الدين والحوار الإسلامي – المسيحي

Spread the love

بقلم: عمر مسقاوي* — ربما من الوهلة الأولى، يتلاءم هذا المفهوم مع التراث الغربي في تعريفه الدين Religion باعتباره عملية ربط الأداء الإنساني بأصل نظامه الكوني. وهذا ليس مصادفة، بل إنه في حقيقته المجرى الذي احتضن سيرة الحضارات منذ فجر الإنسانية.
فالتدين هو إقرار بالقصور المسبق أمام عظمة الله في إبداع النظام الكوني، لذا يجري التعامل مع هذا النظام بكل الصيغ بما فيها عصر الأنوار في إطار فهم حركته وليس إدراك أسراره، ولذا يتّصل هذا القصور بمعايير العقيدة التي يحتكم إليها النظام الاجتماعي والسلوكي.
فالإنسان في إرادته الحرة، ينطلق من خطيئة أساسية مع آدم وحواء هي إفساد لضوابط السلوك، ولا بد من أجل استقامته أن يعود إلى بنية النظام الكوني باعتباره في حركته جزءاً من هذا النظام.
نجد هذا الأساس في تحديد النظام الذي يتصل بمفهوم التدين المرتبط بالحقيقة المطلقة في التراث الهندي مثلاً، «فالبرهمان» هو الحقيقة المطلقة لكن «الأغان» معناه إدراك جزء من الحقيقة والإنسان لا بد من أن يتّجه سعيه إلى تحقيق الوحدة بين «الأغان» و «البرهمان». أما عند كونفوشيوس الصيني، فإن خلل النظام الاجتماعي هو في حقيقته اختلال في ترتيب الأشياء في علاقتها بعضها ببعض، ومن هنا فحضور الحقيقة ليس الإنسان وإنما المجتمع، وبالتالي لا بد من أن تكون هنالك قدوة هي نموذج الاستقامة كالأنبياء والحكماء (مؤلف الدكتور أديب صعب مقدمة في الدين).
أمام هذه الاتجاهات الإنسانية نحو الدين، فإن التراث الإبراهيمي ينطلق من مقولة أساسية هي أن الخطيئة ليست في الجسد نفسه ولا في المادية كما هي البرهمية، فالجسد جزء من النظام الكوني وكذلك الطبيعة، لكن كيفية تعاطي الإنسان مع الطبيعة هي قوام مسيرة النظام الديني في بناء الإنسانية.
فالقرآن الكريم يتحدث عن هذا الإنسان بالتكريم في سورة الإسراء آية 70 «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً». فقدرة الإنسان في التعامل مع قوانين الطبيعة هي تكريم إلهي له إن شاء قبله وإن شاء رفضه، كما فعلت الحضارة الغربية بعد الثورة الفرنسية.
والإنسان هو الحقيقة المطلقة التي هي شأن إلهي. وسعيه الذي ينطلق من مؤسسة الدين أمر علوي في تنوعه واختلافه مرجعه في الصواب والخطأ إلى الله، لكن العلاقات المبنية على السلام الاجتماعي ترتكز على واقع الحقائق النسبية التي هي سلم الوصول إلى الحقيقة المطلقة التي هي شأن إلهي، بمعنى أن الحقيقة النسبية في مفهومنا الإبراهيمي هي نسبية النزوع إلى الكمال المطلق والتي أوجدتها ثقافة القوة الوثنية والتي هي المسؤولة عن صنع عالمنا المعاصر، وهذا ما يعبّر عنه المنهج القرآني.
والقرآن الكريم واجه أهل الكتاب في مراتب متعددة تأسيساً للوحدة الإبراهيمية.
المرتبة الأولى: تحديد مفهوم الألوهية طبقاً للوحدة التجريدية حيث الإله ليس كمثله شيء وهو لا تدركه الأبصار ولا يتجسد في شيء.
ولأن القرآن في أساس اعتقادنا كمسلمين هو كلام الله إله الإبراهيميين جميعاً، فالحديث عن كفر أهل الكتاب يتجاوز إدراكنا التفسيري إلى انصياعنا الاعتقادي.
من هنا، فالبحث عن تفسير مشترك في هذه النقطة غير مفيد سواء لدى المفهوم الإسلامي للألوهية أم المفهوم المسيحي له، بل من شأنه أن يضع المشكلة خارج الإطار الثقافي والتاريخي لفاعلية العقيدة في دورها التاريخي والتي أدلت بنتائجها.
