات الأنجولية في لواندا وعلي أراضي الكونجوليتين بدون إحاطة أعضاء منتدي الحوار نفسه ولا جبهة FLEC بذلك , بل وإستخدامه منتدي الحوار لتحقيق مآربه الشخصية وحصوله علي أموال من مصادر غربية ( في الغالب المقصود بذلك الولايات المتحدة) يتلقي منها توجيهات يتعامل بموجبها مع القضية الكابيندية , وقد رد فصيل Bento Bembe بمنتدي الحوار الكابيندي في 13 يونيو 2006علي ذلك بالقول ” بأن المنتدي غير معني بما تم إتخاذه من قرارات في ليبرفيل لأن الشأن الكابيندي ليس شأناً عائلياً بل شعبياً , وأن المنتدي لا ولن يستبعد أيا من كان من نطاقه وسيستمر في إطاره كل التيارات والفعاليات السياسية وسيواصل من ثم نشاطه الدبلوماسي والسياسي الذي يقر به الكل علي الصعيد الدولي لحل الصراع في كابيندا , وأنه إتصالاً بهذا يحي موقف الولايات المتحدة الذي نقلته السفير الأمريكية عندما أشارت إلي إنخراط الولايات المتحدة في إطار البحث عن السلام في كابيندا , كما أن المنتدي يحذر القادة وقوات المقاومة والشعب في كابيندا وكذا الرسميين من مغبة المعاناة والألم والإنتهاكات والسجن التعسفي وأن المنتدي سيواصل معركته من أجل السلام والديموقراطية وصولاً لمخرج مُشرف من الصراع في كابيندا ” , ومن جهة أخري دحض Inacio Mbuanda أمين الإعلام في جبهة FLECوعضومنتدي الحوار الكابيندي الإتهامات التي وُجهت ضد Bento Bembe رئيس المنتدي وشكك في شرعية إجتماع ليبرفيل لأن Antonio Nzita أبن Nzita Tiagoكان العضو الوحيد من منتدي الحوار وجبهة FLEC الحاضر في إجتماع ليبرفيل , كما أعتبر ما ورد بالبيان الصادر عن منظمة Mpalabanda مزحة , وأكد رفضهم في منتدي الحوار للمرسوم الذي أصدره رئيس FLEC بإعفاء Bento Bembe وإحلال أبنه Antonio Nzita محله , وأنه وعلي وجه الإجمال فإن رؤيتهم لإجتماع ليبرفيل أنه إجتماع بين أصدقاء غابت عنه الكنيسة الكابيندية ( المعارضة للوجود الأنجولي بالإقليم) أما Bento Bembe فسيبقي في منصبه حتي إنتهاء ولايته فيه .
كانت الإستراتيجية الأنجولية إزاء القضية الكابيندية هي المواجهة بكل الوسائل للأطراف الفاعلة في الإقليم وهي جبهة FLEC ومنظمة Mpalabanda التي ترعاها الكنيسة بكابيندا والكنيسة نفسها كانت هي الطرف الثالث المهم في هذه المواجهة , ولذلك عملت الحكومة الأنجولية علي كبح العناصر الكنسية المُتعاطفة مع جبهة تحرير جيب كابيندا والمؤيدة لمطلبي تقرير المصير والإستقلال عن أنجولا , بمختلف الوسائل المتاحة أمام حكومة أنجولا ومنها مثلاً إستصدار قرار في 11 فبراير 2006من بابا الفاتيكان بتعيين Filomeno Vieira Dias مساعد أسقف لواندا السابق أسقفاً لكنيسة كابيندا , لكنه وحتي مارس 2006 لم يستطع تسلم عمله هناك لرفض معظم رجال الدين بكنيسة كابيندا هذا التعيين , علي أساس أنه ليس من كابيندا كما انه يمت بصلة قرابة لرئيس العسكري ومستشار الرئيس الأنجولي الجنرال Hélder “Kopelpipa” Vieira Dias, بل إن هؤلاء قاموا بالإعتداء علي القس Eugenio Dal Corso (برتغالي) في يوليو 2006 مما حدا بالكنيسة إلي إيقافهم عن العمل , وظل الوضع كذلك إلي أن توصلت كنيسة لواندا لإتفاق معهم يُعاد بموجبه فتح كنائس كابيندا لممارسة دورها لكن هذا الإتفاق لم يتضمن خفض الإختلاف بشأن تولي الأسقف الجديد عمله , مما عرض الكنيسة لإنقسامات التي أحاطت بها منذ 1975مما جعل من مهمة المؤتمر الكنسي لأنجولا وساوتومي وبرنسيب CEAST لرأب الصدع صعبة خاصة مع إتخاذ الأسقف المُعين لقرارات إعتبرها معارضيه بالكنيسة تطهيراً عرقياً محضاً Purga Etnica .
لم يكن التصريح الذي أدلي به Bento Bembe الذي إعتبر فيه المقاومة عملاً إنتحارياً معزولاً عن الإتجاه الذي تسعي الحكومة الأنجولية إلي فرضه فالتصريح بمعناه المباشر لو إستنزلناه علي الإستراتيجية الأنجولية بشأن الصراع في كابيندا يعتبر والحالة هذه جزءاً من هذه الإستراتيجية الثابتة والتي يلعب الإعلام فيها دوراً خدمياً , كما أن هذا التصريح يعني مباشرة أن هناك جهود ميدانية من أجل التوصل لتسوية سياسية , وقد علمت في 15 مارس 2006أن محادثات بدأت بين الحكومة الأنجولية والإنفصاليين الكابينديين وأنه من المتوقع إنتهاءها إلي نتيجة إيجابية في وقت قريب , وذلك بالتزامن مع إستمرار هجمات جبهة FLEC , وبالفعل وبعد خروج Bento Bembe من هولندا وبعد الإتفاق مع الأمريكيين علي عدم تسلمهم إياه نظراً للإستفادة الأنجولية المتوقعة من إتجاه Bento Bembe المواتي للرؤية الأنجولية في تسوية قضية كابيندا بإعتبارها مسألة داخلية بمنحها قدراً من الحكم الذاتي , لذلك وبعد إتصالات منتظمة مع Bembe وقع و رئيس وفد الحكومة الأنجولية مساعد رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الأنجولية اللواء Sachirengo Nunda في 30 يونيو 2006 ببلدة Massaba بكابيندا علي الإتفاق الأول لوقف إطلاق النار بكابيندا وتضمن الإتفاق تحديد مناطق بعينها تنتظم فيها الوحدات العسكرية لجبهة FLEC ( أي العناصر التي ولاءها للسيد Bembe ) وعلق Bembe علي هذا الإتفاق بقوله ” قد أمكن بعد 30 عاماً من قتال الأخوة وضع نهاية لصراع أحدث أضراراً كبيرة لأهالينا ” , ثم وبتاريخ 18 يوليو 2006 ببلدة Chicamba الكابيندية القريبة من الحدود مع الكونجو برازافيل وقع الجنرال Sachipengo Nunda رئيس هيئة أركان الجيش الأنجولي والجنرال Mauricio Zulo ممثلاً للقوات التابعة لمنتدي الحوار الكابيندي الإتفاق الثاني والنهائي لوقف إطلاق النار وشهد علي هذا الإتفاق Virgilio de Fontes Pereira وزير الإدارة الإقليمية بالحكومة الأنجولية و Antonio Bento Bembeرئيس منتدي الحوار الكابيندي بحضور أبن رئيس جبهة تحرير جيب كابيندا Nzita Mbemba Antonio الذي برر حضوره بأن أصدقاء له دعوه لمراقبة المفاوضات في برازافيل وحضور التوقيع في Massaba وأشار إلي أن أبيه Nzita Henriques Tiago يعلم بحضوره وأنه سيعيد النظر في معارضته لإتجاه Bento Bembe ويشارك في المفاوضات لو كانت جدية , لكن موقف كل من كنيسة كابيندا ومنظمة Mpalabanda ويقوده الأب Tati كان مُناهضاً لهذا الإتفاق وقال أنه بغير موافقة الكنيسة الكاثوليكية بكابيندا سيظل إي إتفاق مع حكومة أنجولا غير شرعي , كما هاجم Raul Danda القيادي بمنظمة Mpalabandaالإتفاقات التي توقعها الحكومة الأنجولية مع Bembe وحذر من بلقنة الصراع في كابيندا مؤكداً أن ” أي إتفاقات تكون قد وُقعت أو ستوُقع مع الحكومة الأنجولية سوف لا يكون لها أثر فعلي علي الأرض لأن Bembe ومن والاه ليس لهم جميعاً سيطرة ميدانية لأن منتدي الحوار لا جيش له , كما أن الكابينديين لا ثقة لديهم في أناس يتسلمون رواتبهم من حكومة أنجولا ويحلون ويرتحلون بجوازات سفر دبلوماسية أنجولية ؟ , لذلك فهم يصدعون لأوامر أنجولا صاغرين وبإستطاعة السيد Bembe أن يفاوض علي إستسلامه , لكن ليس بمكنته إرتهان مستقبل كابيندا , وأنه لما كان الأمر يتعلق بتوقيعه علي إتفاق عسكري , لذا كان لزاماً علي القائد العسكري للقوات المسلحة لكابيندا أن يكون هناك في Massaba لولا أن الأمر برمته أمر إستسلام ” أضاف Raul ” إن إتفاق Massaba سيكون مآله كالإتفاقات الفاشلة التي سبقته مثل إتفاق Safica وإتفاق ويندهوك ” , من ناحية أخري واصل رئيس جبهة تحرير جيب كابيندا – القوات المسلحة لكابيندا Nzita Tiago هجومه علي هذا الإتفاق أيضاً فقال ” ان ذلك لن يثني الجبهة عن مواصلة الكفاح فمن وقع الإتفاق مع أنجولا مجموعة صغيرة إنتهازية غير مسئولة ” ودعا المقاومة الكابيندية لرص الصفوف والإتفاف حول جبهته لمواصلة الطريق الذي ينتهي بحل نهائي مُشرف لإنسان كابيندا و لكن لُوحظ في هجومه علي الإتفاق عدم إستبعاد جبهته لحوار لائق مع الحكومة الأنجولية .
وعلي أي الأحوال فقد مضي Bento Bembe والحكومة الأنجولية قدماً نحو التسوية التي لم تعد سراً ففي أثناء جلسة برلمانية عُقدت في 28 مارس 2006 لتوضيح الحكومة لبعض القضايا ورداً علي سؤال من كتلة أكبر أحزاب المعارضة UNITA بشأن إتصالات الحكومة مع الكابينديين أشار الوزير الأول F .D . Piedade إلي ” أن هناك إتصالات وحوار بين الحكومة الأنجولية والكابينديين من خلال منتدي الحوار الكابيندي , وأن هناك إمكانية قريباً للموافقة علي وضعية خاصة لإقليم كابيندا في إطار عملية التهدئة بهذا الإقليم الأنجولي , والتهدئة هي المرحلة الأولي من سيناريو وضعته الحكومة لهذا الإقليم الذي يعد الموقف الحالي فيه إيجابياً , وأن هذا السيناريو يوجب علي الحكومة إتخاذ تدابير سياسية ملائمة لإسباغ الوضعية الخاصة عليه ” .
مضت الإتصالات الأنجولية مع فصيل Bento Bembe بمنتدي الحوار الذي أعتبرته الأطراف الرئيسية الثلاث بكابيندا مُنشقاً Splintered بإتجاه وضع ترتيبات التوقيع علي مذكرة تفاهم , وفي 30 يونيو 2006طلب كل من Agostinho Chicaia رئيس منظمة Mpalabandaو Raul Dandaالناطق باسم منتدي الحوار الكابيندي وممثل حقوق الإنسان بمنظمة Mpalabanda الإلتقاء بدبلوماسي بالسفارة الأمريكية بلواندا وقال أحدهما ” أن الحكومة الأمريكية لا تدعم إتفاق سلام في كابيندا علي أساس أنها تري أن عملية التفاوض بشأنه تفتقد الشفافية Opaque وأن الإتفاق لا يحظي بإجماع الشعب الكابيندي ” وأكدا ما ذكرته قيادة جبهة FLEC من أن Bento Bembe أقرب للحكومة الأنجولية من منتدي الحوار الكابيندي أي أن الحكومة إنفردت به وحده , وأنه قدم عرضاً لنائب رئيس الأركان الأنجولية عن رؤاه وأنه كان يتحرك بجواز سفر دبلوماسي أنجولي , وأشارت البرقية الصادرة عن سفارة الولايات المتحدة بلواندا في 30 يونيو 2006 أن Agostinho Chicaia و Raul Danda إلي إتصالاته أي Bembe بهما * ( أدلي Danda بحديث لوكالة أنباء IRIN في 14 مارس 2006 أشار فيه إلي أنهم تلقوا كتاباً رسمياً من الحكومة الأنجولية بشأن التوقيع المرتقب علي مذكرة تفاهم من أجل السلام في كابيندا تتضمن وضعية خاصة للإقليم وأنهم في منتدي الحوار وافقوا علي ثلاث مبادئ الأول مبدأ التفاوض المباشر مع الحكومة الأنجولية والثاني مبدأ وقف إطلاق النار والثالث مبدأ منح كابيندا وضعية خاصة , وأشار إلي أنهم ومنذ تلقيهم هذا الكتاب ينتظرون تحديد تاريخ ومكان المفاوضات , ثم أشار إلي أن القتال مستمر وإن قبلوا أي الانجوليين مبدأ وقف إطلاق النار فسيكون معني ذلك أن هناك حرباً في كابيندا وهو ما يحرصون علي إنكاره) وكان Danda مصر علي أن الإتفاق لم يكن له أن يحظي بموافقة القيادة الحقيقية لجبهة FLEC ولمنظمة Mpalabandaوعليه فلن يكون لمثل هذا الإتفاق معني علي الأمد الطويل .
من المهم ونحن نرصد التحركات المتبادلة بين فصيل Bento Bembe والحكومة الأنجولية ألا نهمل الدور البرتغالي بالرغم من أنه ليس بحجم الدور الأمريكي إلا أنه يشكل رافدا مهماً خاصة بالنسبة للمجموعات والأحزاب المعارضة لحزب MPLA الحاكم , وفي هذا الإطار أشارت مجلة Semanario Angolense الصادرة باللغة البرتغالية في لواندا في الأسبوع الأخير من يوليو 2006 أنه ومنذ أن بدأت الحكومة الأنجولية التفاوض منذ شهرين والبحث عن مخرج للأزمة الكابيندية مع فريق Bento Bembe رئيس منتدي الحوار الكابيندي , في هذه الآونة أفتتح فصيل لجبهة تحرير جيب كابيندا FLEC مكتباً له في مدينة Santarem ( تبعد 100 كم عن شمال لشبونة) بعد أن منحته السلطات البرتغالية وضعية شبه كاملة Quse-Estado وأن من يدير هذا المكتب Liberal Nunesوهو أحد أعضاء جبهة FLEC وعضو المجلس الأعلي الموسع لكابيندا , وأشارت المجلة إلي أنه وفي حفل إفتتاح المكتب عُزف النشيدين الوطنيين البرتغالي والكابيندي , ولم يصدر عن السفارة الأنجولية بلشبونة رد فعل علني حتي الآن بالرغم من علمها بما تقدم ولم يعط أي من مسئولي هذه السفارة أو الخارجية الأنجولية أي تفسير أو شرح , وقد فسر مراقبون ذلك بأن الحكومة الأنجولية تتحاشي مواجهة ما مع الإتحاد الأوروبي فيما قال آخرون أن الحكومة الأنجولية تتجنب ” إزعاج العصافير الصغيرة ” كناية عن الفريق المُنشق بمنتدي الحوار الكابيندي بقيادة Bembe , وعلقت المجلة علي كل ذلك بقولها أن هذا الموقف غير مُعتاد من الحكومة الأنجولية وربما كان مرجعه إلي أن التوتر هو الطابع العام للعلاقات الأنجولية / البرتغالية وفي ملفات عدة , كما أن الحكومة الأنجولية لا يمكنها أن تشتكي من حرية حركة جبهة FLEC أو المعارضة الأنجولية لأن ذلك أمر نمطي بالنسبة للبرتغال .
علي كل حال وصلت إتصالات الحكومة الأنجولية مع فريق Bento Bembe إلي منتهاها ووجهت الحكومة الأنجولية الدعوة للسفراء المعتمدين في لواندا وممثل الأمم المتحدة وممثلي المنظمات الدولية وغيرهم للمشاركة في حفل توقيع ” مذكرة السلام والمصالحة في مقاطعة كابيندا ” بمحافظة Namib في الأول من أغسطس 2006 , وقد توجهت مع زملائي السفراء إلي هناك بالطائرة صباح الأول من أغسطس وعدنا مساء نفس اليوم إلي لواندا , وقد حضر الحفل أيضاً وزراء من الحكومة الأنجولية ووزراء من الكونجوليتين والجابون لتمثيل بلادهم ووقع علي هذه المذكرة كل من Bento Bembe ووزير الإدارة المحلية الأنجولي , وبموجب هذه المذكرة مُنح إقليم كابيندا وضعية خاصة في إطار إحترام الدستور الأنجولي , وإصطلاح ” الوضعية الخاصة ” سبق وإستخدمته الحكومة الأنجولية من جانب واحد في إطار تناولها قضية تنمية الإقليم , لكن ما أضيف في هذه المذكرة هو إصدار قانون للعفو عن من أشهر السلاح في وجه الحكومة وبالتالي فسيستفيد 500 من المقاتلين الذين تحت إمرة Bento Bembe أما الباقين وعددهم 2,000 فيرفضون ما ورد بهذه المذكرة , وبطبيعة الحال لابد من الإشارة إلي بعض الملاحظات المهمة حول هذه التسوية :
1- أنها تمت مع فصيل ضعيف من داخل المعارضة الكابيندية التي تتكون من ثلاث مفردات بينها تفاعلات متبادلة وهي الكنيسة الكابيندية وجبهة تحرير جيب كابيندا FLEC ومنظمة Mpalabanda .
2- أن إتفاق التسوية غلب عليه الطابع الأمني إلي حد كبير فالأيدي الأمنية / العسكرية لا السياسية هي من تناولت وتتناول الصراع في كابيندا بدءاً من عملية المقايضة التي تمت بين السلطات الأنجولية والأمريكية في هولندا وواشنطن والسفارة الأمريكية في لواندا لتجهيز Bento Bembe لإحداث إختراق للعملية السياسية المُتعلقة بالصراع في كابيندا بإعتبار أن هناك مصلحة مُشتركة للولايات المتحدة التي لها مصالح وإستثمارات كثيفة للغاية في كابيندا– حتي وإن أبدت تحفظاً علي مسألة عدم شمولية الإتفاق لكل الأطراف الفاعلة في كابيندا – وبين أنجولا التي لابد لها من التشبث بكابيندا التي تنتج 75% من إجمالي صادراتها البترولية يشكل جزء منها 4% من مجمل واردات الولايات المتحدة من البترول حتي 2007 .