والقرآن يقول في النهاية لأهل الكتاب «ولكم دينكم ولي دين» (سورة الكافرون)، وهذا هو أساس التعددية في إطار الوحدة «وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون».
المرتبة الثانية: التعامل مع أهل الكتاب في إطار الوحدة الاجتماعية.
إن الاعتماد على الآية الكريمة «قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون» (سورة آل عمران آية 64).
إن الاعتماد على هذه الآية في أي مفهوم تحاوري في إطار المجتمع الواحد، من شأنه أن يضيف إلى الحوار صناعة بلاغية غير فاعلة، لأن الدعوة هنا دعوة الى انتهاج الرؤية الإسلامية.
إن الحوار في النطاق اللبناني، ينطلق دائماً من أفكار مسبقة ترتبط بمصطلحات مستخرجة من بطون الكتب القديمة، تفسر الماضي بظروفه لتشكك في الحاضر وتعفي نفسها من شراكته التاريخية اعتماداً على خصوصيته لا خصائص لها معاصرة سوى في توصيف المنظرين للتاريخ الخاص بالمسيحية اللبنانية وفقاً للمتأثرين بفرنسا، كميشال شيحا الذي يتحدث عن الأصول اليونانية كمصدر تاريخي ثم طبيعة جغرافية، فجبال لبنان تشبه جبال اليونان وجزره، فضلاً عن أن المسيحية اللبنانية غير سامية، ولذا فهناك قسمة أساسية هي أن البحر للمسيحية والبيداء للمسلمين.
هذه النظرة التي تحاول التملّص من التاريخ، لا تجد لها سنداً أو اعترافاً من أوروبا، على الأقل ذات التراث اليوناني مغلفاً بالمسيحية اللهم إذا استثنينا نظريات الأب لامنس.
لذا ينطلق الحوار الإسلامي – المسيحي لدى الجانب المسيحي في أطروحات تحاول أن تبني تعددية ومجاورة في إطار الخصوصيات ذات حدود تركيبية كما هي دراسات ظهرت في الأحداث.
قرأت كتاباً يحذر من المقاربة الإسلامية للحوار مع المسيحيين، لأن الإمام محمد حسين فضل الله في مخاطبة المسيحيين، ينطلق من خلفية «أهل الذمة». وهذا شيء مرفوض، فهذا الموقف الاعتذاري يضع الجهود كلها في إطار الصالونات أكثر منه مقاربة لوحدة الرؤية المستقبلية للمجتمع.
إننا إذ تأملنا مجموعة الآيات الواردة في سورة آل عمران في إطار كلمة سواء، نستطيع أن نتوقف عند إطارها أكثر من أن نسترسل في مضمونها. وهذا ما فسرته الآيات التالية التي حاورت في مفهوم الإبراهيمية التي أسست لوحدة الإله قبل نزول التوراة والإنجيل.
«قل يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون».
هذا الحوار لم يكن مبارزة يقضي أحدهما على الآخر فيها، بل حوار ذاكرة مشتركة في بداية الدعوة الإسلامية وهي تنفذ إلى عمق معتقدات النصرانية، لذا إذا لم يصل النقاش إلى نتيجة والذاكرة المشتركة تبقى هي الرباط. نطرح حينئذ المرتبة الثالثة «فقولوا اشهدوا أنا مسلمون»، هذه الدعوة على الشهادة هي التي انتهى الجدل فيها في إطار العقيدة وفتحت الطريق لبناء الساحة الواحدة في تبادل الشهادة. أي تبادل مفهوم الذاكرة المشتركة في بعدها الاجتماعي.
هذه المرحلة من المواجهة بين الإسلام والمسيحية ارتبطت بالإسلام في منطلق الدعوة، إذ واجه مسيحية مستقرة في واقع إمبراطوري تاريخي عبر بيزنطية، ولذا لا نجد مثيلاً لها مع وثنية الفرس مثلاً.
فهذه الآية الكريمة «فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون» تتصل بمرحلة التأسيس المرتبط بالزمان والمكان، لكنها في ختامها تؤسس للمرتبة الثالثة وهي مرتبة الاستقرار الاجتماعي.