3- أن أنجولا حافظت علي إستراتيجيتها بالنسبة للتعامل مع الصراع فهي لم تجر تفاوض بالمعني الفني للكلمة ذلك أن Bento Bembe تم ” إقتياده ” إلي أنجولا صاغراً وراضياً في الوقت نفسه للتوقيع علي تنازل عن حق علي المشاع في حيازة الشعب الكابيندي والأطراف الثلاث الفاعلة في الصراع الكابيندي , كما ان أنجولا صاغت ما إنتهت إليه مع Bento Bembe في صورة مذكرة Memorandum وليس إتفاق Accord أو Agreement , كما أن الموقع عن الحكومة الأنجولية هو وزير الإدارة الإقليمية مما يعني أن الإتفاق الذي شارك بجزء مهم في إنجازه اللواء Helder Vieira Dias Kopelipa رئيس البيت العسكري بالرئاسة وأحد مستشاري الرئيس Dos Santos يتعلق بالفعل بشأن داخلي , ولهذا عمدت الحكومة الأنجولية إلي حتي إستخدام أصغر الرموز التي يمكن أن تؤكد الطبيعة الداخلية البحتة للإتفاق فجعلت مكان توقيعه في أبعد محافظات أنجولا عن كابيندا وهي محافظة Namib وليس في كابيندا أو في جنوب أفريقيا كما توقع بعض أعضاء جبهة FLEC , وجعلت وقت الإحتفال بالتوقيع الرسمي قصيراً جداً كما لم يُعقد مؤتمر صحفي , وبالتالي فقد نجحت الحكومة الأنجولية في أمرين معاً وهما جعل الصراع في المشهد الإقليمي والدولي في نطاق ضيق Low Profile وتوقيعه بحضور رسمي وإن كان حضوراً – في تقديري وحسب ما شهدته – غير مكتمل فقد لاحظت أثناء حضوري حفل التوقيع عدم تواجد السفيرة الأمريكية لدي أنجولا CYNTHIA EFIRD بالحفل حيث أنابت عضو دبلوماسي بالسفارة عنها لم يكن هو الرجل الثاني بالسفارة , كما علمت من خلال إتصالاتي مع السفراء الأوروبيين بلواندا تردد بعضهم في المشاركة معللين ذلك بعدم علمهم بمضمون مذكرة التفاهم لكنهم مع ذلك حضروا لكن السفير الفرنسي لدي أنجولا لم يحضر .* ( يشوب علاقات أنجولا والإتحاد الأوروبي توتر متقطع فمثلاً في إطار تصاعد هذا التوتر دعي البرلمان الأوروبي كل من Asias Samakuva رئيس حزب UNITA ورئيس منظمة Mpalabanda الكابيندية المعارضة للحكومة لإلقاء كلمتين في 24 يناير 2006أمام 120 عضو بالبرلمان الأوروبي )
4- أن الإتفاق نفسه لم يحظ بوجهة نظر موحدة للحكومة والمعارضة الأنجولية فبعد توقيع مذكرة التفاهم أصدر حزب UNITA أكبر أحزاب المعارضة الأنجولية بياناً في نفس يوم توقيع المذكرة أشار فيه إلي أنه يؤكد أنه مع حل الصراع الدائر في كابيندا بالحوار وهو في سبيل ذلك يشجع الحكومة والكابينديين معاً علي التوصل لحل واقعي وسلمي ونهائي , لكن الحزب اليوم كالأمس يعتبر أنه وللوصول إلي حل دائم يراعي المصالح الحقيقية للسكان بالإقليم فإن المفاوضات في سبيل ذلك يجب أن تضم كل الأطراف الكابيندية الفاعلة وخاصة القيادة التاريخية لجبهة FLEC ممثلة في Nzita Tiago والكنيسة الكابيندية والمجتمع المدني بالإقليم , بل إن السيدة Maria Joao Dande Lemos أحد مؤسسي الحزب الإجتماعي الديموقراطي P.S.D وعضو منتدي السلام والديموقراطية الأنجولي F.P.D أوضحت في تصريح أدلت به للصحافة الأنجولية في 24 مارس 2006 فيما يتعلق بالوضع بكابيندا أن السلام في هذا الإقليم سيظل دائماً عقبة يتجنبها حزب MPLA الحاكم , وأشارت إلي أن حزبها لا يعتبر أن الوضع الجيوسياسي الراهن بالمنطقة مواتياً لإرساء السلام في كابيندا , فلواندا بدعم من المجتمع الدولي تحاول فرض هيمنتها عسكرياً وسياسياً في منطقة الجنوب الأفريقي وهكذا هو الحال في كابيندا نفسها , وأن مجتمعاً حراً وديموقراطياً أمر يتجنبه حزب MPLA الحاكم بأي تكلفة , كما أكدت أن كل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة علي نحو خاص واعين بالموقف في كابيندا حيث الإنتاج البترولي لها وفير ومازال للآن كذلك , وهو أمر يهم الولايات المتحدة بالنظر للموقف الراهن في الشرق الأوسط المتردي يوماً بعد يوم , ولذا فإن الصمت الدولي ( والأمريكي) إزاء إنتهاكات حقوق الإنسان والحرب المُستعرة في كابيندا يسفر عن رغبة أمريكية ماثلة للعيان في عدم إضعاف (موقف) حكومة حزب MPLA كي لا يُواجه إنسياب البترول الأنجولي أية مشكلة , وأعتبرت الموقف الأخير من فصيل بمنتدي الحوار الكابيندي تطوراً مهماً وعلي المعارضة الكابيندية أن تنحو بإتجاه الوحدة لإكتساب قدرة تفاوضية في مواجهة MPLA , كما دعا رئيس حزب PDP- ANA ( له مقعد واحد بالبرلمان) عند مناقشة البرلمان الأنجولي لمذكرة التفاهم بعد توقيعها ( حيث لم تعرض أصلاً علي البرلمان وإنما علي دائرة ضيقة من الأعضاء البرلمانيين بحزب MPLA الحاكم ) إلي تعميم تجربة كابيندا فمقاطعة (محافظة) Zaire شمال أنجولا بها بترول أيضاً فيما لا ينص الدستور علي وضعية خاصة لأي من محافظات أنجولا الثماني عشر .
لم يكد الحبر الذي كُتبت به ” مذكرة التفاهم من اجل السلام والمصالحة في كابيندا ” يجف إلا وأعلن Nzita Henriques Tiago رئيس جبهة FLEC في تصريح لوكالة الأنباء البرتغالية رفض الجبهة الإعتراف بمذكرة التفاهم الموقعة في نفس هذا اليوم , وأوضح أن التفاوض بشأن الصراع في كابيندا يجب أن يكون مع الرئيس الأنجولي وأن هذه المذكرة لا يعترف بها أحد , علل موقفه هذا بقوله ” أن كابيندا محمية برتغالية وتخلي البرتغال عنها لا يؤسس حقاً للأنجوليين لإحتلالها ( ظلت كابيندا محمية برتغالية تتمتع بحكم شبه ذاتي Semi-autonomous في الفترة من 1885 حتي 1956) وأن خياراته المطروحة للتفاوض تتراوح بين حكم ذاتي أو فيدرالية أو كونفدرالية أو الإستقلال , وفي مستهل الأسبوع الثاني من أغسطس 2006 عقد المكتب السياسي لجبهة تحرير جيب كابيندا FLEC إجتماعاً برئاسة Nzita Henriques Tiago تقرر في نهايته إنشاء ما سُمي بـالهيئة الرئاسية Colegio Presidecial لتحل محل منتدي الحوار الكابيندي الذي كان من المُفترض أن رئيسه Bento Bembe قد أُقصي عنه , ووفقاً لمجريات هذا الإجتماع فسوف يكون من صلاحيات هذه الهيئة الرئاسية الحفاظ علي والإنفتاح علي الحوار مع الحكومة الأنجولية وكان تقديري أن هذه الخطوة بقدر ما تؤكد الميل التفاوضي لجبهة FLEC فقد صرح الناطق باسم منظمة Mpalabanda في لواندا في 10 أغسطس 2006 بأنهم وفي إطار الهيئة الرئاسية الكابيندية يعدون مقترحات تفاوضية جديدة بشأن السلام في كابيندا تستند للتطلعات المشروعة للكابينديين وتراعي ما تؤكد عليه الحكومة الأنجولية من ضرورة الحفاظ علي أنجولا غير مُقسمة فإنها أيضاً ترسخ رفض الجبهة لمذكرة التفاهم الموقعة في Namib في الأول من أغسطس 2006 , ولم يكن ذلك الموقف يعني أن القتال قد توقف في كابيندا ففي 12 أغسطس أعلنت جبهة FLEC أن ثلاث من جنود القوات الأنجولية سقطوا صرعي وجُرح إثنان في منطقة Necuto بكابيندا مقابل جرح إثنان من عناصر FLEC .
أما علي جانب الكنيسة الكابيندية فقد كان تعليق إذاعة Ecclesia التابعة للكنيسة الكاثوليكية علي الإتفاق أنه ” فيما غلبت العواطف الجياشة علي مشاعر شباب كابيندا إزاءه فإن الأجيال الأكبر بدت متشككة ” , ورداً علي تصعيد التناول الهجومي من قبل الحكومة الأنجولية ضد كنيسة كابيندا المعارضة لتوقيع مذكرة تفاهم السلام والمصالحة في كابيندا وقرار مجلس الوزراء الأنجولي بتطبيق ما يتعلق بالوضعية الخاصة لكابيندا , وإزاء القرار الذي إتخذه المؤتمر الكنسي لأنجولا وساوتومي وبرنسيب بإيقاف 3 قسس بكنيسة كابيندا لإعتداءهم علي Filomino Vieira Dias الأسقف المُعين لكنيسة كابيندا من قبل الفاتيكان ( وهوأحد أقرباء الجنرال Helder Vieira Dias Kopelipa رئيس البيت العسكري بالرئاسة الأنجولية) والذي أحد أهم أهداف الحكومة الأنجولية من وراء تعيينه كبح جماح رجال كنيسة كابيندا وقادتها المُعارضين وهم القسس Congo وTati وPambo للوجود العسكري الأنجولي في كابيندا الذين يتهمون الأسقف المُعين بإنه إنما عُين من أجل أداء مهمة وحيدة هي إنقاذ أنجولا من الغرق في كابيندا وبالتالي تسليم كنيسة كابيندا للسلطة السياسية الانجولية ومن ثم تداولوا مُقترح ذهب إلي حد إقامة كنيسة مستقلة تأمين للكاثوليكية وكنيستها في كابيندا , وإزاءهذا الوضع نشطت جهود بعض الفاعلين في العمل الكنسي بكابيندا لإنشاء كنيسة كثوليكية مستقلة عن كنيسة كابيندا المُعتمدة لدي الفاتيكان , وكان من المُتوقع إن نجحت هذه الجهود تعقد الأمور أكثر بحيث تكون هناك مواجهتان في كابيندا مع الحكومة الأنجولية والفاتيكان معاً , وكان تقديري أن هذا الإتجاه سيوسع من رقعة الصراع في كابيندا فسوف لن يقتصر علي المكونين العسكري والسياسي بل سيُضاف إليهما مكون ديني وهو الأخطر خاصة مع إدراك الفاتيكان المُسبق أن تاريخ مواجهاته مع بعض النظم في أفريقيا أدت إلي نتائج وخيمة عليه منها مثلاً دعم الرئيس الزائيري Mobutu في إطار مواجهاته مع الفاتيكان بسبب سياسته الداخلية خاصة إبان أحداث شابا (1) وشابا (2) جعلته يدعم كنيسة Kimbanguist (التي أسسها Simon Kimbangu) وإعتباره لها الكنيسة الوطنية لزائير , وذلك خصماً من مكانة كنيسة الفاتيكان المُنتشرة بمدن زائير وبلداتها .
علي الجانب الأنجولي وافق البرلمان الأنجولي علي مذكرة التفاهم من أجل السلام في كابيندا في العاشر من أغسطس 2006 ووافق أيضاً علي قانون العفو ورخص لرئيس الجمهورية العمل من أجل تطبيق ما ورد بالمذكرة بشأن الوضعية الخاصة لكابيندا والإندماج في الدولة الأنجولية لكل العناصر التي ألقت سلاحها من الكابينديين , وفي هذا الإطار أيضاً إجتمعت لجان الدفاع والأمن والنظام العام والخارجية بالبرلمان لتعلن أيضاً عن شجبها لخرق إتفاق وقف إطلاق النار المُوقع في يوليو 2006مع فصيل Bento Bembe الذي لا يسيطر علي كل منتدي الحوار الكابيندي FCD , (أعلنت الحكومة الأنجولية في 24 أغسطس 2006أنه تطبيقاً لمذكرة التفاهم فقد جري إدماج 1675 عنصر عسكري تابعين لفريق Bento Bembe بالقوات الحكومية ) وذلك من قبل جبهة FLEC أيضاً مما جعل نواب بالبرلمان الأنجولي يصفون الوضع بكابيندا علي أنه داعياً للقلق ويستدعي سعياً من الحكومة للتهدئة , ومن جهة أخري صرح G . Nunda نائب رئيس أركان القوات المسلحة الأنجولية في 23 أغسطس 2006 بأنه ليس هناك ثمة توتر عسكري في كابيندا نتيجة مصرع حوالي 11 جندي من القوات الحكومية جراء إستمرار عمليات جبهة FLEC خلال أغسطس الجاري , بل إنه لا يوجد من عناصر هذه الجبهة من لديه القدرة علي مهاجمة مواقع الجيش الأنجولي نافياً أن تكون الطائرات الحربية الأنجولية قد قصفت بالقنابل منطقة Piadnge بكابيندا داعياً الصحافة لتفقد هذه المنطقة لرؤية الحقيقة , وقد أعلنت الكنيسة الكابيندية عن رفضها للإتفاق .
أكد قائد عمليات FLEC ( جبهة تحريرجيب كابيندا) M . L . Sabata في 13 سبتمبر 2006 أن المعلومات التي تنشرها السلطات الأنجولية عن الوضع في كابيندا ليست حقيقية , فمازالت الجبهة قادرة تماماً علي تحريك قواتها في منطقة العمليات وفي تنسيق تام مع قوات FAC , ووذلك إثر تزايد أعداد القوات الأنجولية التي بلغت 45,000 جندي , ممألزم قوات الجبهة تعديل إستراتيجيتها القتالية , ودلل علي قدرة الجبهة العسكرية بقوله أن مروحيات الجيش الأنجولي لا تستطيع التحليق في مناطق Baixo و Alto Sundi , ومن جهة أخري أكدت مصادر عسكرية بجبهة FLEC أنه لا تأثير سلبي علي قدرات الجبهة ميدانياً نتج عن إنضمام العناصر العسكرية التابعة لـ Bento Bembe للجيش الأنجولي , بل إن مصادر أخري غير مُستقلة أشارت إلي أن عناصر جبهة FLEC – RENOVADA التابعة لـ Bento Bembe مثير منهم مرتزقة كونجوليون , كما تواترت معلومات أخري تشير إلي أن السلطات الأنجولية لم تكتف بتوقيع Bento Bembe علي مذكرة التفاهم التي تخلي فيها عن مبدأ الإستقلال أو الحكم الذاتي وأرتضي بوضعية خاصة للإقليم , بل لقد أستخدمته السلطات الأنجولية في تحقيق مزيد من الإختراق للصف الكابيندي بقيامه بزيارة للقاء بعض الكابينديين في البرتغال ومنهم ممثل FLEC بها السيد Liberal Nuno .
في إطار جهد المقاومة السياسية الكابيندية نشر موقع Ibinda الكابيندي في 6 مارس 2006أن حكومة كابيندا في المنفي ( والمُعلنة من جانب واحد) تنوي إعداد ملف يتضمن إتهاماتها ضد حكومة لواندا لإرتكابها جرائم حرب بالإقليم قامت بها القوات المسلحة الأأنجولية ومن بين هذه الجائم إقتراف العنف المنظم ضد الكابينديين بما فيه الإغتصاب والإعدام المُبتسرة والسريعة والتطهير العرقي , والمدي الزمني للملف يبدأ في الأول من يوليو 2002 وهو تاريخ دخول ما يُسمي بوضعية روما Rome Statute حيز التنفيذ , وأشار الموقع إلي أن حكومة كابيندا ستقدم هذا الملف للنائب العام للمحكمة الجنائية الدوليةOcampo Luis Moreno حال تمام إعداده بشكل مُوثق توطئة للمضي قدماً في التحري وفقاً لمعايير وضعية روما والتي يجريها مكتب النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية بالفعل في الكونجو الديموقراطية وأوغندا بالفعل , * ( أورد مقرر الأمم المتحدة الخاص بالتعذيب في تقرير له عام 1998 أن القوات الحكومية والمجموعات شبه العسكرية الأنجولية والتابعة لشرطة التدخل السريع Policia da Intervencao إقترفا علي نحو واسع تعذيباً وإساءة معاملة ضد أشخاص في كابيندا وأن عناصر حكومية أنجولية حاولت إستخلاص معلومات والحصول علي إعترافات من بعضهم بالقوة) , بعد ذلك وفي ذات الإطارأعلنت جبهة تحرير جيب كابيندا – القوات المسلحة في أكتوبر 2006 أنها أعدت مع بنك كابيندا الوطني ملفاً خاصاً مُؤرخاً في 30 سبتمبر 2006لتسليمه إلي المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب وعرضت الجبهة في هذا الملف أن للإستغلال غير المشروع لموارد البترول الكابيندي , كما طلبت من المفوضية الأأفريقية تعيين مقرر خاصSpecial Rapporteur لحقوق الإنسان في كابيندا , ونقلت شبكة P .Oil الإخبارية في 8 سبتمبر 2006 من بانجول ( جامبيا) أن القوات الأنجولية في كابيندا بدأت في حملة عسكرية ضد مواقع كابيندية تتمركز في أقصي شمال أنجولا وقامت بضربات عسكرية داخل جمهورية الكونجو الديموقراطية مما أفشل مذكرة التفاهم من أجل السلام الموقعة مع فصيل كابيندي مُنشق في الأول من أغسطس 2006 , لكن مفوضية الإتحاد الأأفريقي المعنية بحقوق الأنسان والشعوب لم تستجب للمطلب الكابيندي لأسباب مختلفة , وفي تقديري أن المطلب الكابيندي لتعيين مقرر خاص لحقوق الإنسان في كابيندا أهملته المفوضية لسبب رئيسي هو أن الإتحاد الأفريقي لا يعتبر الصراع في كابيندا مسألة أفريقية فيما إعتبر الصراع في جنوب السودان وقضية دارفور كذلك ومن ثم تدخل فيهما وبقوة خاصة في قضية دارفور( وتنازل طواعية عن دوره فيها لاحقاً لصالح الأمم المتحدة فيما وأثناء الصراع بين رئيس ساحل العاج وخصمه الحسن واتارا فكرت ساحل العاج في سحب ملفها من أيدي الأمم المتحدة وقصر تناوله علي الإتحاد الأفريقي مما يدلل علي الدواعي السياسية المُتقلبة في إستخدام الدول والقوي الكبري لمسرحي الإتحاد الأفريقي و/ أو الأمم المتحدة بما يحقق أهدافهم الغير معلنة) طبعاً نتيجة قوة الدفع من القوي الغربية وعلي رأسها الولايات المتحدة , لكن علي كل حال ووضعاً في الإعتبار هذه المفارقة فإن الخطوة التي بادرت بها جبهة تحرير جيب كابيندا تلك أعتبرها :
إختباراً جديداً لقدرات وفاعلية وحيادية وموضوعية المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بل وربما مجمل العمل الأفريقي في إطار منظمة الإتحاد الأفريقي نفسها .
بياناً لقدرات أنجولا علي التأثير من خلال ممارستها لنفوذها بوسائل عدة داخل هيئات الإتحاد الأفريقي المختلفة .
تجديداً لمحاولات سابقة أُجهضت لجبهة تحرير جيب كابيندا من أجل تدويل الصراع .