المرتبة الثالثة: مرتبة الاستقرار الاجتماعي
إن مرتبة الاستقرار الاجتماعي في كل ما ورد في الآية الكريمة التي أشرنا إليها، ترتبط بمفهوم الشهادة «فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون»، والواقع أن الأسلوب القرآني في هذا الإطار حدد مفهوم الشهادة كأساس لوحدة الإنسانية عموماً.
«وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً»، فإذا لم تكن ذاكرة إبراهيمية فهناك شمولية الذاكرة الفطرية الكونية، فتعبير»اشهدوا بأنا مسلمون» يعني أن الإسلام يدعو أهل الكتاب أيضاً إلى المساهمة مع المسلمين بالشهادة على الناس في إطار العالمية الإبراهيمية.
فالشهادة في أساسها معاصرة متبادلة من ناحية ومساحة من ناحية أخرى، وفي إطار المعاصرة والمساحة تتكون مؤسسة الشهادات المتبادلة: شهادة المسلم على المسيحي وشهادة المسيحي على المسلم. على أن الشهادة لا يمكن أن تكون متبادلة إلا إذا توافرت وحدة المصدر إلى الذاكرة الذي ترتكز إليه رسالة الدين، لأن الشهادة في الأساس مفهوم مشترك بين الشاهد والمشهود له أو عليه يهدف إلى تصوّر متبادل حول قضية الحياة الأرضية وقيمها الممتدة إلى الأصل الواحد الذي ارتكزت عليه حجية الشهادة.
فالإبراهيمية هي معيار الحجة كقيمة مطلقة تؤسس للقيم النسبية المشتركة التي تبنى عليها العلاقات الاجتماعية بين الإسلام والمسيحية.
لذا جاءت التوجيهات القرآنية تتحدث عن أمرين اثنين في مرحلة الاستقرار الاجتماعي:
الأمر الأول: جاء في الآية الكريمة: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين». فهذه المقاربة في تحديد مفهوم السلم الاجتماعي إشارة لها دلالتها التاريخية. فنحن لا نستطيع أن نفسر النص بغير بيئته التاريخية.
فأهل الكتاب النصارى أو المسيحيون شكلوا في الإطار التاريخي ذلك الزمن مؤسسة متجذرة ذات بعد إمبراطوري بيزنطي امتد إلى الجزيرة العربية، ومن هنا فالإسلام كدعوة وليدة ارتكز على مفهومين أساسيين:
المفهوم الأول: أنه دعوة تتداخل في أساسها مع معتقدات أهل الكتاب المستمدة من الإبراهيمية. إنها دعوة إلى إصلاح وتقويم جديد لمفهوم الإبراهيمية كمصدر لصلاح الإنسانية كما شرحها القرآن الكريم «ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس». (الآية 78 سورة الحج).
المفهوم الثاني: إن مقاربة أهل الكتاب في إطار القوة الإمبراطورية المؤسسة للبيزنطية تتطلب مواجهة المنطق الإمبراطوري إذا ما اختار القوة اختار القتال والإخراج من الديار.
فإذا قام أهل الكتاب يواجهونكم بالمفهوم الإمبراطوري الروماني الوثني السابق على المسيحية، أي مفهوم القوة النافية لوجودكم الرسولي، فإن الجهاد والمواجهة الصادقة يكونان من أسس استقرار المعاصرة والمودة التي عبر عنها القرآن الكريم.
من هنا، فالسيرة النبوية كحدث تاريخي، واجهت المشكلة من هذا المفهوم.
فحين تأسس مجتمع المدينة كانت الوثيقة الأولى تنص على أن يهود بني عوف هم أمة مع المؤمنين، للمسلمين دينهم ولليهود دينهم، لكن منطلقات نفي الآخر في المفهوم اليهودي في أساس مصادرهم ومنطلقاتهم أدت إلى الخيانة الداخلية ونقض العهود وتعطيل مفهوم السلم الاجتماعي الذي أمر القرآن الكريم المسلمين بالدخول فيه : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ» (البقرة : 208).
فالشهادة المشتركة التي تحدث عنها القرآن الكريم هي تحديد روابط التواصل في الأداء الاجتماعي الذي تفرزه الكيمياء التاريخية. من هنا نشأت وحدة المجتمع الإبراهيمي في مفهومها النظري على الأقل بالنسبة الى الإسلام.