بمضي السنين لم تعد مذكرة التفاهم من أجل السلام والمصالحة مُعبرة عن الواقع بكابيندا فقد ظل الصراع السياسي كما هو وإن كانت وتيرة العمل العسكري قد إنخفضت إلا أنها إستمرت لتعطي علي الأقل إنطباعاً بإستمرار المقاومة المسلحة التي في النهاية لا يمكن قياسها بالقوة المسلحة الأنجولية التي تزيد في بعض التقديرات عن 50,000 جندي , ومع ذلك قامت جبهة FLEC بعمليات تشير علي الأقل إلي أن هناك ثمة خطر من المقاومة الكابيندية , فمثلاً هاجمت عناصر FLEC في يناير 2010 حافلة كانت تقل فريق كرة القدم التوجولي الذي كان سيلعب مبارة له في إطار كأس الأمم الأفريقية بكابيندا * (إعترضت أنجولا لدي الحكومة الفرنسية لإنتهاك مقاتلي جبهة FLEC التي تستضيف فرنسا بعض عناصرها إتفاق وقف إطلاق النار الموقع في يوليو 2006 لذا فقد أدي هذا الحادث بفرنسا التي تستضيف المنشقين الكابينيديين لأن تتصرف حيالهم بعنف غير مسبوق لأنها كانت تطمح في زيادة إستثماراتها بكابيندا بشراء حصة من Sonangol الأنجولية) ثم هوجم بعد ذلك عمال صينيون يعملون هناك , ولما كانت كابيندا مجمع لإستثمارات متعددة الجنسيات علي رأسها شركة Chevron Texaco من خلال فرعها Cabinda Gulf Oil الذي يقيم أفرادها في مكان منعزل بمجمع Malongo السكني بكابيندا و Chevron Texaco تعتبر بالنسبة للشركات الأخري الشركة القادرة علي كل شيئ بالإقليم او الـ Omnipotent أما الشركات الأخري الأقل نفوذاً في الإقليم فهي Total Elf الفرنسية والأنجولية Sonangol و Petrofina البلجيكية و Repsol الإسبانية وGalp البرتغالية , لهذا كان في إستمرار التوتر بالإقليم تهديد بدرجة ما علي هذه الإستثمارات الضخمة , وقد تُظهر أهم التطورات الآتي بيانها والتي حدثت في العامين الأخيرين بدرجة أو بأخري أن الوضع الميداني بكابيندا لم يتغير عما كان عليه قبل توقيع مذكرة التفاهم من أجل السلام والمصالحة في كابيندا في أول أغسطس 2006 , وبالتالي فنحن أمام صراع ماثل يغلب عليه الطابع السياسي يرافقه عمل عسكري وإن بوتيرة منخفضة low-intensity :
– نشرت إذاعة BBC علي موقعها في 12 نوفمبر 2010 أن عمالاً صينيين هُوجموا في مقاطعة كابيندا الأنجولية هذا الأسبوع وأن جنديين أنجوليين من المُتعاقد معهم بمعرفة شركة Sonangol لحماية العمال قُتلوا وأعلنت جبهة FLEC مسئوليتها عن الهجوم , وأشار الموقع إلي أن وزير حقوق الإنسان الأنجولي Bento Bembe أدان الهجوم ” الإرهابي ” .
– أورد Jornal de Angola الحكومي في 19 نوفمبر 2015 مقابلة مع Eusébio de Almeida e Costa مفوض الشرطة بكابيندا أشار فيها إلي أنه بفضل التوقيع علي مذكرة التفاهم من أجل السلام والمصالحة في الأول من أغسطس 2006 مع منتدي الحوار الكابيندي سكتت المدافع عن دويها المتبادل بين القوات الأنجولية وجبهة FLEC وأن صمت السلاح أدي إلي توفير الإستقرار للسكان وإنسياب حركتهم في الأقليم ,مؤكداً أنه لا حرب بالإقليم وأن الموقف به تحت السيطرة , وأشار إلي الهجرة غير الشرعية من الكونجو الديموقراطية إلي أنجولا . * ( هناك موجات نزوح من الكابينديين للكونجوليتين بسبب القمع وإنتهاكات حقوق الإنسان تقترفها السطات الأنجولية في الإقليم وسجلتها تقارير HRW )
– أوردت شبكة All Africa في 8 ديسمبر 2015 أنه وفقاً للمراقبين فإن تخفيف الحكومة الأنجولية لقبضتها علي الناشطين الكابينديين مؤخراً ليست مصادفة وإنما إشارة سياسية آتية من أعلي .
– أورد Jornal de Angola الحكومي في عدده بتاريخ 29 ديسمبر 2015 أن الحكومة الأنجولية تقوم بإنشاء ميناء في المياه العميقة لكابيندا علي المحيط الأطلنطي في منطقة Caio Litoral وستنتهي من ذلك خلال عام 2016 وأحالت الصحيفة علي Nazareth Neto رئيس ميناء كابيندا قوله أن المشروع مقرر له أن يبدأ في الربع الأول من عام 2016 وتكلفة المرحلة الأولي منه 600 مليون دولار علي مساحة 31 هكتار وسعته الإستقبالية المتوقعة 50,000 حاوية / يوم مقارنة بالوضع الحالي لميناء كابيندا الذي يستقبل 26,000 حاوية / يوم . كما أشار إلي ان هذا الميناء سيُخصص جزء منه لحركة المسافرين وسيخدم في إستقبال السفن الكبيرة الآتية من نيجيريا وجنوب أفريقيا وبلاد أخري ويخدم السفن المتعاملة مع شركات البترول بالإقليم .
– أوردت وكالة الأنباء الأنجولية في يناير 2016 أن 40 عائلة كانت مقيمة في محلية Dinge بالكونجو برازافيل ينتمون لمتمردين سابقين بصفوف جبهة FLEC تعدادهم 236 فرد سجلوا أنفسهم للحصول علي أوراق ثبوتية أنجولية في إطار عملية إعادة الإندماج الإجتماعي .
– أورد موقع ANGONOTICIAS الأنجولي في 11 يناير 2016 أن وزارة الخارجية الأمريكية والخارجيةالبريطانية أصدرتا تحذيراً لمواطنيهما من مغبة السفر غير الضروري إلي مقاطعتي كابيندا ( فيما عدا عاصمة الإقليم كابيندا) و Lunda Norte التي تتركز بها عمليات التنقيب عن الألماس الأنجوليتين نظراً لوجود تهديد محتمل .
– أوردت وكالة الأنباء الأنجولية من كابيندا في 14 يناير 2016تصريحاً للجنرال Maurício Amado Zulu نائب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الأنجولية إدلي به من موقعه ببلدة Belize أشار فيه إلي أن الموقفين السياسي والعسكري في كابيندا مستقر , وأن الحكومة الأنجولية مُلتزمة بتحسين الاحوال المعيشية وتمتين السلام من أجل سكان كابيندا .
– أوردت إذاعة صوت أمريكا في 12 فبراير 2016 مقابلة أجرتها مع Nzita Henriques Tiago رئيس جبهة FLEC أشار فيها إلي أنه قام بمحاولات متكررة لبناء حوار مع السلطات الأنجولية التي تجاهلتها , وأنه كاتب الرئيس الأنجولي José Eduardo dos Santos مراراً لبدء حوار حول كيفية حل الموقف في كابيندا لكنه لم يتلق إستجابة , كما أشار إلي أن جبهته كتبت إلي السلطات البريطانية للمساعدة في التوصل إلي حل عاجل للصراع في كابيندا , لأن الموقف في كابيندا يمكن أن يصبح خطيراً جداً , داعياً إلي توقيع عقوبات إقتصادية وعسكرية علي أنجولا لحملها علي التفاوض .
– صرح الجنرال GERALDO SACHIPENGO NUNDA رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الأنجولية لوكالة الأنباء الأنجولية في 29 فبراير بمناسبة ختام تدريبت القوات لعامي 2015- 2016 بأن قيادة منطقة كابيندا العسكرية عليها أن تزيد من جهودها للحفاظ علي الأمن وإنسياب إنتقال الأشخاص والسلع في المقاطعة .
– أوردت وكالة الأنباء البرتغالية LUSA في22 مارس 2016 أن الجناح العسكري لجبهة FLEC أصدر بياناً اليوم موقعاً من Jean-Claude Nzita المتحدث باسم الجبهة أشار فيه إلي أن عناصر الجبهة خاضت ثلاث مواجهات مؤخراً مع القوات المسلحة الأنجولية وأنها لذلك تنصج الغربيين الأجانب بعدم البقاء بكابيندا نظراً للقتال الكثيف الذي جري في أيام 29 فبراير و13 و16 مارس و لكن لا جهة بالقوات المسلحة الانجولية أكدت ما تقدم .
– أوردت وكالة الأنباء الفرنسية في 24 مارس 2016 أن المتمردين الإنفصايين في كابيندا أعلنوا منذ أيام قليلة مضت عن مصرع نحو 30 من القوات الحكومية الأنجولية في عدة عمليات بالإقليم خلال مارس الجاري , وأن الحكومة الأنجولية رفضت التعليق علي هذا النبأ , وقد أشار بيان صادر عن جبهة FLEC إلي أن الجبهة تحذر رعايا الدول الغربية من العمل هناك وأن عليهم الرحيل مؤقتاً بسبب حالة الحرب السائدة بالإقليم ومواجهتهم لغزو أنجولي عسكري كثيف , ومن جهة أفاد الناشط الكابيندي Alexander Kuangaالوكالة بأن أنجولا كثفت من وجودها العسكري بكابيندا وأن الموقف بعاصمة الإقليم عادي و لكن هناك مشاكل بالأدغال وأن الأهالي يخشون من الذهاب للحقول للزراعة .
– أشارت صحيفة Jornal de Angola في عددها بتاريخ 10 مايو 2016 إلي أن وزيرة الثقافة Carolina Cerqueira إلتقت في لواندا Euclides Barros da Lomba أمين الثقافة بكابيندا وناقشت معه برنامج التنمية الثقافية بالإقليم .
– أعلنت جبهة FLEC / FAC في 3 يونيو 2016 عن وفاة رئيسها ومؤسسها Nzita Henriques Tiago في Draveil بباريس عن عمر يناهز 88 عاماً ( من مواليد Mboma Lubinda بكابيندا في 14 يوليو 1927) , وقد أعلنت الجبهة في 5 يونيو 2016 من جانب واحد وقفاً لإطلاق النار في كابيندا بعد وفاته , وأعلنت عن أنها أرسلت إلي لواندا تطلب إعادة فتح باب التفاوض , لكن بعد وفاته بثلاث أيام أعلن Alexandre Tati القائد العسكري للحركة في كابيندا عن توليه القيادة وأدعي أن Nzita Henriques Tiago أوصاه قبل وفاته بإعادة تنظيم الحركة وتوحيد أجنحتها من أجل الحصول علي حق تقرير المصير, وكرد فعل لذلك صدر بيان مُوقع من قبل شخصية عسكرية أخري تدعي Sem medo قدم نفسه في البيان علي أنه القائد الميداني لعمليات الجبهة وورد في هذا البيان أن Emmanuel Nzita أبن الزعيم الراحل أصبح من الآن فصاعداً رئيس جبهة FLEC , لكن Tati أشار إلي أن أحداً علي وجه الأرض لا علم له بهذا التعيين وأن تعيين Emmanuel Nzita عمل فردي .
– أخطرت الحكومة الأنجولية فرع Sonangol الذي تشارك فيه الصين الشعبية بمغادرة كابيندا . * ( نشرة AFRICA INTELLIGENCE رقم 776 في 9 يونيو 2016(
– أشار موقع Oil Price في 14 يونيو 2016 تحت عنوان ” أنجولا يمكن أن تواجه نموذج لتهديد بترولها علي غرار متمردي “دلتا النيجر” , وأشار الموقع إلي ما نقلته وكالة Reuters من كابيندا في 14 يونيو 2016 بالإحالة علي مصدرين يعملان بصناعة البترول , قولهما أن 14 رجل ينتمون إلي جماعة متمردة تسعي للإستقلال في كابيندا عن الحكومة الانجولية إعتلوا منصة بحرية لإنتاج الغاز تابعة لشركة Chevron في مايو 2016 ومكثوا عليها زهاء الساعة وهددوا العمال الاجانب ثم غادروا المنصة في القارب الذي أتي بهم للموقع , ونفي هؤلاء أن ما يقوموا به يعتبر هجوماً وإنما هو إنذار , وأشارت Reuters إلي أن المتحدث باسم جبهة FLEC-FAC صرح من مقر الجبهة بباريس في فبراير 2016 بأنهم سيستأنفون المعركة المسلحة من أجل الإستقلال عن أنجولا .
– نشرت مجلة Folha 8 ( المعارضة للحكومة) في 7 أغسطس 2016 بياناً أصدرته جبهة FLEC / FAC وقعه الجنرال Alfonso Nzau المسئول العسكري للجبهة بمنطقة جنوب Mayombe , وأشار البيان إلي أن الجبهة تواصل عملياتها العسكرية ضد القوات الأنجولية المسلحة التي تقوم بقمع المدنيين , كما أشار إلي عدد من العمليات العسكرية لمسلحي الجبهة سقط علي إثرها ما لا يقل عن 40 من جنود من القوات الحكومية الأنجولية , وورد في ختام البيان عبارة ” أن الجبهة تؤكد علي أن حكومة الصين الشعبية عليها أن تقوم بترحيل مواطنيها من كابيندا لأن تواجدهم علي أراضينا إستفزاز لنا ” , لكن الجنرال Geraldo Sachipengo Nunda رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الأنجولية نفي في تصريح له نُشر في 21 أغسطس 2016 أن يكون هناك صرعي في صفوف قواته في كابيندا مؤكداً أن الوضع هادئ تماماً بالإقليم , ودعي من ينشرون أخبار نقلاً عن جبهة FLEC للذهاب لكابيندا والتحقق من هدوء الأوضاع بها .
– أعلنت جبهة FLEC في 7 سبتمبر 2016 مسئوليتها عن مقتل 12 من جنود القوات المسلحة الأنجولية في كمين بمنطقة حقول البترول بكابيندا بقرب الحدود مع الكونجو برازافيل وقبل ذلك وفي أغسطس 2016 أعلنت هذه الجبهة عن مسئوليتها عن مصرع نحو 50 من عناصر القوات الانجولية المسلحة .
– نشر موقع مجلة Folha 8 الأنجولية في 8 سبتمبر 2016 أن وفداً يمثل جبهة FLEC / FAC يقوده Jean Claude Nzita توجه لمقر البرلمان الأوروبي بدعوة من منظمة الشعوب والأمم غير المُمثلةUNPO وسيعقد الوفد الكابيندي عدة إجتماعات في 8 و9 سبتمبر بمقر البرلمان الأوروبي تحت عنوان ” الدبلوماسية وجماعات الضغط ” برعاية منظمة الشعوب والأمم غير المُمثلة التي تقوم بتدريب وتاهيل كوادر تنتمي لهلشعوب المظلومة , وصرح Claude Nzita أنه من الآن فصاعداً سوف تواصل جبهة FLEC / FAC سبيلها نحو حصول الشعب الكابيندي علي حقه في تقرير مصيره .
– صرح Alexandre Kuanga لصوت أمريكا في 12 سبتمبر 2016متحدثاً بالنيابة عن منظمة كابيندية معنية بالثقافة وحقوق الإنسان بأن محافظ كابيندا فقد الكثير من سيطرته علي المحافظة التي يسيطر عليها أمورها العسكريين , وأشار إلي أن هؤلاء يعينون مواطنين بالكونجوليتين وعند وصولهم لكابيندا يقدمون أنفسهم علي أنهم عناصر من جبهة تحرير جيب كابيندا FLEC, وأكد في تصريحه للإذاعة أن الوضع في كابيندا يتجه إلي الإنفجار بسبب إعدام السلطات الأنجولية للنشطاء وكل من يفكر بطريقة مختلفة عن هؤلاء الذين يحكمون .
– نشر موقع مجلةFolha 8 الأنجولية في 14 سبتمبر 2016 ما ورد ببيان لجبهة FLEC من أن محافظ كابيندا Aldina da Lomba الذي فقد السيطرة علي الأمور في الإقليم قرر أن يبدأ حملة دعائية مع بعض الصحفيين الحكوميين بإنجولا للتغطية علي ما دعوة الجبهة للصحافة الدولية لرؤية الأوضاع الحقيقية للإقليم في مناطقه الداخلية , وأشار البيان إلي أن حكومة أنجولا دأبت علي بث معلومات مغلوطة عن الوضع بالأغقليم وإخفاء حقيقة أن هناك ثمة حرب بداخله . وناشد البيان سفير البرتغال بأنجولا João Caetano da Silva تحري الحيدة عند إطلاعه وإعداد تقريره عن الوضع بالإقليم بعد زيارته له وألا يُشارك حزب MPLA في سلوكه غير المسئول تجاه كابيندا .
– نشر Jornal de Angola في 20 سبتمبر 2016 تصريحاً لسفير البرتغال لدي أنجولا João Caetano da Silva أدلي به للصحافة الأنجولية أثناء تواجده ببلدة Miconje الواقعة علي بعد 220 كم من شمال كابينداعاصمةالإقليم الذي يزوره , وأشار في تصريحه إلي أنه في رحلته لأماكن مختلفة التي إمتدت لنحو 300 كم بالإقليم لم يلحظ أي شيئ غير عادي هناك يشير إلي عدم الإستقرار او الحرب مما تنشره وسائل الإعلام عن كابيندا .
أورد موقع صوت أمريكا في 26 سبتمبر 2016 تصريحا أدلي به André Patrick Tchissambou السكرتير العام لجبهة تحرير جيب كابيندا أشار فيه إلي أن الكابينديين ” يستعيدون كل يوم حلم الإستقلال عن أنجولا وذلك علي الأصعدة السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية بعد أكثر من 40 عاماً من إلحاق أنجولا أراضيهم إليها ” , وأضاف قوله ” إننا نأمل في الحرية والكرامة والديموقراطية وفي هويتنا الكابيندية ” , وطالب حكومة أنجولا بالإلتزام بإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية Autochtones في تقرير مصيرها ” وأشار إلي سوء الأوضاع في الإقليم وأن سكانه البالغ عددهم 400,000 نسمة يعيشون في فقر وأكد أن أعضاء جبهة FLECلن يستسلموا حتي وهم يعلمون أنهم تحت تهديد الإغتيال بصفة دائمة .
أورد موقعObservador في 3 أكتوبر2016 تصريجاً لوزير الداخلية الأنجولي Angelo da Veiga Tavares أشار فيه إلي أن الموقف في كابيندا مستقر نافياً المعلومات الصادرة عن القوات المسلحة الكابيندية FAC وتشير إلي مصرع 50 جندي أنجولي بالإقليم منذ أغسطس الماضي .
ضعف المقاومة / المعارضة الكابيندية في مواجهة قدرة أنجولا علي فرض سيادتها علي كابيندا :
يظل الصراع في كابيندا كما يقال ويُوصف بأنه صراع منسي , لكن آخرين يصفون جبهة تحرير جيب كابيندا نفسها بالجبهة المنسية بسبب الضعف المزمن في الصف الكابيندي عموماً , ولذلك مثلاً نجد أن Alex Vines رئيس برنامج أفريقيا بـ Chatham Hous في مقابلة صحفية أجراها معه موقع World Politics Review نُشرت في 9 سبتمبر 2016 أشار فيها إلي ” أن الصراع في كابيندا ينتمي لفئة الصراعات ذات الكثافة المنخفضة low-intensity , ولهذا فهو لا يمثل خطراً مُحدقاً بأنجولا طالما ظل خطر هذا العنف مُسيطراً عليه في مواقع العمليات بشمال كابيندا , لكن ومع ذلك فإن جبهة FLEC-FAC يمكن أن تحاول إثبات أنها تستطيع القيام بعمليات خارج منطقة الغابية الممطرة Mayombe , وهو إحتمال تراقبه بدقة شركة Chevron التي تقوم بالعمل في مواقع برية بترولية أيضاً ولها مستوطنة في Malongo ” , كما أن لخبير السيطرة علي الأخطار Barnaby Fletcher تقدير آخر فقد أشار إلي ” أن جبهة FLEC لاتبدو وأنها متحدة خلف Emmanuel Nzita Wa Nzita أبن زعيمها الراحل Nzita Henriques Tiago بإعتبار الأول قد تولي قيادة الحركة بعد وفاة أبيه والتي تقتصر عملياتها العسكرية بكابيندا علي تكتيك الكمائن لإصطياد الجنود الأنجوليين , ولهذا فإن مهاجمة منشآت البترول هي التي تعد المفاجأة الأعنف إن تمت ” .
علي كل الأحوال فإن الصراع في كابيندا كأي صراع , صراع إرادات , والحكومة الأنجولية كما سيتبين لاحقاً نجحت حتي الآن في إدارته بسبب إلتفاف وإجماع معظم الأحزاب الأنجولية بما فيها المعارضة علي مبدأ وحدة الأراضي الأنجولية منذ ما قبل الإستقلال عن البرتغال في 11 نوفمبر 1975 وحتي الآن , حتي وإن وجهت بعضها إنتقادات للحكومة فيما يتعلق بتوقيع مذكرة التفاهم من أجل السلام والمصالحة في أول أغسطس 2006 مع أحد الفصائل الكابيندية المُنشقة فهو في النهاية إنتقاد تكتيكي ناشئ عن طبيعة دور المعارضة , وهناك سبب آخر لقوة موقف الحكومة وهو الإلتقاء مع الإدارات الأمريكية المُتعاقبة عبر شركة Cabinda Gulf Oil (Chevron) في أهمية إبقاء كابيندا تحت السيادة الأنجولية طالما إستمرت المصالح البترولية الأمريكية المُشتركة مع أنجولا مستقرة ومزدهرة ومتطورة , كما ان التوازنات الإقليمية لا تعمل منذ سقوط نظام موبوتو في كنشاسا عام 1996ووفاة عمر بونجو رئيس الجابون في صالح جبهة تحرير جيب كابيندا وبالتالي فقد فقدت الجبهة إلي حد كبير أهم حاضنة لإقليمية لها بعد أن كانت تتمتع بدعم من زائير وعدة دول أفريقية أخري , وإتصالاً بهذا أشار تقرير للبرلمان الأنجولي وُضع عام 1999إلي أن كل من التوجو وبوركينافاسو والكاميرون وزامبيا تدعم حركة FLEC طبعاً بالإضافة إلي إستخدام مسلحيها لأراضي الكونجوليتين كقواعد خلفية Rear bases تنطلق منها الهجمات علي القوات الأنجولية بالإقليم , وقد تغير هذا الوضع تماماً لأسباب مختلفة منها التغيرات التي أحاطت بهذه الدول الداعمة نفسها , ولولا الدعم والمساندة الفرنسية المحسوبة لأنتهي الصراع مرة واحدة وللأبد لصالح أنجولا , لكن يبقي القول بأن تنامي ضعف المقاومة الكابيندية بإنقساماتها المتواصلة والمزمنة والإنقطاع المزمن في العلاقة التنسيقية بين العمل السياسي والعمل العسكري كل ذلك أتاح لأنجولا مساحة حرة في الحركة النشطة خاصة مع إمكانيات الدولة الأنجولية الهائلة وآلتيها الدبلوماسية والعسكرية المتمرستين من واقع خبرات متراكمة بفعل الحرب الأهلية التي الأنجولية التي كانت في الحقيقة ثمرة مرة من ثمار الحرب الباردة , وعلي أي الحالات فإنه وبعد سلسلة متصلة من التشكيلات * ( أنظر أدناه قائمة بها ) والإندماجات والإنشقاقات في حركات وجبهات التحرير الكابيندية منذ ما قبل 1975 حتي الوقت الراهن , تبقت حالياً جبهتان إحداهما كان يتولي أمرها Bento Bembe رئيس منتدي الحوار FCD قبل أن تقصيه الجبهة الأخري بعد توقيعه مع الحكومة الأنجولية مذكرة التفاهم والأخري هي جبهة تحرير جيب كابيندا – القوات المسلحة لكابيندا FLEC- FAC .
FDC Front démocratique cabindais الجبهة الديموقراطية الكابيندية
FLEC Front de libération de l’enclave de Cabinda جبة تحرير جيب كابيندا
FLEC-FAC Forces armées de Cabinda جبهة تحرير جيب كابيندا – القوات المسلحة لكابيندا
FLEC Interior FLEC Intérieur جبهة تحرير جيب كابيندا – الداخل
FLEC Original FLEC Originel جبهة تحرير جيب كابيندا الأصلية
FLEC Renovada FLEC Rénové جبهة تحرير جيب كابيندا الجديدة
Fonac Forum des nationalistes cabindais منتدي الوطنيين الكابينديين
MLEC Mouvement pour la libération de l’enclave de Cabinda الحركة من أجل تحرير جيب كابيندا
MRITC Mouvement de résistance pour l’indépendance totale de Cabindaحركةالمقاومة من أجل التحرير الكامل لكابيندا
MRPC Mouvement pour le rassemblement du peuple cabindais الحركة من أجل تجمع الشعب الكابيندي
UGEEC Union générale des élèves et étudiants congolais الإتحاد العام لتلاميذ وطلاب الكونجو
UNALEC Union nationale pour la libération de l’enclave de Cabinda الإتحاد الوطني من أجل تحرير جيب كابيندا
UNLC Union nationale pour la libération de Cabinda الإتحاد الوطني من أجل تحرير كابيندا
يزيد ضعف المقاومة العسكرية والسياسية لكابيندا تناقص الدعم الخارجي الذي أصبح محصوراً في رافد آفل مصدره فرنسا بسبب تحريك الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي للعلاقات الفرنسية / الأنجولية وإبعادها عن القضايا الخلافية أهمها الدعم الفرنسي للكابينديين وإستضافة فرنسا علي أراضيها Nzita Henriques Tiago رئيس ما يُسمي بجمهورية كابيندا في المنفي وآخرين , وملف ما يُسمي بقضية Falcon Gate , كما أن ضعف التنسيق فيما بين هذه الجبهات خلال الفترة من تأسيس أولها MLEC أو حركة تحرير جيب كابينداعام 1960 في الكونجو برازافيل برئاسة Luis de Gonzaga Ranque Franque وحتي ما قبل توقيع Bento Bembe لمذكرة التفاهم بشأن السلام والمصالحة في كابيندا مع حكومة أنجولا في الأول من أغسطس 2006 ثم أن التنافس علي تولي المناصب القيادية بهذه الجبهات المختلفة سلب الجبهة إحترام الدول القليلة التي كانت تدعمها , كل ذلك أفقد المقاومة الكابيندية فعاليتها إلي حد كبير مما قوي من ساعد الجانب الأنجولي , ومع ذلك وبالرغم من هذه السلبيات فإن الجانب الرمزي للصراع في كابيندا مازال مفهوماً للآن , فلم تلق المقاومة السلاح وإن كانت ميدانياً في مركز أضعف مع تنامي ثقل القوات المسلحة الأنجولية في الإقليم وإستعداد القوي الدولية ذات المصلحة خاصة الولايات المتحدة والصين في دعم القوات الأنجولية به , لكن بقاء الدعم الفرنسي لجمهورية كابيندا المؤقتة أو في المنفي بباريس برئاسة Nzita Henriques Tiago زعيم جبهة تحرير كابيندا – القوات المسلحة لكابيندا FLEC- FAC ربما حافظ علي إستمرارية القضية الكابيندية بالرغم من بعدها عن متناول الإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وهي مسافة جعلتها في حكم الشأن الداخلي الأنجولي .
الموقف الأمريكي من الصراع في كابيندا
خلفية الموقف الأمريكي :
– عملت الإدارة الأمريكية في مرحلة ما قبل حصول أنجولا علي الإستقلال علي منع وصول حزب MPLA للحكم وساعدها علي ذلك الرئيس الزائيري Mobutu لكن لأسباب مختلفة منها الدعم السوفيتي والكوبي لهذا الحزب فقد فشلتا في تحقيق الهدف , تحركت قوات حزب MPLA بإتجاه إقليم كابيندا في أغسطس 1975 قبل الإعلان عن إستقلال أنجولا التي تشمل أنجولا وكابيندا معاً وفقاً لإتفاقية Alvor الموقعة مع القوي الحزبية الأنجولية الثلاث في يناير 1975 , وكان علي الولايات المتحدة التي لها إستثمارات بترولية ضخمة في كابيندا أن تكون موقفها إزاء الإقليم بكل دقة وضعاً في الإعتبار إرتباطات حزب MPLA الذي يتبني النظرية الماركسية / اللينينية في نظامه السياسي بالسوفييت وحلفاءهم بالإضافة إلي كوبا .
– بدأت الإتصالات الأمريكية الرسمية مع عناصر جبهة FLEC ورئيسها N’ZITA TIAGO مبكراً ذلك أن الولايات المتحدة ممثلة في شركة GULF OIL CORPORATION كانت لديها إستثمارات مهمة بالإقليم وتعمل علي إستغلال البترول في بداية سبعينات القرن الماضي في حوالي 30 بئر بترول بحري , ولذلك كان هناك إهتمام أمريكي جدي ومتابعة دقيقة للأوضاع في كابيندا , فوفقاً لما ورد ببرقيتين الأولي مؤرخة في 11 سبتمبر 1974أشارت إلي لقاء السفير الأمريكي في كينشاسا بـLuis Ranque Franque و ANTONIO SOZINHO سكرتيره للشئون الخارجية وعرضا للقضية الكابيندية ولدعم الرئيس الزائيري موبوتو وأوضح Franqu أن مجموعته ليست مناهضة للمصالح الأمريكية والبرتغالية في كابيندا لكنها ليست مستعدة لأن تشاركها أنجولا في ثروات كابيندا وطلب أن تحث الإدارة الأمريكية حكومة أنجولا (المُرتقبة) لبدء محادثات معه , أما البرقية الثانية فمؤرخة في 26 سبمبر 1974سربتها WikiLeaks صادرة عن الخارجية الأمريكية أشارت إلي ان القنصل الأمريكي إلتقي زعيم FLEC وبعض عناصرها مثل ALEXANDRE TATY و PINHEIRO DA SILVA وآخرين مثل Ranque Franque و Auguto Tchioufou وكان التقدير الأمريكي في هذا الوقت المبكر جداً أن جبهة FLEC ذات شعبية بين سكان الإقليم وإن كانت أمانتهم الفكرية مشكوك فيهاDUBIOUS وأن الإتحاد الديموقراطي من أجل الشعب الكابيندي والحزب الديموقراطي الكابيندي كلاهما عمره قصير وأن قوات حزب MPLA التي تقوم بعمليات في الإقليم لا تحظي بتأييد يُذكر من الكابينديين إلا أن قادة الأحزاب الأنجولية التي تقاوم الإستعمار البرتغالي وهما AUGUSTINHO NETO رئيس MPLA و HOLDEN ROBERT رئيس FNLA كانا يعارضان إستقلال كابيندا ( أشار إعلان مبادئ MOMBASA الذي كان أحد ثلاث إتفاقات بين القوي الأنجولية الثلاث وهي الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا FNLA والحركة الشعبية لتحرير أنجولا MPLLA والإتحاد الوطني للإستقلال التام لأنجولا UNITA والذي صدر في 5 يناير1975, في مادته الأولي إلي إقرار وتمسك هذه القوي بمبدأ صيانة التكامل الترابي لأنجولا وإعتبار كابيندا جزءاً مُتكاملاً مع الأراضي الأنجولية) , كما كان الأمريكيون يرون أن الكابينديين لا يؤسسون رغبتهم الإستقلالية علي عوامل تاريخية وعرقية فحسب بل أيضاً علي شكهم في أن عوائد البترول سوف تعود عليهم وألا تغلق عليها أقفال خزائن لواندا , وكانت لدي الامريكيين معلومات من جبهة تشير إلي أنه لو حصل الأنجوليين علي الإستقلال ووصل AUGUSTINHO NETO إلي سدة الرئاسة الأنجولية فسيؤمم شركةGULF OIL CORPORATION , ووفقاً لوثيقة صادرة عن اللجنة الدائمة لحزب MPLA مكتب دار السلام في 12 فبراير 1974أشارت إلي أن حزب MPLA أعلن في فبراير 1974 أنه عندما يتحقق الإستقلال فإن كل الشركات العاملة بالنطاق البحري لأنجولا وبالإقليم البري لها ستُطرد وتُصادر ممتلكاتها وحمل الحزب هذه الشركات مسئولية التعرض لأخطار الحرب بل وقام بالإتصال بالدول والمنظمات الصديقة كي تقوم بتدريب الكوادر الأنجولية في مجال صناعة البترول ووفقاً لوثيقة كانت في حوزة أحدي الجامعات البرتغالية فإن هذا الإعلان لم يكن مُوجهاً فحسب للشركات التي كانت تعمل بالفعل بأنجولا بل أيضاً لتلك التي لديها نية العمل بها مُستقبلاً والتي رخصت لها السلطة الإستعمارية بذلك , وكانت الشركات العاملة وقت إصدار MPLA إعلانها ذاك :
شركة Gulf Oil Corp.والتي عن طريق بوساطة من فرعها شركة Cabinda Gulf Oil Corp. حازت إحتكارساحل كابيندا .
شركة ARGO Petroleum Corp. ومقرها بـ Los Angelos التي حازت في نهاية 1973 كل إمتياز الخليج البري لكابيندا .
شركة ANGOL ( Socieeda Portuguesa de Exploracao de Petroles ) وهو فرع لـ Sacor .
شركة ANSA وتمثل هذه الشركة مصالح جنوب أفريقيا .
شركة CFP ( Comp. Franc .de Petroles – Total CAP ) .
شركة PETROANGOL ( Comp . de Petrole d,Angola ) .
شركة PET ( PETROFINA , Belgique 60% ” gouvernement Angolais ” 33%,Autres 6,2%)
شركة Texaco .
والشركات التالية هي التي طلبت إمتيازات مُشار إليها بين قوسين :
شركة Ashland (14) شركة British Petroleum Development LTD (22) شركةCompangnie Francaise des Petroles – Total \Angol (24) شركة Diversa (35) شركة Diversa International de Exploracao de Petroleos \ Angol (24) شركة Etosha Petroleum Company (15) شركة Ferjoma Importacao Exploracao Ltd (17) شركة Gibaltar Angola Minerals Co. (17) شركة Mobile Oil Portuguesa (28) شركة Occidental (30) شركة Oceanic Exploration Co. (26) شركة Place Gas Oil Co. (9) شركة Rimalpi (13) شركة Societa Planet Angola Oil Corp. (18) شركةSocieta Portuguesa de Exploracao de Petroles \ Angol (27) شركة Shell Portuguesa S.A.R.L (20) شركةStandard Oil Corp. (11) شركة Tenneco Angola Inc . (23) شركةUltramar Co . Ltd . 10) شركة Victor Manuel R. Vilhena Rebelo (21) .
وهذه القائمة من شركات البترول العاملة بكابيندا وتلك التي حصلت علي ترخيص من سلطات الإستعمار البرتغالي توضح إلي أي مدي كانت كابيندا موطناً لإستثمارات كثيفة , وتثبت التطورات اللاحقة فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية مع الحكومة الأنجولية التي تولاها بصفة منفردة حزب MPLA أن الإستثمارات الأمريكية كانت مُصانة في كابيندا بل وزادت .
لم تكن شركات البترول الأمريكية تمثل الحضور الأمريكي المبكر الوحيد في كابيندا , قبالإضافة إليه هناك وجود آخر لكنه ديني الطابع تمثل في المجلس البريسبتالي بكابيندا Conseil presbytéral de Cabinda وله إرتباطات وثيقة بأهم الكنائس الأمريكية وهي الكنيسة الـ Presbytéral, وقد قام هذا المجلس بتوجيه رسالة للرئيس الأنجولي Dos Santos في فبراير 1993 تضمنت إدانته والمجموعة المُوقعة لعلي الرسالة العنف الذي تمارسة القوات الأنجولية ضد السكان .
تطور الدور الأمريكي
بطبيعة الحال فلم يكن غائباً عن الأمريكيين وهم يتابعون الصراع في كابيندا عن كثب إمكانية تعرض إستثمارتهم البترولية في أنجولا وكابيندا لخطر ما * ( صدر بيان عن حزب UNITA الذي تدعمه الولايات المتحدة بعد سيطرته عام 1993علي مدينة Soyo المتاخمة للحدود مع الكونجو كينشاسا تزامناً مع خطف 17 من العاملين الأجانب بالبترول , تضمن الإشارة إلي أن قواته ستتجه من Soyo إلي كابيندا وستقوم قواته بتخريب منشآت البترول هناك وهو ما حذرته الولايات المتحدة من مغبة فعله) علي الأقل لأنهم يعلمون أن حزب MPLA يتبني الفكر الماركسي اللينيني والإقليم مُعرض والحالة هذه لمواجهات بين عناصر المقاومة الكابيندية والقوات المسلحة الأنجولية , ولذلك وفي وقت مبكر إتصل الأمريكيين بحزب MPLA لتسوية هذا الأمر , والشاهد علي ذلك أن مصالح الولايات المتحدة في كابيندا بقيت ثابتة بل وفي حراسة الفيلق الكوبي الذي إجتاح الإقليم في مواجهة تهديدات زائير التي لم تطمح في البترول الكابيندي بقدر ما كانت تريد توسيع إطلالتها الضيقة علي المحيط الأطلنطي ولذلك ووفقاً لبرقية الخارجية الأمريكية المُشار إليها فقد كان أمام زائير ثلاث خيارات الأول إبتلاع كابيندا والثاني أن تكون حامي لكابيندا المُستقلة ( علي غرار النموذج الجزائري مع البوليزاريو) والثالث حث البرتغال و/ أو أنجولا لمنح كابيندا وضعية خاصة , , وكانت الولايات المتحدة وهي تؤسس لسياسة حيال كابيندا في هذا الوقت المبكر تضع في إعتبارها قدر الدعم والتأييد الذي سيحظي به الإنفصاليون لأنه بناء علي ذلك ستحدد الولايات المتحدة مسافتها الفاصلة عن القضية الكابيندية وكذلك المسافة التي بينها وبين طرفيها .
شاب العلاقات الأنجولية / الأمريكية بعض الغموض والإلتباس نتيجة إستمرار الحرب الأهلية الأنجولية 1975 – 2002 وتداخلت أدوارأطرافها وهي الأحزاب الرئيسيىة الثلاث المدعومة من القوي الدولية إبان الحرب الباردة 1945 – 1990ومن ثم فقد كانت هناك إمكانية لأن تهدد الأعمال العسكرية المتبادلة فيما بينها الإستثمارات الأمريكية البترولية في داخل إقليم كابيندا , لكن وبنهاية الحرب الباردة تقدمت العلاقات الأمريكية / الأنجولية للأمام مما دفع وزيرة الخارجية الأمريكية Madeleine Albright لزيارة كابيندا في إطار زيارتها لأنجولا في ديسمبر 1997, حيث صرحت من أحد مواقع البترول التابعة لشركة Chevron بكابيندا بأن بترول كابيندا يعادل 7% من واردات الولايات المتحدة من البترول وهو أيضاً يعادل 3 مرات ما تستورد من الكويت في مستهل التسعينات , فإذا ما تصورنا أن الولايات المتحدة دخلت الحرب عام 1990 من أجل بترول الكويت فما هو موقفها في أنجولا – كابيندا ؟ , وبإنتهاء الحرب الأهلية في أنجولا بعد توقيع مذكرة تفاهم Luena Memorandum في أبريل 2002 بدأت مرحلة جديدة في العلاقات الامريكية / الانجولية لم يكن البترول الأنجولي فقط والذي أفاد George Person مدير أفريقيا والشرق الاوسط بوزارة الطاقة الأمريكية بشأنه اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية بمجلس النواب في جلسة إستماع في 20 أكتوبر 2005 بأن إمدادات البتارول الأانجولي للولايات المتحدة ستتضاعف في السنوات الخمس القادمة وأنه يمثل 4% من مجمل الواردات البترولية الأمريكية , لم يكن هذا هو المكون الوحيد في العلاقات الأمريكية / الأنجولية ففي الواقع أن البترول الأنجولي لم يكن وحده هو أساس العلاقات الثنائية ( ساهمت الولايات المتحدة من خلال برامج USAID في أنجولا بلغت قيمتها 400 مليون دولار في الفترة من 2002 حتي نهاية 2005 ) فقد أُضيف إليه الدور العسكري والأمني الذي يمكن أن تلعبه أنجولا بما لديها من قدرة تمويلية ليس في الجنوب الأفريقي فحسب بل في منطقتي الوسط الأفريقي وخليج غينيا * ( إنتهز رئيس جمهورية غينيا الإستوائية Teodor Obiang Nguema فرصة زيارته لأنجولا بمناسبة مرور 30 عام علي إستقلال أنجولا في نوفمبر 2005 , ليطلب من القيادة الأنجولية دعماً عسكرياً لبلاده في مواجهة التهديدات الدائمة داخل بلاده وتحديداً إمكانية حدوث إنقلاب عسكري أو نشوب حرب أهلية , وعلمت وقتذاك من مصدر أنجولي أن هناك إحتمال قوي بقبول أنجولا إرسال قوة في نهاية 2005 أو مستهل 2006 تحت غطاء مد يد العون في عملية الحفاظ علي الأمن في ملابو, وهكذا فعلت أنجولا لاحقاً في حالة زيمبابوي حيث أرسلت قوة شبه عسكرية نفت الحكومة الأنجولية ذلك في مارس 2007, لكن حكومةأنجولا إعترفت علناً بدعم نظام الرئيس جباجبو في ساحل العاج وموجابي في زيمبابوي والذي أرسلت له قوة شبه عسكرية ) , خاصة بعد أن إنضمت أنجولا عام للجنة خليج غينيا التي تضم ثماني دول بترولية ثم أصبحت مقراً لهذه اللجنة بموجب قرار أتخذه مؤتمر قمة رؤساء دول لجنة خليج غينيا في ليبرفيل في 25 أغسطس 2006 .