التجربة في إطار الحضارة
إن التحديد الأصولي لمفهوم الحوار الإسلامي – المسيحي هو التحديد المستمد أساساً من المصدر الجامع للمسلمين جميعاً. إنه القرآن الكريم المنزل من السماء، لذا فهو سابق على المسيرة التاريخية التي ابتدأت مع المسيرة الهجرية للحضارة. هذه المسيرة التي اشترك في بنائها أولئك الذين وجدوا تحت سقفها، مسلمين أم يهوداً أم نصارى، وبدت خيوط ألوانهم في شبكة تأسيسها بادية ظاهرة.
فالدين ينزل من السماء، لكن الحضارة هي صنع الوحدة الاجتماعية المستجيبة لنمطية الأصول التي أودعها الدين. وهذه هي مسيرة الحضارات جميعاً.
لذا، فالاعتماد على النصوص الفقهية التي هي سجل الحضارة الإسلامية في إطارها السلطوي، سيضع مشكلات الحاضر في قفص الجدل غير المثمر.
ثم إن تعبير «أهل الذمة» كمتكأ اعتذاري راهن هو في الحقيقة إذا دققنا النظر، تمايز في المفاهيم وجنوح نحو القيمة الإبراهيمية في مواجهة القيم الإمبراطورية البيزنطية.
فإذا كان المسلم هو الآخر في ظل الحكم البيزنطي، لكن النصراني الذي ارتبط تاريخياً بتلك الإمبراطورية هو بالمقابل في ذمة السلطة التي تحتكم إلى عقيدة الإسلام، أي أنه في عمق وعاء القيم المشتركة في منهج السلطة الإسلامية، هذا الوعاء هو التراث المرتبط بالذاكرة الإبراهيمية وتعبير «لهم مالنا وعليهم ما علينا» هو تكملة مفهوم «أهل الذمة». كما جاء في وثيقة مجتمع المدنية. وهذا يعني أن السلطة والقوة حين تنتقلان إلى مفهوم مؤسسي لا بد لهما من ذمة ملائمة، وهو ما نسميه في مفهومنا الحديث الوعاء الوطني. فالوعاء الوطني هو الذمة المتبادلة بين الذين هم في إطاره. والواقع، أن تعبير الحضارة الإسلامية في إطار الشراكة الإبراهيمية هو أبلغ من مفهوم الشراكة الوطنية في الشيء العام طبقاً للتراث اليوناني. فتعبير الجمهورية والمواطنية Res -public وفقاً لأصله المشترك، يعني الشيء المشترك La chose public أي أنها شراكة مبنية على فردية روسو في التعامل مع الشيء العام الذي هو خارج الذات، وهو يبنى على ديموقراطية الصراع بين الشركاء، لكن المفهوم الإسلامي أعطى لمدلولات الذمة الواحدة بين العقائد المختلفة القيمة الإنسانية في مفهومها المطلق، وهو أساس المنهج الإبراهيمي. فالقرآن الكريم خص دولة الروم البيزنطية المسيحية بامتياز خاص باعتبارها المدى المستقبلي لدعوة الإسلام في بداية ظهورها في العهد المكي، فقد خصها القرآن الكريم بسورة من سوره افتتحها بما هو معروف في نزاع بيزنطية مع الفرس { غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } (الروم : 2 – 5).
والفرح الإيماني للنصرانية كان الأساس لمصطلح الذمة، وهو يعتمد على وحدة المسيرة الإبراهيمية إنما في عربة تجرها آخر الرسالات في الإطار المفاهيمي قبل السلطوي، وهذا أمر طبيعي، لذا فالتاريخ الإسلامي بقدر ما كان أميناً لأصوله استطاع أن ينتج استقراراً ثقافياً وحضارياً وبقدر ما جنحت مسيرته نحو الإمبراطورية فإن يومياته تؤرخ لها بكل شفافية.
فسواء ما كان قد حدث بعد الخلفاء الراشدين متلائماً مع المبادئ التي ذكرناها أو غير متلائم، فذلك تاريخ مضى ويبقى لدينا من الأصول ما يغني الطريق.

* نائب رئيس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى

المصدر: صحيفة الحياة

Optimized by Optimole