– تابعت السفارة الأمريكية بلواندا عن كثب التحركات الأنجولية مع رئيس منتدي الحوار الكابيندي – بعد خروجه بطريقة ما من هولندا وعدم تسلم الولايات المتحدة له بإعتباره مطلوباً لدي السلطات الأمريكية – ففبل نحو إسبوعين من توقيع أنجولا لمذكرة التفاهم مع Bento Bembe أي في أول أغسطس 2006 , كانتت لدي السفارة الأمريكية في لواندا ( WikiLeaks برقية السفارة الأمريكية بلواندا في 17 يوليو 2006) فكرة مُسبقة عن هذه المذكرة فقد أشارت البرقية إلي النص النهائي لإتفاق سلام كابيندا Peace Accord وُوفق عليه وُوقع في برازافيل بإعتباره مذكرة تفاهم وأنه يقع في 6 مكونات أهمها ما يتعلق بالوضعية الإقتصادية والسياسية الخاصة لكابيندا , ونقاط أخري كمنح العفو عن العناصر العسكرية لجبهة تحرير جيب كابيندا ووقف العداءات ونزع سلاح الجبهة وخفض تواجد القوات الأنجولية في الإقليم ( وهي تزداد بالفعل بدون حاجة لإتفاق مع أي طرف) وإعادة دمج مسلحي الجبهة في مواقع مختلفة بالحكومة الأنجولية , , وأوردت السفيرة الأمريكية في برقيتها ما قاله وزير الإدارة المحلية ( والذي وقع علي المذكرة لاحقاً ) Virgilio Fontes Pereira بأنهم وصلوا في جهودهم بصدد الإتفاق إلي نقطة اللاعودة عن السلام , ثم أشارت السفيرة إلي أن التوقيع النهائي علي المذكرة سيجري في محافظة Namibe وسيعلن عن ذلك في وقته , لكن يُلاحظ أن كل من وزير الإدارة المحلية Helder Vieira Dias ورئيس منتدي الحوار الكابيندي Antonio Bento Bembe وقعا بالفعل علي مذكرة التفاهم في برازافيل في 15 يوليو 2006 في ضيافة رئيس منظمة الإتحاد الأفريقي رئيس الكونجو Denis Sassou Nguesso بمعني أن ما جري في Namibe كان حفلاً للتوقيع الذي تم مُسبقاً , لكن السفيرة الأمريكية سجلت ملاحظات مهمة علي ما تقدم فأشارت إلي أنه وبالرغم من أن مسألة الوضعية الإقتصادية والسياسية الخاصة لكابيندا كانت أحد مكونات ست بمذكرة التفاهم , إلا أن التفاصيل المتعلقة بهذه الوضعية ما زالت بعد غير مُحددة , ونقلت عن الوزير Pereira قوله بأن ” أن الوضعية لا تشير إلي نهاية للمحادثات, لكنها أداة تؤكد التنمية بالإقليم ” , ونقلت السفيرة عن الصحيفة الحكومية Jornal de Angola إشارتها إلي أن رئيس منتدي الحوار تقدم ببعض الطلبات بشأن مسألة الوضعية الخاصة لكن الحكومة الأنجولية رأتها غير ممكنة دستورياً , وبالطبع ففي تقديري أن ما قاله الوزير Pereira يؤكد أن الوضعية الخاصة ستظل غامضة لأنها غير مُحددة – وهو ما سيُشار إليه في موضعه لاحقاً – , ومن المثير للتأمل أن Jornal de Angola أشار إلي الحكومة ومنتدي الحوار الكابيندي سيوقعان في 17 يوليو 2006 إتفاقاً لوقف إطلاق النار بكابيندا , ووجه الإثارة أن منتدي الحوار الكابيندي لا نشاطاً عسكرياً ملموساً له بكابيندا وناله الضعف نتيجة إنقسامه عن جبهة تحرير جيب كابيندا – القوات المساحة لكابيندا FLEC-FAC , وكان الإهتمام الأمريكي والمتابعة الحثيثة من قبل السفارة الأمريكية بلواندا لهذه التطورات واضحاً فقد أشارت شبكة IBINDA التابعة لجبهة FLEC في 20 يونيو 2006 إلي أن منتدي الحوار الكابيندي يحيي السفيرة الأمريكية بلوندا Cynthia Efierd لإعلانها الموقف العلني الرسمي للولايات المتحدة في الثناء علي الإنخراط في عملية البحث عن السلام في كابيندا .
– أصدرت الخارجية الأمريكية في اليوم التالي لتوقيع مذكرة السلام والمصالحة في كابيندا بياناً تضمن توجيه التحية لتوقيعها واصفاً التوقيع بأنه أمر ذا مغزي في إطار الترويج للسلام والمصالحة في أنجولا وأن الولايات المتحدة تأمل في أن تُحاط علماً بتفاصيل المذكرة ( في الواقع وما كان لدي من معلومات من كافة الأطراف فإن السفارة الأمريكية كانت علي علم منتظم بتطورات المحادثات مع Bento Bembe كما أن سفارتها في باريس كانت علي علم بموقف جبهة FLEC ” أو جمهورية كابيندا في المنفي ” في باريس ورأي رئيسها Nzita Henriques Tiago) وما يتعلق بالوضعية الخاصة لكابيندا وبتنفيذ بعض مكوناتها , من جهة أخري أشار مدير شئون الجنوب الأفريقي بالخارجية الأمريكية Dan Mozena في جلسة إستماع بالكونجرس في الأسبوع الثالث من أغسطس إلي أن إتفاق سلام في كابيندا من شأنه أن يعزز السلام في أنجولا والمنطقة , بل إن شركة Chevron كانت علي علم مسبق بالإتصالات التمهيدية بين حكومة أنجولا و Antonio Bento Bembe رئيس منتدي الحوار الكابيندي المُنشق , ولذلك لم يكن ما أعلنه مديرها في 26 مارس 2006 من أن شركته رصدت مليار دولار للتنمية في كابيندا ولوحظ أن هذا التصريح الأول من نوعه للشركة تزامن مع الإتصالات التمهيدية الجارية والتي أدت في النهاية لتوقيع مذكرة تفاهم المصالحة في كابيندا في الأول من أغسطس 2006 بمدينةNamib أقصي جنوب أنجولا , وكان الموقف الأمريكي واضحاً إلي حد كبير في التصريحات التي أدلت بها سفيرة الولايات المتحدة لدي أنجولا السيدة CYNTHIA EFIRD ومن أهم تصريحاتها :
التصريح الذي أدلت به في مارس 2006أشارت فيه إلي أن الصراع في كابيندا يمكن أن يُحل لو قُطع العون الخارجي جري التفاوض مع منظمات شرعية .
التصريح الذي أدلت به في 12 يونيو 2006 أثناء حضورها حفل تنصيب أسقف كابيندا الجديد ( الذي ترفضه كنيسة كابيندا وجبهة FLEC ) بأن الإدارة الأمريكية منخرطة في البحث عن السلام في كابيندا مُشددة علي ضرورة رفض العنف خاصة من قبل منظمات المجتمع المدني ( تقصد منظمة Mpalabanda المدعومة من كنيسة كابيندا) ورفضت السفيرة لدي سؤالها الإتهامات المُوجهة لبلادها ومفادها أن الإهتمام الأمريكي بكابيندا مؤسس علي إنتاجها لنحو 75% من الإنتاج البترولي لأنجولا , وأوضحت أنه ومن أجل إنتاج مستقر من البترول فمن الضروري حيازة السلام والمصالحة والديموقراطية معاً و” أنه لا تنمية بدون سلام ” .
من جهة أخري أوصت السفارة الأمريكية بلواندا ببرقيتها المؤرخة في 30 يونيو 2006 والتي سُربت عن طريق WikiLeaks بالتأكيد علي السياسة الأمريكية الثابتة حيال القضية وهي دعم الحل السياسي الذي يحفظ التكامل الإقليمي لأنجولا ويشجع العمليات الديموقراطية ويحترم حقوق الإنسان وأن أي حل يجب أن ينتج عن عملية تفاوضية لا عن العنف .
إذن من الواضح طبقاً لما تقدم أن موقف الولايات المتحدة من الصراع في كابيندا يتجه إلي تبني وجهة نظر الحكومة الأنجولية ومن ثم فالصراع لا يحتاج والحالة هذه لتدخل أمريكي أو دولي , بل إن الولايات المتحدة التي أصدرت خارجيتها تقريراً عن مركز حقوق الإنسان في أنجولا دافعت سفيرتها هناك في تصريح لها نشرته الصحافة المحلية بلواندا في 21 مارس 2006 أشارت فيه إلي أنها تحدثت مع حاكم كابيندا 0حيث معظم إنتهاكات حقوق الإنسان) عن قضايا حقوق الإنسان وأنها أفادها بأنهم في حاجة لتكوين كوادر في مجال التحقيق الجنائي وأنه وفي هذا الإطار سيتوجه شرطيون أنجوليون لبتسوانا للتأهيل في هذا الشأن , وأضافت في موضع آخر أن هناك تحسناً في مركز حقوق الإنسان في أنجولا وأشارت إلي إجازة الحكومة لمعاهدتين ضد الفساد كدليل علي ذلك التحسن , ولهذا فالموقف الامريكي في حالة أنجولا / كابيندا يختلف عن الموقف الأمريكي من بعض القضايا الدولية الأخري , وفيما يتعلق بمذكرة التفاهم التي وقعتها حكومة أنجولا بشأن السلام في كابيندا فإن التحفظ الأمريكي الوحيد في شأنها يتعلق بمدي شمولية عملية السلام الأنجولية في كابيندا , فالولايات المتحدة تري أنه ولتحقيق سلام مستقر في الإقليم فإن هناك ضرورة لأن تشمل عملية السلام به القوة الفاعلة بالإقليم وهي تحديداً جبهة تحرير جيب كابيندا FLEC وكنيسة كابيندا ومنظمة Mpalabanda , وإتساقاً مع هذه الرؤية الأمريكية للصراع فلم تدرج الخارجية الأمريكية جبهة تحرير جيب أنجولا – القوات المسلحة لكابيندا FLEC/FAC حتي 30 سبتمبر 2015 علي قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية , ولهذه النقطة دلالة مهمة علي الموقف الأمريكي في عمقه الحقيقي , فالموقف الأمريكي من الصراع في كابيندا لا يقتصر علي عملية السلام التي تضطلع بها الحكومة الأنجولية فالمصالح الأمريكية في الإقليم لكثافتها تتطلب من الولايات المتحدة تناول عملية السلام من منظور المصالح العليا للولايات المتحدة بغض النظر عن الإتفاق أو عدم الإتفاق مع المدخل الأنجولي , وسأسوق مثالين عن الموقف الأمريكي من تنمية إقليم كابيندا قد يُستدل من خلالهما علي وجود قدر من الإختلاف بين النظرة الأمريكية والنظرة الأنجولية فيما يتعلق بتنمية بكابيندا :
المثال التوضيحي الأول :
أوردت وكالة أنباء أنجولاANGOP في 27 مارس 2006 بالإحالة علي Jim Blackwell المدير العام لشركة Chevron الأمريكية للبترول قوله أن الشركة أقرت في برامجها عن هذا العام برنامج للعون للمشروعات الصغيرة الأنجولية بما يزيد عن مليار دولار , بحيث يُوجه هذا المبلغ لإقامة مركز أعمال في كابيندا وبرنامج لتحفيز الصناعات المرتبطة بالبحر , وأوضح آفاق عمل شركته خلال عام 2006 مُضيفاً أن هذا الدعم سيُوجه أيضاً لتوسيع عمليات بنك Novo Banco بمقاطعة كابيندا وأنه سيتم تحديد وتوصيف الفرص الخاصة بإقامة مشروعات مُشتركة مع مشروعات محلية حيث تعد Chevron بمثابة القائم بتنفيذ أغلب أعمال Novo Banco , كما أن المبلغ الذي رصدته الشركة وهو 1,1 مليار دولار سيخدم في إقامة 3 بني صحية أساسية و7 مدارس ومتابعة تقديم العون فيكابيندا ومقاطعتين أخريين بداخل أنجولا هما Zaire وLuana .
لكن وبعد نحو 7 أشهر من إعلان Chevron عن رصدها لمبلغ 1,1 مليار دولار لبرنامج تنموي في كابيندا , أوردت وكالة أنباء عموم أفريقيا All Africa في 17 أكتوبر 2006 أن الحكومة المحلية لكابيندا والمؤسسة الوطنية الأنجولية للبترول SonAngol وشركة Chevron سيُوقعون الأربعاء 18 أكتوبر 2006 في حضور حاكم كابيندا Anibal Rocha علي بروتوكول تفاهم لتنفيذ برنامج التنمية الإقتصادية لكابيندا ويغطي الفترة من 2004 -2023 , وإتصالاً بذلك فقد أوردت وكالة الأنباء الأنجولية ANGOP في 17 أكتوبر 2006 بياناً صادراً عن الحكومة المحلية بكابيندا إشارتها فيه بأن البروتوكول المُشار إليه سيدعم مالياً ما يُسمي بالحوافز الإجتماعية للبترول المُجازة من الحكومة الأنجولية لكابيندا .
لابد من الإشارة – قبل تناول مبادرة شركة Chevron بشأن تنمية كابيندا – إلي ما سبق وأعلنه حاكم كابيندا يوم 2 يونيو 2004 من أن مجلس الوزراء الأنجولي صادق في نفس هذا اليوم علي تطبيق خطة تنمية إجتماعية وإقتصادية لكابيندا وأن هذه الخطة مداها ست سنوات تبدأ بصفة فورية وأن تحديد تمويلها سيتم بمعرفة وزارة المالية الأنجولية وتوضع تفاصيلها بمعرفة الحكومة ومنظمات المجتمع المدني بكابيندا , ومنذ يونيو 2004 حتي توقيع الحكومة الأنجولية مع فصيل Bento Bembe مذكرة التفاهم من أجل السلام والمصالحة في كابيندا والتي أقرت وضعية خاصة لكابيندا تشبه الوضعية التي تطبقها البرتغال علي جزيرتي des Açores وMadère البرتغاليتين , لم تُتخذ أية إجراءات تنفيذية لهذه الخطة وأنها محض عبارات إستهلاكية من قبل حكومة أنجولا , بدليل أن الحكومة الأنجولية وشركة SonAngol الأنجولية و شركة Chevron الأمريكية وقعوا بروتوكول تفاهم لتنفيذ برنامج التنمية الإقتصادية لكابيندا في 18 أكتوبر 2006 ,
ويبدو أن المبادرة التي أعلنتها شركة Chevron لتنمية كابيندا كانت محلاً لأخذ ورد بين الحكومة الأنجولية والولايات المتحدة , نظراً لأنها تكشف عن تباين ما في الموقف الامريكي إزاء قضيتين أولاهما إعادة إعمار أنجولا بعد إنتهاء الحرب الأهلية في أبريل 2002 وثانيهما قضية تنمية كابيندا التي تتركز فيها المصالح البترولية الأمريكية والغربية – ففيما أعرضت الولايات المتحدة عن الإستجابة لدعوة الرئيس الأنجولي لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار أنجولا , نجدها تبادر عبر شركة Chevron برصد 1,1 مليار دولار لتمويل برنامج تنمية بكابيندا , ولذلك فالموقف الأمريكي إزاء القضية الكابيندية من هذا الباب يعبر عن إرادة غير مُكتملة في الحقيقة ويشوبها بعض الغموض وبشكل مقصود سيتضح عند إيراد المثال الثاني , كما أنه ومما يُظهر بوضوح إزدواجية المنطق من الجانبين الأنجولي والأمريكي معاً ان أنجولا التي كررت حكومتها علي أعلي مستوي بعد توقيع مذكرة تفاهم Luena Memorandum في 4 أبريل 2002 الدعوة لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار أنجولا علي غرار حالتي أفغانستان والعراق , ففي فبراير 2004 أدلي وزير خارجية أنجولا بتصريح لوكالة IRIN عقب عودته من نيويورك أوضح فيه أن المجتمع الدولي ومؤسساته المانحة يمارسان تمييزاً ضد أنجولا التي تطالب بعقد مؤتمر للمانحين لمساعدتها علي مواجهة تبعات الحرب الأهلية الطويلة التي خاضتها وأن أنجولا كانت تأمل في أن تحظي بذات المعاملة التي تلقتها دول أخري مرت بظروف مشابهة , وكرر أمين عام وزارة الخارجية نفس المعني أثناء حضوري حفل إفتتاح المبني الجديد للسفارة الأمريكية في لواندا في 14 أكتوبر 2005 عندما قال ضمن كلمته ” إن هناك ضرورة لعقد مؤتمر المانحين لإعادة إعمار أنجولا” وذلك بالرغم من أن الرئيس الأنجولي أعلن في 30 سبتمبر 2005ضمن كلمته أمام اللجنة المركزية لحزب MPLA الحاكم الذي يرأسه ” أن ممثلي اللجنة التنفيذية للإتحاد الأوروبي أخبرونا أنه لم يعد من الضروري عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار أنجولا , لأن أنجولا لديها موارد معدنية , لذا أيها السادة علينا أن نخطو خطواتنا , وهذا هو السبب الذي يدعونا لتوثيق تعاوننا الثنائي والإستثمارات الخاصة لإعادة تأهيل بنانا الأساسية ” , وكان هذا الموقف من الأوروبيين ومن الولايات المتحدة بمثابة الإشارة السلبية الرئيسية لإنتقال النفوذ الإقتصادي الصيني في أنجولا لمرحلة مثيرة للقلق للولايات المتحدة وحلفاؤها * ( في حديث هاتفي أجرته في 15 مايو 2007 وكالة الأنباء البرتغالية مع Frank G . Wisnerالمبعوث الأمريكي لكوسوفو ونائب مدير المجموعة الأمريكية الدولية وأحد رؤساء لجنة مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي , أوضح ما يلي بشأن التحرك الصيني في أفريقيا وأنجولا : أن الولايات المتحدة كما ورد في تقرير أمريكي عنوانه ” أولويات العلاقات الأنجولية الأمريكية ” أشار إلي أن المنافسة الصينية لابد لها أن تكون في بيئة من الشفافية ووفقاً لقواعد اللعبة , وأن الولايات المتحدة ليست بقلقة من الوجود أو المنافسة الصينية في أنجولا لكنها ودت لو أن إتسمت معاملات أنجولا والصين بالشفافية أن مجموعة العمل التي كُلفت بوضع التقرير المُشار إليه أهابت بالحكومة الأمريكية بالإضطلاع بمسئوليتها بإجراء حديث مع جمهورية الصين الشعبية في هذا الشأن , لأن الولايات المتحدة والصين لهما مصالح في أفريقيا وأنجولا ولابد من البحث عن سبيل لموائمة هذه المصالح والتعاون وتبادل الخبرات ) , فالولايات المتحدة التي لم تكن مُتحمسة لعقد مؤتمر لإعادة إعمار أنجولا وهي التي صرحت سفيرتها لدي أنجولا لصحيفةJornal de Angola الحكومية في مقابلة معها نُشرت في 15 يناير 2006 أشارت فيها إلي ” أن بلادها ستتعاون مع أنجولا خلال 2006 في حل المشاكل الأفريقية وتمتين السلام في أنجولا ووسط أفريقيا وأن التعاون الأمريكي الأنجولي يسير في إتجاهين مختلفين إزاء ما يتعلق بالعملية الديموقراطية في أفريقيا وأنجولا وأن الولايات المتحدة تأمل في نجاح المفاوضات بين أنجولا وصندوق النقد الدولي عام 2006 ( عُلقت بقرارأنجولي فيما بعد لتشدد الصندوق) وأن الأكثر أهمية من عقد مؤتمر لإعادة إعمار أنجولا هو عقد مؤتمر للمستثمرين الأنجوليين والأجانب ” , ومما يشير إلي عدم الإقتناع الأمريكي بمبررات أنجولا لعقد مؤتمر لإعادة إعمارها ما صرحت به السفيرة الأمريكية لدي أنجولا لإذاعة صوت أمريكا في يناير 2006 حيث أشارت إلي إستعداد الولايات المتحدة لتقديم عون مالي للتحضير للعملية الإنتخابية في أنجولا فيما لو طلبت السلطات الأنجولية ذلك وأوضحت أن هذا الدعم سيُوضع في متناول الأمم المتحدة أو أي منظمة دولية أخري لمواجهة متطلبات العملية الإنتخابية الأنجولية ( المُختلف علي تاريخ عقدها) , وبطبيعة الحال كان تقديري وقتذاك أن تصريح السفيرة الأمريكية ما هو إلا لإرواء ظمأ أحزاب المعارضة الأنجولية خاصة حزبيUNITA وFNLA لتداول حقيقي للسلطة في أنجولا ولو بدفع أمريكي ( وهو ما لم يتحقق حتي الآن ) كما أن هذا التصريح يخدم في الترويج لإدعاء أمريكي متكرر ومطلي بألوان جذابة عن أنها مع إنتقال وتداول حقيقي للسلطة في أنجولا بل وأي بلد أفريقي آخر , والدليل علي قدر الزيف في الإدعاء الأمريكي أن الولايات المتحدة نفسها رفضت طلباً متزامناً مع ما أسر به رئيس جمهورية بنين للسفير الأمريكي في كوتونو برغبته في دعم مالي من الولايات المتحدة لتنظيم إنتخابات الرئاسة البينينية , وتأسس الرفض الأمريكي علي إعتبار الأمر شأناً داخلياً علي حين بادرت هي أي الولايات المتحدة بعرض دعمها المالي للعملية الإنتخابية الأنجولية , وفي الواقع فإنه ولكي لا ننفق وقتاً في بيان سلسلة طويلة من التناقضات الأمريكية فيما يتعلق بالديموقراطية كمبدأ ونشرها كنزوع أمريكي غير إنتقائي , فعلينا أن نطمئن لحقيقة أمريكية تعتبر مؤشراً لإتجاه الإدارات الأمريكية المُتعاقبة في هذين الشأنين وهي أنه بإستنزال المصالح الأمريكية علي أرض الواقع فإنه سيكون من اليسير وصف الموقف الأمريكي من الإنتخابات الأنجولية والبنينية وغيرهما بالإنتهازية فالبترول الأنجولي له صلة بتركيب الموقف الأمريكي في الحالتين .
المثال التوضيحي الثاني :
تحاول أنجولا دائماً التغلب علي العزلة الجغرافية لإقليم كابيندا عنها خاصة وأن لهذه العزلة تكاليف باهظة علي الخزانة العامة لأنجولا وعلي مستوي إحكام الأداء العسكري للقوات المسلحة الأنجولية وأخيراً علي القدرة علي ربط الإقليم عضوياً بكل أنشطة وخطط الدولة الأنجولية مما سيؤدي – حال التغلب عليها – إلي خفض مخاطر إستمرار التوتر في الإقليم وربما علي المدي البعيد تخلي جبهة تحرير جيب كابيندا عن خيارات تقرير المصير أو الإستقلال أو الحكم الذاتي الموسع والرضي بالوضعية الخاصة للإقليم والتي تعتبر مفهوماً غائماً غير مُحدد بمعيار منضبط خاصة وأن الإقليم ضمناً له وضعية خاصة لكن ليس لسكانه بل لشركات البترول وللقوات المسلاحة الأنجولية , وعلي وجه العموم فقد بذلت حكومة أنجولا محاولات عدة منها مثلاً ما أعلنه Andre Luis Brandao وزير النقل الأنجولي في جابرون ( بتسوانا) في 16 أغسطس 2005 عن مشروع إقامة خط سكك حيدية بطول 480 كم يربط لواندا بمقاطعة كابيندا , وأوضح الوزير الأنجولي أن إجتماع SADC ( تجمع تنمية الجنوب الأفريقي) أقر في إجتماعه الحالي في جابرون ( والذي كان الوزير يشارك فيه) هذا المشروع الذي طرحته الحكومة الأنجولية في نهاية عام 2004 بوصفه مشروعاً إقليمياً , وأوضح أن تكلفته تبلغ 4,1 مليار دولار وسيُقام بالتكامل مع شبكة السكك الحديدية الأنجولية ( بأنجولا ثلاث خطوط سكك حديدية أهمهم خط سكك حديد بنجيلا وطوله 1,333 كم ويربط ميناء Lobito الأنجولي علي المحيط الأطلسي حتي بلدة Lulu بمقاطعة Moxico المُتاخمة للحدود الشرقية لأنجولا ) وسيمتد حتي حدود كل من زامبيا والكونجو الديموقراطية ونامبيا , وبالطبع كان تقديري أن إقرار دول SADC وعلي رأسها جنوب أفريقيا للمشروع يعني إقرار من كل هذه الدول بمبدأ وحدة الأراضي الأنجولية كما أن المشروع يتسق مع المبدأ الذي تعتنقه الحكومة الأنجولية وهو مبدأ الوطن الواحد ( أنجولا وكابيندا) وهو نفس المبدأ الذي تتبناه الصين الشعبية مع تايوان , وقد يمكن إستنباط مآل هذا المشروع مما سيلي بيانه .
في محاولة موازية أو ربما بديلة لإستراتيجية أنجولا الهادفة إلي ربط إقليم كابيندا بأنجولا , إجتمع وزير الأشغال العامة الأنجولي ورجل النظام القوي Higino Carneiro في مايو 2007 بوزير تخطيط الكونجو الديموقراطية بمدينة Soyo الأنجولية بحضور حاكم مقاطعة Zaire الأنجولية وناقشوا معاً نية الحكومة الأنجولية إقامة جسر يربط مقاطعة كابيندا الأنجولية الواقعة بين الكونجوليتين بمدينة Soyo , وتكهنت بعض الأوساط الدبلوماسية في لواندا بأن الصين الشعبية وراء فكرة هذا المشروع الذي من المُرجح والحالة هذه أن تنفذه أحد المؤسسات الصينية المُتخصصة خاصة علي ضوء نهوض مؤسسات البناء الصينية الضخمة بمشروعات بناء وتشييد متعددة بأنجولا منذ نهاية الحرب الأهلية بأنجولا 1975- 2002 .
أوردت وكالة أنباء أنجولا ANGOP من مدينة كابيندا في 23 يونيو 2007 تصريحاً بهذا المعني أدلي به Joanes Andre مدير البنية الأساسية بوزارة الأشغال العامة الأنجولية بمقره بمدينة Soyo بمقاطعة Zaire الأنجولية والذي يشغل في نفس الوقت منصب رئيس الفريق الفني الموكول إليه مشروع الربط الإستراتيجي لوصل مقاطعة كابيندا الأنجولية بأنجولا عبر الكونجو الديموقراطية , وقد عُقد الإجتماع الفني الأول للجانبين الأنجولي والكونجولي في مدينة Soyo في 23 يونيو 2007ومثل الكونجو الديموقراطية فيه Kimbemba Mazungo مستشار الرئيس الكونجولي كابيلا , فيما مثل أنجولا Joanes Andre , وتركزت أعمال الإجتماع علي مناقشة فنية للمشروع الذي أخذ مُسمي Cabinda Link والذي يتلخص في تنفيذ الربط البري بين مدينة Soyo بداخل أنجولا والقريبة من الحدود الكونجولية ربطها بكابيندا الواقعة بين الكونجوليتين بواسطة جسر يعبر نهر الكونجو وصولاً لكابيندا , وأشار مدير البنية الأساسية الأنجولي أن المشروع تبلغ تكلفته تحت العجز والزيادة 2 مليار دولار و229 مليون و18 ألف دولار أمريكي , مُوضحاً أن الموافقة علي هذا المشروع مُتبادلة حيث إختار الجانبين البديل B للمشروع بإعتبار أنه يوفر أفضل التسهيلات وأسرع في التنفيذ كما أنه يحقق ربطاً بكابيندا مروراً ببلدة Muanda بالكونجو من نقطة إنطلاقة بمدية Soyo الأنجولية من خلال المحور النهري Banana- Soyo , كما أن البديل B يعد الأكثر أهمية وتميزاً لأنجولا بالإضافة إلي عنصر التكلفة الأقل نسبياً , وأضاف أن الجانب الأنجولي إقترح أن يأخذ علي عاتقه علي هامش إنشاء المشروع أعمال تحسين الطريق الذي يربط ميناء Boma الكونجولي مُنوهاً بأن ما يزيد عن 85 كم من الطريق ما بين Muanda – Boma سيجري إعادة تأهيله في إطار ذلك المشروع وأن الوثيقة النهائية للمشروع وُقعت منذ يومان وسيتم عرضها علي المستوي الأعلي لإقرارها , أما بخصوص البدائل الثلاث الأخريA وD و C فخلاصة ما تتضمنته أن البديل A يتضمن إمتداداً بطول 71 كم منهم 38 كم بالكونجو الديموقراطية ويبلغ طول الجسر 17 كم , أما البديل D فالإمتداد فيه يبلغ حوالي 240 كم منهم 115 كم في الكونجو الديموقراطية أما البديل C فإمتداده يقع في 260 كم منهم 119 كم في الأراضي الكونجولية , وأشار أخيراً إلي أن المشروع سيُناط تنفيذه إلي المؤسسة الصينية للطرق والكباري لتنفذه في مدي 4 سنوات .
كان تقديري بالنسبة لهذا المشروع عندما كان مجرد نية لدي الحكومة الأنجولية أنه سيكون لزاماً عليها تجاوز عقبات مُحتملة أهمها موقف شركات البترول الكبري العاملة في كابيندا خاصة شركة Chevron , كما كان تقديري أن حكومة كينشاسا ستوافق علي المشروع نظراً لإعتماد نظام كابيلا علي الحماية العسكرية والأمنية الأنجولية , بالرغم من أنه ووفقاً لماضي التنافسية السياسية بين كينشاسا ولواندا فإنه ليس من أهداف كينشاسا تقوية لواندا بمدها بأسباب القوة في كابيندا التي تعتبر نقطة ضعف في الأمن القومي الأنجولي لأن الجسر سيتيح فرصة لأيدي العسكرية الأنجولية للوصول السهل المنتظم لداخل الإقليم بالتغلب علي العقبة اللوجيستيكية الكبري وهي عزلة الإقليم الكابيندي عن جغرافية أنجولا , ومن ثم فسيعني ذلك تمدد القوة الأنجولية إلي داخل الكونجو الديموقراطية نفسها فكابيندا جيب يقع داخل أراضي الكونجوليتين .
عقدت الحكومة الأنجولية مؤتمراً دوليا فنياً في يونيو 2007 بشأن مشروع الربط ما بين كابيندا وأنجولا مروراً بالكونجو الديموقراطية Soyo-Congo-Cabinda Transportation Link , ونتيجة لذلك تقدمت عدة شركات لتنفيذ الربط منها دار الهندسة ( مملوكة لأردني ولها فرع قوي في لواندا) , كذلك فقد نشرت وكالة الأنباء الأنجولية Agencia Angola Press في 24 مايو 2007 أن بنك Export-Import Bank الصيني يقدم قرضاً مقابل البترول الأنجولي بمبلغ 3 بليون و579 مليون دولار عام 2007 لأنجولا لتمويل عدة مشروعات للبنية الأساسية بأنجولا لكن لم يُعرف علي وجه الدقة إن كانت هذه الأموال سيُرصد جزء منها للمشروع ربط كابيندا بأنجولا أو Soyo Highway Project أو أنها مرتبطة بقرض آخر بمبلغ 2 مليار دولار قدمته الصين أيضاً ,( يبدأ الربط من مدينة Soyoبمحافظة Zaire الأنجولية عبوراً لجمهورية الكونجو الديموقراطية وصولاً لمقاطعة كابيندا ) وأشار إلي المشروع سيببدأ العمل به في 25 سبتمبر 2008 ., وفي عام 2010 توجهت الحكومة الأنجولية لليابان طلباً لتمويل إضافي للمشروع وبالتحديد لتمويل الجسر الذي سيعبر فوق نهر الكونجو .
إلتقيت بسفير الكونجو الديموقراطية في لواندا في 14 أغسطس 2007 وأكد لي في سياق حديث عن موضوعات مختلفة بينها مشروع الربط الإستراتيجي بين كابيندا وأنجولا مروراً بأراضي بلاده وأشار إلي أن هناك جدية من الجانبين بشأن هذا المشروع الإستراتيجي وأنه كان علي قائمة عدة موضوعات في مباحثات الرئيسين الأنجولي والكونجولي بمناسبة زيارة الأخير للواندا في 30 يوليو 2007 * ( أعقبها زيارة لرئيس هيئة أركان جيش الكونجو الديموقراطية علي رأس وفد من 7 من كبار العسكريين للواندا في 23 أغسطس 2007 إستمرت لأسبوع وبحث الجانبانت فيها الموقف الأمني علي الحدود المشتركة وتأمين النظام الكونجولي), لكن السفير الكونجولي كشف لي عن أن شركتي Chevron الأمريكية وTotal الفرنسية عارضتا هذا المشروع بدعوي تعارضه مع مشروع مد خطوط أنابيب بترول عبر نهر الكونجو الفاصل بين أنجولا والكونجو الديموقراطية , وأن هذه الذريعة التي طرحتها الشركتان قُوبلت بالرفض من جانب الرئاستين الأنجولية والكونجولية وأقترحت الرئاستان مد خطوط البترول علي جانب الجسر الذي ستنفذه شركة صينية بتكلفة تُقدر بثلاثة بلايين دولار أمريكي .
لكن بينما يسير مشروع الربط قدماً حدث تطور ذا علاقة بهذا الموضوع مؤخراً إذ نشرت وكالة الأنباء الأنجولية في 4 مارس 2016 أن ما لا يقل عن 54 من سائقي الشاحنات الأنجوليين الذين ينقلون علي متنها بضائع متنوعة لمقاطعة كابيندا عبوراً من أراضي الكونجو الديموقراطية تقطعت بهم السبل في الأيام العشر الماضية بنقطة حدود Nóqui الواقعة بمحافظة Zaire بشمال أنجولا والمتاخمة لمحلية ميناء Matadi بالكونجو كينشاسا , نظراً لرفع السلطات الكونجولية رسوم الوارد علي هذه البضاعة over-invoice حيث تطالب السلطات السائقين دفع مبلغ يتراوح ما بين 8000 دولار إلي 12,000 دولار حتي يُصرح لهم بالعبور إلي كابيندا, وأفاد João Bartolomeu قنصل أنجولا بالكونجو أنه إتصل بالسلطات الكونجولية في João Bartolomeu لعرض المسألة وأنه ينتظر الرد ويعتبر المنفذ البري الكونجولي هو السبيل الوحيد لنقل إحتياجات كابيندا التي لا ميناء عميق بها .
إذن الموقف الأمريكي يعبر عن إرادة أمريكية غير مُكتملة عمداً إزاء ضرورة تسوية الصراع في كابيندا – تسوية تعبرعن وجهة النظر الأنجولية – فالولايات المتحدة أميل لتسكين الصراع بكابيندا مع تحييد وليس إلغاء خطر جبهة تحرير جيب كابيندا FLEC والتي من المُتصور أن لها إتصالات مع الجهات المعنية بالإدرة الأمريكية , لذلك فالصراع الكابيندي / الأنجولي مازال من وجهة النظر الأمريكية مفتوحاً حتي وإن إعتبرنا أن الولايات المتحدة تتفق مع وجهة النظر الأنجولية في تسويته علي غرار النموذج البرتغالي في إدارة جزيرتي des Açores وMadère البرتغاليتين علي أساس من تمتعهما بوضعية خاصة , فالسفيرة الأمريكية بلواندا صرحت – كما سبقت الإشارة- علناً تعليقاً علي توقيع الحكومة الأنجولية وفصيل Bento Bembe المُنشق عن جبهة تحرير جيب كابيندا بأنه من الملائم شمول الإتفاق لجبهة FLEC وهو منطق معقول في كل الأحوال لكن الإدارة الأمريكية تعلم أن الحد الأدني للمطالب الكابيندية التي تجمع عليها القوي الثلاث الفاعلة في الإقليم وهي جبهة FLEC وكنيسة كابيندا ومنظمة Mpalabanda هي الحكم الذاتي المُوسع إن لم يكن ممارسة تقرير المصير فالإستقلال وهو ما ترفضه منذ ما قبل نوفمبر 1975 القوي السياسية الرئيسية في أنجولا علي رأسها حزب MPLA الحاكم , ويكفي تأمل موقف شركتي Chevron وTotal الفرنسية لإستنباط الرؤية الأمريكية والفرنسية الحقيقية للصراع في كابيندا ومعلوم القوة الضاغطة لجماعة الضغط البترولية في الولايات المتحدة وفرنسا إلي الحد الذي يمكنهما من المشاركة في رسم السياسات الإستراتيجية بل والمشاركة في صنع بعض القرارات الكبري ( ويعبر عن ذلك كما لم يُعبر من قبل حالتي الغزو الأمريكي للعراق والغزو الأمريكي / الفرنسي (بشكل رئيسي ) لليبيا )

هل المطلب الكابيندي خلافي ؟
بالتأكيد فإن المطلب الكابيندي المتعلق بالإستقلال و/ أو ممارسة حق تقرير المصير خلافي , بمعني أنه لا إلتقاء في هذين المطلبين بين جبهة FLEC وبين الحكومة الأنجولية , التي إلتقطت خيار الحكم الذاتي لتبدأ منها فعمدت إلي تحوير مفهوم الحكم الذاتي لتختزله في مفهوم ” الوضعية الخاصة ” التي أسست عليها الإتفاق مع فريق من داخل منتدي الحوار الكابيندي يقوده Bento Bembe إلي أن إستخرجت فكرة ” الوضعية الخاصة ” للإقليم وهي وضعية من الصعب تمييزها حالياً عن وضعية أي من محافظات أنجولا السبع عشر الأخري , فعلي سبيل المثال وكما سبقت الإشارة فقد عمدت الحكومة الأنجولية إلي ترشيح Filomeno Vieira Dias أسقفاً لكنيسة كابيندا وصدر قرار من بابا الفاتيكان في 11 فبراير 2005 بتعيينه ورفض الكابينديون هذا التعيين بسبب أن هذا الأسقف من غير أبناء كابيندا وأصرت أنجولا علي تعيينه هناك0 , كما أنه لا يجب أن نغفل عن ملاحظة أن كابيندا بالفعل تحظي بوضعية خاصة فبالنظر إلي مساهمتها بأكثر من ثلثي إنتاج أنجولا من البترول فإننا نجد ما يشبه الإستيطان لعدد كبير من الأجانب بالإقليم خُصصت لهم مواقع ومباني مميزة مُجهزة بالخدمات والمرافق كتلك التي لشركة Chevron الأمريكية في مجمع Malongo, كما أن كابيندا يتمركز بها أكثر من 40,000 جندي تابعين للقوات المسلحة الأنجولية FAA هناك شك في إجلاءهم أو تخفيض عددهم بالإقليم لسبب بسيط لكنه كاشف عن ضعف مذكرة التفاهم من أجل السلام في كابيندا وهو أن الجبهة الأقوي FLEC رفضت الإعتراف بهذه المذكرة خاصة وأنها وقعت من قبل وزير الإدارة المحلية بإعتبارها شأناً إدارياً بحتاً من وجهة نظر الحكومة الأنجولية وقد لاحظت أن رئيس الجمهورية JOSE EDWARDO DOS SANTOS لم يحضر حفل التوقيع الرسمي علي هذه المذكرة في Namib .
لكن من ناحية أخري هل مطلب الإستقلال أو ممارسة حق تقرير المصير يمكن إنكاره بصفة مطلقة علي الكابينديين بناء علي ما نصت عليه إتفاقيةAlvor التي وقعتها البرتغال مع الأحزاب الأنجولية الثلاث MPLA و UNITA و FNLA والتي أقرت فيها البرتغال مبدأ منح الإستقلال لأنجولا وإشارتها إلي أن كابيندا جزء من أنجولا ؟ إن هذه الإتفاقية لم توقعها أي من جبهات أو حركات المقاومة الكابيندية بل ورفضتها , ومع ذلك وعند النظر للإتفاقيات الدولية أو غير الدولية بصفة عامة فعلينا أن نعرف وبالتأكيد أنه ليست هناك ثمة مطلقات في السياسة فالقانون الدولي يُصاغ بأدوات مختلفة منها الحوادث السياسية وإرادة المجتمع الدولي , فالسودان حصل مثلاً حصل علي إستقلاله وفقاً لإتفاقية الحكم الذاتي وتقرير المصير للسودان الموقعة بين مصر وبريطانيا في 12 فبراير 1953 والتي تضمنت 15 مادة اشارت في مادتها الأولي إلي تمكين الشعب السوداني من ممارسة تقرير المصير في جو حر محايد , وكان موضوع الإتفاقية السودان كله شماله وجنوبه ومع ذلك ومع إستمرار الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب 1955 – 2005 وقعت الحكومة السودانية والجبهة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون جارانج عام في كينيا إتفاق السلام الشامل في السودان الذي نص في أحد مواده علي ممارسة الجنوبيين لحق تقرير المصير وإجراء إستفتاء علي ذلك تم في 9 يناير 2011 وأختار شعب جنوب السودان الإنفصال عن شماله وأعلن إستقلال الجنوب في 9 يوليو 2011 , وهذا يعني أن إتفاق منح السودان الحكم الذاتي وإستقلاله بناء علي هذه الإتفاقية كوحدة جغرافية واحدة لم يمنع بناء علي تطورات الحرب والتفاوض بين شمال السودان وجنوبه من نسخ مصطلح السودان بالمفهوم الذي تضمنته إتفاقية الحكم الذاتي بين مصر وبريطانيا عام 1953 وإستنباط مصطلح آخرهو شمال السودان وجنوبه والذي تم إستخدامه في إتفاقية السلام الشامل 2005 , ومن ثم فإتفاقية Alvor ليست مقدسة حتي لا يلحقها تغيير , فهذه الإتفاقية لم تمنع مثلاً الحرب الأهلية بين أخوة الوطن يمثلهم أحزاب أنجولا الثلاثة لما يزيد عن 27 عاماً أستنزفت فيها موارد البترول التي كان معظمها في حوزة MPLA وموارد الألماس في أيدي UNITA ومول بها الحزبان حرباً كان الفائز فيها السوفييت والكوبيين الذين كانوا يتلقون أموالاً من MPLA مقابل دعمهما وهكذا فعلت UNITA مع جنوب أفريقيا وآخرين , وربما كان هناك مانع في تنمية كابيندا التي إستنزف مواردها حزب MPLA طوال فترة الحرب الأهلية 1975 – 2002 , لكن ومنذ أن إنتهت هذه الحرب إستمر الإهمال التنموي لهذا الإقليم المُدر فقد أشار تقرير Human Rights Watch إلي أن الكابينديين إشتكوا هذه المنظمة من أنهم لمسوا القليل من فوائد البترول الذي ينتجه الإقليم أو من برامج التنمية الأغجتماعية لشركات البترول متعددة الجنسيات العاملة به , خاصة وأن صناعة البترول توفر فرص عمل قليلة أيضاً لا تقارن بما تحصل عليه هذه الشركات من موارد , كما لم تُبذل أية محاولات ذات معني لإنشاء صناعة أخري بالإقليم تقوم علي عملية إستخراج البترول فمصفاة البترول الوحيدة في أنجولا موجودة بالعاصمة لواندا , * ( قبل أن أغادر أنجولا في سبتمبر 2007 طرحت الحكومة الأنجولية مشروع مصفاة أكبر تنتج 200,000 برميل / يوم ووقعت إتفاقاً في هذا الشأن مع شركة Sinopec الصينية في 16 مارس 2006 لتطوير مشروع إقامة مصفاة للبترول في ميناء Lobito بتكلفة قدرها 3,5 بليون دولار وتنتهي الأعمال عام 2010 وكانت الحكومة الأنجولية قد دخلت في تفاوض علي هذا المشروع مع شركاتExxon وChevron و Total ولكنه لم يسفر عن إتفاق) ولذلك فإن كل إحتياجات كابيندا البترولية تأتي من لواندا , ولتدني الخدمات وعدم جاهزية ميناء كابيندا فقد أصبحت تاكاليف الحياة هي الأعلي في كابيندا مقارنة بالمحافظات الأنجولية السبعة عشر الاخري نتيجة الإنعزال الجغرافي وتدني التنمية وكذلك مؤخراً فرض السلطات الحدودية الكونجولية مبالغ مضاعفة للتخليص علي الشاحنات التي تنقل السلع من أنجولا لكابيندا .
هذا علي الصعيد القانوني أما علي الصعيد الميداني التطبيقي فقد لاحظت مثلاً أن أنجولا التي ترفض حتي مناقشة المسألة الكابيندية علي سبيل التفاوض وإعتبارها شأناً داخلياً صرفاً تعترف بالجمهورية الصحراوية التي لها سفارة مقيمة في لواندا , ومن المعلوم أن هناك ثمة تشابه بين القضية الكابيندية وقضية الصحراء الكبري , فبمجرد أن أصدرت محكمة العدل الدولية بلاهاي في 16 أكتوبر 1975 رأيها الإستشاري بشأن الوضعية القانونية للصحراء الغربية قبل الإستعمار الأسباني لها عام 1884 خاطب الملك الحسن الثاني الشعب المغربي في مساء نفس هذا اليوم علي موجات الأثير والتلفاز مناشداً إياه تقدم 350,000 متطوع للتوجه للصحراء المغربية والدفاع عنها فيما سُمي بالمسيرة الخضراء وهو نفس ما فعلته قوات حزب MPLA عندما دخلت إقليم كابيندا لإحتلاله في أغسطس 1975قبل إعلان البرتغال الجلاء عنه وعن أنجولا في 11 نوفمبر 1975, وكما يمثل البترول وزناً لا يمكن تجاهلة في الصراع علي كابيندا وعلي مواقف القوي الدولية منه , يشكل الفوسفات أهمية مماثلة في الصراع علي وفي الصحراء الغربية , لكن من أهم نقاط الإختلاف الجوهرية بين الصراعين هي أن المغرب تعاملت مع الصراع علي أنه معضلة قانونية فأرتضت اللجوء لمحكمة العدل الدولية التي أشارت في حكمها إلي وجود روابط روحية بين الدولة الشريفية في المغرب والسكان في الصحراء الغربية وإن كانت علقت علي هذه الروابط بقولها أنها موجودة في حالات أخري دون أن تعني نشأة السيادة علي إقليم ما بموجبها , كما أن المغرب لم تدخل الصحراء الغربية بالقوة العسكرية فقط بل أيضاً بالتنمية الحقيقية , ومن الوجهة الجغرافية البحتة فإن إقليم الصحراء الغربية إمتداد طبيعي للمغرب , بينما كابيندا إقليم منفصل جغرافياً عن كابيندا , ومع هذا يجد المرء عند النظر إلي تكوينات هذه الصراعات والتباين في تناولها من دولة لأخري تناقضات مثيرة فكيف لأنجولا حسم مسألة الصحراء الغربية والإعتراف بما يُسمي بالجمهورية الصحراوية وفتح سفارة لها بالعاصمة الأنجولية لواندا فيما ترفض مجرد وصف ما يجري بينها وبين وفد Bento Bembe رئيس منتدي الحوار المُنشق عن جبهة FLEC- FAC بأنه تفاوض بل محادثات , وأكثر من ذلك التنسيق الأنجولي الأمريكي في مسألة دارفور وهو موضوع منفصل . ( تعترف أنجولا بإسرائيل التي لها سفير مقيم بلواندا كما تعترف أيضاً بمنظمة التحرير ممثلاً للشعب الفلسطيني ولها سفارة مقيمة بلواندا أيضاً)
هناك أوعية قانونية قائمة يمكن أن تستوعب مطالب ممارسة حق تقرير المصير من جانب الكابينديين منها مثلاً قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1541بتاريخ 15 ديسمبر 1960 ونصه ” إن كل الشعوب لها الحق في القرار الحر , وفي إطار هذا الحق ’ لها أن تقرر بحرية وضعيتها السياسية وأن تواصل وبحرية تنميتها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ” كما أن ميثاق الأمم المتحدة أشار إلي حق تقرير المصير مرتين الأولي في مقدمته حيث أشار إلي حق الشعوب في تقرير مصيرها بإعتباره مما تهدف إليه الأمم المتحدة لتنمية العلاقات الودية في العلاقات الدولية , والثانية في المادة الأولي من الميثاق فقرة 2 التي أشارت إلي أن مواد حقوق الإنسان بالميثاق أشارت إلي تقرير المصير بإعتباره مبدأ يروج لحقوق الغنسان الواردة في المادة 55 فقرة C, هذا بالإضافة إلي أن المادة 73 تناولت الإعلان بشأن المناطق غير المحكومة ذاتياً وفصلت ذلك في خمس فقرات , كما ورد بالمادة الأولي من العهد الدولي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية الموُقع عام 1966والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المُوقع عام 1976 ما يتعلق بحق تقرير المصير بإعتباره حقاً وليس مجرد مبدأ ,كما تضمنت سجلات الجمعية العامة للأمم المتحدة في مرحلة تصفية الإستعمار قرارات عديدة تتعلق مباشرة بتطبيق حق تقرير المصير منها الإعلان الصادر عام 1960 بشأن الدعوة إلي نهاية عالمية للإستعمار , وعلي الصعيد الأفريقي نجد ” ميثاق Banjul ” أو” ميثاق حقوق الإنسان والشعوب ” الصادر عن منظمة الوحدة الأفريقية والذي أقرته المنظمة عام 1986 تشير المادة 20 منه إلي مبدأ حق تقرير المصير ولعل الإشارة إلي مبدأ تقرير المصير في هذه المادة بهذا الميثاق كانت هي الأوضح من بين كل الوثائق الدولية الاخري .
مقارنة مُوجزة بين الصراعين في جنوب السودان وكابيندا
وموقف الولايات المتحدة إزاءهما
بالرغم من أنه قد يكون هناك قدر محدود من عدم التطابق بين الصراع في جنوب السودان في شرق أفريقيا والصراع في كابيندا بالجنوب الأفريقي , إلا أن الصراعين بينهما مساحة مُشتركة كبيرة نسبياً , ففي كابيندا كما في جنوب السودان كان الهدف المعلن من جبهات التحرير أو المقاومة هو الإنفصال كما إتسم الصراع في الحالتين بالطابعين المسلح في معظم فتراته والسياسي بوتيرة متقطعة , لكن يُلاحظ أنه بينما تدخلت قوي دولية مختلفة في صراع جنوب السودان علناً سياسياً وعسكرياً لم تقترب أي منها لتناول الصراع في كابيندا سياسياً بصفة تكاد أن تكون مطلقة وإن دعمت بعضها جبهة التحرير الكابينديةعسكريا وبصفة غير معلنة وبشكل يدعو إلي الإعتقاد بأن الملف الكابيندي ملف إستخباري بإمتياز بهذه الدول الداعمة , ومع هذا فهناك مبرر لتأمل المشترك والمختلف بين الصراعين وموقف الولايات المتحدة منهما وإستنزال ذلك بإيجاز علي صراع آخر أو قضايا أخري .
الصراع في جنوب السودان :
منشأ الصراع في جنوب السودان يعود إلي إستغلال بريطانيا لنفوذها علي مصر بعد إحتلالها عام 1882 , عندما شاركت مصر في السيادة علي السودان بموجب الوفاق بين حكومة جلالة ملكة الإنكليز وحكومة الجناب العالي خديو مصر بشأن إدارة السودان في المستقبل والمُوقع في 19يناير 1899 ووقعه عن الحكومة المصرية رئيس مجلس النظار بطرس غالي وعن بريطانيا اللورد كرومر , وقد أتاح لبريطانيا مشاركة مصر في حكم السودان حكماً ثنائياً وظلت إرادة مصر في السودان تضعف إلي أن أصدرت الحكومة البريطانية قرار المناطق المُقفلة Closed Districts عام 1922 والذي أغلق جنوب السودان أمام الشماليين والمصريين إلا إذا كان لديه إذناً بذلك من سلطات الحاكم العام الإنجليزي للسودان وإنتهت قانونية هذا الأمر في 16 ديسمبر 1946 حين إتخذت بريطانيا قراراً بضم جنوب السودان إلي شماله , وبعد إستسلام مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952 لمعظم وجهات نظر الجانب البريطاني بشأن وحدة مصر والسودان تحت التاج المصري والتي صدر بشأنها قانون عام 1951 , وقعت بريطانيا ومصر في 12فبراير 1953 بالقاهرة إتفاق الحكم الذاتي وتقرير المصير للسودان الذي بعد تفاعلات سلبية وضيق حيز الرؤية لحكومة 23 يولية جري إستفتاء تقرير المصير للسودان وأختار الإنفصال عن مصر وأُعلن إستقلاله في الأول من يناير 1956لكن قبل تحقق إستقلال السودان حاول البريطانيون إبعاد الجنوب عن عملية تقرير المصير التي كان هناك ثمة إحتمال مُرجح بإختيار السودانيين الوحدة عن مصر ففي مؤتمر جوبا في 11 يونيو 1947 وافق زعماء الجنوب علي مبدأ الوحدة مع شمال السودان وهو ما تأكد عندما إشترك مندوبين جنوبيين وعددهم 13 مندوب في المجلس التشريعي لجنوب السودان وفقاً لإتفاق الحكم الذاتي لعام 1953 , ولذلك حدث التمرد الجنوبي بحامية عسكرية بجنوب السودان قوامها عناصر جنوبية علي الحكومة المركزية في الخرطوم عام 1955 وأندلعت بعد ذلك شرارة الحرب الأهلية في السودان والتي تأسست علي ذرائع دينية ولغوية وثقافية وعرقية وإقتصادية وسياسية , وأستمرت الحرب الأهلية بالسودان منذ ذلك التاريخ تخللتها محاولة لم تمتد طويلاً لإستعادة السلام بإتفاقية أديس أبابا عام 1972 لكنها سرعان ما ذابت فاعليتها مع أحداث سلبية منها كإصدار الرئيس النميري مرسوماً بتقسيم الجنوب إلي ثلاث ولايات بالإضافة إلي سريان مثلاً إشاعة في الجنوب مؤداها أن المصريين يشقون قناة جونجلي لإستعمار الجنوب , هذا بالإضافة إلي تدخلات ومؤامرات حاكتها أجهزة المخابرات الغربية لتصعيد وتيرة الحرب الأهلية التي إنتهت إلي توقيع حكومة السودان لإتفاقية السلام الشامل مع جون جارانج زعيم جبهة تحرير السودان في كينيا عام 2005 وتضمنت مادة تتعلق بممارسة الجنوبيين لحق تقرير المصير وهو ما تم بالفعل في 9 يناير 2011 وأختار سكان الجنوب الإنفصال وبعد ستة أشهر – وفقاً لنص بالإتفاقية – أُعلن إستقلال الجنوب في 9 يوليو 2011 , وأنتهي صراع الجنوب بهذه النهاية .
كانت الضغوط خاصة الأمريكية علي الخرطوم هائلة ومتصاعدة لحمل مجلس قيادة ثورة الإنقاذ اذات الإتجاه الإسلامي والذي أطاح بحكومة منتحبة في 30 يونيو 1989 لفصل الجنوب وعينت الإدارة الأمريكية السيدة ميلسا ويلز – إبان عهد الرئيس كلينتون – مبعوثا خاصاً للسودان وتبعها آخرين , ثم أصدرت الحكومة الأمريكية فيما بعد قانون السلام في السودان وهو لا يختلف في جوهره عن قانون تحرير العراق بالتوازي مع فرض مقاطعة إقتصادية ومالية علي السودان شاركت فيها للأسف دول عربية وتتابع الضغط الأمريكي وإستعانت الولايات المتحدة بضغوط مارستها دول الجوار التي تبلورت في الدور الذي قامت به منظمة السلطة عبر الحكومية للتنمية IGAD إنتهت بتوقيع الحكومة السودانية علي إتفاقية السلام الشامل عام 2005 .
علي الجانب الآخر فإن الصراع في كابيندا كان مختلفاً بعض الشيئ عن الصراع في جنوب السودان فكابيندا إنتمي سكانها إلي قبيلة واحدة فيما جنوب السودان وقع حتي بعد إعلان إستقلاله في 9 يوليو 2011 في صراع قبلي بين قبيلتي النوير والدنكا هذا بالإضافة لأكثر من 300 قبيلة أخري تتفاوت أوزانها الديموجرافية , أما بشأن بداية الصراع في كابيندا فهو قد بدأ قبل إستقلال أنجولا أي قبل 11 نوفمبر 1975 بمقاومة المُستعمر البرتغالي , أما الجنوبيين فلم يقاوموا المستعمر البريطاني لأسباب مختلفة لكنهم شقوا عصا الطاعة علي الحكومة المركزية بالخرطوم عام 1955عندما كان السودان قيد الحكم الذاتي وفقاً لإتفاقية الحكم الذاتي المُوقعة بين بريطانيا ومصر في 12 فبراير 1953 التي نصت علي منح السودانيين حق تقرير المصير في نهاية 1955 وهو ما أدي إلي إختيارهم الإنفصال عن مصر وإعلان دولة السودان في أول يناير 1956 وكانت هناك عوامل أدت لهذه النتيجة أهمها المؤامرات البريطانية وموقف حزب الأمة وأخطاء مجلس قيادة ” الثورة المصرية ” الذي في سبيل رغبته في تحقيق الجلاء البريطاني عن قاعدة بريطانيا بقناة السويس ضحي بأمنه المائي وإمتداده ونفاذه إلي قلب أفريقيا من خلال السودان , أما كابيندا فكانت حتي عام 1956محمية برتغالية بموجب معاهدة Simulambuco الموقعة بين التاج البرتغالي وأمراء كابيندا ولا علاقة لها بأنجولا إلا أنها ألحقت بأنجولا علي مرحلتين الأولي عندما صدر قرار إداري / عسكري برتغالي بإلحاقها بالقيادة البرتغالية في لواندا والثانية عندما وقعت البرتغال إتفاقية Alvor مع أحزاب أنجولا الثلاث MPLA و UNITA و FNLA في يناير 1975 والتي تجاوزت عن وألغت وضع المحمية لكابيندا بإلحاقها وفققاً لهذه الإتفاقية بأنجولا , فيما كان جنوب السودان إمتداداً طبيعياً للإقليم السوداني ولم يرتبط مع المستعمر البريطاني بأي معاهدة , بل بالعكس كان وفاق 19يناير المُنشئ للحكم الثنائي 1899 بداية للسودان المُوحد , أما الكابينديين فقد أسسوا مطلبهم بالإنفصال علي عوامل عرقية وثقافية وقانونية سبقت الإشارة إليها , لكن هناك عامل لم يكن متوفراً في حالة صراع الجنوب السوداني وهو العامل الجغرافي فكابيندا إقليم واقع خارج الوطن الأنجولي أي خارج نطاق السيطرة المباشرة للمؤسستين العسكرية والأمنية الأنجولية فيما الجنوب إمتداد بري طبيعي للشمال .
الإختلاف الحاسم بين الصراعين كان في الدور الأمريكي فعلي حين نجد أن هذا الدور يتميز بالسكون Estático في حالة كابيندا نجد فعالا نشطاً Dinâmico ضاغطاً في حالة الصراع في جنوب السودان فقد إستخدمت الولايات المتحدة وسائلها الإقتصادية والسياسية والدبلوماسية في شكل مزيج يتيح للولايات المتحدة ممارسة أقصي ضغوطها لإخضاع السودان للإستجابة لمطالبة الجنوبيين لها بالإنفصال , وفي هذا السبيل إستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية الأمم المتحدة ووكالاتها ضد الحكومة السودانية بشكل أضعف من مكانتها الإقليمية والدولية كتعيين مقرر خاص لحقوق الانسان بالسودان وإصدار الكونجرس قانون السلام في السودان والدعوة لفرض حظر جوي بجنوب السودان وإدراج السودان علي لائحة الدول الداعمة للإرهاب بالإضافة إلي دعم الولايات المتحدة العسكري لدول الجوار خاصة أوغندا وكينيا كي تقوم بدورها بدعم التمرد الجنوبي ومن ثم إضعاف فاعلية الجيش السوداني , بالإضافة للحظر الإقتصادي والمالي علي السودان وتعيين الإدارات الأمريكية المُتعاقبة منذ عهد الرئيس كلينتون مبعوثاً خاصاً للسودان حتي ما بعد توقيع الحكومة السودانية برعاية منظمة IGAD علي ستة بروتوكولات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون جارانج هي : بروتوكول مشاكوس بكينيا في 20 يوليو 2002 و بروتوكل الترتيبات الأمنية في نيفاشا في 25 سبتمبر 2003 و بروتوكول تقاسم الثروة في نيفاشا في 7 يناير 2004 و بروتوكول تقاسم السلطة في نيفاشا في 26 يناير مايو 2004 ثم بروتوكول حسم النزاع في جنوب كردفان/ جبال النوبة وولاية النيل الأزرق في نيفاشا في 26 مايو 2004 و بروتوكول حسم النزاع في أبيي بنيفاشا في 26 مايو 2004 , وأصبحت هذه البروتوكولات مجتمعة تمثل إتفاق السلام الشامل المُوقع في يناير 2005 الذي أنهي الصراع بين شمال السودان و جنوبه السودان .
نظرت الولايات المتحدة للصراع في كابيندا علي أنه ” شأن داخلي ” حتي إشعار آخر , فلم تمارس ما مارسته ضد السودان في حالة الصراع في الجنوب السوداني بل إن الولايات المتحدة طرحت علي الحكومة الأنجولية من خلال شركة Chevron تنمية الإقليم الكابيندي لمساعدة حكومة أنجولا علي كبح النزعة الإنفصالية لدي السكان والتي ينشط لتحقيقها ثلاث قوي فاعلة في الإقليم هي جبهة تحرير جيب كابيندا وكنيسة كابيندا ومنظمة Mpalabanda وكان التحفظ الأمريكي الوحيد علي مذكرة التفاهم التي وقعتها حكومة أنجولا مع فصيل Bento Bembe المُنشق عن جبهة تحرير جيب كابيندا FLEC في أول أغسطس 2006 والتي أقرت وضعية خاصة للإقليم داخل نطاق السيادة الأنجولية الكاملة هو أن المذكرة لم تشمل القوي الكابيندية الثلاث المناوئة لأنجولا في الإقليم , بينما عملت الإدارات الأمريكية المُتعاقبة علي تدويل الصراع في جنوب السودان بل أمركته أيضاً فقد أجاز مجلس النواب الأمريكي بالإجماع قانون السلام في السودان في 7 أكتوبر 2002 ثم أودع لدي مجلس الشيوخ الذي أجازه بالإجماع أيضاً في 10 أكتوبر 2002 , وبالرغم من أن المقاومة الكابيندية حظيت بدعم مباشر من حلفاء الولايات المتحدة الأفارقة وجيران أنجولا خاصة من نظام موبوتو في زائير ( الكونجو الديموقراطية) والجابون ودعم فرنسي غير مباشر إلا أن هذا الدعم تناقص بحيث يكاد يكون الآن في أضيق حدوده منذ سقوط نظام موبوتو في كينشاسا عام 1996 وتولي كابيلا الأب ثم الأبن السلطة في كينشاسا بدعم أنجولي وبالطبع أمريكي / فرنسي ومن Lobby الشركات متعددة الجنسيات التي تكاد أن تكون دولة في شرقي الكونجو الديموقراطية تستغل موارد هذه المناطق الشاسعة للآن , أما الصراع في جنوب السودان فقد إكتسب دعماً منتظماً من حلفاء الولايات المتحدة الأفارقة حتي توقيع النظام السوداني إتفاق السلام الشمل بكينيا في يناير 2005 .
أما فيما يتعلق بتناول حكومة السودان من جهة والقوي الكابيندية الثلاث من جهة أخري للصراع مع خصومهما فيُلاحظ ما يلي :
أن حكومة السودان في عهد الرئيس جعفر نميري نجحت نسبياً في وأد الصراع بإتفاقية إديس أبابا في 27 فبراير من عام 1972 والتي بموجبها مُنح جنوب السودان حكماً ذاتياً , وتطبيق مبدأ قسمة السلطة والثروة , مع إعمال وقف إطلاق النار والعفو والترتيبات القضائية وإعادة التوطين ألخ , لكن الإتفاق إنهار عندما طُرحت فكرة تقسيم الجنوب إلي ثلاث مديريات الجنوب في إنتخابات 1982 والتي رجحت فيها كفة أنصار تقسيم الإقليم الجنوبي وبموجب ذلك أصدر الرئيس نميري مرسوماً قضي بإعادة النظر في التقسيم الإداري للجنوب فقسمه إلي 3 مديريات ثم أعلن الرئيس نميري بعد ذلك تطبيق الشريعة الإسلامية بالسودان وكأنه غذي التمرد الجنوبي بذريعة الدين ليتذرع بها مما حدا بالعقيد جون جارانج بتأسيس الجيش الشعبي لتحرير السودان ورفع السلاح ضد الحكومة مرة أخري وأنتهت بذلك إتفاقية أديس أبابا , لكن بعد الإطاحة بالحكومة السودانية المُنتخبة في 30 يونيو 1989 وتولي نظام ” ثورة الإنقاذ ” إشتدت الضغوط علي السودان مما أدي إلي عزله عن محيطه الإقليمي مع إفتقاده لظهيره الطبيعي أي مصر بسبب الإختلاف المنهجي بين نظام الخرطوم الإسلامي ونظام القاهرة غير محدد الهوية والواقع تحت الضغوط الأمريكي منذ توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل في 26 مارس 1979 والتي أعقبها تعهد أمريكي يتم تنفيذه لليوم برصد معونة عسكرية وأخري إقتصادية سنوياً لمصر ولإسرائيل مما جعل صراع الجنوب في غيبة أي دور فاعل لجامعة الدول العربية ومصر بطبيعة الحال يلقي بثقله بصفة ضاغطة علي الإقتصاد والعسكرية السودانية بحيث أصبح السودان يواجه الولايات المتحدة والتمرد الجنوبي وبعض دول الجوار الداعمة له منفرداً مما دفعه في النهاية للتسليم بمبدأ حق تقرير المصير للجنوبيين .
علي الجانب الكابيندي لم تعترف حكومة أنجولا أصلاً بأي كيان كابيندي ولم توقع أي إتفاق للسلام مع أي من القوي الرئيسية الفاعلة في كابيندا , أما فيما يتعلق بتوقيع مذكرة التفاهم من أجل السلام والمصالحة التي وقعتها حكومة أنجولا في Namib بأنجولا مع فصيل Bento Bembe في الأول من أغسطس 2006 فهي بسبب رفض هذه القوي لها وإستمرار المقاومة المُسلحة وإن بوتيرة متناقصة فقد فقدت مصداقيتها بإعتبارها وثيقة سلام وبالتالي فإن تناول حكومة أنجولا للصراع في كابيندا كان تناولاً صلباً وثابتاً في نفس الوقت فهو ظل يتناول الصراع في كابيندا في أدني مستوي Very Low Profile بإعتباره شأناً داخلياً بل حتي لم يسم إتفاقه مع فصيل Bento Bembe علي أنه إتفاقية بل مذكرة تفاهم ووقعها وزير الإدارة المحلية وأختير لتوقيعها أبعد مقاطعات أنجولا لتأكيد الطابع الداخلي لهذه المذكرة , ووفقاً لما سبق عرضه فقد كانت معظم العوامل تعمل لصالح حكومة أنجولا خاصة الدعم الأمريكي – ولحدود- لوجهة نظر الحكومة الأنجولية للصراع طالما لم تتعرض المصالح البترولية الأمريكية الكثيفة في كابيندا لخطر من جانب حكومة حزب MPLA من عام 1975 حتي يومنا هذا, أما الحكومة السودانية منذ توليها السلطة عام 1989 فقد عملت علي إستغلال البترول في جنوب السودان من خلال كونسورتيوم لم يتضمن أي شركة أمريكية فقد إنسحبت شركة Chevron من جنوب السودان وردمت آبارها التي كانت تحتوي علي بترول بكميات واعدة خشية من أن يستخدم نظام نميري إيرادات البترول في تمويل الحرب في جنوب السودان ويقوي ساعده فيها , ولذلك عندما نشأ الكونسورتيوم الذي تضمن الشركة القطرية للبترول وPetronas وشركة Arakis الكندية وغيرهم عملت الولايات المتحدة علي التأثير علي قوته وإستمراره إلي أن دخلت الصين الشعبية فنجحت السودان في النهاية في تصدير البترول السوداني عبر خط أنابيب يمتد لأكثر من 1100 كم من حقوله بعداريل وأويل بولاية الوحدة إلي ميناء بشاير علي البحر الأحمر عام 1998 وهو ما أدي إلي إشتداد وتيرة الضغوط الأمريكية المتنوعة لدرجة غير مسبوقة علي السودان , فقد خرج البترول السوداني من يد Chevron ليد الصين مما إعتبرته الولايات المتحدة تحدياً لها فقد إمتد النفوذ الصيني لشرق أفريقيا وقوي ساعد حكومة الخرطوم بسبب أموال البترول , كما غذي هذا التطور الميول الإنفصالية في الجنوب التي رأت في حيازة الخرطوم للبترول المُنبثق من آباره بالجنوب نهاية لآمالهم في قسمة الثروة , ولهذا فطنت حكومة الخرطوم لهذ فوقعت في 21 أبريل 1997 في إطار ما سُمي بعملية السلام من الداخل إتفاقية الخرطوم للسلام مع ست فصائل جنوبية برئاسة ريك مشار ( فيما بعد نائب أول رئيس لدولة جنوب السودان) وأتاحت مواد الإتفاقية مبدأ تقرير المصير للجنوبيين وتشكيل مجلس تنسيق الجنوب رأسه ريك مشار وكذلك بنود عن قسمة السلطة والثروة , لكن هذه الإتفاقية تآكلت بفعل المد والجزر في حركة الصراع بجنوب السودان ولأن القوة المتمردة بقيادة جارانج والمدعومة من الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي رفضتها مع إشتداد الدعم الأمريكي , لذا فقد إضطرت الحكومة السودانية في النهاية إلي الدخول في الممر الإقليمي لتسوية الصراع عبر منظمة IGAD وهو ممر أمريكي بإمتياز ولم يكن بهذا المعني إلا واجهة أو Front للدبلوماسية الأمريكية الضاغطة بفعل جماعة الضغط البترولية في Houston والكنائس الأمريكية خاصة كنيسة الـ Presbyterian , و لهذا نجد أن الصراع في كابيندا كان بالنسبة لحكومة أنجولا قابل للسيطرة عليه بحيث يمكن إدارته من لواندا بسهولة نسبية , فلم يكن هناك ثمة ضغط ديني خارجي يضيف للصراع بعداً خارجياً , فالفاتيكان لم يدخل في مواجهة بسبب المعارضين للوجود العسكري الأنجولي من رجال الدين في كنيسة كابيندا والـ Lobby أو جماعة الضغط الدينية في الولايات المتحدة وكذلك جماعة الضغط البترولية في Houston كل هؤلاء داعمون أوعلي الأقل لا يناؤون موقف حكومة أنجولا من الصراع في كابيندا , كما أن الصين بالرغم من عظم علاقاتها الإقتصادية مع لواندا لم تكن ذات تأثير يُذكر علي الصراع هناك وإن كانت قافلة لعمال صينيين هوجمت في كابيندا في نوفمبر 2010 وقتل في الهجوم جنديان حراسة أنجوليان مما دعا شركة China Sonangol لمغادرة الإقليم مع تكرار التهديدات وفقاً لما أوردته في 6 سبتمبر 2016نشرة Africa Energy Inelligence .
ولئلا ننسي فإنه من المنطقي ونحن نتعرض لمقارنة بين الصراع في كابيندا والصراع في جنوب السودان والذي أنتهي في 9 يوليو 2011 أن نشير إلي الصراع الحالي في قطاع غزة والذي يعتبر جزءاً من الصراع العربي / الإسرائيلي والذي تبلغ مساحته 365 كم مربع ويبلغ عدد سكانه وفقاً لتقدير وضعه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2014 حوالي مليون و760,000 نسمة , فما يحدث في قطاع غزة جزءاً من صراع أعم هو الصراع العربي / الإسرائيلي لكن إجتزاءه وإختزاله في غزة سببه الرئيسي التسويات المُنعزلة والخارجة عن الإطار العام للصراع العربي / الإسرائيلي , وإذا ما تناولنا هذا الصراع بنظرة واقعية أو Ipso Facto وإستنزلناه علي الموقف والتناول والدور الأمريكي من الصراع في كابيندا , سنجد أن غزة التي تعتبر جيب بري يطل علي المتوسط مُحاصرة بحراً وبراً بسبب تولي حماس السلطة بها بعد فوزها في إنتخابات أجريت منذ سنين وهو ما لم تعتبره دول الجوار المباشر الأردن ومصر بشكل خاص وضعاً مقبولاً وبالتالي شاركتا بقدر ما مع إسرائيل برضي أمريكي في تشديد الحصار علي القطاع بالرغم من سبق توقيع ما يُسمي بـ ” إتفاق المعابر ” , وغزة كما الصراع العربي الإسرائيلي يلعب في وضع السياسات الأمريكية تجاهها اليمين المسيحي أو المحافظ بالولايات المتحدة وأولئك الذين رهن كثير منهم ضمائرهم وعقولهم وخاصة ممن ينتمي منهم للمجيئية أو الـ Adventists , وإتساقاً مع شغل المسيحية لحيز ما في مكونات صنع وإتخاذ بل وإستقبال القرار الأمريكي من قبل الرأي العام الأمريكي فقد صُنفت حماس من قبل الخارجية الأمريكية وجهات أخري بالولايات المتحدة علي أنها منظمة إرهابية , فيما لم تصنف الخارجية الأمريكية أيا من حركات أو جبهات التحرير الكابيندية وعلي رأسهم جبهة تحرير كابيندا علي أنها منظمة إرهابية ولم تصف الدور المحوري لرجال الدين الكاثوليك بكنيسة كابيندا المناوئين للتدخل الأنجولي في كابينداعلي أنه تدخل في السياسة أو أنه تطرف بل إن الفاتيكان نفسه الذي عين البابا أسقفاً من قبله لهذه الكنيسة ورفضه معظم إن لم يكن كل رجال الدين الكابينديين لم يهاجمهم بل ترك الأمر برمته لحكومة لواندا , كما لم تُصنف الجيش الشعبي لتحرير السودان علي أنه منظمة إرهابية , ولهذا وتأكيداً للحيز الذي تشغله المسيحية في القرار الأمريكي أشير إلي ما ذكره السيد Robert H. Johnson عضو مجلس الأمن القومي السابق في إدارات الرؤساء Eisenhower و Kennedy و Johnson في بيانه الذي تلاه السيد Stuart Tucker أمام جلسة إستماع أمام اللجنة الفرعية لأفريقيا من لجنة الشئون الخارجية لمجلس النواب الأمريكي في الدور الأول لإنعقاده الـتاسع والتسعون في الفترة من 31 أكتوبر حتي 12 نوفمبر 1985 * ( كانت جلسة الإستماع تلك بعنوان ” أنجولا : تدخل أم إعتراف ” ) حيث ذكر ما نصه حرفيا ” إن هناك نزعة مسيحية في السياسة الخارجية الأمريكية , ونحن غالباً ما نسعي إلي رؤية المجتمعات الأخري علي غرار صورتنا نحن لتحويلهم إلي مجتمعات مفتوحة بنظام رأسمالي , وإنه ليبدو لي أن هذا بصفة عامة هو الإقحام في خطبة الرئيس , وعلي أية حال فشلنا في الإعتراف بحدود القوة الأمريكية ” .
والنص بالإنجليزية هو :
There is a Messianic strain in American foreign policy . we have often sought to remark other societies in our own imagine , to convert them into open societies with a capital economy . It seems to me that that is the general thrust of the President,s speech . However , it fails to recognize the limits of American power .
الصراع في كابيندا والصراع الذي دار بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان دليل علي الإنتقائية التي تنتهجها الإدارات الأمريكية في حل الصراعات وهو وضع بالرغم من الإنكار الأمريكي النظري له إلا أنه الوضع الطبيعي إزاء القضايا السياسية لطبيعتها المتقلبة وتركيبها المُعقد , فكلا الصراعين دخل البترول فيهما , حيث كان في الحالة الأنجولية عاملاً مُحفزاً للولايات المتحدة , لكن وبينما كان العامل الديني ظاهراً غالباً في صراع جنوب السودان , كان خافتاً مُتضائلاً بل ويكاد أن يكون مُختفياً في الصراع الكابيندي , وفوق كل ما تقدم فالعلاقات الأمريكية مع حزب MPLA الحاكم في أنجولا كانت ومازالت للآن مستقرة لأن المصالح البترولية الأمريكية ظلت آمنة ومضطردة حتي منذ أن كان هذا الحزب متبنياً للنهج الماركسي اللينيني بل وتوطدت أكثر بعد تحوله للإتجاه الإيدولوجي المُضاد أي الرأسمالي فبعد سقوط الإتحاد السوفيتي فقد هذا الحزب وكل الأحزاب الإشتراكية أو الماركسية في أفريقيا الحائط السوفيتي الذي إستندوا عليه طيلة زمن الحرب الباردة , عموماً فإنه مما لابد قوله أن كلمتي السر في صراع كابيندا وجنوب السودان وربما معظم الصراعات العالمية هما : البترول والدين , وكانت هاتين الكلمتين في حوزة حزب MPLA أما السودان فلم يحزهما فدخل في مواجهة مع الولايات المتحدة وتخلت عنه مصر التي كانت في أدني منسوب للأداء السياسي عموماً وفي أهم دوائر أمنها القومي أي في السودان بصفة خاصة فقد تدنت العلاقات الدبلوماسية بين مصر والسودان لمدة عشر سنوات إلي مستوي القائم بالأعمال وأتخذت الدولتان إجراءات عقابية متبادلة هوت بالعلاقات الثنائية إلي وهدة سحيقة وأستطاعت السياسة الأمريكية بوسائل مختلفة أن تحصر مصر وتحاصرها في الركن الشمالي الشرقي من أفريقيا وضمرت دوائر الأمن القومي المصري الثلاث الرئيسية , ولهذا كان ما كان من أمر السودان في صراعه بالجنوب السوداني الذي صورته الولايات المتحدة وكأنه صراع ديني وعرقي إلي أن بدأ صراع جديد في دولة جنوب السودان الناشئة عام 2013 يقوده رئيسها Salva Kiir الدنكاوي ونائبه الذي تمرد عليه Riek Machar النويري , وكان أن أنزلق جنوب السودان مجدداً في أتون حرب أهلية لا تبدو نهاية لها وربما شعرت الإدارة الأمريكية بقليل من الندم علي التعهد الذي بذلته لنفسها ولجماعتي الضغط المسيحية والبترولية بخلق دولة من العدم هي دولة جنوب السودان , تماماً كما تعهدت في السابق بإنشاء دولة إسرائيل وبذلت وتبذل للآن أقصي ما تستطيع من أجل رفاهيتها وأمنها .

الــســـفــيـر
بــلال الــمــصــري
ســـفير مصر سابقاً لدي جمهوريتي أنجولا وساوتومي وبرنسيب

Optimized by Optimole